لرمضان... أحدثوا توبة


د. أمير الحداد









يوم السابع عشر من شعبان.. بعد صلاة العصر جلس إلي بوفيصل وأخذنا نحسب احتمالات بداية رمضان.. انتهينا إلى أن الجمعة أو السبت هو الأول من رمضان..







- أليس من الأفضل أن يعتمد مطلع واحد - مكة مثلا - لهلال رمضان.. والحج.. حتى تتوحد الأمة الإسلامية؟!



- بالطبع لا.



استغرب صاحبي سرعة إجابتي الجازمة.. تابعت:



- أولا.. لأننا نؤمن أن تشريع الله هو الأكمل للفرد والأمة وأراد الله لهذه الأمة أن «تصوم لرؤية الهلال.. وتفطر لرؤية الهلال».. فلا تحديد بتاريخ.. ولا حساب.. وإنما بالرؤية الحسية.. ثم لكل بلد مطلعه يجتمعون عليه.. وثالثًا.. هذه الوحدة الشكلية.. لا يريدها الله لخير أمة أخرجت للناس.. بل يريد لهم وحدة أعظم من مجرد بداية رمضان.. والعيد.. والحج.. يريد لهم الاتحاد على كلمة الله... وحبل الله: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}.. يريد لهم الاجتماع على التوحيد.. الأخلاق.. المبادئ.. الغايات الكبرى.. وينبغي أن تكون عقيدة كل مسلم - يقينًا - أن الاجتماع على بداية رمضان ونهايته.. لا قيمة له في توحيد الأمة الإسلامية وإلا لهدانا الله إليه.



- نسأل الله أن يبلغنا رمضان.. ويعيننا على طاعته فيه.. وأن يتقبل منا.. أتعلم ما الذي نحتاج أن نعده لرمضان؟



- هات ما عندك.



- نحتاج.. أن نحدث توبة صادقة.. أن نجدد الإيمان، نحتاج أن نقبل على الله بقلوب تائبة؛ فإن التوبة من أحب الأعمال إلى الله.. والله يحب التوابين.. ويفرح لتوبة عبده.



- كيف نحدث توبة صادقة؟



- نندم على ما مضى من الذنوب.. بصدق.. ونستغفر الله.. ونعقد العزم على ألا نعود إليها.. ونسأل الله الإعانة على ذلك.. بصدق.. ونجتهد في الابتعاد عن أسبابها.




- وإذا وقعت بعد ذلك؟



- لن ندع الشيطان يمنعنا من إحداث توبة صادقة بحجة «احتمالات وقوعها».. لنكن صادقين حال توبتنا.. فإذا وقع الذنب بعد ذلك.. نرجع فنتوب.. ونستغفر.



- وإلى متى؟!



- إلى أن يتوفانا الله.. ألم تقرأ حديث النبي [ عن أبي سعيد ] «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»؟!



فلنعقد العزم على أن نتوب إلى الله، قبل أن نعقد العزم على ختم القرآن وإفطار الصائمين..