المرأة كاملة الأهلية عند جمهور المعاصرين:
ففي قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي 30 صفر - 5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9 - 14 نيسان (إبريل) 2005م ما يلي:
(أولاً: انفصال الذمة المالية بين الزوجين: للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها، ولها ثرواتها الخاصة، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها).


وفي الموسوعة الفقهية الكويتية (18/ 294):
أَثَرُ الْحَيْضِ عَلَى الأهْلِيَّةِ: 6 - صَرَّحَ الأصُولِيُّونَ بِأَنَّ الْحَيْضَ لاَ يُعْدِمُ أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ، وَلاَ أَهْلِيَّةَ الأدَاءِ، لِعَدَمِ إِخْلاَلِهِ بِالذِّمَّةِ، وَلاَ بِالْعَقْل، وَالتَّمْيِيزِ، وَقُدْرَةِ الْبَدَنِ. فَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ كَامِلَةُ الأهْلِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ رَتَّبَ عَلَى الْحَيْضِ بَعْضَ الأحْكَامِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تَتَنَاسَبُ وَحَالَةَ الْمَرْأَةِ.


وهو قول جمهور المعاصرين وكثير منهم يقصد الأهلية الكاملة في كل التصرفات والأعمال إلا القوامة على الزوج والولاية في النكاح وتولي القضاء والشهادة والولاية على أمر المسلمين...إلخ. مما ورد استثناؤه.


وهناك من قال: (إن أهلية المرأة ناقصة)
مثل الشيخ الدكتور عبد العزيز المشيقح في تحقيق الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (8/ 230) حيث قال:
دليلهم من الحديث "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها" وفي رواية: "لا تنكح الأيم -حتى تستأمر- ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت، وهذه الأحاديث صريحة في جعل الحق للمرأة الثيب في زواجها والبكر مثلها.
رد عليهم: أن هذا ليس المقصود به ولاية العقد وإنما المقصود به الاختيار فقط، والراجح في هذا هو رأي الجمهور لأن المرأة ليست كاملة الأهلية في تصرفاتها وحفظًا للفروج فلابدَّ من إشراف وليها عليها, ولذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - السلطان ولي للمرأة عند فقد أوليائها.


وكذلك حيث قال في الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام ص 36:
وقولها : " فالمرأة ليست ناقصة الأهلية فالإسلام أشرك المرأة في أن تنقل أخطر العلوم نقلاً وهو الفقه وزوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كن يدرِّسن الصحابة فقد قال الرسول: - صلى الله عليه وسلم - "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" وإن يذهب البعض إلى أنه حديث ضعيف ليبرروا فقط أقوالهم".
أقول :ماذا تريدين بقولك "فالمرأة ليست ناقصة الأهلية(1)" إن أردت أنها صالحة للخلافة والقضاء وقيادة الجيوش وخوض المعارك لنشر الإسلام والذياد عن الأوطان الإسلامية والقوامة على الرجال والمشاركة في سياسة الأمة من خلال المؤتمرات ومجالس الشورى فهذه الأمور لم يعط الإسلام للمرأة منها شيئاً وليست أهلاً لشيء من ذلك ولو كانت أهلاً لشيء من ذلك لأعطاها بل قال : " إنكن ناقصات عقل ودين وإنكن أكثر أهل النار " وقال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وبنيتهن الجسدية وواقعهن وتاريخهن كله يشهد بذلك وإن قلتِ: إنها أقدر على الحمل والرضاع وتربية الأطفال من الرجال، فهذا حق ولن يخاصمها الرجل في هذه الخصائص التي خلقها الله لها، وهي تناسب تكوينها الجسدي وفطرتها وعواطفها فالحق يقال إن موضعها في البيت ولذا قال الله: (وقرن في بيوتكن) وقال: (فاسألوهن من وراء حجاب) ولا تقوم حياة للأمة إلا إذا قام بها النساء على أكمل الوجوه
__________
(1) لا شك أنها ناقصة الأهلية إلا في بعض الأمور وقد أعطاها الشارع الحكيم ذلك كتبليغ العلم وحق التملك والتبرع وقد مر ذكر ما أعطاها الإسلام .


قلت وائل: والحقيقة أن الخلاف لفظي فمن قال المرأة ناقصة الأهلية قصد أنها كاملة الأهلية في كل شيء إلا في أمور مستثناة من الشرع.
وقصد أنها كاملة الأهلية فيما بقي ومن ذلك تبليغ العلم وحق التملك وحق التبرع تبرع وحق التصرفات المالية وحق التعلم وحق العمل...إلى آخر الحقوق الثابتة للرجل.
وإنما يقصد بنقصان الأهلية اشتراط الولي في النكاح ولو كانت ثيبا واشتراط المحرم في السفر وأن القوامة للزوج عليها فله عليها حق السمع والطاعة في غير معصية وألا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه وألا تخرج من بيتها إلا بإذنه وله أن يمنعها من العمل خارج المنزل وله منعها من التطوع بالصوم ونحوه إلا بإذنه وفي منعها من الخلافة والإمارة والقضاء وقيادة الجيوش وتدبير أمر الأمة والولاية على المسلمين فهذه للرجال.


والأقرب أن يقال: المرأة كاملة الأهلية وذلك لما يلي:
1 - لأن النساء شقائق الرجال والمجالات التي تمنع منها النساء إنما هي استثناء من العموم. مع وجوب التفصيل عند الحاجة.
2 - ولأن أعداء الإسلام يستغلون هذه الكلمات (ناقصة الأهلية) ونحوها في الإيهام أن الإسلام يهضم حق المرأة فلا نعطيهم مثل هذا المبرر.
بل المسلمون في كتاباتهم يردون على دول الغرب أن المرأة عندهم ناقصة الأهلية.
ففي شريعة القرآن من دلائل إعجازه لمحمد أبو زهرة (ص: 66)
ثم جاءت شريعة القرآن فصانت للمرأة إنسانيتها، واعتبرتها إنساناً كاملاً. وهي كالرجل في الحقوق والواجبات التي تثبتها الإنسانية المجردة، منعت أن تنتقل الزوجة بالميراث، وعضلها - أي منعها قشراً وظلماً أن تتزوج الأكفاء من الرجال، كما تركت لها حرية الاختيار في الزواج، ولا خلاف بين الفقهاء في منع الإجبار عن البالغة العاقلة المجربة. وإن اختلفوا في توليها أمر العقد بنفسها، ومع ذلك فأبو حنيفة قرر - معتمداً على صحيح السنة - أنها إن اختارت الكفء فليس لولي معها شأن. وهذا مما لم تصل إليه المرأة في الأمم الأوربية إلا منذ عهد قريب، والقانون الفرنسي الذي يقدسه علماء القانون لا يعطي الفتى أو الفتاة حرية الاختيار قبل الخامسة والعشرين للفتى، والحادية والعشرين للفتاة، ولا يجوز زواجهما قبل هذه السن إلا بإذن ورضا الولي ... وشريعة القرآن منحتها حرية التصرف في أحوالهلا، إذ اعتبرها مستقلة تمام الاستقلال عند ذويها، بينما القانون الروماني مصدر القوانين الحديثة لم يعترف للمرأة بالشخصية المالية المنفصلة، وبينما القانون الفرنسي الذي حل في بلادنا محل الشريعة الإسلامية في المعاملات تعد فيه المرأة المتزوجة ناقصة الأهلية.




وفي المرأة بين الفقه والقانون (ص: 37)
وإذا قورنت هذه القيود على أهلية المرأة الفرنسية، بالأهلية الكاملة التي تتمتع بها المرأة المسلمة منذ أربعة عشر قرنا، والتي لا تعرف مثيلاً لقيود المرأة الفرنسية المعاصرة أدركنا أي سبق حققه الاسلام في ميدان التشريع الانساني بالنسبة لحقوق المرأة وأهليتها، وأدركنا بذلك مغزى ما يشعر به المتشرعون الفرنسيون من ألم بسبب نقصان أهلية المرأة الفرنسية حتى الآن، حتى قال وزير العدلية الفرنسية السابق "ره نولد" ان حلم المرأة الفرنسية وأملها لم يتحققا الى الآن (1).
....... بينما كان الاسلام على العكس من ذلك، فقد قرر لها كل ما تتم به كرامتها الحقيقية من حيث الأهلية القانونية والمالية، وحد من نطاق اختلاطها بالرجال وغشيانها المجتمعات، لمصلحة الأسرة والمجتمع، ولصيانة كرامتها من الابتذال وأنوثتها من الاستغلال.
سابعاً: إن التشريع الاسلامي بعد أن أعطاها حقوقها، وأعلن كرامتها راعى في كل ما رغب اليها من عمل، وما وجهها اليه من سلوك. ان يكون ذلك منسجما مع فطرتها وطبيعتها، وأن لا يرهقها من أمرها عسراً.
ولنضرب لذلك مثلاً، فهو قد أجاز لها البيع والشراء وشتى أنواع المعاملات وصحح ذلك منها، واعتبرها كاملة الأهلية في كل هذه التصرفات،


قلت وائل: لذا فالذي ينبيغي أن يقال هو أن المرأة كاملة الأهلية. سدا للطريق على أعداء الإسلام ولأن هذا هو الأصل في الشريعة الإسلامية والاستثناءات ليست هي الأصل. ولا ينبغي أن تكون الاصطلاحات القانونية الحادثة -والتي فيها شيء من الإجمال- سببا للشقاق بين المسلمين.