"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (100)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يوسف": (وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّه ُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)

القول الأقرب أن المراد بقوله: (وهم لا يشعرون) أن الله أوحى إلى يوسف أنه سيخبرهم بصنيعهم هذا مستقبلاً وهم لا يشعرون بهذا الوحي ولا يعلمون به.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وهم لا يشعرون) على قولين:
الأول: أن الله أوحى إلى يوسف أنه سيخبرهم بصنيعهم هذا مستقبلاً وهم لا يشعرون بهذا الوحي ولا يعلمون به.
وهذا هو القول الأقرب, والله أعلم.

فالله تبارك وتعالى يخبر أنه في هذه اللحظة الحرجة يأتي الفرج الكبير من الله بواسطة الوحي من السماء أن الأمر مقدر ومحكم وأن الأمور ستسير باتجاه آخر.
وهم لا يشعرون بما يدور من هذا الوحي الهائل والوعد الكبير.
ففي هذه اللحظة اليائسة من الضيق والشدة والفزع والموت منه قريب يأتيه الله بالوحي أنه ناج وأنه سيعيش حتى يواجه إخوته بهذا الموقف الشنيع, وهم في غفلة تامة لا يشعرون بهذا الوحي.

قال الزمخشري: "يجوز أن يتعلق (وهم لا يشعرون) بقوله: (وأوحينا) على أنا آنسناه بالوحي وأزلنا عن قلبه الوحشة، وهم لا يشعرون ذلك ويحسبون أنه مرهق مستوحش لا أنيس له".

القول الثاني: أن المراد أنه سيخبرهم بصنيعهم مستقبلاً وهم لا يشعرون بأنه هو يوسف.
(اقتصر عليه الماتريدي*, والقرطبي*, وابن عاشور*, وذكروا معه قولاً ضعيفاً سيأتي ذكره) (ورجحه الشنقيطي*) (وذكر القولين دون ترجيح ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, وابن كثير*)

وقيل: قوله: (وأوحينا إليه) أي: إلى يعقوب أوحى الله تعالى إليه ما فعلوه بيوسف، وأنه سيعرفهم بأمره، وهم لا يشعرون بما أوحى الله إليه (مال إليه الماتريدي*) (وضعفه ابن عطية*) (وذكره القرطبي*, وابن عاشور*)
وهو قول ضعيف.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/