١٠ وقفات وتوجيهات تربوية وإيمانية من قصة موسى عليه السلام مع فرعون
عبدالله بن حمود الفريح


الوقفة الأولى:

قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُكَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)

موقف : تجبّر فرعون في مواضع عدة منها: أمره بقتل كل صبيٍّ يُولد من بني إسرائيل خوفًا من رؤيا عَلِم من خلالهاأن زواله سيكون على رجل يولد من بني إسرائيل، وسخّر كل شيء يملكه لإمضاء ما يريد، ولكن الله تعالى فوق ما يريدفمضى حكم الله الذي لا يُمنع.

توجيه :
تعلّق دوماً بمن بيده ملكوت كل شيء، واعلم أنه مهما كانت المعطيات البشرية لمرادك ضعيفة، والموانع منتحقيقه قوية، فإن إرادة الله تعالى فوق كل إرادة، وردّد في دعائك بيقين: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعتفأعطني سؤلي وحقق مرادي.

الوقفة الثانية :
قال تعالى: ﴿وَأَوحَينا إِلى أُمِّ موسى أَن أَرضِعيهِ فَإِذا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقيهِ فِي اليَمِّ وَلا تَخافي وَلا تَحزَنيإِنّا رادّوهُ إِلَيكِ وَجاعِلوهُ مِنَ المُرسَلينَ﴾

موقف :
أم موسى عصيب للغاية ففي الوقت الذي يُذبّح فيه الأطفال أوحى الله تعالى لها أن ترضعه، ويمكث عندها،فأذا أحست بخوف يوصله إليهم أن تلقيه في اليمّ أي نيل مصر، في وسط تابوت مغلق، وبشرها بأنه سيرده عليها،وسيكبر ويسلم من كيدهم، ويجعله اللّه رسولا.

توجيه :
إذا ضاقت بك الدنيا، واستعصت عليك الأمور، وأحاطت بك الشدائد، فتسلح لها باليقين بالله تعالى عندهاستبهرك ألطافه.
أم موسى خافت عليه لصعوبة الأحداث وشدة الأقدار، أُلقي في بحر متلاطم ثم استقر به الأمر في بيت عدو يتربصويبطش حتى صار قلبها فارغا من كل شيء من أمر الدنيا لانشغاله بموسى عليه السلام، لكن يقينها بالله تعالى أورثهاألطافاً عظيمة منها:
• الثبات والربط على قلبها.
• ومنها بشرى ردّ موسى إليها.
• ومنها اصطفاء الله له بالرسالة.
• ومنها قرّة العين والنُعْمى بموسى أكثر مما مضى.
• ومنها ذهاب الحزن.
• ومنها العلم اليقيني لها ولمن يقرأ قصتها أن وعد الله حق للقلوب المتيقنة.
قال تعالى: ﴿وَأَصبَحَ فُؤادُ أُمِّ موسى فارِغًا إِن كادَت لَتُبدي بِهِ لَولا أَن رَبَطنا عَلى قَلبِها لِتَكونَ مِنَ المُؤمِنينَ﴾
وقال تعالى: ﴿فَرَدَدناهُ إِلى أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُها وَلا تَحزَنَ وَلِتَعلَمَ أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ﴾

الوقفة الثالثة :
قال تعالى: ﴿قالَ رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ * قالَ رَبِّ بِما أَنعَمتَعَلَيَّ فَلَن أَكونَ ظَهيرًا لِلمُجرِمينَ﴾

موقف موسى عليه السلام بعد توبته من قتل القبطي موقف العبد الشاكر، فلما غفر الله له، شكر الله تعالى على هذهالنعمة بمفارقة أهل العبث والإجرام.

توجيه :
ينبغي للعبد أن يتمثل شكره لله بالمبادرة لعبادته وطاعته والامتثال لأمره، فإذا امتن الله تعالى عليك بنعمة،فاعلم أن من سبل شكرها قيامك بطاعة الله تعالى، وقد دلت النصوص على هذا الشكر، ومنه: شكر موسى عليه السلامنعمة النجاة من فرعون وقومه بصيام يوم عاشوراء (فصام موسى شكراً لله تعالى)، وتبعه على هذا نبينا ﷺ حين قال:(أنا أولى بموسى منهم) فصامه ﷺ وأمر بصيامه، ولما قام النبي ﷺ الليل قياماً طويلاً وراجعته عائشة شفقة عليه قال:(أفلا أكون عبداً شكور)

الوقفة الرابعة :
قال تعالى: ﴿وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلقاءَ مَديَنَ قالَ عَسى رَبّي أَن يَهدِيَني سَواءَ السَّبيلِ﴾

موقف :
موسى عليه السلام منذ خروجه من المدينة تحيط به المخاوف كانت عبادة الدعاء والضراعة لله تعالى حاضرةمعه، مع استمراره في رسالة بذل الخير وإعانة العباد، تأمل طلبه للنجاة من الظلمة ثم هدايته السبيل في قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنها خائِفًا يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّني مِنَ القَومِ الظّالِمينَ*
وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلقاءَ مَديَنَ قالَ عَسى رَبّي أَن يَهدِيَني سَواءَالسَّبيلِ ﴾، وفي أثناء مخاوفه وحاجته لم يستكن لظروفه وإنما تلمس فضل الله عليه بفعل الخير للغير ثم دعاء الله تعالىتارة أخرى متوسلاً بضعف الحال والافتقار لله تعالى: ﴿فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنّي لِما أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍفَقيرٌ﴾

توجيه :
أبرز اللفتات التربوية هنا أمران:
١- أهمية حضور الدعاء في جميع شؤونك يتنقل معك في الأمر الذي تتقلب وتنشغل فيه، دعاء مسألة ودعاء ثناء وافتقارله سبحانه.
٢- عدم الركون لظروفك وترك بذل الخير والدعوة ونفع الغير، بل إن نفعك لأخيك معنويا أو حسيا هو أحد طرق إعانة اللهلك، قال ﷺ: (واللَّهُ في عونِ العَبدِ ما دامَ العبدُ في عونِ أخيهِ)

الوقفة الخامسة :
﴿وَأَخي هارونُ هُوَ أَفصَحُ مِنّي لِسانًا فَأَرسِلهُ مَعِيَ رِدءًا يُصَدِّقُني إِنّي أَخافُ أَن يُكَذِّبونِ * قالَ سَنَشُدُّعَضُدَ كَ بِأَخيكَ﴾

موقف :
موسى عليه السلام وطلبه في بداية دعوته مشيداً برفيقه في الدعوة هارون عليه السلام فيه رسالتاندعويتان تتمثلان في هاتين الكلمتين:
١- (رِدءًا) أي معيناً له في الدعوة إلى الله، وفي هذا إشارة لأهمية الدعوة الجماعية.
٢- (هُوَ أَفصَحُ مِنّي لِسانًا) أي أميزُ مني بفصاحة اللسان، وفي هذا إشارة لأهمية الدعوة التكاملية.

توجيه :
الدعوة الجماعية لها أثر بالغ على نفس الداعي من جهة تشجيعه وشدّ أزره ولذا قال تعالى: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَبِأَخيك َ)، وعلى نفس المدعوين من جهة قوة الدعوة ونصرتها وبيان الحق، وكثرة أهله والداعين له.
وموسى عليه السلام مع جلالة قدره وبلوغ أثره الدعوي لم ينس ما كان عليه هارون عليه السلام من مزية، بل لعظيمصدق موسى وصفاء دعوته دعا الله تعالى بطلب هذه المزية تأكيداً لها، وفي هذا بيان لأهمية التكامل الدعوي والإشادةبميزات الدعاة والاستفادة منها، وطرح حظوظ النفس، والسمو بالقلب لنصرة الدعوة بأفضل الطاقات، بدلاً من هدرهابالتهميش، فكم من داعية أيقظته كلمة صادقة مشجعة من أخ له، وكم من جهود دعوية اتسع أثرها بتضافرها، وبهاتينالميزتين (أَفصَحُ مِنّي لِسانًا... رِدءًا) يتحقق التكامل والتضافر الدعوي.

الوقفة السادسة :
قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ}

موقف موسى وأخيه هارون عليهما السلام في مواجهة فرعون بالدعوة إلى الحق، موقفٌ كبير للغاية وبحتاج إلىتهيئة، فهما أمام شخصية جمعت بين الملك والبطش والتجبر في الأرض، ومع ذا أمرهما الله تعالى بدعوته باللين الذييُؤثر على العقول (لعله يتذكر) وعلى القلوب (أو يخشى)

توجيه : إذا كان أمر الله تعالى لنبيه عليه السلام باللين في الدعوة مع المتجبر في الأرض فكيف بمن هو دونه؟!
ومن هنا ندرك أهمية اللين والرحمة والتلطف بالقول والفعل في دعوتنا وتوجيهنا التربوي والإيماني لأبنائنا ومجتمعنا،دعوةً نابعة من قلوب تنعم بنعمة الهداية إلى قلوب حادت عن الفطرة السليمة، وإعادتها لفطرتها يكون باللين وحسنالقول والفعل؛ لما له من قوة التأثير على العقول والقلوب كما تقدم؛ ولما للفظاظة والغلظة من أثر سلبي، قال تعالى: {وَلَوْكُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، وكم هي المواقف البالغة في أثرها على أبنائنا ومن حولنا؛ لأنها تدثرت بدثارالعطف ولين الجانب.

الوقفة السابعة :
قال تعالى: {قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِيهَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}
موقف سحرة فرعون من التحدي مع موسى عليه السلام كان متعالياً وبلغة الواثق فهم يحلفون على انتصارهم بعزةفرعون مثلهم الأعلى آنذاك ﴿فَأَلقَوا حِبالَهُم وَعِصِيَّهُم وَقالوا بِعِزَّةِ فِرعَونَ إِنّا لَنَحنُ الغالِبونَ﴾، وبقدرة الله تعالى على هدايةخلقه تحوّل السحرة العتاة المتكبرون إلى عبّادٍ صالحين ساجدين لله خاشعين لا يأبهون بجبروت فرعون وبطشه، قال ابنعباس: "كانوا في أول النهار سحرة وفي آخره شهداء بررة"

توجيه :
لا تستبعد هداية شخص أو تغيير سلوكه نحو الخير كائناً من كان، ولا تستجلب مواقفه السابقة في السوءلتبرر تقاعسك عن بذل السبب في هدايته، ولتكن رسالتك التربوية بذل الخير وحسن الظن بالله تعالى أن يهدي المدعو،وأسقِ تربيتك وتوجيهك بحسن الدعاء له، فهاهم سحرة فرعون كانوا يتيهون في ضلالهم وإعراضهم بل يعارضون أهلالحق بسحرهم فما هي إلا دقائق ويغيّر الإيمان نفوسهم تغييراً جذرياً، فتنزل الآيات في بيان ثباتهم وعمق إيمانهم،وتحولهم من دعاة ضلالة إلى دعاة حق وإيمان وثبات أمام أعتى العتاة قائلين له بعدما هددهم ببطشه:
{قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}

الوقفة الثامنة:
قال تعالى لموسى: ﴿إِنَّني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري﴾

موقف
موسى من هذا التوجيه الرباني موقف التأصيل في دعوته للتوحيد، وبيان الحكمة التي خُلق لأجلها العبدوهي عبادة الله تعالى، وإقامة الصلاة لأجل ذكر الله تعالى، قال السعدي: " وقوله: ﴿لِذِكْرِي﴾ اللام للتعليل أي: أقم الصلاةلأجل ذكرك إياي، لأن ذكره تعالى أجل المقاصد، وهو عبودية القلب، وبه سعادته، فالقلب المعطل عن ذكر الله، معطل عن كلخير، وقد خرب كل الخراب، فشرع الله للعباد أنواع العبادات، التي المقصود منها إقامة ذكره، وخصوصا الصلاة"

توجيه :
ذكر الله تعالى أجلُّ المقاصد في حياة العبد، وبه صلاحه وفلاحه، وفي صلاة العبد في اليوم والليلة إقامةلذكر الله تعالى، فالصلاة تذكِّره بالله، ويتعاهد فيها قراءة القرآن، والثناء على الله، ودعاءه والخضوع له، ولولا هذه النعمةلكان من الغافلين.
فالذكر روح للعبد، وقوة ومعين على القيام بالطاعات؛ لأن الحياة بالذكر إذا غشيت القلب استقامت الجوارح، وبالذكرتتيسر له الدعوة إلى الله تعالى، والوقوف بين يدي الجبابرة كما حصل لموسى عليه السلام، تأمل قوله: ﴿وَأَشْرِكْهُ فِيأَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا﴾، وقوله تعالى: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾

الوقفة التاسعة :
قال تعالى: ﴿فَلَمّا تَراءَى الجَمعانِ قالَ أَصحابُ موسى إِنّا لَمُدرَكون * قالَ كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾

موقف
موسى عليه السلام في تهدئة قومه حين خافوا من إدراك قوم فرعون لهم موقفاً تتجلى فيه عبادة التوكل علىالله تعالى، وذلك بعدما انتهى بهم السير إلى حافة البحر فصار أمامهم، وفرعون قد أدركهم بجنوده من خلفهم، كانتكلمات موسى عليه السلام تبعث الطمأنينة المملوءة بحسن ظنه بوعد الله تعالى في قوله: ﴿قالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكُماأَسمَعُ وَأَرى﴾، فنقل موسى هذه المعية الربانية بقوله: ﴿كَلّا إِنَّ مَعِيَ رَبّي سَيَهدينِ﴾

توجيه :
من أبرز سمات القائد والمربي هو حسن تعلقه ويقينه بالله تعالى؛ لما لها من أثر بالغ عليه وعلى من تحت يدهلاسيما حال الأزمات والمخاوف، أنظر كيف ثبتت كلمة موسى عليه السلام قومه وأثرها عليهم، وما أحوج المجتمعات اليوملكلمات الداعية والمربي الصادقة التي تبعث في نفوسهم الطمأنينة وحسن التعلق بالله تعالى وقدرته على تبديد جميعمخاوفهم وهدايتهم لما فيه نعيم قلوبهم وسكونها.

الوقفة العاشرة :
قال تعالى: (وَإِنِّی لَغَفَّارࣱ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ)

موقف
بني إسرائيل من نِعَم الله تعالى الغفيرة عليهم موقف الاعتراف له بالفضل والامتنان، فالله تعالى بعدما نجاهممن فرعون وقومه عدّد عليهم تتابع النعم من قوله: ﴿يا بَني إِسرائيلَ قَد أَنجَيناكُم مِن عَدُوِّكُم وَواعَدناكُم جانِبَ الطّورِ الأَيمَنَوَنَزّ َلنا عَلَيكُمُ المَنَّ وَالسَّلوى﴾ إلى أن جمع لهم أسباب المغفرة التامة بقوله: ﴿وَإِنِّی لَغَفَّارࣱ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا ثُمَّ ٱهۡتَدَىٰ)

توجيه:
لاشك أن التوبة الصادقة من أزكّى الأعمال، إلا أن سقاية القلب والجوارح بطاعة الله بعد التوبة أدعى لكثرةالمغفرة وشمول التوبة وحصول ما يبتغيه كل تائب من الثبات على الهداية، ففي الآية ذكر الله تعالى مكفرات الذنوب ومايحصل به غاية المطلوب وذلك بأربعة أمور:
١- (لمن تاب) التوبة. ٢- (وآمن) الإيمان الصادق الموجب لتزكية القلوب، وانقياد الجوارح.
٣- (وعمل صالحا)، بتكثير الحسنات بعد التوبة.
٤- (ثم اهتدى) بالثبات على الهداية والاستزادة منها.
فمن كمَّل هذه الأسباب الأربعة فليُبشر بمغفرة الله العامة الشاملة؛ ولهذا أتى فيه بوصف المبالغة فقال: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ ﴾.