إن مع العسر يسراً


حسن حسونة أبوسيف



عزيزي القارئ، تشتد الخطوب بالمرء، وتتكالب عليه الكروب، ويحلك ليل البلاء، وينقطع الرجاء، وتضيق بالنفس الأرجاء، ثم يأتي الفرج، هكذا هي سنة الله تعالى في خلقه، يبتلي العبد ليختبر إيمانه وتصديقه ليبين الصادق من الكاذب.


فياأيها المبتلى لا تحزن ولا تقنط من رحمة الله؛ فإن البلاء راحل لا محالة والمصائب ضيوف، إما أن ترحل مادحة لمضيفها وإما ذامة له، استفد من البلاء ولا تجعله يمر عليك مرور الكرام، حاول أن تتعرف على الحكمة منه، ولا تنشغل بالألم، وارتفع فوقه وتعلم منه؛ ففي البلاء يعرف العبد نفسه بضعفها وعجزها وقصورها، ويعرف ربه وقدرته وكماله فيحقق العبودية التي خلق من أجلها، ولنا في كلام الله تعالى على لسان نبي الله يوسف - عليه الصلاة والسلام: {إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم} (يوسف: 100)، عبرة وموعظة، تأمل قول الله تعالى: {عليم حكيم}، لماذا قرن الله تعالى اسمه العليم بالحكيم في هذا الموضع؟ لماذا لم يقرن الله تعالى بين العليم والعزيز أو الرحيم؟ الإجابة عزيزي القارئ هي: ورود اسم الله العليم في هذا الموضع معناه أن الله تعالى يعلم الزمان الأنسب للفرج، وورود اسم الله الحكيم معناه أن الله يهيئ الأسباب حتى يقع الفرج على أحسن ما يكون، فقد هيأ الله تعالى الأسباب لنبيه يوسف وأتم له الفرج وجمعه بإخوته الذين أقروا بظلمهم له حينما قالوا: {تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} (يوسف: 91)، وجمعه بأبويه وحقق له الرؤيا كما في قوله تعالى: {ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم} (يوسف: 99-100).


ودائماً ردِّدْ قوله تعالى: {إن مع العسر يسراً} (الشرح:6).