هل لعاب الكلاب المعلمة نجس كالكلاب العادية ؟
إحسان بن محمد العتيبي

هل لعاب الكلاب المعلمة نجس كالكلاب العادية ؟
الحمد لله:
قال شيخ الإسلام:
لعاب الكلب إذا أصاب الصيدَ لم يجب غسله، في أظهر قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أحداً بغسل ذلك، فقد عُفي عن لعاب الكلب في موضع الحاجة، وأمر بغسـله في غير موضع الحاجة، فدلَّ على أنَّ الشارع راعى مصلحة الخلق، وحاجتهم. ا. هـ (مجموع الفتاوى [21/620]. وانظر [19/25-26]).
وقال الشيخ ابن عثيمين:
الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا وَلَغَ»، ولم يقل: «إذا عضّ »، فقد يخرج مِن معدته عند الشرب أشياء، لا تخرج عند العضِّ. وظاهر حالِ الصحابةِ أنَّهم لا يغسلون اللحمَ سبعَ مرَّاتٍ، إحداها بالتراب، وإذا كان معفوّاً عنه شرعاً؛ زال ضرَرُه قَدَراً. فمثلاً: الميتةُ نجسةٌ، ومحرَّمةٌ، وإذا اضطر الإنسان إلى أكلها لم يتضرر، والحمار قبل أن يُحرَّم: طيب الأكل، ولما حُرِّم صار خبيثاً نجساً.
فالصحيح: أنَّه لا يجب غسل ما أصابه فم الكلب عند صيده، لما تقدم، ولأنَّ صيد الكلب مبنيٌّ على التيسير. ا. هـ (الشرح الممتع [1/357]).
قال الحافظ ابن حجر:
واستُدلَّ به على طهارة سؤر كلب الصيد دون غيره مِن الكلاب، للإذن في الأكل مِن الموضع الذي أكل منه، ولم يذكر الغسل، ولو كان واجباً؛ لبيَّنه؛ لأنَّه وقت الحاجة إلى البيان.
وقال بعض العلماء: يعفى عن مَعضِّ الكلب، ولو كان نجساً، لهذا الحديث.
وأجاب مَن قال بنجاسته: بأنَّ وجوب الغسل كان قد اشتُهر عندهم، وعُلم، فاستُغني عن ذكره.
وفيه نظرٌ؛ وقد يتقوَّى القول بالعفو، لأنَّه بشدة الجري يجف ريقه، فيؤمن معه ما يخشى من إصابة لعابه موضع العضِّ. ا. هـ (الفتح [9/752]).
والله أعلم

تعليق
عبد الله الدوسري
الأخ الفاضل إحسان العتيبي أحسنت وجزاك الله خيرا: الأخ الفاضل يسأل عن الكلاب المعلمة. وهل هي نجسة أم لا؟
يعني يقصد الكلاب المعلمة والمعلمة تنقسم أنواع يا شيخ إحسان:
صيد
تربية
حراسة
الظاهر كلها نجسة من حيث اللمس..عدا كلب الصيد في حال صيده للصيد.
يعني بالمختصر الكلاب كلها نجسة في أصلها، إلا صيد كلب الصيد المعلم .
والله اعلم..


أخي الفاضل:
لا يطلق لفظ " المعلمة " إلا على كلاب الصيد، فتنبه.
والأصل في الأشياء والبهائم: الطهارة.
ولا دليل على نجاسة الكلب، بل الدليل فقط على نجاسة لعابه والله الهادي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك.
والثانـي: نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.
والثالث: شعره طاهـر، وريقه نجسٌ. وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك. ا. هـ (مجموع الفتاوى [21/530]).
وفي موضعٍ آخر قال - رحمه الله -:
وذلك لأنَّ الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليلٍ كما قال - تعالى -: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُّرِرْتُم إِلَيْهِ [الأنعام/119].
وقال - تعالى -: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ [التوبة/115].
.. وإذا كان كذلك: فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً، أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ "، وفي الحديث الآخر: " إذَا وَلَغَ الكَلْبُ…. " فأحاديثُه كلُّها ليس فيها إلا ذكر الولوغ لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس..

وأيضاً فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك. فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة. ا. هـ (مجموع الفتاوى [21/617 و 619]).