ميراث الكافر من المسلم


أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة


السؤال

الملخص:
سائل يسأل عن رجلٍ تظاهر بالإسلام كي يأخذ ورثه، فلما عُلِم أنه غير مسلم، أراد أخوه أن يسترد نصيبه منه، ويسأل: ما الحكم؟
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم.
رجل غيرُ مسلمٍ ماتت أمُّه، فلما قُسِّمت التَّرِكة، تظاهر بالإسلام، ثم أخبر بعدم إسلامه أهلَهُ (أباه وأخاه وأخته)، فسامحه أبوه وأخته، وتنازلوا عن نصيبهم له، أما أخوه فأراد نصيبه، مع العلم أن ذلك الشخص أسلم بعد ذلك، فهل يَرُدُّ نصيب أخيه فقط أو يرد كل أنصبة الورثة (أبيه وأخته) إلى أخيه؟ أفتونا مأجورين.

الجواب

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: نحمد الله أن وفَّقك للإسلام، ونسأل الله لنا ولك الثبات.
ثالثًا: جمهور العلماء - ومنهم الأئمة الأربعة - على عدم جواز ذلك؛ لِما روى البخاري: (6764)، ومسلم: (1614) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ)).
قال ابن عبدالبر: "وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يرث المسلم الكافر)) مِن نَقل الأئمة الحفاظ الثقات، فكل من خالف ذلك محجوج به، والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار؛ مثل: مالك والليث، والثوري والأوزاعي، وأبي حنيفة والشافعي، وسائر من تكلم في الفقه من أهل الحديث - أن المسلم لا يرث الكافر، كما أن الكافر لا يرث المسلم؛ اتباعًا لهذا الحديث وأخذًا به، وبالله التوفيق"؛ [التمهيد: (9/ 164)].
وقد ذهبت طائفة أخرى من أهل العلم إلى أن المسلم يرث من مورثه الكافر غير الحربي، وهذا هو قول معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، وهو اختيار ابن تيمية؛ فقال هؤلاء: نرث من الكفار ولا يرثوننا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا، وحمل هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا الكافرُ المسلمَ)) على الحربي دون الذمي والمنافق والمرتد.
واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجري المنافقين في الأحكام الظاهرة مجرى المسلمين، فيرثون ويورِّثون، وقد مات عبدالله بن أُبيٍّ وغيره ممن شهد القرآن بنفاقهم، ونُهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليهم والاستغفار لهم، وورثه ورثته المسلمون.
والراجح هو قول الجمهور من عدم التوارث بين المسلم والكافر، بدلالة الحديث، والمال الذي أخذته ليس ورثًا، ولكن يجوز الهبة من المسلم للكافر، وعليه إذا أخذت المال بطريق الهبة من أبيك وأختك، فهو جائز، وأصبح مالَك، وما دام أخوك اعترض، فله أن تعطيه نصيبه من المال الذي أخذته، والله أعلم.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz7DA8kUsuD