هل أنت فرح لأنك مسلم؟!


هيام الجاسم







اسأل نفسك:


هل أنت فرح لأنك على دين الإسلام؟! هل أنت مبتهج أشد الابتهاج لأنك ورثت ديانة الإسلام وراثة دون تعب منك ولا نَصَب، أم إن العادة والألفة أذهبت عنك شعور الابتهاج؟!

هل أنت فرح بالأحكام والتكاليف الشرعية، أم أنت خاضع لها بحكم الإجبار والانقياد القسري؛ لأنها من رب العباد؟!

هل أنت تلتذ بنعمة التقلب بين فعل الواجب وترك المحرم والإقبال على المباح والمسنون والتحفظ إزاء المكروه، أم إن الأمر لا يعدو عادة تعوّدت عليها؟!

فيما يتعلق لك لا أريد أن تنزعج مني ولا من إساءة الظن بك - غير المقصودة - فلسان حالنا، إن لم يكن لسان مقالنا، ينبئ عن أننا راضون بدين الله نعم، ولكن على مضض، وبامتعاض لبعض أحكام شرعه؛ لأننا نجد صعوبة في ترجمة كثير منها إلى عمل.

لا أخفيك حقيقة أنه مطلوب منا شرعا أن ننصاع لأوامر ربنا وقلوبنا تحمل فرحا واعتزازا وافتخارا وابتهاجا بتلك الأوامر والأحكام؛ ذلك أن ربنا لا يرضى منا أن يقع في قلوبنا حتى الحرج النفسي مما أمرنا به؛ لأنه يقول، وعز من قائل: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} (النساء: 65).

فربنا يأبى منا وقوع الحرج في صدورنا من أي حكم شرعي أنزله علينا؛ لذا في المقابل نحن مطالبون بالفرح العقلي بديننا؛ ولذا قال - عز وجل -: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } (التوبة: 124)، لاحظوا معي جملة {وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }، وكم تحمل من معنى الإقبال بصدر منشرح مفعم بالسعادة والرضا المتناهي بأمر الله، فقد نزلت سورة جديدة وحكم جديد من رب العالمين.

ويقول رب العزة: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس:58)، رضا ربك عنك يورث في قلبك فرحا وسرورا، ورضاك عن الله ورسوله يورثك سرورا وابتهاجا في قلبك لا يضاهيه ابتهاج.


الفرح بمعناه اللغوي انشراح الصدر بلذة عاجلة، متعلقة عادة بالبدن وما يصاحبه من نشاط، وهذا الفرح الظاهري والخالي من مراقبة ورعاية الشرع هو مذموم مذموم بلا شك؛ لأنه يؤدي بصاحبه إلى طيشان العقل وخفته؛ مما يدفعه إلى التهور والاندفاع دون اتزان ولا وقار.. فينسى المرء ربه المنعم ويفرح بالنعمة فقط، وقد ينسى في خضم ذلك الاعتراف بفضل الله عليه، ويغفل عن شكره سبحانه، فلا يقيم وزنا لضوابط شرع الله من فعل الواجب وترك المحرم.

وقد يتمادى العبد فيبطر بنعمة الله عليه ولاسيما الجديدة وغير المتوقعة بالنسبة له، وهو الذي كان ينتظرها سنوات طوالا!

فإذا أردنا أنا وأنت أن نفرح ففرحنا ندخره لما يستحق من أمور فعلا هي في مقام الاستحقاق للفرح، فمشاعرنا ليس لنا فيها خيار التصرف فنتركها وفق ما نشتهي، وإنما هي مسارات محددة ومنضبطة وفق الشرع الحكيم وبما يرضي خالقنا عز وجل.