تسخط الزوج إذا ولدت زوجته بنتاً


محمد بن إبراهيم الحمد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا الصنيع ولا شك من أعمال الجاهلية الأولى ، وأخلاق أهلها الأجلاف ، الذين ورد ذمهم ، والتشنيع عليهم في الكتاب والسنة .
وما أشبه الليلة بالبارحة ، فلو زرت مستشفى للولادة في بلاد المسلمين ، وقلبت طرفك في وجوه الحاضرين ممن ولد لهم بنات ، وراقبت كلامهم ، وسبرت أحوالهم لرأيت توافقاً عجيباً وتطابقاً غريباً بين حال كثير من هؤلاء وحال أهل الجاهلية الذين قص الله تبارك وتعالى علينا خبرهم ، وأنهم {إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} [ النحل /58-59]
ومن مظاهر التسخط بالبنات أن يُكتشف في بعض المستشفيات ما برحم المرأة من ذكر أو أنثى ، وذلك عبر الأشعة الصوتية ، فإن كان ذكراً بشّروا ، وإن كان أنثى أقصروا ! وهذا الأمر جد خطير ، ويترتب عليه عدة محاذير ، منها :
أنه اعتراض على قدر الله عز وجل .
أنه رد لهبته سبحانه وتعالى بدلاً من شكرها ، وكفى بذلك مقتاً وتعرضاً للعقوبة .
أن فيه إهانة للمرأة ، وحطاً من قدرها ، وتحميلاً لها ما لا تطيق .
كما أنه دليل على السفاهة والجهل ، والحماقة وقلة العقل .
كما أن فيه تشبهاً بأخلاق أهل الجاهلية .
فما أجدر بالمسلم أن يتجنب تلك المسالك ، وأن ينجو بنفسه من تلك المهالك ، فالتسليم لقدر الله أمر واجب ، والرضا به من صفات المؤمنين .
ثم إن فضل البنات لا يخفى ، فهن الأمهات ، وهن الأخوات ، وهن الزوجات ، وهن نصف المجتمع ويلدن النصف الآخر ، فكأنهن المجتمع كله . انظر تحفة المولود في أحكام المولود لابن القيم ص 16
ومما يدل على فضلهن أن الله عز وجل سمى إتيانهن هبة وقدمهن على الذكور في قوله تعالى : {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} [الشورى /49]

وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بين فضلهن وحث على الإحسان إليهن كما في قوله : « من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهم كن له ستراً من النار» ) رواه البخاري 1418 مع الفتح ، ومسلم (2629 )
المصدر: من كتاب الإيمان بالقضاء بالقدر لـ محمد بن إبراهيم الحمد ص 160