عَشرَة حُرُوز مِن الشَّيْطَان


الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر




عداوة الشيطان -أعاذنا الله في أنفسنا وذرياتنا وأهلينا منه- عداوة شديدة، قال الله -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(فاطر :6)، وإن من أهم ما ينبغي للمسلم أن يعتني به في نفسه وفي تربيته لأهله وولده، ما يُتحرز به من الشيطان، ويُتقى به شره ووساوسه وكيده، وهذا باب عظيم لا ينبغي للمسلم أن يغفل عنه ، بل ينبغي له أن تكون عنايته بهذا الأمر عنايةً عظيمة شديدة، ليُكفى شر الشيطان، ويوقى من كيده ووساوسه وأذاه العظيم. في هذه الوقفة ذكرٌ لعشرة حروز عظيمة مهمة للغاية ينبغي أن نعتني بها عناية عظيمة؛ فإنها أعظم ما يتحر ز به من الشيطان.
الحرز الأول:
التعوذ بالله
التعوذ بالله منه، والتعوذ اعتصام بالله والتجاء إليه -سبحانه وتعالى-، وأعظم شرٍ يُتعوذ بالله منه شر الشيطان، قال الله -تعالى-: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(فصلت :36).
الحرز الثاني:
قراءة المعوذتين
قراءة المعوذتين {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا»، وكان -عليه الصلاة والسلام- يتعوذ بهما كل ليلة إذا أوى إلى فراشه صلى الله عليه وسلم ، وصح عنه أن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاث مرات في الصباح، وثلاث مرات في المساء، كُفي من كل شر .
الحرز الثالث:
قراءة آية الكرسي
قراءة آية الكرسي عندما يأوي المرء إلى فراشه لينام؛ فإنها عظيمة الشأن في الوقاية من الشيطان وطرده وإبعاده من المكان؛ فقد ثبت في الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من قرأهما إذا أوى إلى فراشه، لم يزل عليه من الله حافظا، ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
الحرز الرابع:
قراءة سورة البقرة
قراءة سورة البقرة بتمامها؛ فإن لها شأنا عجيبا عظيما للغاية في طرد الشياطين من البيوت؛ ففي صحيح مسلم عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».
الحرز الخامس:
خواتيم سورة البقرة
قراءة الآيتين العظيمتين من خاتمة سورة البقرة؛ ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» أي: من كل شر وسوء، ومن شر الشيطان وشركه.
الحرز السادس:
قول (لا إله إلا الله)
قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)؛ فإن هذه الكلمة العظيمة، كلمة التوحيد من أعظم ما يُتحرز به من الشيطان ويُتقى به شره؛ ففي الصحيحين عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَنْ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ».
الحرز السابع:
التعوذ وقت المنام
أن يقول المرء حين تسلط الشياطين عليه في منامه؛ فيحصل له بذلك الفزع من تسلطهم أن يقول: «أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون»؛ ففي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي النَّوْمِ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ؛ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ».
الحرز الثامن:
البسملة
البسملة أن يقول المرء: «بسم الله» في دخوله لمنزله، وفي تناوله لطعامه وغير ذلك من أحواله؛ فإن له في ذلك حفظا عظيما من الشيطان، وقد جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر: «أن الرجل إذا دخل بيته، فقال: بسم الله، ثم إذا تناول الطعام قال: بسم الله، قال الشيطان: لا طعام لكم ولا مبيت» والمعنى: أنه إذا لم يُقَل ذلك عند الدخول، حصَّل الشيطان بذلك دخولا للبيت ومبيتا فيه، وتناولا من الطعام الذي يوضع فيه، وثبت في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الخَلاَءَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ»؛ فالبسملة لها شأن عظيم في التوقي من الشيطان والتحرز من شره العظيم.
الحرز التاسع:
الحذر من فضول النظر
أن يحذر المرء من فضول النظر، وفضول الطعام، وفضول الكلام، وفضول المخالطة؛ فإن هذه الأربعة مداخل عظيمة للشيطان على الإنسان؛ فيُتحرز من الشيطان باتقاء الفضول في هذه الأشياء، حفظًا للنفس ورعاية لها واتقاء للشيطان
الحرز العاشر:

كثرة ذكر الله
كثرة ذكر الله -سبحانه وتعالى- في مختلف الأوقات، ويُكثر من ذكره؛ فإن الذاكرين الله كثيرا ليس للشيطان عليهم سبيل، {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}(الإسر اء:65)، قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} أي يغفل {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(الزخرف:3 6)، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن يحي بن زكريا -عليه السلام- أوصى قومه بذكر الله قال: «وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ؛ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ العَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ العَبْدُ لاَ يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلاَّ بِذِكْرِ الله».
حروز عظيمة
فهذه عشرة حروزٍ عظيمة ينبغي لنا أن نُعنى بها، وأن ننشئ أولادنا على العناية بها لنُحفظ ونوقى في أنفسنا وأهلينا وذرياتنا من الشيطان الرجيم.