بماذا ترجو دخول الجنة؟


د. أمير الحداد



كثيرا ما تصلني مكالمات هاتفية من نساء يطلبن المساعدة المادية، اجتهد قدر استطاعتي لتحقيقها عن طريق أهل الخير.. في رمضان الفائت قمنا بتوزيع إفطار الصائم على عوائل محتاجة، بقيت عائلتان لم يكن لهما سبيل للحضور إلى مركز التوزيع، فتكفل صاحبي بإيصالها إليهم في منطقة الفنطاس.. وشكرت له عمله.

- لم أفعل شيئاً يذكر..

- بل عملت عملا عظيما ربما يكون سببا لدخولك الجنة.

استغرب صاحبي.. وظن أنني أبالغ في مجاملته.. ابتسم.

- توصيلة لم تستغرق ساعة ذهابا وإيابا.. تدخلني الجنة؟

- نعم.. قد تكون السبب الذي يدخلك الجنة.. فإن المرء لا يدري بم يدخل الجنة بعد أداء الأركان واجتناب الكبائر. ألم تسمع حديث ذلك الرجل الذي دخل الجنة بسبب تساهله في تحصيل ديونه من المدينين..؟ وذاك الرجل الذي دخل الجنة بسبب «نظافة» قلبه.. وذاك الرجل الذي غفر الله له بسبب سقياه الكلب.. وذاك الرجل الذي كفل يتيما أو أرملة فرضي الله عنه؛ فأسباب دخول الجنة لا تحصى؛ فلا تستصغر أي عمل خير تقوم به لوجه الله.. واحتسب الأجر وسوف تنسى هذا العمل الصغير، ولكن الله يحسب كل شيء، وستجزى عليه يوم القيامة.. أم أنك نسيت حديث البطاقة؟

- كلا.. أعرف الحديث، ولكن أحدنا لديه الكثير من التقصير، فماذا عسى أن ينفعه هذا العمل الصغير؟

- لا تدري؛ فالوزن يومئذ الحق و«ثقل» العلم لا يعلمه إلا الله.. ومثلا: ذلك الإنسان الذي يتكفل بخدمة عجوز أرمل، ويقضي حاجاتها لوجه الله، وذلك الإنسان الذي يسعى على أيتام حتى عرف بأبي الأيتام؛ هذان عملان عظيمان، مع أنه في نظرنا إنسان «عادي» ليس بعالم ولا داعية ولا يتميز بشيء في المجتمع، ولكن عمله عظيم، وربما يكون سببا لدخوله الجنة.

كان صاحبي يصغي باهتمام..

- أظن أنني اقتنعت بفكرتك.. وأنت قل لي ما الذي ترجو أن تدخل به الجنة؟!

- إني أرجو أن أدخل الجنة بالتوحيد اعتقادا وعملاً وتعليما ونشراً ودعوة، أرجو أن يكون كل ذلك لوجه الله، وأن أكون قد أخرجت أحدا ما في مكان ما وزمان ما من الشرك إلى التوحيد، وأرجو أن أكون أزلت شبهات بعض الناس في قضايا الدعاء والنذر والحلف والتوسل والذبح والذكر، إني لأرجو ذلك ولا أدري إن كان الله سيتقبل هذا مني أم لا..


- هذا عمل عظيم.

- وكذلك تفريج هموم المسلمين وقضاء حاجات المعسرين.. والسعي على الأرامل والمساكين.. كلها أعمال عظيمة وكل ميسر لما خلق له؛ فنسأل الله القبول.