عَنْكَ كُنتُ أُجادِل


منصور بن محمد المقرن

غياب الأهداف السامية والاهتمامات العالية، مما يدفع للانجراف مع حملات الاستقطاب
التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
يلحظ من يقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام التقليدي شدة التجاذب والمناكفات بل والسباب بين كثير من الشعوب العربية عند الحديث عن زعمائها، فكل شعب بزعيمه فرح مسرور.
ترى انشغال الكثير بإبراز منجزات الزعيم، وبتتبع عيوب خصومه، وأدى ذلك إلى التنازع والخصومة حتى مع أقرب الناس، والانشغال عن الأعمال المثمرة، فضلاًً عن حرمان الطمأنينة، وتلوث القلب بالبغض والشحناء للمسلمين.
ولعل أبرز أسباب هذه الظاهرة:
غياب الأهداف السامية والاهتمامات العالية، مما يدفع للانجراف مع حملات الاستقطاب للزعماء، والانشغال بها.
الجهل بعقيدة الولاء والبراء، وأن مبناها على الدين، وليس على المنصب أو القرابة أو المواطنة، فمن كان محباً لله ورسوله ولدينه وجبت موالاته ونصرته أياً كانت جنسيته ولغته ومكانته ( إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ )، ومن كان عدواً لله ورسوله محارباً لدينه وجب بغضه والبراءة منه ولو كان أقرب الناس {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ}.
الغلو في الزعماء باعتقاد أن طاعتهم مقدمة على طاعة الله ورسوله، وأن من عاداه الزعيم وجب معاداته، ولو لم يكن مستحقاً للعداوة شرعاًً.
غرس مفاهيم خاطئة لدى العامة، منها: أن انتقاص الزعيم انتقاص لشعبه وللوطن، رغم أنه لا تلازم بينها كما هو معلوم.
ضعف قراءة التاريخ. فمواقف الزعماء تتغير، فعدو اليوم قد يصبح صديق الغد، وصديق اليوم قد يصبح عدو الغد، والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك. فماذا سيصنع من أطلق لسانه وقلمه بسباب عدو الزعيم اليوم إذا أصبح ذلك العدو صديقاً للزعيم ؟
فالعاقل ينأى بنفسه عن ذلك، وينشغل بما ينفعه وينفع أسرته ومجتمعه، حتى لا يأتي يوم القيامة وقد تبرأ منه ذلك الزعيم {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} وحينها لن ينفع قول: تباً لك ! عَنكََ كنتُ أُجادِل.

قال التابعي أيمن ابن خريم رحمه الله:
ولستُ بقاتل رجلاً يصلي على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعليَّ وزري مـعاذ الله مـن سـفه وطـيش