أخرج ابن المظفر الحاتمي في "حلية المحاضرة" (ص384) ، عن أبي أحمد عيسى بن عبد العزيز الطاهري قال: أخبرنا [أحمد بن سعيد] الدمشقي ، وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في "الأغاني" (407/16) ، والمعافى بن زكريا في "الجليس الصالح" (ص382) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (293/33) عن مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ أَبِي الْأَزْهَر الخراعي ، كلاهما عن الزبير بن بكار قَالَ: حَدَّثَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونِ بِمَرْوَ، وَعَلَيَّ أطمارٌ مُتَرَعْبِلَةٌ، فَقَالَ: لِي: يَا نَضْرُ أَتَدْخُلُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الثِّيَابِ؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ حَرَّ مَرْوَ لَا يُدْفَعُ إِلا بِمِثْلِ هَذِهِ الأَخْلاقِ، قَالَ: لَا، وَلَكِنَّكَ تَتَقَشَّفُ، قَالَ: فَتَجَاذَبْنَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ: حَدَّثَنِي هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ فِيهَا سدادٌ مِنْ عَوَزٍ ". قُلْتُ: صَدَقَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ هُشَيْمٍ، حَدَّثَنِي عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ فِيهَا سدادٌ مِنْ عَوَزٍ " فَكَانَ الْمَأْمُون متكأً فَاسْتَوَى جَالِسًا، وَقَالَ: السَّدَادُ لحنٌ يَا نضر؟ قلت: نعم هَاهُنَا، وَإِنَّمَا لَحَنَ هُشَيْمٌ وَكَانَ لَحَّانًا، فَقَالَ: مالفرق بَيْنَهُمَا، قُلْتُ: السَّدَادُ: الْقَصْدُ فِي السَّبِيلِ، وَالسِّدَادُ: الْبُلْغَةُ وَكُلُّ مَا سَدَدْتَ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ سِدَادٌ.......
وعيسى بن عبد العزيز الطاهري ، لم أعرفه.
ومحمد بن أبي الأزهر ، قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ: ((ضَعِيْفٌ، كَتَبْنَا عَنْهُ مَنَاكِير)) ، وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّحْوِيّ: ((كذَّبوهُ فِي السَّمَاع مِنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَغَيْره)) ، وَقَالَ الخَطِيْبُ: ((يَضَعُ الحَدِيْثَ عَلَى الثِّقَات)) ، وقال المرزباني: ((كذبه أصحاب الحديث وانا أقول كان كذابا قبيح الكذب ظاهره)) ، وقال مسلمة بن قاسم: ((تكلم فيه أهل الحديث وقالوا لم يدرك المشايخ الذين حدث عنهم)).
وقال ابن الجوزي في "المنتظم" (122/10): أخبرنا ابن نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن ميمون قال: أخبرنا عبد الله بن محمد العلوي وأبو الفرج محمد بن أحمد بن علان الشاهد قالا: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد الله الهرواني قَالَ: وحدثني أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي قَالَ: وحدثني الزبير بن بكار قَالَ: حَدَّثَني النضر بن شميل به.
وإسناده حسن إلى النضر بن شميل.
وقال أبو بكر الزبيدي في "طبقات النحويين" (ص56): ((وقال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي: حدثنا المسيح بن حاتم العُكليُّ بالبصرة بمِربَدها سنة ثمانين ومئتين، قال: حدثنا النضر بن شميل بن خَرَشة المازني قال: لمَّا قدم المأمون علينا خُرَاسان واستُخلِف، دخلنا عليه، فحدثنا عن هُشَيمٍ، عن مُجالِد، عن الشعبي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن تَزوَّجَ امرأةً ذاتَ جمالٍ ومالٍ؛ فقد أصابَ سَدادًا مِن عَوَزٍ". فقلتُ له: يا أمير المؤمنين، حدثنا عوف الأعرابي، عن الحسن، عن علي بن أبي طالب -رحمة الله عليه ورضوانه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن تَزوَّجَ امرأةً ذاتَ جمالٍ ومالٍ؛ فقد أصابَ سِدادًا مِن عَوَزٍ". فقال: أَتُلَحِّنني يا نضر؟! فقلت: أمير المؤمنين أفصح من ذلك، وهذا لَحْنُ هُشيمٍ، وكان لحَّانًا. فقال: وما حجتك؟ فقلتُ: قول العَرْجيّ
أضاعوني وأيّ فتًى أضاعوا ... ليوم كَريهة وسِداد ثَغْرِ
قال: فسكت.))
والمسيح بن حاتم ، صوابه مسبح بن حاتم العكلي ، وهو صدوق. انظر ترجمته في "إرشاد القاصى والداني" (ص644) ، والإسناد جيد.
وأخرج المعافى بن زكريا في"الجليس الصالح" (ص385) ، والبندهي في "شرح المقامات" كما نقله عنه المناوي في "المداوي" (333/1) عن أَحْمَدُ بْن عُبَيْد بْن نَاصح، قَالَ: قال أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: فذكره وقال: أَخْبَرَنِي عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث. فجعله موصولاً.
وأحمد بن عبيد بن ناصح فيه ضعف.
وأخرجه الديلمي كما في "زهر الفردوس" (418) عن عبد الله بن محمد بن العباس، وأبو بكر الزبيدي في "طبقات النحويين" (ص57) عن أحمد بن عبد الله الكندي ، والشيرازي في "الألقاب" كما نقله عنه السيوطي في "تحفة الأديب" في ترجمة النضر بن شميل عن أبي الفضل العباس بن أحمد بن حمدان المافروخي ، والعسكري في "ديوان المعانى" (10/1) ، وفي "الأمثال" ، ومن طريقه النووى في "تهذيب الأسماء واللغات" (128/2) ، والحريري في "درة الغواص" (ص125) ، وفي "المقامات" كما نقل إسناده عنه السيوطي في "المزهر" (254/2) ، وابن ناصر الدين الدمشقي في "مجالس في تفسير لقد من الله على المؤمنين" (ص94) عن إبراهيم بن حامد ، جميعهم عن أبي بشر فُوْرَك بن ناصح الأصبهاني بمكة، حدثنا النضر بن شميل به.
وفورك بن ناصح ، أبو بشر الأصبهاني ، قال أبو نعيم: ((صَاحِبُ مَنَاكِيرٍ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ)) ، وقال أبو الشيخ: ((كَانَ ضَعِيفًا، يُحَدِّثُ بِالْبَواطِيلِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ)).
قلت: والإسناد قد صحّ إلى النضر بن شميل - كما تقدم - ، والحديث مروي من طريقه بإسنادين:
الأول: هشيم عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وهشيم بن بشير ، مدلس وقد عنعن.
ومجالد بن سعيد ضعيف.
الثاني: عوف الأعرابي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وقد وقع خلاف فيه ، فرواه الزبير بن بكار هكذا مرسلاً ، بينما رواه مسبح بن حاتم ، وأبو زيد النحوي - على ضعف في السند إليه - عن الحسن عن علي عن النبي ، فجعلاه موصولاً ، والراجح تقديم رواية الزبير بن بكار فإنه ثقة.
وعلى القول بتقديم رواية مسبح بن حاتم ، وأبو زيد ، فإن الحسن لم يسمع من علي بن أبي طالب على الراجح من كلام العلماء.
والحاصل أن الحديث ضعيف لا يصح ، والله أعلم.