حكم خزاعة لمكة


تولت خزاعة حكم البيت الحرام، وكان على رأسهم عمرو بن الحرث الغبشاني، دون بني بكر بن عبد مناة، بينما كانت قريش إذ ذاك بيوتات متفرقة في قومهم من بني كنانة وجماعات متقطعة، فتوارثت خزاعة الحكم كابرًا عن كابر، واستمرت ولايتهم للبيت حوالي ثلاثمائة أو خمسمائة عام حتى كان آخرهم حُليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.

إلا أنه كان لخزاعة دور في إدخال الأصنام إلى الكعبة عن طريق زعيمهم عمرو بن لحي، رغم أنه بلغ حدًّا من الشرف لم يبلغه عربي قبله ولا بعده، فقد بلغ حدًّا من الثروة أن ملك أكثر من عشرين ألف بعير.. وكان أول من أطعم الحاج بمكة سدايف الإبل ولحماتها على الثريد، وقسم بين العرب في حطمة حطموها عشرة آلاف ناقة[1].

كما ذكر أنه ربما كسى عشرة آلاف حلة أيام الحج، وفي كل سنة يطعم العرب ويحيس لهم الحيس بالسمن والعسل، ويلتّ لهم السويق، وقد ذهب شرفه في العرب كل مذهب، وهو الذي بحر البحيرة، ووصل الوصيلة، وحمى الحام، وسيب السائبة، ونصب الأصنام حول الكعبة، جاء بهبل من (هيت) من أرض الجزيرة فنصبه في بطن الكعبة، فكانت قريش تستقسم عنده بالأزلام، وهو أول من غيّر الحنيفية دين إبراهيم - عليه السلام - وكان أمره مطاعًا لا يعصى.

وقد ظل أمره وأمر ولده من بعده خمسمائة عام في ولاية البيت حتى كان آخرهم حُليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو، فتزوج قصي ابنته حبى، وكانوا هم حُجّاب البيت وخُزّانه والقوّام به، وولاة الحكم بمكة وهو عامر لم يخرب فيه خراب، بل ظلوا معظمين للبيت عدا ما أحدثه من دخول الأصنام جزيرة العرب على يديه[2].


[1] السيرة ج1 ص117، البداية والنهاية لابن كثير ج2 ص582-583.
[2] أخبار مكة للأزرقي ج1 ص100-102، وأيضًا البداية والنهاية لابن كثير ج2 ص584.
______________________________ ______________________
الكاتب: د. سامية منيسي