تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 54 من 54

الموضوع: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (41)
    من صـــ 345 الى صـــ 351

    مقصود السورة وجل ما اشتملت عليه:
    ذكر القسم ببيان آيات القرآن، وتسلية الرسول عن تأخر المنكرين عن الإيمان، وذكر موسى وهارون، ومناظرة فرعون الملعون، وذكر السحرة، ومكرهم فى الابتداء، وإيمانهم وانقيادهم فى الانتهاء، وسفر موسى ببنى إسرائيل من مصر، وطلب فرعون إياهم، وانفلاق البحر، وإغراق القبط، وذكر الجبل، وذكر المناجاة، ودعاء إبراهيم الخليل، وذكر استغاثة الكفار من عذاب النيران،وقصة نوح، وذكر الطوفان، وتعدى عاد، وذكر هود، وذكر عقوبة ثمود، وذكر قوم لوط، وخبثهم، وقصة شعيب، وهلاك أصحاب الأيكة، لعبثهم، وتنزيل جبريل على النبى بالقرآن العربى، وتفصيل حال الأمم السالفة الكثيرة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإنذار العشيرة، وتواضعه للمؤمنين، وأخلاقه اللينة، وبيان غواية شعراء الجاهلية، وأن العذاب منقلب الذين يظلمون فى قوله {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} .
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فى هذه السورة آية واحدة: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} العموم م {إلا الذين آمنوا} ن الخصوص.
    المتشابهات:
    قوله: {وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث} سبق فى الأنبياء. {فسيأتيهم} سبق فى الأنعام، وكذا {ألم يروا} وما تعلق بقصة موسى وفرعون سبق فى الأعراف.
    قوله: {إن في ذلك لآية} مذكور فى ثمانية مواضع: أولها فى محمد صلى الله عليه وسلم، وإن لم يتقدم ذكره صريحا، فقد تقدم كناية ووضوحا، والثانية فى قصة موسى، ثم إبراهيم، ثم نوح، ثم هود، ثم صالح، ثم لوط، ثم شعيب.
    قوله {ألا تتقون} إلى قوله: {العالمين} مذكور فى خمسة مواضع: فى قصة نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب عليهم السلام. ثم كرر {فاتقوا الله وأطيعون} فى قصة نوح، وهود، وصالح فصار ثمانية مواضع. وليس فى ذكر النبى صلى الله عليه وسلم {وما أسألكم عليه من أجر} ؛ لذكرها فى مواضع. وليس فى قصة موسى؛ (لأنه رباه فرعون حيث قال: {ألم نربك فينا وليدا} ولا فى قصة إبراهيم، لأن أباه فى المخاطبين حيث يقول: {إذ قال لأبيه وقومه} وهو رباه، فاستحيا موسى) وإبراهيم أن يقولا: ما أسألكم عليه من أجر، وإن كانا منزهين من طلب الأجر.
    قوله: فى قصة إبراهيم: {ما تعبدون} وفى الصافات {ماذا تعبدون} لأن (ما) لمجرد الاستفهام، فأجابوا فقالوا: {نعبد أصناما} و (ماذا) فيه مبالغة، وقد تضمن فى الصافات معنى التوبيخ، فلما وبخهم ولم يجيبوا،زاد فى التوبيخ فقال: {أإفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين} فجاء فى كل سورة ما اقتضاه ما قبله وما بعده.
    قوله: {الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين} زاد (هو) فى الإطعام، والشفاء؛ لأنهما مما يدعى الإنسان، فيقال: زيد يطعم، وعمرو يداوى. فأكد؛ إعلاما لأن ذلك منه سبحانه وتعالى لا من غيره. وأما الخلق والموت، والحياة، فلا يدعيها مدع، فأطلق.
    قوله فى قصة صالح: {مآ أنت} بغير واو، وفى قصة شعيب: {ومآ أنت} لأنه فى قصة صالح بدل من الأول، وفى الثانية عطف، وخصت الأولى بالبدل؛ لأن صالحا قلل فى الخطاب، (فقللوا فى الجواب) وأكثر شعيب فى الخطاب، فأكثروا فى الجواب.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى الواهى: من قرأ سورة الشعراء كان من له الأجر عشر حسنات، بعدد من صدق بنوح، وكذب به، وهود، وشعيب، وصالح، وابراهيم، وبعدد من كذب بعيسى، وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم، وحديث على: يا على من قرأ هذه السورة كان موته موت الشهداء، وله بكل آية قرأها مثل ثواب امرأة فرعون آسية.
    بصيرة فى.. طس. تلك آيات القرآن
    السورة مكية بالاتفاق، عدد آياتها خمس وتسعون فى عد الحجاز، وأربع فى عد الشام، والبصرة، وثلاث فى عد الكوفة، كلماتها ألف ومائة وتسع وأربعون. وحروفها أربعة آلاف وسبعمائة وتسع وتسعون. والآيات المختلف فيها {وأولو بأس شديد} ، {من قواريرا} ، مجموع فواصل آياتها (من) وسميت سورة النمل؛ لاشتمالها على مناظرة النمل سليمان فى قوله: {قالت نملة ياأيها النمل ادخلوا} .
    مقصود السورة ومعظم ما تضمنته: بيان شرف القرآن، وما منه نصيب أهل الإيمان، والشكاية من مكر أهل الشرك والعصيان، وإشارة إلى ذكر الوادى المقدس وموسى بن عمران، وذكر خبر داود وسليمان، وفضل الله تعالى عليهما بتعليمهما منطق الطير وسائر الحيوان، وقصة النمل، وذكر الهدهد وخبر بلقيس، ورسالة الهدهد إليها من سليمان، ومشاورتها أركان الدولة، وبيان أثر الملوك إذا نزلوا فى مكان، وإهداء بلقيس إلى سليمان، وتهديده لها، ودعوة آصف لإحضار تخت بلقيس فى أسرع زمان، وتغيير حال العرش لتجربتها وإسلامها على يدى سليمان، وحديث صالح ومكر قومه فى حقه، وطرف من حديث قوم لوط أولى الطغيان، والبرهان فى الحدائق، والأشجار، والبحار، والأنهار، وإجابة الحق دعاء أهل التضرع، والابتهال إلى الرحمن، وهداية الله الخلق فى ظلمات البر، والبحر، واطلاع الحق تعالى على أسرار الغيب، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم فى إعراض المنكرين من قبول القرآن، وقبول الإيمان، وخروج الدابة، وظهور علامة القيامة، والإخبار عن حال الجبال فى ذلك اليوم، وبيان جزاء المجرمين، وإعراض الرسول عن المشركين، وإقباله على القرآن الكريم، وأمر الله له بالحمد على إظهار الحجة، أعنى القرآن فى قوله {وقل الحمدلله سيريكمءاياته} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فى هذه السورة آية واحدة م {وأن أتلو القرآن} ن آية السيف.
    المتشابهات:
    قوله: {فلما جآءها نودي} ، وفى القصص وطه {فلمآ أتاها} الآية، قال فى هذه السورة {سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس} فكرر (ءاتيكم) فاستثقل الجمع بينهما وبين {فلمآ أتاها} فعدل إلى قوله: {فلما جآءها} بعد أن كانا بمعنى واحد. وأما فى السورتين فلم يكن {إلا سآتيكم} {فلمآ أتاها} .
    قوله: {وألق عصاك} وفى القصص {وأن ألق عصاك} ؛ لأن فى هذه السورة {نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ياموسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك} فحيل بينهما بهذه الجملة فاستغنى عن إعادة (أن) ، وفى القصص: {أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك} فلم يكن بينهما جملة أخرى عطف بها على الأول، فحسن إدخال (أن) .
    قوله: {لا تخف} ، وفى القصص: {أقبل ولا تخف} خصت هذه السورة بقوله: {لا تخف} لأنه بنى على ذكر الخوف كلام يليق به، وهو قوله: {إني لا يخاف لدي المرسلون} ، وفى القصص اقتصر على قوله: {لا تخف} ، ولم يبن عليه كلام، فزيد قبله {أقبل} ؛ ليكون فى مقابلة {مدبرا} أى أقبل آمنا غير مدبر، ولا تخف، فخصت هذه السورة به.
    قوله: {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضآء من غير سواء} ، وفى القصص: {اسلك يدك في جيبك} خصت هذه السورة بـ (أدخل) ؛ لأنه أبلغ من قوله: {اسلك يدك} ، لأن (اسلك) يأتى لازما، ومتعديا، وأدخل متعد لا غير، وكان فى هذه السورة {في تسع آيات} أى مع تسع آيات مرسلا إلى فرعون. وخصت القصص بقوله {اسلك} موافقة لقوله {اضمم} ثم قال: {فذانك برهانان من ربك} (وكان) دون الأول فخص بالأدون من اللفظين.
    قوله {إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين} ، وفى القصص: {إلى فرعون وملإيه} ؛ لأن الملأ أشراف القوم، وكانوا فى هذه السورة موصوفين بما وصفهم الله به من قولهم {فلما جآءتهم آياتنا مبصرة قالوا هاذا سحر مبين وجحدوا بها} الآية فلم يسمهم ملأ، بل سماهم قوما. وفى القصص لم يكونوا موصوفين بتلك الصفات، فسماهم ملأ وعقبه {وقال فرعون ياأيها الملأ ما علمت لكم من إلاه غيري} . وما يتعلق بقصة موسى سوى هذه الكلمات قد سبق.
    قوله: {وأنجينا الذين آمنوا} وفى حم {ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} ونجينا وأنجينا بمعنى واحد. وخصت هذه السورة بأنجينا؛ موافقة لما بعده وهو: {فأنجيناه وأهله} وبعده: {وأمطرنا} ، {وأنزلنا} كله على لفظ أفعل. وخص حم بنجينا؛ موافقة لما قبله: [وزينا] وبعده {وقيضنا لهم} وكله على لفظ فعل.
    قوله: {وأنزل لكم} سبق.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (42)
    من صـــ 352 الى صـــ 358

    قوله: {أإلاه مع الله} فى خمس آيات، وختم الأولى بقوله: {بل هم قوم يعدلون} ثم قال: {بل أكثرهم لا يعلمون} ثم قال: {قليلا ما تذكرون} ثم قال {تعالى الله عما يشركون} ثم {هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} أى عدلوا وأول الذنوب العدول عن الحق، ثم لم يعلموا ولو علموا لما عدلوا ثم لم يذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال، فأشركوا من غير حجة وبرهان. قل لهم يا محمد: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
    قوله: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات} وفى الزمر: {فصعق} : خصت هذه السورة بقوله {فزع} موافقة لقوله: {وهم من فزع يومئذ ميتون} ، وخصت الزمر بقوله: {فصعق} موافقة لقوله {إنهم ميتون} ؛ لأن معناه: مات.
    فضل السورة
    رويت أحاديث ضعيفة منها حديث أبى: من قرأ طس كان له من الأجر عشر حسنات. بعدد من صدق سليمان، وكذب به، وهود، وشعيب، وإبراهيم، ويخرج من قبره وهو ينادى: لا إله إلا الله؛ وحديث على: يا على من قرأ طس النمل أعطاه الله بكل سجدة يسجد بها المؤمنون ثواب المؤمنين كلهم، وله بكل آية ثواب المتوكلين.
    بصيرة فى.. طسم. القصص
    السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها ثمان وثمانون وكلماتها ألف وأربعمائة وواحدة. وحروفها خمسة آلاف وثمانمائة الآيات المختلف [فيها] اثنتان: طسم، يسقون. فواصل آياتها (لم تر) وسميت سورة القصص؛ لاشتمالها عليها فى قوله: {وقص عليه القصص} أى قص موسى على شعيب.
    مقصود السورة: بيان ظلم فرعون بنى إسرائيل، وولادة موسى، ومحبة آسية له، ورد موسى على أمه، وحديث القبطى، والإسرائيلى، وهجرة موسى من مصر إلى مدين، وسقيه لبنات شعيب، واستئجار شعيب موسى، وخروج موسى من مدين، وظهور آثار النبوة، واليد البيضاء، وقلب العصا، وإمداد الله تعالى له بأخيه هارون، وحيلة هامان فى معارضة موسى، وإخبار الله تعالى عما جرى فى الطور، ومدح مؤمنى أهل الكتاب، وقصة إهلاك القرون الماضية، ومناظرة المشركين يوم القيامة، واختيار الله تعالى ما شاء، وإقامة البرهان على وجود الحق إياه بالقهر، ووعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى مكة،وبيان أن كل ما دون الحق فهو فى عرضة الفناء والزوال، وأن زمام الحكم بيده (تعالى) فى قوله {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} .
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فيها آية واحدة. {لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله {ولما بلغ أشده واستوى آتيناه} أى كمل أربعين سنة. وقيل: كمل عقله. وقيل: خرجت لحيته. وفى يوسف {بلغ أشده} فحسب؛ لأنه أوحى إليه فى صباه. قوله: {وجآء رجل من أقصى المدينة} ، وفى يس: {وجآء من أقصى المدينة رجل} قيل: اسمه خربيل مؤمن من آل فرعون، وهو النجار. وقيل شمعون وقيل: حبيب. وفى يس هو هو. قوله: {من أقصى المدينة} يحتمل ثلاثة أوجه. أحدها أن يكون (من أقصى المدينة) صفة لرجل، والثانى أن يكون صلى لجاء.
    والثالث أن يكون صلى ليسعى. والأظهر فى هذه السورة أن يكون وصفا، وفى يس أن يكون صلة. وخصت هذه السورة بالتقديم؛ لقوله تعالى قبله: {فوجد فيها رجلان يقتتلان} ثم قال: {وجآء رجل} وخصت سورة يس بقوله {وجآء من أقصى المدينة} لما جاء بالتفسير أنه كان يعبد الله فى جبل، فلما سمع خبر الرسل سعى مستعجلا. قوله {ستجدني إن شاء الله من الصالحين} [وفى الصافات: {من الصابرين} ، لأن ما هنا من كلام شعيب، والمعنى: ستجدنى من الصالحين] فى حسن العشرة، والوفاء بالعهد، وفى الصافات من كلام إسماعيل حين قال له أبوه {أني أذبحك فانظر ماذا ترى} فأجاب {ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين} أى على الذبح.
    قوله: {ربي أعلم بمن جآء} وبعده: {من جآء} بغير باء. الأول هو الوجه؛ لأن (أعلم) هذا فيه معنى الفعل، ومعنى الفعل لا يعمل فى المفعول به، فزيد بعده باء؛ تقوية للعمل. وخص الأول بالأصل، ثم حذف من الآخر الباء؛ اكتفاء بدلالة الأول عليه. ومحله نصب بفعل آخر، أى يعلم من جاء بالهدى. ولم يقتض تغييرا، كما قلنا فى الأنعام؛ لأن دلالة الأول قام مقام التغيير. وخص الثانى؛ لأنه فرع.
    قوله: {لعلي أطلع إلى إلاه موسى} وفى المؤمن {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إلاه موسى} ، لأن قوله {أطلع إلى إلاه موسى} فى هذه السورة خبر لعل، وفى المؤمن عطف على خبر {أبلغ الأسباب} وجعل قوله {أبلغ الأسباب} خبر لعل، ثم أبدل منه {أسباب السماوات} وانما زاد ليقع فى مقابلة قوله {أو أن يظهر في الأرض الفساد} ، لأنه زعم أنه إله الأرض، فقال: {ما علمت لكم من إلاه غيري} أى فى الأرض؛ ألا ترى أنه قال: {فأطلع إلى إلاه موسى} فجاء فى كل سورة على ما اقتضاه ما قبله.
    قوله: {وإني لأظنه من الكاذبين} وفى المؤمن {كاذبا} لأن التقدير فى هذه السورة: وإنى لأظنه كاذبا من الكاذبين، فزيد {من الكاذبين} لرءوس الآى، ثم أضمر (كاذبا) ؛ لدلالة (الكاذبين) عليه. وفى المؤمن جاء على الأصل، ولم يكن فيه موجب تغيير.
    قوله: {ومآ أوتيتم من شيء} بالواو، وفى الشورى {فمآ أوتيتم من} بالفاء؛ لأنه لم يتعلق فى هذه السورة بما قبله أشد تعلق، فاقتصر على الواو؛ لعطف جملة على جملة، وتعلق فى الشورى بما قبلها أشد تعلق؛ لأنه عقب ما لهم من المخافة بما أوتوه من الأمنة، والفاء حرف التعقيب.
    قوله: {وزينتها} ، وفى الشورى {فمتاع الحياة الدنيا} فحسب؛ لأن فى هذه السورة ذكر جميع ما بسط من الرزق، وأعراض الدنيا،كلها مستوعبة بهذين اللفظين. فالمتاع: ما لا غنى عنه فى الحياة: من المأكول، والمشروب، والملبوس، والمسكن، والمنكوح. والزينة: ما يتجمل به الإنسان، وقد يستغنى عنه؛ كالثياب الفاخر، والمراكب الفارهة، والدور المجصصة، والأطعمة الملبقة. وأما فى الشورى فلم يقصد الاستيعاب، بل ما هو مطلوبهم فى تلك الحالة: من النجاة، والأمن فى الحياة، فلم يحتج إلى ذكر الزينة.
    قوله {إن جعل الله عليكم الليل سرمدا} وبعده {إن جعل الله عليكم النهار سرمدا} قدم الليل على النهار لأن ذهاب الليل بطلوع الشمس أكثر فائدة من ذهاب النهار بدخول الليل، ثم ختم الآية الأولى بقوله: {أفلا تسمعون} بناء على الليل، وختم الأخرى بقوله: {أفلا تبصرون} بناء على النهار، والنهار مبصر، وآية النهار مبصرة.
    قوله: {ويكأن} {ويكأنه} ليس بتكرار؛ لأن كل واحد منهما متصل بغير ما اتصل به الآخر. قال ابن عباس: وى صلة. وإليه ذهب سيبويه، فقال: وى: كلمة يستعملها النادم بإظهار ندامته. وهى مفصولة من (كأنه) . وقال الأخفش: أصله ويك (وأن) بعده منصوب بإضمار العلم، أى أعلم أن الله ... . وقال بعضهم أصله: ويلك.
    وفيه ضعف. وقال الضحاك: الياء والكاف صلة، وتقديره وأن الله. وهذا كلام مزيف.
    فضل السورة
    رويت الأحاديث التى لا تذكر إلا تنبيها على وهنها. منها حديث أبي: من قرأ طسم القصص لم يبق ملك فى السماوات والأرض إلا يشهد له يوم القيامة أنه كان صادقا أن كل شىء هالك إلا وجهه، والحديث الآخر: من قرأ سورة القصص كان له من الأجر بعدد من صدق موسى وكذبه عشر حسنات، وحديث على: يا على من قرأ طسم القصص أعطاه الله من الثواب مثل ثواب يعقوب، وله بكل آية قرأها مدينة عند الله.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (43)
    من صـــ 359 الى صـــ 365

    بصيرة فى.. ألم. أحسب الناس
    السورة مكية إجماعا. عدد آياتها تسع وستون، بالاتفاق. وكلماتها تسعمائة وثمانون. وحروفها أربعة آلاف ومائة وخمس وتسعون. المختلف فيها ثلاث: الم {وتقطعون السبيل} {مخلصين له الدين} . فواصل آياتها (نمر) . فواصل آياتها (نمر) . على الراء آية واحدة (قدير) سميت سورة العنكبوت؛ لتكرر ذكره فيه {كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} .
    معظم مقصود السورة: توبيخ أهل الدعوى، وترغيب أهل التقوى، والوصية ببر الوالدين للأبرار، والشكاية من المنافقين فى جرأتهم على حمل الأوزار، والإشارة إلى بلوى نوح والخليل، لتسلية الحبيب، وهجرة ابراهيم من بين قومهم إلى مكان غريب، ووعظ لوط قومه باختيار الخبث، وعدم اتعاظهم، وإهلاك الله إياهم، والإشارة إلى حديث شعيب، وتعيير عباد الأصنام، وتوبيخهم، وتمثيل الصنم ببيت العنكبوت، وإقامة حجج التوحيد، ونهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر،وأدب الجدال مع المنكرين، والمبتدعين، وبيان الحكمة فى كون رسولنا صلى الله عليه وسلم أميا، والخبر من استعجال الكفار العذاب وأن كل نفس بالضرورة ميت ووعد المؤمنين بالثواب، وضمان الحق رزق كل دابة، وبيان أن الدنيا دار فناء وممات، وأن العقبى دار بقاء وحياة، وبيان حرمة الحرم وأمنه، والإخبار بأن الجهاد بثمن الهداية، وأن عناية الله مع أهل الإحسان، فى قوله: {والذين جاهدوا فينا} إلى آخر السورة.
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فيها آية واحدة {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} م {قاتلوا الذين لا يؤمنون} ن.
    المتشابهات:
    قوله: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} ، وفى لقمان: {ووصينا الإنسان بوالديه} وفى الأحقاف {بوالديه حسنا} الجمهور على أن الآيات الثلاث نزلت فى سعد بن مالك (وهو سعد بن أبى وقاص) وأنها فى سورة لقمان اعتراض بين كلام لقمان لابنه. ولم يذكر فى لقمان (حسنا) ؛ لأن قوله بعده {اشكر لي ولوالديك} قام مقامه، ولم يذكر فى هذه السورة (حمله) ولا (وضعه) ، موافقة لما قبله من الاختصار، وهو قوله: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} ، فإنه ذكر فيها جميع ما يقع بالمؤمنين بأوجز كلام، وأحسن نظام، ثم قال بعده: {ووصينا الإنسان} أى ألزمناه {حسنا} فى حقهما، وقياما بأمرهما، وإعراضا عنهما، وخلافا لقولهما إن أمراه بالشرك بالله. وذكر فى لقمان والأحقاف حاله فى حمله ووضعه.
    قوله {وإن جاهداك لتشرك بي} ، وفى لقمان: {على أن تشرك} ؛ لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبله لفظا، وهو قوله {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه} - وفى لقمان محمول على المعنى؛ لأن التقدير: وإن حملاك على أن تشرك.
    قوله: {يعذب من يشآء ويرحم من يشآء} بتقديم العذاب على الرحمة فى هذه السورة فحسب؛ لأن إبراهيم خاطب به نمرود وأصحابه، فإن العذاب وقع بهم فى الدنيا.
    قوله: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السمآء} ، وفى الشورى {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض} ؛ لأن (ما) فى هذه السورة خطاب لنمرود حين صعد الجو موهما أنه يحاول السماء، فقال له ولقومه: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض} أى من فى الأرض: من الجن، والإنس، ولا من فى السماء: من الملائكة، فكيف تعجزون الله! وقيل: ما أنتم بفائتين عليه، ولو هربتم فى الأرض، أو صعدتم فى السماء (فقال: {ومآ أنتم بمعجزين في الأرض ولا فى السمآء} لو كنتم فيها. وما فى الشورى خطاب للمؤمنين، وقوله: {ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} يدل عليه. وقد جاء {وما هم بمعجزين} فى قوله {والذين ظلموا من هاؤلاء} من غير ذكر الأرض ولا السماء.
    قوله: {فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} وقال بعده: {خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين} فجمع الأولى، ووحد الثانية؛ لأن الأولى إشارة إلى إثبات النبوة، وفى النبيين (صلوات الله وسلامه عليهم) كثرة، والثانى إشارة إلى التوحيد وهو - سبحانه - واحد لا شريك له.
    قوله: {إنكم} جمع بين استفهامين فى هذه السورة. وقد سبق فى الأعراف.
    قوله: {ولمآ أن جآءت رسلنا لوطا} ، وفى هود. {ولما جآءت}بغير (أن) ؛ لأن (لما) يقتضى جوابا، وإذا اتصل به (أن) دل على أن الجواب وقع فى الحال من غير تراخ؛ كما فى هذه السورة، وهو قوله: {سياء بهم وضاق بهم ذرعا} ومثله فى يوسف {فلمآ أن جآء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا} وفى هود اتصل به كلام بعد كلام، إلى قوله: {قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما طال لم يحسن دخول أن.
    قوله: {وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال} هو عطف على قوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث} .
    قوله: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} أخره فى هذه السورة لما وصف. وقد سبق.
    قوله: {الله يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر له} وفى القصص {يبسط الرزق لمن يشآء من عباده ويقدر} وفى الرعد والشورى: {لمن يشآء ويقدر} لأن ما فى هذه السورة اتصل بقوله: {وكأين من دآبة لا تحمل رزقها} الآية، وفيها عموم، فصار تقديره، يبسط الرزق لمن يشاء من عباده أحيانا، ويقدر له أحيانا؛ لأن الضمير يعود إلى (من) وقيل: يقدر له البسط من التقدير. وفى القصص تقديره: يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لمن يشاء. وكل واحد منهما غير الآخر، بخلاف الأولى. وفى السورتين يحتمل الوجهين فأطلق.
    قوله: {من بعد موتها} وفى البقرة والجاثية: {بعد موتها} لأن فى هذه السورة وافق ما قبله وهو {من قبله} فإنهما يتوافقان وفيه شىء آخر وهو أن ما فى هذه السورة سؤال وتقرير، والتقرير يحتاج إلى التحقيق فوق غيره، فقيد الظرف بمن، فجمع بين طرفيه؛ كما سبق. قوله: {لهو ولعب} [سبق. قوله] : {فسوف تعلمون} سبق. قوله: {نعم أجر العاملين} بغير واو لاتصاله بالأول أشد اتصال. وتقديره: ذلك نعم أجر العاملين.
    فضل السورة
    عن أبى رفعه: من قرأ العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات، بعدد كل المؤمنين، والمنافقين، وحديث على: يا على من قرأها كتب له بكل يهودى ونصرانى مائة حسنة، ورفع له مائة درجة، وله بكل آية قرأها ثواب الذين فتحوا بيت المقدس.
    بصيرة فى.. ألم. غلبت الروم
    السورة مكية إجماعا. عدد آياتها خمس وستون عند المكيين، وستون عند الباقين وكلماتها ثمانمائة وسبع وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وثلاثون، والآيات المختلف فيها أربع: ألم {غلبت الروم} {في بضع سنين} ، {يقسم المجرمون} فواصل آياتها نمر، على الراء آيتان {قدير} فى موضعين. وسميت سورة الروم لما فيها من ذكر غلبة الروم.
    معظم مقصود السورة: غلبة الروم على فارس، وعيب الكفار فى إقبالهم على الدنيا، وأخبار القرون الماضية، وذكر قيامة الساعة، وآيات التوحيد، والحجج المترادفة الدالة على الذات والصفات، وبيان بعث القيامة، وتمثيل حال المؤمنين والكافرين، وتقرير المؤمنين على الإيمان، والأمر بالمعروف، والإحسان إلى ذوى القربى، ووعد الثواب على أداء الزكاة، والإخبار عن ظهور الفساد فى البر والبحر، وعن آثار القيامة، وذكر عجائب الصنع فى السحاب والأمطار، وظهور آثار الرحمة فى الربيع، وإصرار الكفار على الكفر، وتخليق الله الخلق مع الضعف والعجز، وإحياء الخلق بعد الموت، والحشر والنشر، وتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسكينه عن جفاء المشركين وأذاهم فى قوله: {ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (44)
    من صـــ 366 الى صـــ 372

    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة: {فاصبر إن وعد الله حق} م آية السيف ن) .
    المتشابهات:
    قوله: {أولم يسيروا في الأرض} ، وفى فاطر وأول المؤمن بالواو، وفى غيرهن بالفاء، لأن ما قبلها فى هذه السورة {أولم يتفكروا} وكذلك ما بعدها (وأثاروا) بالواو، فوافق ما قبلها، وما بعدها، وفى فاطر أيضا وافق ما قبله وما بعده، فإن قبله {ولن تجد لسنت الله تحويلا} ، وبعدها {وما كان الله} ، وكذلك أول المؤمن [قبله] {والذين يدعون من دونه} وأما آخر المؤمن فوافق ما قبله وما بعده، وكان بالفاء، وهو قوله: {فأي آيات الله تنكرون} ، وبعده {فمآ أغنى عنهم} .
    قوله: {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة} {من قبلهم} متصل بكون آخر مضمر وقوله: {كانوا أشد منهم قوة} :إخبار عما كانوا عليه قبل الإهلاك، وخصت هذه السورة بهذا النسق لما يتصل به من الآيات بعده وكله إخبار عما كانوا عليه وهو {وأثاروا الأرض وعمروها} وفى فاطر: {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا} بزيادة الواو، لأن التقدير: فينظروا كيف أهلكوا وكانوا أشد منهم قوة. وخصت [هذه] السورة به لقوله: {وما كان الله ليعجزه من شيء} الآية. وفى المؤمن {كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة} فأظهر (كان) العامل فى (من قبلهم) وزاد (هم) لأن فى هذه السورة وقعت فى أوائل قصة نوح، وهى تتم فى ثلاثين آية، فكان اللائق به البسط، وفى آخر المؤمن {كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم} فلم يبسط القول؛ لأن أول السورة يدل عليه.
    قوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} ، وختم الآية بقوله {يتفكرون} ؛ لأن الفكر يؤدى إلى الوقوف على المعانى التى خلقت لها: من التوانس، (والتجانس) ، وسكون كل واحد منهما إلى الآخر.
    قوله: {ومن آياته خلق السماوات والأرض} ، وختم بقوله {للعالمين} لأن الكل تظلهم السماء، وتقلهم الأرض، فكل واحد منفرد بلطيفة فى صورته يمتاز بها عن غيره؛ حتى لا ترى اثنين فى ألف يتشابه صورتاهما ويلتبس كلاهما؛ وكذلك ينفرد كل واحد بدقيقة فى صورته، يتميز بها من بين الأنام، فلا ترى اثنين يشتبهان. وهذا يشترك فى معرفته الناس جميعا. فلهذا قال {لآيات للعالمين} . ومن حمل اختلاف الألسن على اللغات، واختلاف الألوان على السواد والبياض، والشقرة، والسمرة، فالاشتراك فى معرفتها أيضا ظاهر. ومن قرأ {للعالمين} بالكسر فقد أحسن، لأن بالعلم يمكن الوصول إلى معرفة ما سبق ذكره.
    قوله: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار} وختم بقوله {يسمعون} فإن من سمع أن النوم من صنع الله الحكيم لا يقدر أحد على اجتلابه إذا امتنع، ولا على دفعه إذا ورد، تيقن أن له صانعا مدبرا. قال الإمام: معنى (يسمعون) هاهنا: يستجيبون إلى ما يدعوهم إليه الكتاب. وختم الآية الرابعة بقوله {يعقلون} لأن العقل ملاك الأمر فى هذه الأبواب، وهو المؤدى إلى العلم، فختم بذكره.
    قوله: {ومن آياته يريكم} أى أنه يريكم. وقيل: تقديره: ويريكم من آياته البرق. وقيل: أن يريكم، فلما حذف (أن) سكن الياء وقيل: {ومن آياته} كلام كاف؛ كما تقول: منها كذا، ومنها كذا ومنها ... . وتسكت، تريد بذلك الكثرة.
    قوله: {أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشآء} وفى الزمر {أولم يعلموا} لأن بسط الرزق مما يشاهد ويرى، فجاء فى هذه السورة على ما يقتضيه اللفظ والمعنى. وفى الزمر اتصل بقوله {أوتيته على علم} وبعده: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} (فحسن "أو لم يعلموا".
    قوله: {ولتجري الفلك بأمره} ، وفى الجاثية: {فيه بأمره} ، لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الرياح، وهو قوله: {أن يرسل الرياح مبشرات} بالمطر، وإذاقة الرحمة، ولتجرى الفلك بالرياح بأمر الله تعالى. ولم يتقدم ذكر البحر. وفى الجاثية تقدم ذكر البحر، وهو قوله: {الله الذي سخر لكم البحر} فكنى عنه، فقال: {لتجري الفلك فيه بأمره} .
    * * *
    (فضل السورة. فيه الأحاديث الساقطة. عن أبى من قرأ سورة الروم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله فى السماء والأرض، وأدرك ما ضيع فى يومه وليلته) وحديث على: يا على من قرأ غلبت الروم كان كمن أعتق بعدد أهل الروم، وله بكل آية قرأها مثل ثواب الذين عمروا بيت المقدس.
    بصيرة فى.. الم. لقمان
    السورة مكية، سوى آيتين: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} إلى آخر الآيتين. عدد آياتها ثلاث وثلاثون عند الحجازيين، وأربع عند الباقين. وكلماتها خمسمائة وثمان وأربعون. وحروفها ألفان ومائة وعشر. المختلف فيها آيتان: الم {مخلصين له الدين} . فواصل آياتها (ظن مرد) و (مد نظر) على الدال منها آية واحدة: {غني حميد} ، وعلى الظاء آية: {عذاب غليظ} . سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصته.
    معظم مقصود السورة: بشارة المؤمنين بنزول القرآن، والأمر بإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، والشكاية من قوم اشتغلوا بلهو الحديث، والشكاية من المشركين فى الإعراض عن الحق، وإقامة الحجة عليهم، والمنة على لقمان بما أعطى من الحكمة، والوصية ببر الوالدين، ووصية لقمان لأولاده، والمنة بإسباغ النعمة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وبيان أن كلمات القرآن بحور المعانى، والحجة على حقية البعث، والشكاية من المشركين بإقبالهم على الحق فى وقت المحنة، وإعراضهم عنه فى وقت النعمة، وتخويف الخلق بصعوبة القيامة وهولها، وبيان أن خمسة علوم مما يختص به الرب الواحد تعالى فى قوله: {إن الله عنده علم الساعة} إلى آخرها.
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة {ومن كفر فلا يحزنك كفره} م آية السيف ن.
    المتشابهات التى فى سورة لقمان (المتقدم تفسيرها بصفحتين قبل) .
    قوله: {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه [وقرا} وفى الجاثية {كأن لم يسمعها فبشره} زاد فى هذه السورة {كأن في أذنيه وقرا} ] : جل المفسرين على أن الآيتين نزلتا فى النضر بن الحارث. وذلك أنه ذهب إلى فارس، فاشترى كتاب كليلة ودمنة، وأخبار رستم وإسفنديار، وأحاديث الأكاسرة، فجعل يرويها ويحدث بها قريشا، ويقول: إن محمدا يحدثكم بحديث عاد، وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار، ويستملحون حديثه، ويتركون استماع القرآن [فأنزل الله هذه الآيات، وبالغ فى ذمه؛ لتركه استماع القرآن] فقال: {كأن في أذنيه وقرا} أى صمما، لا يقرع مسامعه صوت. ولم يبالغ فى الجاثية هذه المبالغة؛ لما ذكر بعده {وإذا علم من آياتنا شيئا} لأن ذلك العلم لا يحصل إلا بالسماع، أو ما يقوم مقامه: من خط وغيره.
    قوله: {يجري إلى أجل مسمى} وفى الزمر {لأجل} قد سبق شطر من هذا. ونزيد بيانا أن (إلى) متصل بآخر الكلام، ودال على الانتهاء، واللام متصلة بأول الكلام، ودالة على الصلة.
    فضل السورة:
    فيه الأحاديث الضعيفة التى منها حديث أبى: من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقا يوم القيامة، وأعطى من الحسنات بعدد من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وحديث على: يا على من قرأ لقمان كان آمنا من شدة يوم القيامة، ومن هول الصراط.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (45)
    من صـــ 373 الى صـــ 379

    بصيرة فى.. ألم. تنزيل
    السورة مكية بالاتفاق، سوى ثلاث آيات، فإنها مدنية {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} إلى آخر الآيات الثلاثة. عدد آياتها تسع وعشرون عند البصريين، وثلاثون عند الباقين. كلماتها ثلاثمائة وثلاثون. وحروفها ألف وخمسمائة وتسع وتسعون. المختلف فيها آيتان (الم) {خلق جديد} فواصل آياتها (ملن) على الميم اثنان: الم و {العزيز الرحيم} وعلى اللام آية {هدى لبني إسرائيل} ولها ثلاثة أسماء: سورة السجدة، لاشتمالها على سجدة التلاوة، الثانى سجدة لقمان؛ للتميز عن حم السجدة الثالث المضاجع: لقوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} .
    مقصود السورة: تنزيل القرآن، وإنذار سيد الرسل، وتخليق السماء والأرض، وخلق الخلائق، وتخصيص الإنسان من بينهم، وتسليط ملك الموت على قبض الأرواح، وتشوير العاصين فى القيامة، وملء جهنم من أهل الإنكار، والضلالة، وإسقاط خواص العباد فى أجواف الليالى
    للعبادة، وإخبارهم بما ادخر لهم فى العقبى: من أنواع الكرامة، والتفريق بين الفاسقين والصادقين فى الجزاء، والثواب، فى يوم المآب، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم بتقرير أحوال الأنبياء الماضين، وتقرير حجة المنكرين للوحدانية، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكافأة أهل الكفر، وأمره بانتظار النصر، بقوله: {فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة: {فأعرض عنهم} م (آية السيف ن) .
    المتشابهات:

    قوله: {في يوم كان مقداره ألف سنة} ، وفى سأل سائل {خمسين ألف سنة} موضع بيانه التفسير. والغريب فيه ما روى عن عكرمة فى جماعة: أن اليوم فى المعارج عبارة عن أول أيام الدنيا إلى انقضائها، وأنها خمسون ألف سنة، لا يدرى أحد كم مضى وكم بقى إلا الله عز وجل. ومن الغريب أن هذه عبارة عن الشدة، واستطالة أهلها إياها؛ كالعادة فى استطالة أيام الشدة والحزن، واستقصار أيام الراحة والسرور، حتى قال القائل: سنة الوصل سنة [و] سنة الهجر سنة. وخصت هذه السورة بقوله: ألف سنة، لما قبله، وهو قوله: {فى ستة أيام} وتلك الأيام من جنس ذلك اليوم وخصت سورة المعارج بقوله {خمسين ألف سنة} لأن فيها ذكر القيامة وأهوالها، فكان هو اللائق بها.
    قوله {ثم أعرض عنها} (ثم) هاهنا يدل على أنه ذكر مرات، ثم تأخر (و) أعرض عنا. والفاء على الإعراض عقيب التذكير.
    قوله: {عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} ، وفى سبأ {التي كنتم بها} لأن النار وقعت فى هذه السورة موقع الكناية، لتقدم ذكرها، والكنايات لا توصف، فوصف العذاب، وفى سبأ لم يتقدم ذكر النار، فحسن وصف النار.
    قوله: {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون} بزيادة (من) سبق فى طه.
    قوله: {إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون} ليس غيره؛ لأنه لما ذكر القرون والمساكن بالجمع حسن جمع الآيات، ولما تقدم ذكر الكتاب - وهو مسموع - حسن لفظ السماع فختم الآية به.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى الساقط سنده: من قرأ سورة {الاما تنزيل} أعطى من الأجر كمن أحيا ليلة القدر، وكان صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ {الاما تنزيل} السجدة، و {تبارك الذي بيده الملك} ويقول: هما يفضلان كل سورة فى القرآن بسبعين حسنة، ومن قرأها كتب له سبعون حسنة ومحى عنه سبعون سيئة ورفع له سبعون درجة؛ وحديث على من قرأ {الاما تنزيل} ضحك الله إليه يوم القيامة، وقضى له كل حاجة له عند الله وأعطاه إياه بكل آية قرأها غرفة فى الجنة.
    بصيرة فى.. يأيها النبى اتق الله
    السورة مدنية بالاتفاق. آياتها ثلاث وسبعون. كلماتها ألف ومائتان وثمانون. حروفها خمسة آلاف وسبعمائة وست وتسعون، فواصل آياتها (لا) على اللام منها آية واحدة {يهدي السبيل} . سميت سورة الأحزاب، لاشتمالها على قصة حرب الأحزاب فى قوله {يحسبون الأحزاب لم يذهبوا} .
    معظم مقصود السورة الذى اشتملت عليه: الأمر بالتقوى، وأنه ليس فى صدر واحد قلبان، وأن المتبنى ليس بمنزلة الابن، وأن النبى صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بمكان الوالد، وأزواجه الطاهرات بمكان الأمهات، وأخذ الميثاق على الأنبياء، والسؤال عن صدق الصادقين، وذكر حرب الأحزاب، والشكاية من المنافقين، وذم المعرضين، ووفاء الرجال بالعهد، ورد الكفار بغيظهم، وتخيير أمهات المؤمنين، ووعظهن، ونصحهن، وبيان شرف أهل البيت الطاهرين ووعد المسلمين والمسلمات بالأجور الوافرات، وحديث تزويج زيد وزينب ورفع الحرج عن النبى صلى الله عليه وسلم، وختم الأنبياء به عليه السلام، والأمر بالذكر الكثير،والصلوات والتسليمات على المؤمنين، والمخاطبات الشريفة لسيدنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبيان النكاح، والطلاق، والعدة، وخصائص النبى صلى الله عليه وسلم فى باب النكاح، وتخييره فى القسم بين الأزواج والحجر عليه فى تبديلهن، ونهى الصحابة عن دخول حجرة النبى صلى الله عليه وسلم بغير إذن منه، وضرب الحجاب، ونهى المؤمنين عن تزوج أزواجه بعده، والموافقة مع الملائكة فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وتهديد المؤذين للنبى وللمؤمنين، وتعليم آداب النساء فى خروجهن من البيوت، وتهديد المنافقين فى إيقاع الأراجيف، وذل الكفار فى النار، والنهى عن إيذاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأمر بالقول السديد وبيان عرض الأمانة (على السماوات والأرض) وعذاب المنافقين، وتوبة المؤمنين فى قوله {إنا عرضنا الأمانة} إلى آخر السورة.
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان م {ودع أذاهم} ن آية السيف م {لا يحل لك النسآء من بعد} ن {إنآ أحللنا لك أزواجك} .
    المتشابهات
    ذهب بعض القراء إلى أنه ليس فى هذه السورة متشابه. وأورد بعضهم فيها كلمات، وليس فيها كثير تشابه؛ بل قد تلتبس على الحافظ القليل البضاعة.
    فأوردناها؛ إذ لم يخل من فائدة. وذكرنا مع بعضها علامة يستعين بها المبتدىء فى تلاوته.
    منها قوله: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} وبعده {ليجزي الله الصادقين بصدقهم} ليس فيها تشابه؛ لأن الأول من لفظ السؤال، وصلته {عن صدقهم} وبعده {وأعد للكافرين} ، والثانى من لفظ الجزاء، وفاعله الله، وصلته {بصدقهم} بالباء، وبعده {ويعذب المنافقين} .
    ومنها قوله: {ياأيها الذين آمنوا اذكروا "نعمة الله عليكم"} وبعده {ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} فيقال للمبتدىء: إن الذى يأتى بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين، وما يأتى قبل قوله {هو الذي يصلي عليكم} {اذكروا الله ذكرا كثيرا} شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه فى صلاته وصلاة ملائكته عليه حيث يقول: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} .
    ومنها قوله: {ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك} ليس من المتشابه لأن الأول فى التخيير والثانى فى الحجاب.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (46)
    من صـــ 380 الى صـــ 386


    ومنها قوله: {سنة الله في الذين خلوا من قبل} [فى موضعين] وفى الفتح {سنة الله التي قد خلت} التقدير فى الآيات: سن التى قد خلت فى الذين خلوا (فذكر فى كل سورة الطرف الذى هو أعم، واكتفى به عن الطرف الآخر، والمراد بما فى أول هذه السورة النكاح نزلت حين عيروا رسول الله بنكاح زينب) فأنزل الله {سنة الله في الذين خلوا من قبل} أى النكاح سنة فى النبيين على العموم. وكانت لداود تسع وتسعون، فضم إليها التى خطبها أوريا، وولدت سليمان.
    والمراد بما فى آخر هذه السورة القتل؛ نزلت فى المنافقين والشاكين الذين فى قلوبهم مرض، والمرجفين فى المدينة، على العموم. وما فى سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه. والعموم فى النصرة أبلغ منه فى النكاح والقتل. ومثله فى حم {سنة الله التي قد خلت فى عباده} فإن المراد بها عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس فلهذا قال: {قد خلت} .
    ومنها قوله: {إن الله كان لطيفا خبيرا} {وكان الله على كل شيء رقيبا} {وكان الله قويا عزيزا} {وكان الله عليما حكيما} . وهذا من باب الإعراب، وإنما نصب لدخول كان على الجملة: فتفردت السورة، وحسن دخول (كان) عليها، مراعاة لفواصل الآى والله أعلم.
    فضل السورة
    فيه الأحاديث الموضوعة التى نذكرها للتنبيه عليها: من قرأ سورة الأحزاب وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطى الأمان من عذاب القبر، وحديث على: يا على من قرأ سورة الأحزاب قال الله لملائكته: اشهدوا أن هذا قد أعتقته من النار، وكان يوم القيامة تحت ظل جناح جبرائيل، وله بكل آية قرأها مثل ثواب البار بوالديه.
    بصيرة فى.. الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض
    السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها خمس وخمسون فى عد الشام، وأربع فى عد الباقى. وكلماتها ثمانمائة وثمانون. وحروفها أربعة آلاف وخمسمائة واثنا عشر. المختلف فيها آية واحدة: {عن يمين وشمال} فواصل آياتها (ظن لمدبر) سميت سورة سبأ، لاشتمالها على قصة سبأ {لقد كان لسبإ في مسكنهم آية} .
    مقصود السورة: بيان حجة التوحيد، وبرهان نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعجزات داود، وسليمان، ووفاتهما، وهلاك سبأ، وشؤم الكفران، وعدم الشكر، وإلزام الحجة على عباد الأصنام، ومناظرة مادة الضلالة، وسفلتهم، ومعاملة الأمم الماضية مع النبيين، ووعد المنفقين والمصدقين بالإخلاف، والرجوع بإلزام الحجة على منكرى النبوة، وتمنى الكفار فى وقت الوفاة الرجوع إلى الدنيا فى قوله: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} إلى آخره.
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة: م {قل لا تسألون عمآ أجرمنا} ن آية السيف.
    المتشابهات:
    قوله: {مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} مرتين، بتقديم السماوات؛ بخلاف يونس؛ فإن فيها {مثقال ذرة في الأرض ولا في السمآء} ؛ لأن فى هذه السورة تقدم ذكر السماوات فى أول السورة {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض} وقد سبق فى يونس.
    قوله: {أفلم يروا} بالفاء ليس غيره. زيد الحرف؛ لأن الاعتبار فيها بالمشاهدة على ما ذكرنا، وخصت بالفاء لشدة اتصالها بالأول، لأن الضمير يعود إلى الذين قسموا الكلام فى النبى صلى الله عليه وسلم، وقالوا: محمد إما عاقل كاذب، وإما مجنون هاذ، وهو قولهم: {أفترى على الله كذبا أم به جنة} فقال الله: بل تركتم القسم الثالث، وهو إما صحيح العقل صادق.
    قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله} وفى سبحان: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} ، لأن فى هذه السورة اتصلت بآية ليس فيها لفظ الله، فكان التصريح أحسن، وفى سبحان اتصل بآيتين فيهما (بضعة عشر) مرة ذكر الله صريحا وكناية، (وكانت) الكناية أولى. وقد سبق.
    قوله: {إن في ذلك لآية لكل عبد منيب} ، وبعده، {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} بالجمع؛ لأن المراد بالأول: لآية على إحياء الموتى فخصت بالتوحيد، وفى قصة سبأ جمع؛ لأنهم صاروا اعتبارا يضرب بهم المثل: تفرقوا أيدى سبا: فرقوا كل مفرق، ومزقوا كل ممزق، فوقع بعضهم إلى الشأم، وبعضهم إلى يثرب، وبعضهم إلى عمان، فختم بالجمع، وخصت به لكثرتهم، وكثرة مه يعتبر بهن، فقال {لآيات لكل صبار} على المحنة {شكور} على النعمة، أى المؤمنين.
    قوله {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر} وبعده: {لمن يشآء من عباده ويقدر له} سبق. وخص هذه السورة بذكر الرب لأنه تكرر فيها مرات كثيرة. منها {بلدة طيبة ورب غفور} {ربنا باعد} {يجمع بيننا ربنا} {موقوفون عند ربهم} ولم يذكر مع الأول {من عباده} ؛ لأن المراد بهم الكفار. وذكر مع الثانى؛ لأنهم المؤمنون. وزاد (له) وقد سبق بيانه.
    قوله: {ومآ أرسلنا في قرية من نذير} ولم يقل: من قبلك، ولا قبلك. خصت السورة به، لأنه فى هذه السورة إخبار مجرد وفى غيرها إخبار للنبى صلى الله عليه وسلم، وتسلية له، فقال: {قبلك} .
    قوله {ولا نسأل عما تعملون} ، وفى غيرها {عما كنتم تعملون} ؛ لأن قوله {أجرمنا} بلفظ الماضى، أى قبل هذا، ولم يقل: نجرم فيقع فى مقابلة (تعملون) ؛ لأن من شرط الإيمان وصف المؤمن أن يعزم ألا يجرم. وقوله: {تعملون} خطاب للكفار، وكانوا مصرين على الكفر فى الماضى من الزمان والمستقبل، فاستغنت به الآية عن قوله {كنتم} .
    قوله: {عذاب النار التي} قد سبق.
    فضل السورة
    فيه حديث ساقط: من قرأ سورة سبأ فكأنما كانت له الدنيا بحذافيرها فقدمها بين يديه، وله بكل حرف قرأه مثل ثواب إدريس.
    بصيرة فى.. الحمد لله فاطر السماوات
    السورة مكية إجماعا. عدد آياتها خمس وأربعون عند الأكثرين، وعند الشاميين ست. وكلماتها سبعمائة وسبعون. وحروفها ثلاثة آلاف ومائة وثلاثة وثلاثون. المختلف فيها سبع آيات؛ {الذين كفروا لهم عذاب شديد} جديد، النور، البصير {من في القبور} ، {أن تزولا} تبديلا. فواصل آياتها (زاد من بز) لها اسمان: سورة فاطر (لما فى أولها فاطر) السماوات وسورة الملائكة؛ لقوله: {جاعل الملائكة} .
    معظم مقصود السورة: بيان تخليق الملائكة، وفتح أبواب الرحمة، وتذكير النعمة، والتحذير من الجن، وعداوتهم، وتسلية الرسول (وإنشاء السحاب، وإثارته، وحوالة العزة إلى الله، وصعود كلمة الشهادة وتحويل الإنسان) من حال إلى حال، وذكر عجائب البحر، واستخراج الحلية منه، وتخليق الليل، والنهار، وعجز الأصنام عن الربوبية، وصفة الخلائق بالفقر والفاقة،
    واحتياج الخلق فى القيامة، وإقامة البرهان، والحجة، وفضل القرآن، وشرف التلاوة، وأصناف الخلق فى ميراث القرآن، ودخول الجنة من أهل الإيمان، وخلود النار لأهل الكفر والطغيان، وأن عاقبة الكفر الخسران، والمنة على العباد بحفظ السماء والأرض عن تخلخل الأركان، وأن العقوبة عاقبة المكر، والإخبار بأنه لو عدل ربنا فى الخلق لم يسلم من عذابه أحد من الإنس والجان.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (47)
    من صـــ 387 الى صـــ 393

    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة: {إن أنت إلا نذير} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {والله الذي أرسل الرياح} بلفظ الماضى؛ موافقة لأول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل} لأنهما للماضى لا غير وقد سبق قوله: {وترى الفلك فيه مواخر} بتقديم (فيه) موافقة لتقدم {ومن كل تأكلون} وقد سبق.
    قوله: {جآءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب} بزيادة الباءات قد سبق.
    قوله: {مختلف ألوانها} وبعده {ألوانها} ثم {ألوانه} لأن الأول يعود إلى ثمرات، والثاني يعود إلى الجبال؛ وقيل إلى حمر، والثالث يعود إلى بعض الدال عليه (من) ؛ لأنه ذكر (من) ولم يفسره كما فسره فى قوله {ومن الجبال جدد بيض وحمر} فاختص الثالث بالتذكير.
    قوله: {إن الله بعباده لخبير بصير} بالتصريح وبزيادة اللام، وفى الشورى {إنه بعباده خبير بصير} ، لأن الآية المتقدمة فى هذه السورة لم يكن فيها ذكر الله فصرح باسمه سبحانه وتعالى، وفى الشورى متصل بقوله: {ولو بسط الله} فخص بالكناية، ودخل اللام فى الخبر موافقة لقوله {إن ربنا لغفور شكور} .
    قوله: {جعلكم خلائف في الأرض} على الأصل قد سبق.
    {أولم يسيروا في} سبق.
    {على ظهرها} سبق.
    قوله: {فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا} كرر، وقال فى الفتح: {ولن تجد لسنة الله تبديلا} وقال فى سبحان {ولا تجد لسنتنا تحويلا} التبديل تغيير الشئ عما كان عليه قبل مع بقاء مادة الأصل؛ كقوله تعالى: {بدلناهم جلودا غيرها} ، وكذلك {تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} ؛ والتحويل: نقل الشىء من مكان إلى مكان آخر، وسنة الله لا تبديل ولا تحول، فخص هذا الموضع بالجمع بين الوصفين لما وصف الكفار بوصفين، وذكر لهم عرضين، وهو قوله، {ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا} وقوله: {استكبارا في الأرض ومكر السيىء} وقيل: هما بدلان من قوله: {نفورا} فكما ثنى الأول والثانى ثنى الثالث؛ ليكون الكلام كله على غرار واحد. وقال فى الفتح {ولن تجد لسنة الله تبديلا} فاقتصر على مرة واحدة لما لم يكن (التكرار موجبا) وخص سورة سبحان بقوله: {تحويلا} لأن قريشا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت نبيا لذهبت إلى الشأم؛ فإنها أرض المبعث والمحشر، فهم النبى صلى الله عليه وسلم بالذهاب إليها، فهيأ أسباب الرحيل والتحويل، فنزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآيات، وهى: {وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها} وختم الآيات بقوله {تحويلا} تطبيقا للمعنى.
    فضل السورة
    فيه أحاديث ضعيفة، منها: من قرأ سورة الملائكة دعته يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة: أن ادخل من أى باب شئت. وروى: من قرأ سورة الملائكة كتب له بكل آية قرأها بكل ملك فى السماوات والأرض عشر حسنات، ورفع له عشر درجات. وله بكل آية قرأها فص من ياقوتة حمراء.
    بصيرة فى.. يس. والقرآن الحكيم
    السورة مكية بالإجماع. عدد آياتها ثمانون وثلاث آيات عند الكوفيين واثنتان عند الباقين. وكلماتها سبعمائة وتسع وعشرون. وحروفها ثلاثة آلاف. المختلف فيها آية واحدة. يس. مجموع فواصل آياتها (من) وللسورة اسمان: سورة يس؛ لافتتاحها، وسورة حبيب النجار؛ لاشتمالها على قصته.
    معظم مقصود السورة: تأكيد أمر القرآن، والرسالة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل فى أهل أنطاكية، وذكر حبيب النجار، وبيان البراهين المختلفة فى إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل، والنهار، وسير الكواكب، ودور الأفلاك، وجرى الجوارى المنشآت فى البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم فى الجنة، وميز المؤمن من الكافر فى القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصى بمعاصيهم، والمنة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق فى كن فيكون، وكمال ملك ذى الجلال على كل حال فى قوله: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} .
    بصيرة فى.. يس. والقرآن الحكيم
    السورة مكية بالإجماع. عدد آياتها ثمانون وثلاث آيات عند الكوفيين واثنتان عند الباقين. وكلماتها سبعمائة وتسع وعشرون. وحروفها ثلاثة آلاف. المختلف فيها آية واحدة. يس. مجموع فواصل آياتها (من) وللسورة اسمان: سورة يس؛ لافتتاحها، وسورة حبيب النجار؛ لاشتمالها على قصته.
    معظم مقصود السورة: تأكيد أمر القرآن، والرسالة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل فى أهل أنطاكية، وذكر حبيب النجار، وبيان البراهين المختلفة فى إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل، والنهار، وسير الكواكب، ودور الأفلاك، وجرى الجوارى المنشآت فى البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم فى الجنة، وميز المؤمن من الكافر فى القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصى بمعاصيهم، والمنة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق فى كن فيكون، وكمال ملك ذى الجلال على كل حال فى قوله: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} .
    السورة خالية من الناسخ والمنسوخ.
    المتشابهات:

    قوله: {وجآء من أقصى المدينة رجل يسعى} سبق.
    قوله: {إن كانت إلا صيحة واحدة} مرتين ليس بتكرار؛ لأن الأولى هى النفخة التى يموت بها الخلق، والثانية التى يحيا بها الخلق.
    قوله: {واتخذوا من دون الله آلهة} ، وكذلك فى مريم. ولم يقل: {من دونه} ؛ كما فى الفرقان، بل صرح كيلا يؤدى إلى مخالفة الضمير قبله؛ فإنه فى السورتين بلفظ الجمع تعظيما. وقد سبق فى الفرقان.
    قوله: {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون} وفى ويونس {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا} تشابها فى الوقف على (قولهم) فى السورتين، لأن الوقف عليه لازم، (وإن) فيهما مكسور بالابتداء بالحكاية، ومحكى القول محذوف ولا يجوز الوصل؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم منزه من أن يخاطب بذلك.
    قوله: {وصدق المرسلون} ، وفى الصافات: {وصدق المرسلين} ذكر فى المتشابه، وما يتعلق بالإعراب لا يعد من المتشابه.
    فضل السورة
    روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ يس فى ليله أصبح مغفورا مغفورا [له] " وروى أيضا: من دخل المقابر فقرأ يس خفف عنهم يومئذ، وكان به بعدد من فيها حسنات، وفتحت له أبواب الجنة. وفى لفظ: من قرأ يس يريد بها الله غفر الله له، وأعطى من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتى عشرة مرة. وأيما مريض قرئ عنده سورة يس نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا، فيصلون ويستغفرون له، ويشهدون قبضه وغسله، ويشيعون جنازته، ويصلون عليه ويشهدون دفنه. وأيما مريض قرأ سورة يس وهو فى سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجنان بشربة من الجنة فيشربها وهو على فراشه، فيموت وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء، حتى يدخل الجنة، وهو ريان. وفى حديث على: يا على من قرأ يس فتحت له أبواب الجنة، فيدخل من أيها شاء بغير حساب، وكتب له بكل آية قرأها عشرة آلاف حسنة.
    بصيرة فى.. والصافات صفا
    السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها مائة وثمانون وآية عند البصريين، وآيتان عند الباقين. وكلماتها ثمانمائة واثنتان وستون. وحروفها ثلاثة آلاف وثمانمائة وست وعشرون. المختلف فيها: آيتان {وما كانوا يعبدون} {وإن كانوا ليقولون} مجموع فواصلها (قدم بنا) سميت (والصافات) لافتتاحها بها.
    معظم مقصود السورة: الإخبار عن صف الملائكة والمصلين للعبادة، ودلائل الوحدانية، ورجم الشياطين، وذل الظالمين، وعز المطيعين فى الجنان، وقهر المجرمين فى النيران، ومعجزة نوح، وحديث إبراهيم، وفداء إسماعيل فى جزاء الانقياد، وبشارة إبراهيم بإسحاق، والمنة على موسى وهارون بإيتاء الكتاب، وحكاية الناس فى حال الدعوة، وهلاك قوم لوط وحبس يونس فى بطن الحوت، وبيان فساد عقيدة المشركين فى إثبات النسبة، ودرجات الملائكة فى مقام العبادة، وما منح الله الأنبياء من النصرة والتأييد، وتنزيه حضرة الجلال عن الضد والنديد فى قوله: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} إلى آخره.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (48)
    من صـــ 394 الى صـــ 400


    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة: {فتول عنهم حتى حين} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون} ، وبعده: {أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون} لأن الأول حكاية كلام الكافرين، وهم ينكرون البعث، والثانى قول أحد القرينين لصاحبه عند وقوع الحساب والجزاء، وحصوله فيه: كان لى قرين ينكر الجزاء وما نحن فيه فهل أنتم تطلعوننى عليه، فاطلع فرآه فى سواء الجحيم. قال: تالله إن كدت لتردين. قيل: كانا أخوين، وقيل: كانا شريكين، وقيل: هما بطروس الكافر، ويهوذا المسلم. وقيل: القرين هو إبليس.
    قوله: {وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون} وبعده {فأقبل} بالفاء. وكذلك فى {ن والقلم} لأن الأول لعطف جملة على جملة فحسب، والثانى لعطف جملة على جملة بينهما مناسبة والتئام؛ لأنه حكى أحوال أهل الجنة ومذاكرتهم فيها ما كان يجرى فى الدنيا بينهم وبين أصدقائهم، وهو قوله: {وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون فأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون} أى يتذاكرون، وكذلك فى {ن والقلم} هو من كلام أصحاب الجنة بصنعاء، لما رأوها كالصريم ندموا على ما كان منهم، وجعلوا يقولون: {سبحان ربنا إنا كنا ظالمين} ، بعد أن ذكرهم التسبيح أوسطهم، ثم قال: {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون} أى على تركهم الاستثناء ومخافتتهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
    قوله: {إنا كذلك نفعل بالمجرمين} وفى المرسلات: {كذلك نفعل بالمجرمين} ؛ لأن فى هذه السورة حيل بين الضمير وبين (كذلك) بقوله: {فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون} فأعاد، وفى المرسلات متصل بالأول، وهو قوله: {ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين} فلم يحتج إلى إعادة الضمير.
    قوله: {إذا قيل لهم لا إلاه إلا الله} وفى القتال {فاعلم أنه لا إلاه إلا الله} بزيادة (أنه) وليس لهما فى القرآن ثالث؛ لأن ما فى هذه وقع بعد القول فحكى، وفى القتال وقع بعد العلم فزيد قبله (أنه) ليصير مفعول العلم، ثم يتصل به ما بعده.
    قوله: {وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين} وبعده {سلام على إبراهيم} ثم {سلام على موسى وهارون} وكذلك {سلام على إل ياسين} فيمن جعله لغة فى إلياس، ولم يقل فى قصة لوط ولا يونس ولا إلياس: سلام؛ لأنه لما قال: {وإن لوطا لمن المرسلين} ، {وإن يونس لمن المرسلين} ، وكذلك؛ {وإن إلياس لمن المرسلين} فقد قال: سلام على كل واحد منهم؛ لقوله آخر السورة {وسلام على المرسلين} .
    قوله: {إنا كذلك نجزي المحسنين} وفى قصة إبراهيم: {كذلك نجزي المحسنين} ، ولم يقل: (إنا) ، لأنه تقدم فى قصته {إنا كذلك نجزي المحسنين} وقد بقى من قصته شىء، وفى سائرها وقع بعد الفراغ. ولم يقل فى قصتى لوط ويونس: {إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين} ؛ لأنه لما اقتصر من التسليم على ما سبق ذكر اكتفى بذلك.
    قوله: {بغلام حليم} وفى الذاريات {عليم} وكذلك فى الحجر، لأن التقدير: بغلام حليم فى صباه، عليم فى كبره، وخصت هذه السورة. بحليم؛ لأنه - عليه السلام - حلم فانقاد وأطاع، وقال: {ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصابرين} والأظهر أن الحليم إسماعيل،والعليم إسحاق؛ لقوله: {فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها} قال مجاهد: الحليم والعليم إسماعيل. وقيل: هما فى السورتين إسحاق. وهذا عند من زعم أن الذبيح إسحاق.
    قوله: {وأبصرهم فسوف يبصرون} ثم قال: {وأبصر فسوف يبصرون} كرر وحذف الضمير من الثانى؛ لأنه لما نزل {وأبصرهم} قالوا: متى هذا الذى توعدنا به؟ فأنزل الله {أفبعذابنا يستعجلون} ثم كرر تأكيدا. وقيل: الأولى فى الدنيا، والثانية فى العقبى. والتقدير: أبصر ما ينالهم، وسوف يبصرون ذلك. وقيل: أبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون معاينة.
    وقيل: أبصر ما ضيعوا من أمرنا فسوف يبصرون ما (يحل بهم) وحذف الضمير من الثانى اكتفاء بالأول. وقيل: التقدير: ترى اليوم (عيرهم إلى ذل) وترى بعد اليوم ما تحتقر ما شاهدتهم فيه من عذاب الدنيا. وذكر فى المتشابه: {فقال ألا تأكلون} بالفاء، وفى الذاريات {قال ألا تأكلون} بغير فاء؛ لأن ما فى هذه السورة (جملة اتصلت) بخمس جمل كلها مبدوءة بالفاء على التوالى، وهى: {فما ظنكم} الآيات، والخطاب للأوثان تقريعا لمن زعم أنها تأكل وتشرب، وفى الذاريات متصل بمضمر تقديره: فقربه إليهم، فلم يأكلوا فلما رآهم لا يأكلون، {قال ألا تأكلون} والخطاب للملائكة. فجاء فى كل موضع بما يلائمه.
    فضل السورة
    فيه أحاديث غير مقبولة. منها حديث أبى: من قرأ (والصافات) أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل جنى، وشيطان، وتباعدت منه مردة الشياطين، وبرئ من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنا بالمرسلين، وحديث على: يا على من قرأ (والصافات) لا يصيبه يوم القيامة جوع، ولا عطش، ولا يفزع إذا فزع الناس، وله بكل آية قرأها ثواب الضارب بسيفين فى سبيل الله.
    بصيرة فى.. ص. والقرآن
    السورة مكية إجماعا. وآياتها ثمان وثمانون فى عد الكوفة، وست فى عد الحجاز، والشأم، والبصر، وخمس فى عد أيوب بن المتوكل وحده. وكلماتها سبعمائة واثنتان وثلاثون. وحروفها ثلاثة آلاف وسبع وستون. المختلف فيها ثلاث: الذكر، وغواص، {والحق أقول} مجموع فواصل آياتها (صد قطرب من لج) ولها اسمان سورة صاد؛ لافتتاحها بها، وسورة داود؛ لاشتمالها على مقصد قصته فى قوله: {واذكر عبدنا داوود ذا الأيد} .
    معظم مقصود السورة: بيان تعجب الكفار من نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم، ووصف المنكرين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاختلاق والإفتراء، واختصاص الحق تعالى بملك الأرض والسماء، وظهور أحوال يوم القضاء، وعجائب حديث داود وأوريا وقصة سليمان فى حديث الملك، على سبيل المنة والعطاء، وذكر أيوب فى الشفاء، والابتلاء، وتخصيص إبراهيم وأولاده من الأنبياء، وحكاية أحوال ساكنى جنة المأوى، وعجز حال الأشقياء فى سقر ولظى، وواقعة إبليس مع آدم وحواء وتهديد الكفار على تكذيبهم للنبى المجتبى فى قوله: {إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان: {إن يوحى إلي} م آية السيف ن {ولتعلمن نبأه} م آية السيف ن.
    ومن المتشابهات: قوله تعالى: {وعجبوا أن جآءهم منذر منهم وقال الكافرون} بالواو، وفى ق: (فقال) بالفاء؛ لأن اتصاله بما قبله فى هذه السورة معنوى، وهو أنهم عجبوا من مجئ المنذر وقالوا: هذا المنذر ساحر كذاب، واتصاله فى ق معنوى ولفظى؛ وهو أنهم عجبوا، فقالوا: هذا شئ عجيب. فراعى المطابقة بالعجز والصدر، وختم بما بدأ به، وهو النهاية فى البلاغة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (49)
    من صـــ 401 الى صـــ 407



    قوله: {أأنزل عليه الذكر من بيننا} وفى القمر {أألقي} لأن ما فى هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ عليهم {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} فقالوا: أأنزل عليه الذكر. ومثله {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} و {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} هو كثير. وما فى القمر حكاية عن قوم صالح. وكان يأتى الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة، وألواح مسطورة؛ كما جاء إبراهيم وموسى. فلهذا قالوا: {أألقي عليه الذكر} مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال.
    قوله: {ومثلهم معهم رحمة منا} ، وفى الأنبياء: {من عندنا} ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - ميز أيوب بحسن صبره على بلائه، من بين أنبيائه، فحيث قال لهم: من عندنا قال له: منا، وحيث لم يقل لهم: من عندنا قال له: من عندنا [فخصت هذه السورة بقوله: منا لما تقدم فى حقهم (من عندنا) ] فى مواضع. وخصت سورة الأنبياء بقوله: (من عندنا) لتفرده بذلك.
    قوله {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد} وفى ق: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس} إلى قوله: {فحق وعيد} قال الإمام: سورة ص بنيت فواصلها على ردف أواخرها [بالألف؛ وسورة ق على ردف أواخرها] بالياء والواو. فقال فى هذه السورة: الأوتاد،الأحزاب ، عقاب، وجاء بإزاء ذلك فى ق: ثمود، وعيد، ومثله فى الصافات: {قاصرات الطرف عين} وفى ص {قاصرات الطرف أتراب} فالقصد إلى التوفيق بين الألفاظ مع وضوح المعانى.
    قوله فى قصة آدم: {إني خالق بشرا من طين} قد سبق.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى الواهى: من قرأ سورة ص كان له بوزن كل جبل سخره الله لداود عشر حسنات، وعصم أن يصر على ذنب صغير أو كبير، وحديث على مثله: يا على من قرأ (ص والقرآن) . فكأنما قرأ التوراة، وله بكل آية قرأها ثواب الأسخياء.
    بصيرة فى.. تنزيل الكتاب من الله
    السورة مكية، إلا ثلاث آيات: {قل ياعبادي الذين أسرفوا} إلى قوله: {وأنتم تشعرون} . عدد آياتها خمس وسبعون فى عد الكوفى، وثلاث فى عد الشامى، والباقين. وكلماتها ألف ومائة وسبعون. وحروفها أربعة آلاف وسبعمائة وثمان. والآيات المختلف فيها سبع: {في ما هم فيه يختلفون} ، {مخلصا له الدين} ، الثانى {مخلصا له ديني} ، و {من هاد} الثانى، {فسوف تعلمون} ، أربعهن {فبشر عباد} ، {من تحتها الأنهار} . مجموع فواصل آياتها (من ولى يدر) وللسورة اسمان: سورة الزمر؛ لقوله: {إلى الجنة زمرا} وسورة الغرف؛ لقوله: {لهم غرف من فوقها غرف} قال وهب: من أراد أن يعرف قضاء الله فى خلقه فليقرأ سورة الغرف.
    معظم مقصود السورة: بيان تنزيل القرآن، والإخلاص فى الدين، والإيمان، وباطل عذر الكفار فى عبادة الأوثان، وتنزيه الحق تعالى عن الولد بكلمة {سبحانه} ، وعجائب صنع الله فى الكواكب والأفلاك بلا عمد وأركان، والمنة على العباد بإنزال الإنعام من السماء فى كل أوان، وحفظ الأولاد فى أرحام الأمهات بلا أنصار وأعوان، وجزاء الخلق على الشكر والكفران، وذكر شرف المتهجدين فى الدياجر بعبادة الرحمن، وبيان أجر الصابرين وذل أصحاب الخسران، وبشارة المؤمنين فى استماع القرآن بإحسان، وإضافة غرف الجنان لأهل الإخلاص والعرفان، وشرح صدر المؤمنين بنور التوحيد والإيمان، وبيان أحوال آيات الفرقان، وعجائب القرآن، وتمثيل أحوال أهل الكفر وأهل الإيمان، والخطاب مع المصطفى بالموت والفناء وتحلل الأبدان، وبشارة أهل الصدق بحسن الجزاء والغفران، والوعد بالكفاية والكلاءة للعبدان، وبيان العجز عن العون، والنصرة للأصنام والأوثان، وعجائب الصنع فى الرؤيا، والنوم وماله من غريب الشان، ونفرة الكفار من سماع ذكر الواحد الفرد الديان، والبشارة بالرحمة لأهل الإيمان، وإظهار الحسرة والندامة يوم القيامة من أهل العصيان، وتأسفهم فى تقصيرهم فى الطاعة زمان الإمكان، وإضافة الملك إلى قبضة قدرة الرحمن، ونفخ الصور على سبيل الهيبة، والسياسة، وإشراق العرصات بنور العدل، وعظمة السلطان، وسوق الكفار بالذل والخزى إلى دار العقوبة والهوان، وتفريح المؤمنين بالسلام عليهم فى دار الكرامة، وغرف الجنان، وحكم الحق بين الخلق بالعدل، وختمه بالفضل والإحسان، فى قوله: {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ خمس آيات: {إن الله يحكم} م {فاعبدوا ما شئتم} م {ومن يضلل الله فما له من هاد} م {اعملوا على مكانتكم} م {فمن اهتدى فلنفسه} م آية السيف ن قل {إني أخاف} م {ليغفر لك الله} ن.
    المتشابهات:
    قوله: {إنآ أنزلنآ إليك الكتاب بالحق} وفى هذه السورة أيضا {إنآ أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق} الفرق بين {أنزلنآ إليك الكتاب} و {أنزلنا عليك} قد سبق فى البقرة. ويزيده وضوحا أن كل موضع خاطب (فيه) النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: إنا أنزلنا إليك الكتاب ففيه تكليف، وإذا خاطبه بقوله: إنا أنزلنا عليك ففيه تخفيف. اعتبر بما فى هذه السورة. فالذى فى أول السورة (إليك) فكلفه الإخلاص فى العبادة. والذى فى آخرها (عليك) فختم الآية بقوله {ومآ أنت عليهم بوكيل} أى لست بمسئول عنهم، فخفف عنه ذلك.
    قوله: {إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين} زاد مع الثانى لاما؛ لأن المفعول من الثانى محذوف، تقديره: وأمرت أن أعبد الله لأن أكون، فاكتفى بالأول.
    قوله: {قل الله أعبد مخلصا له ديني} بالإضافة، والأول {مخلصا له الدين} ، لأن قوله: {الله أعبد} إخبار عن المتكلم؛ فاقتضى الإضافة إلى المتكلم، وقوله: {أمرت أن أعبد الله} ليس بإخبار عن المتكلم، وإنما الإخبار (أمرت) ، وما بعده فضلة ومفعول.
    قوله: {ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} وفى النحل {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} وكان حقه أن يذكر هناك. خصت هذه السورة بـ (الذى) ليوافق ما قبله. وهو {أسوأ الذي} ، وقبله {والذي جآء بالصدق} . وخصت النحل بـ (ما) للموافقة أيضا. وهو {إنما عند الله هو خير لكم} و {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} فتلاءم اللفظان فى السورتين.
    قوله: {وبدا لهم سيئات ما كسبوا} وفى الجاثية {ما عملوا}علته مثل علة الآية الأولى؛ لأن {ما كسبوا} فى هذه السورة وقع بين ألفاظ كسب، وهو قوله: {ذوقوا ما كنتم تكسبون} وفى الجاثية وقع بين ألفاظ العمل وهو: {ما كنتم تعملون} {عملوا الصالحات} وبعده {سيئات ما عملوا} فخصت كل سورة بما اقتضاه طرفاه.
    قوله: {ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما} وفى الحديد {ثم يكون حطاما} ؛ لأن الفعل الواقع قبل قوله {ثم يهيج} فى هذه السورة مسند إلى الله تعالى، وهو قوله: {ثم يخرج به زرعا} فكذلك الفعل بعده: {ثم يجعله} . وأما الفعل قبله فى الحديد فمسند إلى النبات وهو {أعجب الكفار نباته} فكذلك ما بعده وهو {ثم يكون} ليوافق فى السورتين ما قبل وما بعد.
    قوله {فتحت أبوابها} وبعده {وفتحت} بالواو للحال، أى جاءوها وقد فتحت أبوابها. وقيل: الواو فى {وقال لهم خزنتها} زيادة، وهو الجواب، وقيل: الواو واو الثمانية. وقد سبق فى الكهف.
    قوله: {فمن اهتدى فلنفسه} ، وفى غيرها: {فإنما يهتدي لنفسه} ؛ لأن هذه السورة متأخرة عن تلك السورة؛ فاكتفى بذكره فيها.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (50)
    من صـــ 408 الى صـــ 414



    فضل السورة:

    عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بنى إسرائيل والزمر، وحديث أبى الواهى: من قرأ سورة الزمر لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة، وأعطى ثواب الخائفين الذين خافوه، وحديث على: يا على من قرأ سورة الزمر اشتاقت إليه الجنة، وله بكل آية قرأها مثل ثواب المجاهدين.
    بصيرة فى.. حم. المؤمن
    السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها خمس وثمانون فى عد الكوفة والشام، وأربع فى الحجاز، واثنتان فى البصرة. وكلماتها ألف ومائة وتسع وتسعون. وحروفها أربعة آلاف وتسعمائة وستون. الآيات المختلف فيها تسع: حم، كاظمين، التلاق، بارزون، {بني إسرائيل} ، {في الحميم} {والبصير} {يسحبون} {كنتم تشركون} مجموع فواصل آياتها (من علق وتر) .
    ولها ثلاثة أسماء: سورة المؤمن؛ لاشتمالها على حديث مؤمن آل فرعون - أعنى خربيل - فى قوله: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون} ، وسورة الطول؛ لقوله: {ذي الطول} . والثالث حم الأولى؛ لأنها أولى ذوات حم.
    معظم مقصود السورة: المنة على الخلق بالغفران، وقبول التوبة، وخطبة التوحيد على جلال الحق، وتقلب الكفار بالكسب والتجارة، وبيان وظيفة حملة العرش، وتضرع الكفار فى قعر الجحيم، وإظهار أنوار العدل فى القيامة، وذكر إهلاك القرون الماضية، وإنكار فرعون على موسى وهارون، ومناظرة خربيل لقوم فرعون نائبا عن موسى، وعرض أرواح الكفار على العقوبة، ووعد النصر للرسل، وإقامة أنواع الحجة والبرهان على أهل الكفر والضلال، والوعد بإجابة دعاء المؤمنين، وإظهار أنواع العجائب من صنع الله، وعجز المشركين فى العذاب، وأن الإيمان عند اليأس غير نافع، والحكم بخسران الكافرين والمبطلين فى قوله: {وخسر هنالك الكافرون} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان {إن وعد الله حق} فى موضعين م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {أولم يسيروا في الأرض} ، وبعده: {أفلم يسيروا} ما يتعلق بذكرهما سبق.
    قوله: {ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم} ، وفى التغابن: {بأنه كانت} لأن هاء الكناية إنما زيدت لامتناع (أن) عن الدخول على (كان) فخصت هذه السورة بكناية المتقدم ذكرهم؛ موافقة لقوله: {كانوا هم أشد منهم قوة} وخصت سورة التغابن بضمير الأمر والشأن توصلا إلى (كان) .
    قوله: {فلما جآءهم بالحق} فى هذه السورة فحسب، لأن الفعل لموسى، وفى سائر القرآن الفعل للحق.
    قوله: {إن الساعة لآتية} وفى طه {آتية} لأن اللام إنما يزاد لتأكيد الخبر، وتأكيد الخبر إنما يحتاج إليه إذا كان المخبر به شاكا فى الخبر، والمخاطبون فى هذه السورة هم الكفار، فأكد. وكذلك أكد {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} (وافق ما قبله) فى هذه السورة باللام:
    قوله {ولاكن أكثر الناس لا يشكرون} ، وفى يونس {ولاكن أكثرهم لا يشكرون} - وقد سبق -، لأنه وافق ما قبله فى هذه السورة: {ولاكن أكثر الناس لا يعلمون} ، وبعده: {ولاكن أكثر الناس لا يؤمنون} ثم قال: {ولاكن أكثر الناس لا يشكرون} .
    قوله فى الآية الأولى {لا يعلمون} أى لا يعلمون أن خلق الأصغر أسهل من خلق الأكبر، ثم قال: {لا يؤمنون} أى لا يؤمنون بالبعث ثم قال: {لا يشكرون} أى لا يشكرون الله على فضله. فختم كل آية بما اقتضاه.
    قوله {خالق كل شيء لا إلاه إلا هو} سبق.
    قوله: {الحمد لله رب العالمين} مدح نفسه سبحانه، وختم ثلاث آيات على التوالى بقوله {رب العالمين} وليس له فى القرآن نظير.
    قوله: {وخسر هنالك المبطلون} وختم السورة بقوله {وخسر هنالك الكافرون} ؛ لأن الأول متصل بقوله: {قضى بالحق} ونقيض الحق الباطل، والثانى متصل بإيمان غير مجد، ونقيض الإيمان الكفر.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى الساقط: الحواميم ديباج القرآن. وقال: الحواميم سبع، وأبواب (جهنم سبعة) : جهنم، والحطمة، ولظى، والسعير، وسقر، والهاوية، والجحيم. فيجىء كل حاميم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب، فيقول: لا أدخل الباب من كان مؤمنا بى ويقرؤنى، وعن النبى صلى الله عليه وسلم: إن لكل شىء ثمرة، وثمرة القرآن ذوات حاميم، هى روضات محصنات، متجاورات. فمن أحب أن يرتع فى رياض الجنة فليقرأ الحواميم. وقال ابن عباس: لكل شىء لباب، ولباب القرآن الحواميم؛ وقال: ابن سيرين: رأى أحد فى المنام سبع جوار حسان فى مكان واحد، لم ير أحسن منهن فقال لهن: لمن أنتن؟ قلن: لمن قرأ آل حاميم. وقال: من قرأ حم المؤمن لم يبق روح نبى، ولا صديق، ولا شهيد، ولا مؤمن، إلا صلوا عليه، واستغفروا له، وحديث على: يا على من قرأ الحواميم السبع بعض إثر بعض، من قرأ هذه السورة لا يصف الواصفون من أهل السماء والأرض ماله عند الله من الثواب، وله بكل سورة قرأها من الحواميم مثل ثواب ابن آدم الشهيد، وله بكل آية قرأها مثل ثواب الأنصار.
    بصيرة فى.. حم. تنزيل من الرحمن الرحيم
    السورة مكية بالاتفاق. عدد آياتها أربع وخمسون فى عد الكوفة، وثلاث فى عد الحجاز، واثنتان فى عد البصرة، والشأم. وكلماتها سبعمائة وست وتسعون. وحروفها ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون. المختلف فيها آيتان: حم {عاد وثمود} مجموع فواصل آياتها (ظن طب حرم صد) وللسورة اسمان: حم السجدة، لاشتمالها على السجدة، وسورة المصابيح؛ لقوله: {زينا السمآء الدنيا بمصابيح وحفظا} .
    معظم مقصود السورة: بيان شرف القرآن، وإعراض الكفار من قبوله، وكيفية تخليق الأرض والسماء، والإشارة إلى إهلاك عاد وثمود، وشهادة الجوارح على العاصين فى القيامة، وعجز الكفار فى سجن جهنم، وبشارة المؤمنين بالخلود فى الجنان، وشرف المؤذنين بالأذان، والاحتراز من نزغات الشيطان، والحجة والبرهان على وحدانية الرحمن، وبيان شرف القرآن، والنفع والضر، والإساءة، والإحسان، وجزع الكفار عند الابتلاء والامتحان، وإظهار الآيات الدالة على الذات والصفات الحسان، وإحاطة علم الله بكل شىء من الإسرار والإعلان، بقوله: {ألا إنه بكل شيء محيط} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آية واحدة {ادفع بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (51)
    من صـــ 415 الى صـــ 421



    المتشابهات:
    قوله تعالى: {في أربعة أيام} أى مع اليومين اللذين تقدما فى قوله: {خلق الأرض في يومين} كيلا يزيد العدد على ستة أيام، فيتطرق إليه كلام المعترض. وإنما جمع بينهما ولم يذكر اليومين على الانفراد بعدهما؛ لدقيقة لا يهتدى إليها إلا كل فطن خريت وهى أن قوله: {خلق الأرض في يومين} صلة {الذي} و {وتجعلون له أندادا} عطف على {لتكفرون} و {وجعل فيها رواسي} عطف على قوله: {خلق الأرض} وهذا ممتنع فى الإعراب لا يجوز فى الكلام، وهو فى الشعر من أقبح الضرورات، لا يجوز أن يقال: جاءنى الذى يكتب وجلس ويقرأ: لأنه لا يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه بأجنبى من الصلة؛ فإذا امتنع هذا لم يكن بد من إضمار فعل يصح الكلام به ومعه، فيضمر {خلق الأرض} بعد قوله {ذلك رب العالمين} فيصير التقدير: ذلك رب العالمين، خلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها، وبارك فيها، وقدر فيها أقواتها، فى أربعة أيام؛ ليقع هذا كله فى أربعة أيام. فسقط الاعتراض والسؤال. وفيه معجزة وبرهان.
    قوله: {حتى إذا ما جآءوها شهد عليهم} ، وفى الزخرف وغيره {حتى إذا ما جآءوها} بغير (ما) ؛ لأن (حتى) هاهنا التى تجرى مجرى واو العطف فى نحو قولك: أكلت السمكة حتى رأسها أى ورأسها. وتقدير الآية: فهم يوزعون، وإذا ما جاءوها و (ما) هى التى تزاد مع الشرط، نحو أينما، وحيثما. وحتى فى غيرها من السوره للغاية.
    قوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} ومثله فى الأعراف، لكنه ختم بقوله {سميع عليم} ؛ الآية فى هذه السورة متصلة بقوله: {وما يلقاهآ إلا ذو حظ عظيم} وكان مؤكدا بالتكرار، وبالنفى والإثبات، فبالغ فى قوله: {إنه هو السميع العليم} بزيادة (هو) وبالألف واللام، ولم يكن فى الأعراف هذا النوع من الاتصال، فأتى على القياس: المخبر عنه معرفة، والخبر نكرة.
    قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم} وفى عسق بزيادة قوله: {إلى أجل مسمى} وزاد فيها أيضا: {بغيا بينهم} ؛ لأن المعنى: تفرق قول اليهود فى التوراة، وتفرق قول الكافرين فى القرآن، ولولا كلمة سبقت من ربك بتأخير العذاب إلى يوم الجزاء، لقضى بينهم بإنزال العذاب عليهم، وخصت عسق بزيادة قوله تعالى: {إلى أجل مسمى}لأنه ذكر البداية فى أول الآية وهو {وما تفرقوا إلا من بعد ما جآءهم العلم} وهو مبدأ كفرهم، فحسن ذكر النهاية التى أمهلوا إليها؛ ليكون محدودا من الطرفين.
    قوله: {وإن مسه الشر [فيئوس قنوط} وبعده: {وإذا مسه الشر] فذو دعآء عريض} لا منافاة بينهما؛ لأن معناه: قنوط من الصنم، دعاء لله. وقيل: يئوس قنوط بالقلب دعاء باللسان. وقيل: الأول فى قوم والثانى فى آخرين. وقيل الدعاء مذكور فى الآيتين، وهو {لا يسأم الإنسان من دعآء الخير} فى الأول، و {ذو دعآء عريض} فى الثانى.
    قوله: {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضرآء مسته} [بزيادة من] وفى هود: {ولئن أذقناه نعمآء بعد ضرآء مسته} ، لأن فى هذه السورة بين جهة الرحمة، وبالكلام حاجة إلى ذكرها وحذف فى هود؛ اكتفاء بما قبله، وهو قوله: {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} ، وزاد فى هذه السورة (من) لأنه لما حد الرحمة والجهة الواقعة منها، حد الطرف الذى بعدها فتشاكلا فى التحقيق. وفى هود لما أهمل الأول أهمل الثانى.
    قوله: {أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به} وفى الأحقاف {وكفرتم به} بالواو؛ لأن معناه فى هذه السورة: كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنظر والتدبر الكفر، فحسن دخول ثم، وفى الأحقاف عطف عليه {وشهد شاهد} ؛ فلم يكن عاقبة أمرهم. (وكان) من مواضع الواو.
    فضل السورة:
    فيه حديث أبى المردود: من قرأ هذه السورة أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات.
    بصيرة فى.. حم. عسق
    السورة مكية إجماعا. عدد آياتها ثلاث وخمسون فى الكوفى، وخمسون فى الباقين. كلماتها ثمانمائة وست وستون. وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وثمان وثمانون. المختلف فيها من الآى ثلاث: حم عسق، كالأعلام مجموع فواصل آياتها (زرلصب قدم) ولها اسمان: عسق؛ لافتتاحها بها، وسورة الشورى؛ لقوله {وأمرهم شورى بينهم} .
    معظم مقصود السورة: بيان حجة التوحيد، وتقرير نبوة الرسول، وتأكيد شريعة الإسلام، والتهديد بظهور آثار القيامة، وبيان ثواب العاملين دنيا وأخرى، وذل الظالمين فى عرصات القيامة، واستدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الأمة محبة أهل البيت العترة الطاهرة، ووعد التائبين بالقبول، وبيان الحكمة فى تقدير الأرزاق وقسمتها، والإخبار عن شؤم الآثام والذنوب، والمدح والثناء على العافين من الناس ذنوب المجرمين، وذل الكفار فى مقام الحساب، والمنة على الخلق بما منحوا: من الأولاد وبيان كيفية نزول الوحى على الأنبياء، والمنة على الرسول بعطية الإيمان، والقرآن، وبيان أن مرجع الأمور إلى الله الديان فى قوله: {إلى الله تصير الأمور} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ ثمان آيات: {ويستغفرون لمن في الأرض} م {ويستغفرون للذين آمنوا} ن {الله حفيظ عليهم} م آية السيف ن {واستقم كمآ أمرت} م {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} ن {من كان يريد حرث الآخرة} م {يريد العاجلة} ن {إلا المودة في القربى} م {ما سألتكم من أجر فهو لكم} ن وقيل: محكمة {أصابهم البغي} وقوله: {ولمن انتصر} م {ولمن صبر} ن {فإن أعرضوا} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {إن ذلك لمن عزم الأمور} وفى لقمان: {من عزم الأمور} ؛ لأن الصبر على وجهين: صبر على مكروه ينال الإنسان ظلما؛كمن قتل بعض أعزته، وصبر على مكروه ليس بظلم؛ كمن مات بعض أعزته. فالصبر على الأول أشد، والعزم عليه أوكد. وكان ما فى هذه السورة من الجنس الأول؛ لقوله: {ولمن صبر وغفر} فأكد الخبر باللام. وما فى لقمان من الجنس الثانى فلم يؤكده.
    قوله: {ومن يضلل الله فما له من ولي} وبعده: {ومن يضلل الله فما له من سبيل} ليس بتكرار؛ لأن المعنى: ليس له من هاد ولا ملجأ.
    قوله: {علي حكيم} ليس له نظير. والمعنى: تعالى عن أن يكلم شفاها، حكيم فى تقسيم وجوه التكليم.
    قوله: {لعل الساعة قريب} وفى الأحزاب {تكون قريبا} زيد معه (تكون) مراعاة للفواصل. وقد سبق.
    فضل السورة
    فيه حديث ضعيف جدا: من قرأ حم عسق كان ممن يصلى عليه الملائكة، ويستغفرون له، ويسترحمون له.
    بصيرة فى.. حم. والكتاب المبين. انا جعلناه
    السورة مكية إجماعا. عدد آياتها [ثمان وثمانون] عند الشاميين، وتسع عند الباقين. وكلماتها ثمانمائة وثلاث وثلاثون. وحروفها ثلاثة آلاف وأربعمائة. الآيات المختلف فيها اثنتان: حم، مهين. مجموع فواصل آياتها (ملن) تسمى سورة الزخرف؛ لقوله {عليها يتكئون وزخرفا} .
    معظم مقصود السورة: بيان إثبات القرآن فى اللوح المحفوظ، وإثبات الحجة والبرهان على وجود الصانع، والرد على عباد الأصنام الذين قالوا: الملائكة بنات الله، والمنة على الخليل - صلى الله عليه وسلم - بإبقاء كلمة التوحيد فى عقبه، وبيان قسمة الأرزاق، والإخبار عن حسرة الكفار، وندامتهم يوم القيامة، ومناظرة فرعون، وموسى ومجادلة المؤمنين مع ابن الزبعرى بحديث عيسى، وبيان شرف الموحدين فى القيامة وعجز الكفار فى جهنم، وإثبات إلهية الحق فى السماء والأرض، وأمر الرسول بالإعراض عن مكافأة الكفار فى قوله: {فاصفح عنهم وقل سلام} .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (52)
    من صـــ 422 الى صـــ 428


    الناسخ والمنسوخ:

    فيها من المنسوخ آيتان {فذرهم يخوضوا} وقوله: {فاصفح عنهم} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} ، وفى الجاثية: {إن هم إلا يظنون} ، لأن [ما] فى هذه السورة متصل بقوله: {وجعلوا الملائكة} [الآية] والمعنى أنهم قالوا: الملائكة بنات الله، وإن الله قد شاء منا عبادتنا إياهم. وهذا جهل منهم وكذب. فقال - سبحانه -: ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون أى يكذبون. وفى الجاثية خلطوا الصدق بالكذب؛ فإن قولهم: نموت ونحيا صدق؛ فإن المعنى: يموت السلف ويحيا الخلف، وهو كذلك إلى أن تقوم الساعة. وكذبوا فى إنكارهم البعث، وقولهم: ما يهلكنا إلا الدهر. ولهذا قال: {إن هم إلا يظنون} أى هم شاكون فيما يقولون.
    قوله: {وإنا على آثارهم مهتدون} ، وبعده: {مقتدون} خص الأول بالاهتداء؛ لأنه كلام العرب فى محاجتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وادعائهم أن آباءهم كانوا مهتدين فنحن مهتدون. ولهذا قال عقيبه: {قال أولو جئتكم بأهدى} . والثانى حكاية عمن كان قبلهم من الكفار،وادعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء، فاقتضت كل آية ما ختمت به.
    قوله: {وإنآ إلى ربنا لمنقلبون} وفى الشعراء: {إنآ إلى ربنا لمنقلبون} ، لأن ما فى هذه السورة عام لمن ركب سفينة أو دابة. وقيل: معناه {إلى ربنا لمنقلبون} على مركب آخر، وهو الجنازة، فحسن إدخال اللام على الخبر للعموم. وما فى الشعراء كلام السحرة حين آمنوا ولم يكن فيه عموم.
    فضل السورة
    فيه حديث ضعيف: من قرأ الزخرف كان ممن يقال لهم يوم القيامة: يا عبادى لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، وادخلوا الجنة بغير حساب.
    بصيرة فى.. حم. والكتاب المبين. انا أنزلناه
    السورة مكية إجماعا. آياتها تسع وخمسون فى عد الكوفة، وسبع فى عد البصرة، وست للباقين. كلماتها ثلاثمائة وست وأربعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأحد وثلاثون. المختلف فيها من الآى أربع: حم، {إن هاؤلاء ليقولون} ، {إن شجرة الزقوم} ، {في البطون} . فواصل آياتها كلها (من) سميت سورة الدخان لقوله فيها: {يوم تأتي السمآء بدخان مبين} .
    معظم مقصود السورة: نزول القرآن فى ليلة القدر، وآيات التوحيد، والشكاية من الكفار، وحديث موسى وبنى إسرائيل وفرعون، والرد على منكرى البعث، وذل الكفار فى العقوبة، وعز المؤمنين فى الجنة، والمنة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه فى قوله: {فإنما يسرناه بلسانك} .
    (الناسخ والمنسوخ:
    فيها آية منسوخة: {فارتقب إنهم مرتقبون} م آية السيف ن) .
    المتشابهات:
    قوله: {إن هي إلا موتتنا الأولى} مرفوع. وفى الصافات منصوب. ذكر فى المتشابه، وليس منه؛ لأن ما فى هذه السورة مبتدأ وخبر، وما فى الصافات استثناء.
    قوله: {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} أى على علم منا. ولم يقل فى الجاثية: {وفضلناهم} على علم لأنه ذكر فيه: {وأضله الله على علم} .
    قوله: {وما خلقنا السماوات والأرض} بالجمع؛ لموافقة أول السورة: {رب السماوات والأرض} .
    فضل السورة
    عن النبى صلى الله عليه وسلم: من قرأ حم التى يذكر فيها الدخان فى ليلة الجمعة أصبح مغفورا له.
    بصيرة فى.. حم. تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم
    السورة مكية بالإجماع. آياتها سبع وثلاثون فى الكوفة، وست فى الباقين. كلماتها أربعمائة وثمانون. وحروفها ألفان ومائة وتسعون. مجموع فواصل آياتها (من) ولها اسمان: سورة الجاثية؛ لقوله {وترى كل أمة جاثية} ، وسورة الشريعة؛ لقوله {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} .
    معظم مقصود السورة: بيان حجة التوحيد، والشكاية من الكفار والمتكبرين، وبيان النفع، والضر والإساءة، والإحسان، وبيان شريعة الإسلام والإيمان، وتهديد العصاة والخائنين من أهل الإيمان، وذم متابعى الهوى، وذل الناس فى المحشر، ونسخ كتب الأعمال من اللوح المحفوظ، وتأبيد الكفار فى النار، وتحميد الرب المتعال بأوجز لفظ، وأفصح مقال، فى قوله: {فلله الحمد رب السماوت ورب الأرض} إلى آخر السورة.

    المنسوخ فيها آية واحدة: {قل للذين آمنوا يغفروا} م آية السيف ن.
    المتشابهات:

    {وآتيناهم بينات من الأمر} نزلت فى اليهود. وقد سبق.
    قوله: {نموت ونحيا} سبق. وقيل: فيه تقديم وتأخير، أى نحيا ونموت. وقيل: يحيا بعض، ويموت بعض. وقيل: هذا كلام من يقول بالتناسخ.
    قوله: {ولتجزى كل نفس بما كسبت} بالباء موافقة لقوله: {ليجزي قوما بما كانوا يكسبون} .
    قوله: {سيئات ما عملوا} لتقدم {كنتم تعملون} و {وعملوا الصالحات} قوله: {ذلك هو الفوز المبين} تعظيما لإدخال الله المؤمنين فى رحمته.
    فضل السورة
    فيه حديث ضعيف: من قرأ سورة الجاثية كان له بكل حرف عشر حسنات، ومحو عشر سيئات، ورفع عشر درجات.
    بصيرة فى.. حم. الأحقاف
    السورة مكية بالاتفاق. آياتها خمس وثلاثون فى الكوفيين، وأربع فى الباقين.. كلماتها ثلاثمائة وأربع وأربعون. وحروفها ألفان وخمسمائة وخمس وتسعون. المختلف فيها آية واحدة: حم. فواصل آياتها (من) سميت سورة الأحقاف، لقوله فيها: {إذ أنذر قومه بالأحقاف} .
    معظم مقصود السورة: إلزام الحجة على عبادة الأصنام، الإخبار عن تناقض كلام المتكبرين، وبيان نبوة سيد المرسلين، وتأكيد ذلك بحديث موسى، والوصية بتعظيم الوالدين، وتهديد المتنعمين، والمترفهين، والإشادة بإهلاك عاد العادين، والإشارة إلى الدعوة، وإسلام الجنيين، وإتيان يوم القيامة فجأة، واستقلال لبث اللابثين فى قوله: {كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان {ومآ أدري ما يفعل بي} م {ليغفر لك الله} ن {كما صبر أولوا العزم من الرسل} م آية السيف ن.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (53)
    من صـــ 429 الى صـــ 435



    ما فى هذه السورة من المتشابه سبق وذكر [فى المتشابه] {أوليآء أولائك} [أى] لم يجتمع فى القرآن همزتان مضمومتان غيرهما.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى المردود صحة: من قرأ الأحقاف أعطى من الأجر بعدد كل رجل فى الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات.
    بصيرة فى.. الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله
    السورة مدنية بالاتفاق. وآياتها أربعون فى البصرة، وثمان فى الكوفة وتسع وثلاثون عند الباقين. وكلماتها خمسمائة وتسع وثلاثون. وحروفها ألفان وثلثمائة وتسع وأربعون. المختلف فيها آيتان: أوزارها، للشاربين. فواصل آياتها (ما) ولها اسمان: سورة محمد؛ لقوله فيها: {نزل على محمد} ، وسورة القتال؛ لقوله {وذكر فيها القتال} .
    معظم مقصود السورة: الشكاية من الكفار فى إعراضهم عن الحق، وذكر آداب الحرب والأسرى وحكمهم، والأمر بالنصرة والإيمان، وابتلاء الكفار فى العذاب، وذكر أنهار الجنة: من ماء، ولبن، وخمر، وعسل، وذكر طعام الكفار وشرابهم، وظهور علامة القيامة، وتخصيص الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأمره بالخوض فى بحر التوحيد، والشكاية من المنافقين، وتفصيل ذميمات خصالهم، وأمر المؤمنين بالطاعة والإحسان، وذم البخلاء فى الإنفاق، وبيان استغناء الحق تعالى، وفقر الخلق فى قوله: {والله الغني وأنتم الفقرآء} .
    فيها من المنسوخ آية واحدة: {فإما منا بعد} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {لولا نزلت سورة فإذآ أنزلت سورة} نزل وأنزل كلاهما متعد. وقيل: نزل للتعدى والمبالغة، وأنزل للتعدى. وقيل: نزل دفعة مجموعا وأنزل متفرقا، وخص الأولى بنزلت؛ لأنه من كلام المؤمنين، وذكر بلفظ المبالغة، وكانوا يأنسون لنزول الوحى، ويستوحشون لإبطائه. والثانى من كلام الله تعالى، ولأن فى أول السورة {نزل على محمد} وبعده: {أنزل الله} وكذلك فى هذه الآية قال: {نزلت} ثم {أنزلت} .
    قوله: {من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم} نزلت فى اليهود، وبعده: {من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا} نزلت فى قوم ارتدوا. وليس بتكرار.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى الضعيف: من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة، وحديث على: يا على من قرأ هذه السورة وجبت له شفاعتى، وشفع فى مائة ألف بيت، وله بكل آية قرأها مثل ثواب خديجة.
    بصيرة فى.. انا فتحنا لك فتحا مبينا
    السورة مدنية إجماعا. آياتها تسع وعشرون. وكلماتها خمسمائة وستون. وحروفها ألفان وأربعمائة وثمان وثلاثون. وفواصل آياتها على الألف. وسميت سورة الفتح؛ لقوله: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} .
    معظم مقصود السورة؛ وعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالفتح والغفران، وإنزال السكينة على أهل الإيمان، وإيعاد المنافقين بعذاب الجحيم، ووعد المؤمنين بنعيم الجنان، والثناء على سيد المرسلين، وذكر العهد، وبيعة الرضوان، وذكر ما للمنافقين من الخذلان، وبيان عذر المعذورين، والمنة على الصحابة بعدم الظفر عليهم من أهل مكة ذوى الطغيان، وصدق رؤيا سيد المرسلين على حقية الرسالة، وشهادة الملك الديان، وتمثيل حال النبى والصحابة بالزرع والزراع فى البهجة والنضارة وحسن الشان.
    والسورة خالية عن المنسوخ.
    المتشابهات:
    قوله: {ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما} وبعد: {عزيزا حكيما} لأن الأول متصل بإنزال السكينة، وازدياد إيمان المؤمنين،(وكان) الموضع علم وحكمة. وقد تقدم ما اقتضاه الفتح عند قوله: {وينصرك الله} وأما الثانى والثالث الذى بعد فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم (وكان الموضع) موضع عز وغلبة وحكمة.
    قوله: {قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا} ، وفى المائدة: {فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح} زاد فى هذه السورة (لكم) لأن ما فى هذه السورة نزلت فى قوم بأعيانهم وهم المخلفون، وما فى المائدة عام لقوله: {أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} .
    قوله: {كذلكم قال الله} بلفظ الجميع، وليس له نظير. وهو خطاب للمضمرين فى قوله {لن تتبعونا} .
    فضل السورة
    عن ابن عباس: لما نزلت هذه السورة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أنزل على سورة هى أحب إلى من الدنيا وما فيها. وفيه حديث أبى الساقط: من قرأ سورة الفتح فكأنما كان مع من بايع رسول الله تحت الشجرة، وحديث على: يا على من قرأها دعته ثمانية أبواب الجنة، كل باب يقول: إلى إلى يا ولى الله، وله بكل آية قرأها مثل ثواب من يموت غريبا فى طاعة الله.
    بصيرة فى.. أيها الذين آمنوا لا تقدموا
    السورة مدنية. وآياتها ثمان عشرة. وكلماتها ثلاثمائة وثلاث وأربعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأربع وسبعون. مجموع فواصل آياتها (من) سميت سورة الحجرات لقوله فيها؛ {ينادونك من ورآء الحجرات} .
    معظم مقصود السورة: محافظة أمر الحق تعالى، ومراعاة حرمة الأكابر، والتؤدة فى الأمور، والاجتناب عن التهور، والكون فى إغاثة المظلوم، والاحتراز عن السخرية بالخلق، والحذر عن التجسس والغيبة، وترك الفخر بالأحساب والأنساب، والتحاشى عن المنة على الله بالطاعة، وإحالة علم الغيب إلى الله - تعالى - فى قوله: {إن الله يعلم غيب السماوات والأرض} .
    السورة محكمة خالية عن الناسخ والمنسوخ:
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا} مذكور فى السورة خمس مرات، والمخاطبون المؤمنون، والمخاطب به أمر ونهى، وذكر فى السادس {ياأيها الناس} فعم المؤمنين والكافرين، والمخاطب به قوله {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} لأن الناس كلهم فى ذلك شرع سواء.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,475

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (54)
    من صـــ 436 الى صـــ 442



    فضل السورة
    فيه حديث أبى الضعيف جدا: من قرأ سورة الحجرات أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد من أطاع الله وعصاه، وحديث على: يا على من قرأها كان فى الجنة رفيق سليمان بن داود، وله بكل آية قرأها مثل ثواب المحسنين إلى عيالهم.
    بصيرة فى.. ق. والقرآن المجيد
    السورة مكية بالاتفاق. وآياتها خمس وأربعون. وكلماتها ثلاثمائة وخمس وسبعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأربع وسبعون. مجموع فواصل آياتها (صر جد ظب) سميت بقاف، لافتتاحها بها.
    مقصود السورة: إثبات النبوة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبيان حجة التوحيد، والإخبار عن إهلاك القرون الماضية، وعلم الحق تعالى بضمائر الخلق وسرائرهم، وذكر الملائكة الموكلين على الخلق، المشرفين على أقوالهم، وذكر بعث القيامة، وذل العاصين يومئذ، ومناظرة المنكرين بعضهم بعضا فى ذلك اليوم، وتغيظ الجحيم على أهله، وتشرف الجنة بأهلها، والخبر عن تخليق السماء والأرض، وذكر نداء إسرافيل بنفخة الصور، ووعظ الرسول صلى الله عليه وسلم الخلق بالقرآن المجيد فى قوله: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان {فاصبر على ما يقولون} {ومآ أنت عليهم بجبار} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {فقال الكافرون} بالفاء سبق.
    قوله: {وقال قرينه} وبعده: {قال قرينه} لأن الأول (خطاب الإنسان) من قرينه ومتصل بكلامه، والثانى استئناف خطاب الله سبحانه من غير اتصاله بالمخاطب الأول وهو قوله: {ربنا مآ أطغيته} ، وكذلك الجواب بغير واو، وهو قوله: {لا تختصموا لدي} وكذلك {ما يبدل القول لدي} فجاء الكل على نسق واحد.
    قوله: {قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} وفى طه ( {وقبل غروبها} لأن فى هذه السورة راعى الفواصل، وفى طه) راعى القياس، لأن الغروب للشمس، كما أن الطلوع لها.
    فضل السورة
    فيه الحديث الضعيف: من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت وسكراته، وحديث على: يا على من قرأها بشره ملك الموت بالجنة وجعل الله منكرا ونكيرا عليه رحيما، ورفع الله له بكل آية قرأها درجة فى الجنة.
    بصيرة فى.. والذاريات
    السورة مكية، عدد آياتها ستون. وكلماتها ثلثمائة وستون. وحروفها ألف ومائتان وسبع وثمانون. مجموع فواصل آياتها (قفاك معن) سميت بالذاريات لمفتتحها.
    معظم مقصود السورة: ذكر القسم بحقية البعث والقيامة، والإشارة إلى عذاب أهل الضلالة، وثواب أرباب الهداية، وحجة الوحدانية، وكرامة إبراهيم فى باب الضيافة، وفى إسحاق له بالبشارة، ولقوم لوط بالهلاكة، ولفرعون وأهله من الملامة، ولعاد وثمود وقوم نوح من الدمار والخسارة، وخلق السماء والأرض للنفع والإفادة، وزوجية المخلوقات؛ لأجل الدلالة، وتكذيب المشركين لما فيه للرسول - صلى الله عليه وسلم - من التسلية، وتخليق الخلق لأجل العبادة، وتعجيل المنكرين بالعذاب والعقوبة فى قوله: {فلا تستعجلون} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ آيتان {فتول عنهم} م {وذكر فإن الذكرى} ن {وفي أموالهم حق} م (آية الزكاة) ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون آخذين} وفى الطور {في جنات ونعيم فاكهين} ليس بتكرار؛ لأن ما فى هذه السورة متصل بذكر ما به يصل الإنسان إليها، وهو قوله {إنهم كانوا قبل ذلك محسنين} ، وفى الطور متصل بما ينال الإنسان فيها إذا وصل إليها، وهو قوله: {ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا} الآيات.
    قوله: {إني لكم منه نذير مبين} وبعده: {إني لكم منه نذير مبين} ليس بتكرار؛ لأن كل واحد منهما متعلق بغير ما يتعلق به الآخر. فالأول متعلق بترك الطاعة إلى المعصية، والثانى متعلق بالشرك بالله تعالى.
    فضل السورة
    فيه من الأحاديث الضعيفة حديث أبى: من قرأ (والذاريات) أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل ريح هبت، وجرت فى الدنيا، وحديث على: يا على من قرأ (والذاريات) رضى الله عنه ويشم ريح الجنة من مسيرة خمسمائة عام، وله بكل آية قرأها مثل ثواب فاطمة.
    بصيرة فى.. والطور
    السورة مكية بالاتفاق آياتها تسع وأربعون فى عد الكوفة والشأم، وثمان فى البصرة، وسبع فى الحجاز. كلماتها ثلاثمائة واثنتا عشرة. وحروفها ألف وخمسمائة. الآيات المختلف فيها اثنتان: (والطور) دعا.
    مجموع فواصل آياتها (من رعا) سميت سورة الطور، لمفتتحها.
    معظم مقصود السورة: القسم بعذاب الكفار، والإخبار عن ذلهم فى العقوبة، ومنازلهم من النار، وطرب أهل الجنة بثواب الله الكريم الغفار، وإلزام الحجة على الكفرة الفجار، وبشارتهم قبل عقوبة العقبى بعذابهم فى هذه الدار، ووصية سيد رسل الأبرار بالعبادة والاصطبار، فى قوله: {ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها آية واحدة: {واصبر لحكم ربك} آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى: {أم يقولون شاعر} أعاد (أم) خمسة عشر مرة، وكلها إلزامات ليس للمخاطبين بها عنها جواب.
    قوله: {ويطوف عليهم} بالواو، وعطف على قوله: {وأمددناهم} ، وكذلك: {وأقبل} بالواو، وفى الواقعة: {يطوف} بغير واو فيحتمل أن يكون حالا، أو يكون خبرا بعد خبر. وفى الإنسان {ويطوف} عطف على (ويطاف) .
    قوله: {واصبر} بالواو سبق.
    فضل السورة
    فيه من الضعيف حديث أبى: من قرأ (والطور) كان حقا على الله عز وجل أن يؤمنه من عذابه، وأن ينعمه فى جنته، وحديث على: يا على من قرأها كتب الله له ما دام حيا كل يوم اثنى عشر ألف حسنة، ورفع له بكل آية قرأها اثنى عشر ألف درجة.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •