هل تجوز مقولة: (كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك):
هناك إجماع قديما وحديثا إلا ما ندر على إباحة هذه المقولة وأباحها شيخ الإسلام ابن تيمية لو قصد المعنى الصحيح وأباحها الإمام ابن قدامة في اللمعة والإمام الطحاوي في متن الطحاوية وابن أبي زيد القيرواني في المقدمة ولم ينكر إلا النادر ومنهم: الشيخ البراك ود. خالد المصلح والشيخ عبد الرحمن القاضي الليبي.
ودليلهم أنها كلمة مجملة تحتمل معنى حقا ومعنى باطلا:
فإن كان ما خطر ببالك في الكيفيات فالمقولة صحيحة وإن كان ما خطر ببالك في المعاني فالمقولة غير صحيحة.
لكن مما يؤكد صحة المقولة أنه إجماع عامة أهل العلم وهو موجود في اللمعة لابن قدامة ولم ينكر شارحوها وموجود في الطحاوية في قوله: (لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام) ولم ينكر شارحوها إلا من سبق آنفا. وقال ابن ابي زيد القيرواني: (لا يَبْلُغُ كُنْهَ صِفَتِهِ الواصفون، ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ ، يَعتَبِرُ المتفَكِّرونَ بآياته، ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه) ولم ينكر الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله بل وجه كلامه كما في مقدمة التحقيق.
وهو مشهور على لسان العلماء السلفيين وغير السلفيين.
وهو ظاهر حديث: (لا تفكروا في ذات الله) فالتفكر بمعنى الخاطر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية 1/ 327:
(وليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى، وإنما ذلك بحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه. وقول من يقول: ما خطر بالبال، أو دار في الخيال فالله بخلافه، ونحو ذلك إذا حمل على مثل هذا كان محملًا صحيحًا، فلا نعتقد أن ما تخيله الإنسان في منامه أو يقظته من الصور، أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك، بل نفس الجن والملائكة، لا يتصورها الإنسان، ويتخيلها على حقيقتها، بل هي على خلاف ما يتخيله، ويتصوره في منامه ويقظته. وإن كان ما رآه مناسبًا مشابهًا لها؛ فالله تعالى أجل وأعظم)
قلت وائل: لكن المستحب أن تفصل في المسألة لوجود كثير من اهل البدع الذين قد يفهمونها على غير محملها.
وفيما يلي نقول عما سبق:
ونبدأ بالنقل عمن يمنع هذه المقولة ثم نعقبه بالنقل عمن يبيح إطلاقها:
شرح العقيدة الطحاوية للبراك (ص: 45)
[تنزيه الله تعالى عن الإحاطة به]
قوله: (لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام).
هذا فيه تنزيه أيضًا، وتقدم بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه لكن المؤلف يُثَنَّي، فيذكر بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه، وما يجب إثباته له سبحانه وتعالى.
(لا تبلغه الأوهام) يعني الظنون والخيال، فلا تبلغه ظنون الظانين، ولا خيال المتخيلين، فلا يمكن للعباد أن يدركوا حقيقة ذات الرب أو شيءٍ من صفاته بوهم وتخيل أبدا.
(ولا تدركه الأفهام) فالعباد يعرفون ربهم بما هداهم سبحانه وتعالى به من الوحي، ومن الآيات الكونية، لكنهم لا يحيطون به علما؛ لذلك قال: (لا تدركه) الإدراك فيه الإحاطة، ولم يقل لا تعرفه الأفهام ولا يعرفه العباد! لا، العبادُ يعرفون ربهم على حسب مراتبهم في معرفة ربهم لكنهم لا يحيطون به علما، قال تعالى: ((لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ)) وقال تعالى: ((وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)) والله سبحانه وتعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) وهذا يتضمن أن تخيل الإنسان وظنونه إنما هو مرتبطٌ بما يعرفه، والله تعالى ليس كمثله شيء.
ويقول بعض المتكلمين: (كل ما خطر ببالك فإن الله تعالى بخلاف ذلك)
وهذا كلامٌ ولفظٌ مبتدع لم يأت في نص من كتاب ولا سنة، فيجب أن يحكم عليه بحكم الألفاظ المبتدعة المجملة.
(كل ما خطر ببالك) إن أراد من الكيفيات فصحيح، والله بخلاف ذلك؛ لأن كل ما يخطر ببالك من الكيفيات فإنه راجعٌ إلى شيء من المخلوقات، والله تعالى بخلاف ذلك ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)).
فكيفية ذات الرب وكيفية صفاته لا سبيل للعباد إلى معرفتها.
أما ما خطر ببالك من أنه فوق السماوات فهذا علم وحق، وليس بخاطر، ويجب الإيمان بأنه فوق السماوات، وما يخطر ببالك أنه سبحانه وتعالى ينزل كما أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - (1) فهذا حق، فكل ما يخطر ببالك من المعاني الثابتة فهو حق.
إذًا؛ هذا التعبير لا يصح على الإطلاق، فهو لفظ مبتدع مجمل، فلا بد فيه من التفصيل، فالخواطر إما أن تكون مما يعلم بطلانه، أو مما يعلم صحته، أو مما لا يعلم صحته ولا بطلانه، فيمسك عنه، ولا يقال: إن الله بخلاف ذلك.
الكتاب: إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد
المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن براك بن إبراهيم البراك
إعداد: عبد الله السحيم
إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد للبراك (ص: 42)
قوله: ((وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه)): هذه قاعدة عظيمة في الكيفيات، وإلا فالمؤمن
يخطر بباله؛ بل ويعلم ويعتقد أن الله في السماء، فوق جميع المخلوقات، ويعلم ويعتقد بأنه سبحانه له هذه الصفات الذاتية والفعلية، فكل هذا يؤمن به ويعتقده، لكن الشأن فيما يخطر بالبال من الكيفيات، وما يتخيله الإنسان؛ فإن الله تعالى بخلاف ذلك، لأن العبد إنما يتخيل في حدود ضيقة، مما يحسه وما يشاهده ونحو ذلك، وكيفية ذاته وصفاته بخلاف كيفية ذات وصفات المخلوقين، وقد عَلِمْنا أن الخوض في الكيفية يستلزم التمثيل، فالتشبيه يستلزم التمثيل، ولا يمكن للمرء أن يفكر في ذات الله سبحانه، لأن الكيف مجهول.
شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح (3/ 23، بترقيم الشاملة آليا)
ثم قال رحمه الله في نفي أن يصور الإنسان صفات الله عز وجل أو أن يكيفها: (وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه) أي: على خلاف الصورة التي جاءت في خلدك ودارت في بالك وتحرك بها خاطرك، فالله جل وعلا على خلاف ذلك، وقوله: (فإن الله بخلافه) هذه الجملة يمكن أن يراد بها معنى صحيح ويمكن أن يراد بها معنى باطل، لكن مراد المؤلف هنا صحيح، فمراده أن الله جل وعلا ليس كمثله شيء، وأحسن من هذا في التعبير أن يقال: إن الله تعالى أعظم وأجل من أن يكون كذلك.
قلت: وفيما يلي بيان من أباح إطلاق هذه المقولة أو ذكرها دون إنكار:
ففي متن الطحاوية
لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام
وفي لمعة الاعتقاد (ص: 12)
وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه.
وفي عقيدة السلف - مقدمة أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة (ص: 56)
لا يَبْلُغُ كُنْهَ صِفَتِهِ الواصفون، ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ ، يَعتَبِرُ المتفَكِّرونَ بآياته، ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه
وقال الشيخ بكر أبو زيد في عقيدة السلف - مقدمة أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة (ص: 16):
وأَما التغيير فعند قول ابن أَبي زيد -رحمه الله تعالى-: "ولا يتفكرون في ماهية ذاتها": (ص 25)، بعد أَن حذف هذا الحلبي كلمة: "ماهية"- وفي بعض النسخ: "مائية"- وأَبدلها بكلمة: "حقيقة"- قال في التعليق: "أَي لا يعلم أَحد حقيقة ذات الله تبارك وتعالى ... ".
فهذا ليس بياناً مُلاَقياً؛ فإِن مرتبة التفكير تسبق مرتبة العلم، فنفي "التفكير" في ذات الله، أَبلغ من نفي العلم فتأَمل.
وفي بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/ 327:
(وليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى، وإنما ذلك بحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه. وقول من يقول: ما خطر بالبال، أو دار في الخيال فالله بخلافه، ونحو ذلك إذا حمل على مثل هذا كان محملًا صحيحًا، فلا نعتقد أن ما تخيله الإنسان في منامه أو يقظته من الصور، أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسه مثل ذلك، بل نفس الجن والملائكة، لا يتصورها الإنسان، ويتخيلها على حقيقتها، بل هي على خلاف ما يتخيله، ويتصوره في منامه ويقظته. وإن كان ما رآه مناسبًا مشابهًا لها؛ فالله تعالى أجل وأعظم)
موسوعة الألباني في العقيدة (6/ 278)
وباختصار أقول: كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك, فإذا توهم الإنسان أمراً لا يليق بالله, فليعلم رأساً أنه مخطئ, فهذه الآية هي مدح لله عزوجل, وليس فيها أي شيء لا يجوز نسبته إلى الله تبارك وتعالى.
"كيف يجب علينا أن نفسر القرآن" (ص19 - 21).
شرح الطحاوية لصالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (ص: 42، بترقيم الشاملة آليا)
[المسألة الثانية]:
أنَّ (الأوْهَامُ) و (الأفْهَامُ) هذه عَبَّر عنها بقوله (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ) في (الأوْهَامُ)، وفي (الأفْهَامُ) قال (ولا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ).
وهذا راجع إلى أن الوهَم - يعني ما يتوهمه الإنسان - غير ما يفهمه.
فالوهم راجع للخيال، والفهم راجع للأقيسة والمقارنات.
ولهذا الرب - عز وجل - لا يمكن تَخَيُّلُهْ، ولا يمكن أيضا أنْ يُفَكَّرَ فيه فَيُدْرَكْ.
وهذا معنى قول الله - عز وجل - {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:103] سبحانه وتعالى.
(لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) سبحانه، هنا الأبصار يأتي معنى البصر؛ هو سبحانه لا يحيط به البصر إذا رآه أهل الإيمان في الآخرة.
وفي الدنيا لا تدركه الأبصار أيضاً التي هي الرؤى والعيون، وكذلك الأبصار التي هي الأفهام والأوهام لا تدركه - عز وجل -.
فالفهم إذاً منقطع، والوهم إذاً منقطع.
ولهذا قال بعض السلف (ما خطر ببالك فالله - عز وجل - بخلافه)، لم؟
لأنه ذَكَرْتُ لك أنّه لا يمكن أنْ يخطر ببالك ولا أن تتخيل إلا شيء مبني على نظرية المعرفة من قبل، وهذا مقطوعٌ يقيناً.
إذاً فصار الأمر أنّ إثبات الصفات لله - عز وجل - بأنواعها مع قَطْعْ الطَّمع في بلوغ الوهَم لها من جهة الكيفية والكُنْه، وكذلك من جهة إدراك الأفهام لتمام معناها، فمن الجهتين:
-كنه الصفة (الكيفية)
- وكذلك تمام المعنى.
هذا لا يمكن أن تبلغه الأوهام، ولا أن تدركه الأفهام.
نقف عند هذا القدر وهذه الجمل في أولها، مثل ما ذكرت لك راجع إلى مسائل مختلفة لا ينتظمها زِمَامْ، ويأتي بعد ذلك المسائل العقدية بتفصيلها إن شاء الله تعالى.
شرح الطحاوية لصالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (ص: 168، بترقيم الشاملة آليا)
[المسألة الثالثة]:
التشبيه مراتب أيضا:
1 - فالمرتبة الأولى التشبيه الكامل وهو المساوي للتمثيل:
يعني أن يقول يده كيدي، كقول المجسمة والعياذ بالله، وصورته كصورتي والعياذ بالله، وأشباه ذلك، فهذا تشبيه كامل؛ يعني شَبَّهَ الله - عز وجل - بالمخلوق من جهة الصفة في الكيفية وفي المعنى.
وهذا كفر بالله - عز وجل - {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} والمُشَبِّهُ يَعْبُدُ صَنَماً، الممثل يَعْبُدُ صنماً.
فهو تَخَيَّلَ في نفسه صورة للرب - عز وجل - فجَعَلَهَا عليه.
وهذا كما قلنا لكم لا يمكن أن يكون لله - عز وجل - في ذاته وصفاته شيء يَتَخَيَلُهُ العبد أو يتصوره؛ لأنَّهُ كل ما خطر ببالك فالله - عز وجل - بخلافه، كل ما جاء في بالك فالله ـ بخلافه.
لأنَّ المعرفة واستقبال المعارف والإدراكات في الإنسان ستأتي شيئاً فشيئاً.
وهو أصلاً جاء من غير إدراك.
والله - عز وجل - جعل له السمع والبصر والفؤاد ليدرك.
فإذاً كل المُدْرَكَات في الإنسان مَجْلُوبَةٌ له من واقع ما رَأَى، ومن واقع ما سمع، أو من واقع ما قارن.
والشيء الذي لم يره ولم يسمعه وليس ثَمَّ ما يُقَارَنُ به، فكيف تحصل له معرفته؟
ولذلك تجد أنَّ الإنسان لا يمكن أنْ يَتَصَوَرْ شيء ما رآه أو رأى مثيلاً له أو رأى ما يُقَاسُ عليه؛ ما يجتمع هو وإياه في أشياء.
ما يمكن أن يتصوَّرَ شيء لم يره أصلاً أو لم ير مثيلا له.
لكن لو رأى ما يُقَاسُ عليه ممكن، لو رأى مثيلاً له ممكن.
شرح لمعة الاعتقاد لابن قدامة لصالح آل الشيخ (ص: 35)
قال المؤلف رحمه الله كلمة عظيمة مهمة قال (وما خطر ببالك فإن الله جل وعلا بخلافه) إذا خطر في بال المرء أن الله جل وعلا في اتصافه بالصفة يكون على النحو الذي خطر بباله، أو تخيل صورة، فليجزم بأن الله جل وعلا بخلاف ما تخيل، وذلك لأن المرء لا يمكن أن يتخيل شيئا أو يتصور شيئا إلا إذا كان: ... * قد رآه. (7) ... * الثاني: أن يكون قد رأى مثله. ... * الثالث: أنه قد رأى جنسه. ... * الرابع: أنه وُصف له وصف كيفية. ... وهذه الأربع لا تنطبق على صفات الله جل وعلا، فإن الله جل وعلا لم يُر حتى تتخيله القلوب بالتصوير، ولم يُر جنسه، وكذلك لم يوصف وصف كيفية، فلهذا كل ما خطر بعقلك أو تصوره قلبُك فلتجزم بأنه الله جل وعلا بخلاف ذلك، فهذه قاعدة عظيمة، والشيطان وإبليس يأتي للمؤمن فيجعله يتصور، ويُصَوِّر له ربه جل وعلا على نحو من الصور، وهذا لأجل أن يُشغل العبد عن تنزيه الله جل وعلا، وعن إثبات الصفات لله جل وعلا على ما يجب له سبحانه وتعالى، وليدخله في نوع من الضلالات من التجسيم و التشبيه والتمثيل ونحو ذلك. ... فذكر المؤلف القاعدة العظيمة في هذا؛ وهو أنّه ما خطر ببالك أو تصوره بقلبك فاعلم بأن الله جل وعلا بخلافه. ... وقولُه تعالى (ءَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ([الملك:16]، وقولُ النبيِّ («رَبُّنَا الله الّذِي في السّماءِ تَقَدّسَ اسْمُكَ» وقال للجاريَّة «أيْنَ الله؟» قالتْ: في السَّماءِ قال «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». رواه مالكُ بنُ أنَسٍ ومسلمٌ وغيرُهما مِنَ الأئمة.
العقيدة الإسلامية وأثرها في بناء الفرد والمجتمع ...
للشيخ ... صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ... -حفظه الله تعالى- ... [شريط مفرغ]
الذين أوّلوا ونفوا وعطلوا وحرفوا الكلم عن مواضعه لم يقم في قلوبهم من إثبات الصفات إلا التمثيل؛ إلا التشبيه، فلذلك حرفوا وأولوا، قالوا ما يعقل هل الله جل وعلا في كتابه والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سنته يوصف بما يشبه به خلقه، لا، وصف الله جل وعلا على صفته سبحانه على ما يليق بجلاله عظمته. ... ولهذا قال من قال من السلف: كل ما خطر ببالك فالله جل وعلا بخلافه. كل ما خطر ببالك الإنسان تأتيه تهيؤات ويتصور صورة كذا لا الصفات معنى الإيمان بتوحيد الأسماء والصفات أن تؤمن بأن لله جل وعلا أسماء وأن له جل وعلا صفات كما يليق بجلاله وعظمته وأن هذه الصفات على معناها الظاهر منها لكن لا مماثلة بين صفات الله جل وعلا وبين خلقه فسبحانه وتعالى متصف بالصفات على ما يليق بجلاله وعظمته. ... لهذا من القواعد المتقررة عند أهل العقيدة الإسلامية الصحيحة أن القول في الصفات كالقول في الذات، فكما أنك تؤمن بوجود الله جل وعلا إيمانا مع قطع النظر في الكيفية فكذلك الإيمان بالصفات إيمان بوجودها وباتصاف الله بها مع قطع الطمع في الكيفية لا سبيل إلى الكيفية، كل ما خطر ببالك فالله جل وعلا بخلافه سبحانه وتعالى. ... إذا آمنا بالأسماء والصفات فما ثمرة هذا على النفس؟ ما ظنكم فيمن آمن بأن الله جل وعلا هو القوي العزيز، ماذا سيكون في قلبه؟ إذا آمن المؤمن بأنه سبحانه وتعالى يعني حقق الإيمان بأن الله جل وعلا من أسمائه الجليل سبحانه وتعالى، وأن من صفاته الجمال، لهذا ماذا يقول لك ابن القيم؟ يقولك لك ابن القيم رحمه الله في نونيته بعد أن ذكر معاني الأسماء ذكر صفة الجمال قال ... .........................
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد لابن جبرين (ص: 77)
(هـ) (وكلما تخيل في الذهن ... إلخ) هذا كقوله في الخطبة: لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير؛ لأن المخلوق قاصر عن أن يحيط بكنه الباري، أو يصل بفكره إلى كيفية شيء من صفاته: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}.
شرح العقيدة الواسطية - عبد الكريم الخضير (7/ 8، بترقيم الشاملة آليا)
وإذا تصور هذا في المخلوق -وقدرة الله -جل وعلا- فوق كل ما يتصوره المخلوق- إذن ما يتعلق بالله -جل وعلا- الذي لا تدركه الأوهام، ولا تبلغه الأفهام من باب أولى أن يسلم به
شرح التدمرية - ناصر العقل (5/ 7، بترقيم الشاملة آليا)
وحينما نحول هذه المعاني إلى الواقع فإنها فيما يختص بالله عز وجل أعظم من أن نتخيله أو نتصوره أو يخطر بالبال، فإن الله له الكمال المطلق وليس كمثله شيء، لكن ومع ذلك {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].
شرح لمعة الاعتقاد - يوسف الغفيص (5/ 9، بترقيم الشاملة آليا)
صفات الله خلاف كل ما يتصور في الذهن
قال الموفق رحمه الله: [وكل ما تُخُيِّل في الذهن، أو خطر بالبال، فإن الله تعالى بخلافه].
وهذا صحيح؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يحاط به علماً، وعليه يقال في قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) سواء كان هذا الشيء موجوداً أو متصوراً أو مفروضاً في الذهن، ومهما عارض أو تخيل المرء في ذهنه من الفروضات لكل صفة من صفاته، فإن الله ينزه عن هذه الكيفية؛ لأن العقل يمتنع أن يتصور أو يتخيل إلا كنهاً وكيفاً ناقصاً، وعليه سمات المحدثات.
دراسة موضوعية للحائية ولمعة الاعتقاد والواسطية المؤلف: عبد الرحيم بن صمايل العلياني السلمي (6/ 25، بترقيم الشاملة آليا)
فهذا وما أشبهه مما صح سنده، وعدلت رواته نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهر، ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، فكل ما يتخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه].
شرح لمعة الاعتقاد (معاصر) (5/ 4، بترقيم الشاملة آليا)
ثم إن المصنف رحمه الله تعالى قال: [وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه].
وهذا لنفي التكييف، أي: أن البشر لا يستطيعون أن يكيفوا ذاته ولا صفاته، ولهذا فكل ما توهمه الإنسان في صفة من صفات الله سبحانه وتعالى فإن الله تبارك وتعالى بخلاف ذلك؛ لأن الله تعالى لا يعلم ذاته إلا هو، ولا يعلم صفاته إلا هو سبحانه وتعالى؛ فأهل السنة والجماعة لا يكيفونها، ومهما بلغت خيالات الإنسان ليثبت لله سبحانه وتعالى قريباً من صفة من صفاته فإن الإنسان لا يستطيع ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى أعظم وأجل مما خطر بالبال، بل هو تبارك وتعالى على خلاف ما خطر ببالك؛ وهذا منهج أهل السنة والجماعة.
شرح لمعة الاعتقاد (معاصر) (9/ 30، بترقيم الشاملة آليا)
نصيحة لمن يتخيل ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته
السؤال
عند الكلام على أسماء الله وصفاته قد يدور في الذهن تصور وتخيل لا شعوري، سواء في الذات أو في الصفات، وهو يدافع هذه التصورات، فما هي النصيحة؟
الجواب
هذه الأمور قد تخطر على البال، وهذا شيء طبيعي أن يخطر بالبال شيء من تصور الصفة أو نحو ذلك، لكن الذي ننصحك به أن تعلم أن كل ما خطر ببالك فالله بخلافه، وأن أي تكييف خطر لك إنما هو نابع مما شاهدته من المخلوقات، والله لا يقاس بالمخلوقات، فتكييفك نابع مما شاهدته أنت من المخلوقات.
الأشاعرة في ميزان أهل السنة (ص: 304)
ثم قال بعد أن ساق جملة من صفات الله: (ومن السنة، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا» وقوله: «يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة» وقوله: «يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة»، فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى11، وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه .... ).
فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 957، بترقيم الشاملة آليا)
وقد قيل مهما خطر ببالك فالله خلاف ذلك، وقد سبق بيان ذلك أيضا في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50216، 35870، 41070.
فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 991، بترقيم الشاملة آليا)
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق أن سألت سؤالا أكثر من مرة وهو: هل يجوز لي أن أتخيل شكل الله عز وجل؟؟ تقبل الله صيامكم وجميع أعمالكم، آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لإنسان أن يتخيل صورة أو شكلاً معيناً لله تعالى، لأن الله تعالى لا يحيط به عقل ولا يتخيله ذهن، فهو أعظم من كل شيء، ولذا قيل كل ما خطر ببالك فالله أعظم من ذلك، وتخيل شكل معين لله تعالى يعتبر تشبيهاً له بالمخلوقات، والله تعالى يقول عن نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، ويقول: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [طه:110].
فاحذر أخي الحبيب من هذا الوهم والخواطر التي تجول في ذهنك، واستعذ بالله العظيم منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424
فتاوى الشبكة الإسلامية (1/ 992، بترقيم الشاملة آليا)
كل ما خطر ببالك فالله أعظم من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة كلما أقوم بالشعائر الإسلامية سواء كانت صلاة، استغفارا أو تسبيحا، وحتى أثناء المشي والعمل، وهي أنني أرسم في قلبي صورة لله سبحانه وتعالى، وأحاول أن أبعد هذه الصورة بتذكر الجبال والغابات والأنهار ومخلوقات عظيمة أخرى، ولكن رغم ذلك لا تزال هذه الصورة في ذهني، فكيف تساعدونني على التخلص منها؟ أريد الجواب باللغة العربية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالله تعالى أعظم وأكبر من أن يتصوره مخلوق، ولذا مهما خطر للإنسان من خيال لذات الله، فالله ليس كذلك، ولذلك قيل: كل ما خطر ببالك فالله أعظم من ذلك.
وعليه فاعلم أخي الكريم أن ما يخطر ببالك هو وسواس وكيد من الشيطان، وعلاج ذلك أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتقول: آمنت بالله العظيم. وتصرف ذهنك عن هذا الخيال. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424
فتاوى الشبكة الإسلامية (6/ 2021، بترقيم الشاملة آليا)
وأما التفكر في ذات الله تعالى فهو من الشيطان أيضاً، فدافعيه بالتفكر في خلقه وآلائه، فمن كانت له السماوات بعظمتها وما فيها والأرض بعظمتها وما فيها فكيف يمكن للعقل أن يتصور قدره أو يتصور له كنه؟ فكل ما خطر ببالك فالله أعظم منه. ولنا فتاوى مهمة بهذا الخصوص راجعي منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 39560، 53031، 122213.
الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص: 16)
ثمَّ التَّوْحِيد فِي اللُّغَة الحكم أَو الْعلم بِأَن الشَّيْء وَاحِد وَفِي الِاصْطِلَاح هُوَ تَجْرِيد الذَّات الإلهية عَن كل مَا يتَصَوَّر فِي الأفهام ويخيل فِي الأذهان والأوهام وَهَذَا معنى قَول عَليّ كرم الله وَجهه لما سُئِلَ عَن التَّوْحِيد مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ التَّوْحِيد أَن تعلم أَن مَا خطر ببالك أَو توهمته فِي خيالك أَو تصورته فِي حَال من أحوالك فَالله تَعَالَى وَرَاء ذَلِك وَيرجع إِلَيْهِ قَول الْجُنَيْد قدس الله سره التَّوْحِيد إِفْرَاد الْقدَم من الْحُدُوث إِذْ لَا يخْطر ببالك إِلَّا حَادث فإفراد الْقدَم أَن لَا يحكم على الله بمشابهة شَيْء من الموجودات لَا فِي الذَّات وَلَا فِي الصِّفَات فَإِن ذَاته لَا تشبه الذوات وَلَا صِفَاته قَالَ تَعَالَى {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}
الرد على القائلين بوحدة الوجود (ص: 90)
إِلَّا أَن من لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَاله من نور مَعَ أَن ظُهُور الْأَشْيَاء إِنَّمَا لكَونهَا مظَاهر لتجلي الصِّفَات والأسماء وَأما ذَاته تَعَالَى فَلَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَلَا يُحِيط بِهِ علم أحد من الْعلمَاء الْكِبَار وَلذَا قَالَ سيد الْأَبْرَار (لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك) وَقَالَ (تَفَكَّرُوا فِي آلَاء الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَات الله تَعَالَى) وَقَالَ الصّديق الْأَكْبَر الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك وَقَالَ المرتضى مَا خطر ببالك فَالله وَرَاء ذَلِك ثمَّ اعْلَم أَن مَوْلَانَا سعد الدّين قَالَ
فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان (6/ 152)
وقيل المعنى فإن لم يستجب لكم من دعوتموهم للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن تعبدونهم وتزعمون أنهم يضرون وينفعون فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي يتقاصر دونه قوة المخلوقين وأنه أنزل الله الذي لا تحيط به العقول ولا تبلغه الأفهام.