سائر كلام النووي على الصفات منقول من الشُرّاح الذين سبقوه، وخاصة من كلام عياض، وشيخه أبي عبد الله المازري.وعياض لا شك أنه كان أشعري العقيدة، وكذلك شيخه الإمام أبو عبد الله المازري،
فالإمام النووي رحمه الله حينما جمع ما جمع في شرح الصحيح اعتمد جُل اعتماده على النقل من كلام عياض وكلام الإمام أبي عبد الله المازري، وكلاهما أشعري العقيدة، فكان الإمام ينقل كلامهما دون تمحيص ولا تحقيق ولا تدقيق.
قال النووي:
"مذهب أهل الحق: أن الرؤية قوة يجعلها الله تعالى في خلقه، ولا يشترط فيها اتصال الأشعة، ولا مقابلة المرئي، ولا غير ذلك؛ لكن جرت العادة في رؤية بعضنا بعضاً بوجود ذلك على جهة الاتفاق؛ لا على سبيل الاشتراط، وقد قرر أئمتنا المتكلمون ذلك بدلائله الجلية، ولا يلزم من رؤية الله تعالى: إثبات جهة؛ تعالى عن ذلك؛ بل يراه المؤمنون لا في جهة؛ كما يعلمونه لا في جهة"اهـ (المنهاج 3/15-16)
ونقل عن الغزالي قوله في تعريف المتشابه:
"يطلق على ما ورد في صفات الله تعالى؛ مما يوهم ظاهره الجهة، والتشبيه، ويحتاج إلى تأويل"اهـ المنهاج 16/217-218
قال النووي:
" فقال المتولي: من اعتقد قدم العالم، أو حدوث الصانع، أو نفى ما هو
ثابت للقديم بالاجماع، ككونه عالما قادرا، أو أثبت ما هو منفي عنه بالاجماع، كالالوان، أو أثبت له الاتصال والانفصال، كان كافرا" روضة الطالبين 7/284
قال النووي:
"مَذْهَب اهل الْحق الايمان بِالْقدرِ واثباته وان جَمِيع الكائنات خَيرهَا وشرها بِقَضَاء الله تَعَالَى وَقدره
وَهُوَ مُرِيد لَهَا كلهَا
وَيكرهُ الْمعاصِي مَعَ انه مُرِيد لَهَا لحكمة يعلمهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَهل يُقَال انه يرضى الْمعاصِي ويحبها
فِيهِ مذهبان لاصحابنا الْمُتَكَلِّمين حَكَاهُمَا امام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره
قَالَ امام الْحَرَمَيْنِ فِي الارشاد مِمَّا اخْتلف اهل الْحق فِي اطلاقه وَمنع اطلاقه الْمحبَّة وَالرِّضَا
فَقَالَ بعض أَئِمَّتنَا لَا يُطلق القَوْل بَان الله تَعَالَى يحب الْمعاصِي ويرضاها لقَوْله تَعَالَى {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر}
قَالَ وَمن حقق من أَئِمَّتنَا لم يلْتَفت الى تهويل الْمُعْتَزلَة لَهُ بل قَالَ الله تَعَالَى يُرِيد الْكفْر وَيُحِبهُ ويرضاه والارادة والمحبة وَالرِّضَا بِمَعْنى وَاحِد
قَالَ وَقَوله تَعَالَى {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} المُرَاد بِهِ الْعباد الموفقون للايمان وأضيفوا الى الله تَعَالَى تَشْرِيفًا لَهُم كَقَوْلِه تَعَالَى {يشرب بهَا عباد الله} أَي خواصهم لَا كلهم وَالله اعْلَم"
الأصول الضوابط-للنووى
قال الذهبي في ترجمة ( النووي ) في (( تاريخ الإسلام )) :
(( إن مذهبه في الصفات السمعية السكوت ، وإمرارها كما جاءت ،وربما تأول قليلاً في (( شرح مسلم )) )) .
ونقله السَّخاوي في ((ترجمة الإمام النووي )) عنه ، وتعقبه بقوله : (( كذا قال، و التأويل كثير في كلامه )) .
ونقل السَّخاوي قبل ذلك عن بعض مترجميه أنه وصفه بأنه أشعري ، فقال : (ص 36) : (( وصرح اليافعي والتاج السُّبكي _ رحمهما الله _ أنه أشعري ))
سئل الامام ابن باز
السؤال:
سائلٌ يقول: هناك مَن يُحذِّر من كتب الإمام النووي وابن حجر رحمهما الله تعالى، ويقول: إنَّهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، فما الصَّحيح في ذلك؟
الجواب:
لهم أشياء غلطوا فيها في الصِّفات: ابن حجر، والنووي، وجماعة آخرين، ليسوا فيها من أهل السنة، وهم من أهل السنة فيما سلموا فيه ولم يُحرِّفوه، هم وأمثالهم ممن غلط.