جنس الملائكة باعتبار البداية أفضل من جنس صالحي بشر
أما كأفراد فمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الخلق باعتبار البداية والنهاية بما فيهم الملائكة عليهم السلام بما فيهم جبريل عليه السلام وذلك لأثر عبد الله بن سلام وابن عباس رضي الله عنهما
ونقل البعض على ذلك الإجماع حتى ممن اختار أن ملائكة أفضل


قلت: أما بقية الأنبياء فباعتبار النهاية فالأنبياء أفضل بل صالحو البشر أفضل باعتبار النهاية أما باعتبار البداية فالأقوى أن كل الأنبياء أفضل باعتبار البداية والنهاية لحديث يا خير البرية فقال ذلك إبراهيم صلى الله عليه وسلم

أما بقية الصالحين غير الأنبياء فالملائكة أفضل باعتبار البداية حتى دخول الجنة أما باعتبار النهاية بعد دخول الجنة فصالحو البشر أفضل
وفي مجموع الفتاوى (4/ 343) سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: عَنْ صَالِحِي بَنِي آدَمَ وَالْمَلَائِكَة ِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ
فَأَجَابَ: بِأَنَّ صَالِحِي الْبَشَرِ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ كَمَالِ النِّهَايَةِ وَالْمَلَائِكَة َ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ الْبِدَايَةِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الْآنَ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى مُنَزَّهُونَ عَمَّا يُلَابِسُهُ بَنُو آدَمَ مُسْتَغْرِقُونَ فِي عِبَادَةِ الرَّبِّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ الْآنَ أَكْمَلُ مِنْ أَحْوَالِ الْبَشَرِ. وَأَمَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَصِيرُ صَالِحُو الْبَشَرِ أَكْمَلَ مِنْ حَالِ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَتَبَيَّنُ سِرُّ التَّفْضِيلِ وَتَتَّفِقُ أَدِلَّةُ الْفَرِيقَيْنِ وَيُصَالَحُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى حَقِّهِ (*) .


وقد اختارت اللجنة الدائمة الجيدة برئاسة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق
في حين توقف الشيخ العثيمين لعدم الدليل ولآية (ولقد كرمنا بني آدم ... وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ولم يقل: على الجميع
في حين فضل الشيخ الألباني جنس الملائكة على الأنبياء
قلت: والراجح والله أعلم هو ترجيح اللجنة الدائمة.


وأثر عبد الله بن سلام في:
المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 612)
8698 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، ثَنَا عَفَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَا: ثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: وَكُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ أَيَّامِ الدُّنْيَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ: قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَأَيْنَ الْمَلَائِكَةُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ وَقَالَ: " يَا ابْنَ أَخِي هَلْ تَدْرِي مَا الْمَلَائِكَةُ؟ إِنَّمَا الْمَلَائِكَةُ خَلْقٌ كَخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ الَّذِي لَا يَعْصِي اللَّهَ شَيْئًا، وَإِنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَإِنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعَثَ اللَّهُ الْخَلِيقَةَ أُمَّةً أُمَّةً وَنَبِيًّا نَبِيًّا حَتَّى يَكُونَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ آخِرُ الْأُمَمِ مَرْكَزًا، ....«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ وَلَيْسَ بِمَوْقُوفٍ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ عَلَى تَقَدُّمِهِ فِي مَعْرِفَةٍ قَدِيمَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ بِذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ» صححه الألباني وغيره كثير ولم أجد من ضعفه.


وأثر ابن عباس:
المطالب العالية محققا (14/ 757)
3645 - وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: ما خلق الله (عزَّ وجلّ) (1)، وَمَا ذَرَأَ مِنْ نَفْسٍ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَمَا سَمِعْتُ الله (تبارك وتعالى) (2) أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ إلَّا بِحَيَاتِهِ، (فَقَالَ) (3): {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ}.
صححه محقق المطالب العالية والشيخ مشهور في جواهر العلم


أما حديث أن جبريل أشد إيمانا وخشية وعلما من النبي -صلى الله عليه وسلم- فالراجح فيه الضعف خلافا لما يفهم من محقق شعب الإيمان
فلا يعارض الأدلة الدالة على أفضلية النبي عليه السلام على جبريل عليه السلام باعتبار البداية والنهاية.


والعثيمين توقف في أفضلية النبي عليه السلام على جميع الخلق
حيث سئل في ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين ص7
هل يوصف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه "أفضل الخلق"؟
فأجاب: (لا نعلم بذلك. ولم يثبت بدليل حتى نقول به. والثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - "سيد ولد آدم" (3) فهو أفضل بني آدم ولا ريب. قد قال الله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا" ولم يقل: على الجميع).


لكن قالت اللجنة الدائمة الجديدة برئاسة آل الشيخ:
فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (26/ 35) السيرة
الفتوى رقم (20972) س: هل نقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم خير البشر أو خير الخلق؟ وهل هناك دليل على أنه خير الخلق، كما يقول كثير من الناس؟
ج: جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة بيان عظم قدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورفعة مكانته عند ربه تعالى من خلال الفضائل الجليلة والخصائص الكريمة التي خصه الله بها، مما يدل على أنه أفضل الخلق وأكرمهم على الله وأعظمهم جاها عنده سبحانه، قال الله سبحانه: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (1) وأجناس الفضل التي فضله الله بها يصعب استقصاؤها؛ فمن ذلك: أن الله عز وجل اتخذه خليلا، وجعله خاتم رسله، وأنزل عليه أفضل كتبه، وجعل رسالته عامة للثقلين إلى يوم القيامة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأجرى على يديه من الآيات ما فاق به جميع الأنبياء قبله، وهو سيد ولد آدم، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع، وبيده لواء الحمد يوم القيامة، وأول من يجوز الصراط! وأول من يقرع باب الجنة، وأول من يدخلها. .، إلى غير ذلك من الخصائص والكرامات الواردة في الكتاب والسنة، مما جعل العلماء يتفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم الخلق جاها عند الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وقد اتفق المسلمون على أنه صلى الله عليه وسلم أعظم الخلق جاها عند الله، لا جاه لمخلوق أعظم من جاهه، ولا شفاعة أعظم من شفاعته).
فمما ذكر وغيره يتبين أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء، بل وأفضل الخلق، وأعظمهم منزلة عند الله تعالى، ولكن مع هذه الفضائل والخصائص العظيمة فإنه صلى الله عليه وسلم لا يرقى عن درجة البشرية، فلا يجوز دعاؤه والاستغاثة به من دون الله عز وجل، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (1)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ


قلت وائل: وهذا هو الراجح
وبمراجعة المكتبة الشاملة تبين أن أكثر من 4870 مرة ذكرت في المكتبة الشاملة جملة: (أكرم خلق الله) أو (أكرم خلقه) أو (أكرم الخلق) أو (أفضل خلق الله) أو (أفضل خلقه) أو (أفضل الخلق) وفي غالبها يريدون محمدا صلى الله عليه وسلم.


وجل المعاصرين يفضلون صالحي البشر فضلا عن الأنبياء إلا أن الألباني فضل جنس الملائكة على جنس صالحي البشر بل الأنبياء.


فقد قال كما في موسوعة الألباني في العقيدة (8/ 27)
[1215] باب هل إبراهيم عليه السلام خير من الملائكة؟
[قال رسول - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«ذاك إبراهيم عليه السلام. يعني: أنّه خير البريّة».
[قال الإمام]:
قلت: وظاهر الحديث يدل على أمرين:
أحدهما: أن إبراهيم عليه السلام خير الخلق مطلقاً بما فيهم الملائكة.
والآخر: أنه أفضل من نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وأجاب العلماء عن هذا بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال ذلك تواضعاً وهضماً لنفسه، أو أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه بأن الله تعالى اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، وأنه سيد الناس يوم القيامة، آدم فمن دونه تحت لوائه - صلى الله عليه وآله وسلم -، كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وبهذا أجاب الطحاوي، فراجعه فإنه هام مفيد.
وأما الأمر الأول؛ فلم يتعرض له الطحاوي، فأرى- والله أعلم- أن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خير البرية» من حيث إنه لا يشمل الملائكة، كقوله تعالى في سورة (البينة): {[إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة} بعد قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة}، وأن المراد بـ (خير البرية) و (شر البرية)؛ إنما هم غير الملائكة- كما يشعر بذلك السياق-؛ فإن الملائكة {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}. وقد ذكر القرطبي أنه قد استدل بقوله تعالى: {خير البرية} من فضل بني آدم على الملائكة، ثم أحال في بيان الخلاف في ذلك على سورة البقرة (1/ 289)، وهناك ذكر الخلاف في المسألة بشيء من التفصيل، وذكر دليل من قال بذلك، والقائل بأن الملائكة أفضل، ومن ذلك قوله:
"وفي البخاري: "يقول الله تعالى: من ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم "، وهذا نص" (1).
ثم قال:
"وقال بعض العلماء: ولا طريق إلى القطع بأن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولا القطع بأن الملائكة خير منهم, لأن طريق ذلك خبر الله تعالى، وخبر رسوله، أو إجماع الأمة، وليس ههنا شيء من ذلك ".
ثم رأيت العلامة ابن أبي العز الحنفي قد توسع جدا في ذكر أدلة الفريقين ومناقشتها، وبيان ما لها وما عليها في "شرح العقيدة الطحاوية" (301 - 311) - وتبعه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري " (13/ 384 - 388) -؛ وذكر عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لم يقطع فيها بجواب، وقال:
"وهذا هو الحق، فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين، وليس علينا أن نعتقد أي الفريقين أفضل؛ فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصاً .. وحملني على بسط الكلام هنا: أن بعض الجاهلين يسيئون الأدب بقولهم: كان الملك خادماً للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -! أو أن بعض الملائكة خدام بني آدم!! يعنون: الملائكة الموكلين بالبشر، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع المجانبة للأدب .. ".
ثم شرع في البسط المذكور، وختمه بقوله:
"وحاصل الكلام: أن هذه المسألة من فضول المسائل، ولهذا لم يتعرض لها كثير من أهل الأصول، وتوقف أبو حنيفة في الجواب عنها كما تقدم. والله أعلم بالصواب ".
قلت: ولقد كان التوقف المذكور هو الذي يقتضيه النظر والتأمل في أدلة الفريقين، وجواب كل منهما عن أدلة الآخر، لولا حديث البخاري الذي قال فيه القرطبي: إنه نص في المسألة كما تقدم؛ وقد حكاه الحافظ العسقلاني عن ابن بطال أيضاً، وإن كان الحافظ تكلف في رد دلالته وتأويله:
"بأن الخيرية إنما حصلت بالذاكر والملأ معاً؛ فالجانب الذي فيه رب العزة خير من الجانب الذي ليس هو فيه بلا ارتياب، فالخيرية حصلت بالنسبة للمجموع على المجموع ".
وقد كنت وقفت منذ القديم في "الترغيب والترهيب " على حديث من رواية البزار وابن حبان في "صحيحه " هو نص في الموضوع وأقوى؛ لأنه يبطل التأويل المذكور، ونصه:
"أول من يدخل الجنة من خلق الله: الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله لملائكته: ائتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة:
ربنا! نحن سكان سماواتك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؛! قال: إن هؤلاء كانوا عباداً لي يعبدوني لا يشركون بي شيئاً، وتسد بهم الثغور .. ، قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك؛ فيدخلون عليهم من كل باب: [سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار].
وقال المنذري (4/ 86)، والهيثمي (10/ 259):
"ورجاله ثقات ".
وهو في "موارد الظمآن " (2565) - والسياق له-، ومخرج في المجلد السادس من "الصحيحة" برقم (2559). وإني لأستغرب جدًّا كيف فات على أولئك العلماء من الفريقين إيراده احتجاجاً ودفعاً؟! وبخاصة الحافظ ابن حجر العسقلاني، لنعلم رأيه في شهادة الملائكة أمام ربهم: أنهم خيرة خلقه، وما أظن أنه يجد له تأويلاً إلا التسليم لدلالته!
ونحوه حديث الترجمة، فما تعرض أحد منهم لذكره، ولعل ذلك لأنهم يرون أيضاً أنه خاص بالناس دون الملائكة؛ كما تقدم بيانه في طليعة هذا التخريج، وهو الذي استظهره الإمام الآلوسي في تفسيره "روح المعاني " (3/ 264)! والله ولي التوفيق. انتهى كلام الشيخ الألباني


قلت وائل: وهذه الأحاديث التي ذكرها الشيخ الألباني رحمه الله لا تدل على فضل الملائكة على إبراهيم عليه السلام إنما تدل على فضل جنس الملائكة على جنس البشر باعتبار البداية أما الأفراد فالأنبياء مخصوصون بالأدلة أنهم أفضل باعتبار البداية والنهاية. لاسيما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو الأفضل من جميع الخلق بلا ريب باعتبار البداية والنهاية.


أما بقية الصالحين غير الأنبياء والمرسلين فالملائكة أفضل باعتبار البداية إلى دخول الجنة
لحديث (خيرتك من خلقك):
صحيح الترغيب والترهيب (3/ 239)
3183 - (8) [صحيح] وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:
"هَلْ تَدْرونَ أوَّلَ مَنْ يَدْخل الجنَّةَ مِنْ خَلْقِ الله عزَّ وجلَّ؟ ".
قالوا: الله ورسولُه أعْلَمُ. قال:
"الفقَراءُ المُهاجِرونَ الَّذين تُسَدُّ بِهمُ الثُّغورُ، وتُتَّقى بِهمُ المَكارِهُ، ويموتُ أحَدُهم وحاجَتُه في صَدْرِه؛ لا يَسْتَطيعُ لَها قَضاءً، فيقولُ الله عزَّ وجلَّ لِمَنْ يشاءُ مِنْ ملائكَتِه: ائْتُوهُمْ فَحيُّوهُمْ، فتقولُ الملائِكَة: ربَّنا نَحْنُ سكَّانُ سَمائكَ، وخيرَتُك (1) مِنْ خَلْقِكَ، أفَتَأْمُرنا أَنْ نأْتِيَ هؤلاءِ فَنسَلَّمَ علَيْهِمْ؟ قال: إنَّهُمْ كانوا عِباداً يَعْبدوني ولا يُشْرِكونَ بي شيْئاً، وتُسَدُّ بهم الثُّغورُ، وتُتَّقى بِهمُ المكارِهُ، ويموتُ أحَدُهم وحاجَته في صَدْرِه؛ لا يَسْتَطيعُ لها قَضاءً، قال: فَتَأْتِيهمُ الملائِكَةُ عند ذلك فيَدْخلون علَيْهِمْ مِنْ كلِّ بابٍ {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ".
رواه أحمد والبزار، ورواتهما ثقات، وابن حبان في "صحيحه". وصححه الألباني والأرناؤوط


ولحديث (ذكرته في ملأ خير منه)


ولآية {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِين} [الأعراف: 20] فهو على فطرة البشر وتصورهم لأن آدم لم يكن قد نبئ بعد والملائكة أفضل من عامة الصالحين سوى الأنبياء وهو ظن أنه كملك لا يعصى الله ويفعل ما يؤمر ويلهم التسبيح والتحميد ولا يطلب الأكل ولا الشرب ولا النكاح أصلا ولا ينام ويعلو إيمانه إلى أعلى الدرجات.


كما أن الملائكة عليهم السلام أكثر علما بالله وعندهم عين اليقين ويسمعون كلام الله تعالى وتقواهم وإيمانهم وخشيتهم أكبر بكثير ومعصومون وطاعتهم دائمة.


كما أن من تنقص أبا بكر الصديق رضي الله عنه عند الكثير من أهل العلم لا يكفر ومن تنقص أدنى الملائكة منزلة أو أدنى الأنبياء منزلة فهو كافر.


ولآية (ولقد كرمنا بني آدم وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) إذن لم يفضلوا على الملائكة كجنس فلم يقل تعالى: (على جميع من خلقنا).


وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في لآية: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: 50]
وقول نوح عليه السلام لقومه كما في قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِين} [هود: 31، 32]
ففي فطرة البشر من عهد نوح إلى محمد عليهما السلام أن الملك أفضل.
وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الملائكة فقد لا يدل ذلك على المطلوب والدليل إذا ورد فيه الاحتمال سقط به الاستدلال


ولا يعقل ولا يجوز أن يقول: أنا إيماني كإيمان جبريل إن شاء الله تعالى فضلا عن أن يقول إيماني أعلى منه ولو استثنى في إيمانه.


أما باعتبار النهاية فصالحو البشر أفضل لأنهم يلهمون التسبيح والتحميد ولا يعصون الله ما أمرهم ولا يفعلون الذنوب ويرون الله تعالى ويتكلمون معه مع بقية نعيم أهل الجنة الأبدي من الأكل والشرب والجماع وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما أن المرء مع من أحب مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا فعائشة وغيرها مع النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة وهو أفضل من الملائكة


ولأن الله تعالى أسجد ملائكته أجمعين لآدم ولم يكن نبيا بعد دلالة على أنه كرمه وسيكون باعتبار النهاية أفضل من الملائكة.


أما الحديث الذي في
الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 121)
688 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الرَّازِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ، [ص:122] عَنِ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبُّ خَلَقْتُهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكَحُونَ وَيَرْكَبُونْ، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِيَّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "
فقد ضعفه الألباني وغيره.


والملائكة باتفاق المسلمين أفضل من العاصين والفساق باعتبار البداية أما باعتبار النهاية بعد دخولهم الجنة مخلدين فيها فالله أعلم
ولم يتكلم فيها أهل العلم الذي فضلوا الأولياء وصالحي البشر.


وأفضل من جمع الأدلة: شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى والإمام ابن أبي العز في شرح الطحاوية والحافظ السيوطي في الحبائك