87 - " إذا صعد الخطيب المنبر ، فلا صلاة ولا كلام " .
قال الشيخ الالباني في السلسلة الضعيفة:
باطل .
قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة وعلق على المنابر ولا أصل له ! وإنما رواه الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ : " إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام ، حتى يفرغ الإمام " وفيه أيوب بن نهيك ، قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 1 / 1 / 259 ) : سمعت أبي يقول : هو ضعيف الحديث ، سمعت أبا زرعة يقول : لا أحدث عن أيوب ابن نهيك ، ولم يقرأ علينا حديثه وقال : وهو منكر الحديث ، وقال الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 184 ) : وهو متروك ضعفه جماعة ... ولهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 327 ) : إنه حديث ضعيف ، وأخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 193 ) من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام " ، وقال :
رفعه خطأ فاحش وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري ، وأقره الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 201 ) ، وإنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف سنده يخالف حديثين صحيحين : الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين " . أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث جابر ، وفي رواية أخرى عنه قال : جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له : " يا سليك ! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما " ، ثم قال : " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما " ، أخرجه مسلم ( 3 / 14 - 15 ) وغيره ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1023 ) .
الآخر : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك : أنصت ، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه ، وهو مخرج في " الإرواء " ( 619 ) .
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام ، بينما حديث الباب ينهي عنهما ! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم ، وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى : { أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى } وقوله : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } ولهذا قال النووي رحمه الله : هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ، ولا أظن عالما يبلغه ويعتقده صحيحا فيخالفه .
والحديث الآخر يدل بمفهو م قوله : والإمام يخطب أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه ، ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه ، كما قال ثعلبة بن أبي مالك : إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر حتى يسكت المؤذن ، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما ، أخرجه مالك في " موطئه " ( 1 / 126 ) والطحاوي ( 1 / 217 ) والسياق له ، وابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 201 ) وإسناد الأولين صحيح .
فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام ، لا مجرد صعوده على المنبر ، وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد ، فظهر بطلان حديث الباب ، والله تعالى هو الهادي للصواب .