السؤال:
♦ الملخص:

سائلةٌ تسأل عن حديثٍ جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن عبدالرحمن بن عوف صديق أو شهيد، وأن اعتقاد أهل السنة أنه شهيد، رغم أنه مات على فراشه، وتسأل: لماذا لا يكون صدِّيقًا؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال: ((أشهد على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهِدتُ على العاشر لم آثَمْ، قيل: وكيف ذاك؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحِراءَ، فقال: اثبُت حراءُ؛ فإنه ليس عليك إلا نبي أو صِدِّيق أو شهيد، قِيل: ومَن هم؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبدالرحمن بن عوف، قيل: فمن العاشر، قال: أنا))، وقد جاء في عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم لناصر بن علي عائض (300/ 1): "فالحديث تضمَّن منقبة عالية لعبدالرحمن؛ وهي أنه سيموت شهيدًا، ولا يعارض هذا وفاته - رضي الله عنه - على فراشه؛ فلا بدَّ من التسليم والإيمان بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بد هناك مِن سببٍ ثبتت له به الشهادة؛ ليكون تصديقًا للنبي صلى الله عليه وسلم لم نعلمه نحن"، وسؤالي: لماذا لا يكون صِدِّيقًا، وقد صدق إيمانه بكثرة إنفاقه، كما هو معروف من سيرته رضي الله عنه، وكان من مياسير الصحابة؟ بارك الله فيكم.

الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن درجة الصِّدِّيقية درجة عالية تَلِي درجة النبوة، ينالها كثير من الناس؛ ولذلك ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز بصيغة الجمع؛ فقال تعالى: ﴿ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ ﴾ [النساء: 69]؛ قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "ورثةُ الرُّسُلِ وخلفاؤهم في أُممهم، وهم القائمون بما بُعثوا به علمًا وعملًا، ودعوة للخلق إلى الله على طُرُقهم ومنهاجهم، وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسالة والنبوة، وهي مرتبة الصديقية؛ ولهذا قرنهم الله في كتابه بالأنبياء؛ فقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]؛ فجعل درجةَ الصدِّيقية معطوفةً على درجة النبوة، وهؤلاء هم الرَّبَّانيُّون وهم الراسخون في العلم، وهم الوسائط بين الرسول وأمته، فهم خلفاؤه وأولياؤه، وحزبه وخاصَّتُه وحملةُ دينه، وهم المضمون لهم أنهم لا يزالون على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا مَن خالفهم، حتى يأتيَ أمرُ الله وهم على ذلك"؛ ا.هـ[1].
وعليه، فعبدالرحمن بن عوف من هؤلاء الصديقين بلا شك.
هذا، وبالله التوفيق.
-------------------
[1] طريق الهجرتين (ص: 351).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/148960/#ixzz74fWIAskY