حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة، فرأى لمعة لم يصبها الماء، فعصر شعره عليها.
ضعيف جدًّا.
أخرجه ابن أبي شيبة (456)، وأحمد (2180)، وعبد بن حميد (570)، وابن ماجه (663)، والبيهقي في «الخلافيات» (843) و (844)، من طريق أبي علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من جنابة، فلما خرج رأى لمعة على منكبه الأيسر لم يصبها الماء، فأخذ من شعره فبلَّها، ثم مضى إلى الصلاة.
زاد ابن ماجه من رواية إسحاق بن منصور: «فعصر شعره عليها».
قال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 105): «هذا إسناد ضعيف؛ أبو علي الرحبي، اسمه حسين بن قيس أجمعوا على ضعفه».
قلت: أبو علي الرحبي؛ هو الحسين بن قيس، متروك الحديث.
قال أحمد بن حنبل، كما في «الجرح والتعديل» (3/ 63): «ليس حديثه بشيء، لا أروي عنه شيئًا».
وفيه قال أبو حاتم: «ضعيف الحديث، منكر الحديث. قيل له: كان يكذب؟قال: أسأل الله السلامة هو ويحيى بن عبيد الله متقاربان. قلت: هو مثل ابن ضميرة؟ قال شبيه.
سئل أبو زرعة عن حسين بن قيس الرحبي، فقال: هو ضعيف».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 393): «حسين بن قيس، أبو علي الرحبي، ويقال له: حنش، عن عكرمة، ترك أحمد حديث».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (148): «متروك الحديث».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 294): «كان يقلب الأخبار، يلزق رواية الضعفاء بالثقات، كذبه أحمد بن حنبل، وتركه يحيى بن معين»اهـ.
وقال ابن عدي في «الكامل» (3/ 582): «هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق».
وقال الحافظ في «التقريب»: «متروك».
وهذا الحديث له شواهد:
الشاهد الأول: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الدارقطني (386)، ومن طريقه البيهقي في «معرفة السنن» (1698)، وفي «الخلافيات» (848)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (570)، من طريق عبد السلام بن صالح، قال: حدثنا إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات يوم وقد اغتسل وقد بقيت لمعة من جسده لم يصبها الماء، فقلنا: يا رسول الله هذه لمعة لم يصبها الماء، فكان له شعر وارد، فقال بشعره هكذا على المكان فبلَّه.
قال الدارقطني: «عبد السلام بن صالح هذا بصري، ليس بالقوي، وغيره من الثقات يرويه عن إسحاق عن العلاء مرسلًا».
قلت: وهذا إسناد واهٍ؛ لأجل عبد السلام بن صالح أبي الصلت الهروي.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 48): «سألت أبي عنه، فقال: لم يكن عندي بصدوق، وهو ضعيف، ولم يحدثني عنه، وأما أبو زرعة فأمر أن يُضرب على حديث أبي الصلت، وقال: لا أحدِّث عنه، ولا أرضاه»اهـ.
وقال العقيلي في «الضعفاء» (3/ 556): «كان رافضيًّا خبيثًا»، ثم روى له حديثًا عن شريك، ثم قال: «قال عبد الله بن أحمد: قال لنا عبد السلام بن صالح: قال لي علي بن حكيم: أنا سمعته من شريك هكذا، قال عبد الله بن أحمد: ولم نر هذا عند علي بن حكيم، ولا عند غيره، ولا نحفظه من حديث شريك، وأبو الصلت غير مستقيم الأمر»اهـ.
وقال ابن عدي في «الكامل» (8/ 432): «ولعبد السلام هذا عن عبد الرزاق أحاديث مناكير في فضل علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وهو متهم في هذه الأحاديث، ويروي عن علي بن موسى الرضا حديث: «الإيمان معرفة بالقلب»، وهو متهم في هذا الحديث»اهـ.
وأخرجه عبد الرزاق (1015)، وابن أبي شيبة (444)، وأبو داود في «المراسيل» (7)، والدارقطني (387)، والبيهقي في «الخلافيات» (849)، من طرق، عن إسحاق بن سويد العدوي، عن العلاء بن زياد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه اغتسل فرأى لمعة على منكبه لم يصبها الماء، فأخذ خصلة من شعر رأسه، فعصرها على منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان.
قال الدارقطني: «هذا مرسل، وهو الصواب».
إسحاق بن سويد العدوي صدوق، والعلاء بن زياد العدوي ثقة.
وهذا إسناد معضل؛ لأن العلاء بن يزيد من الطبقة الرابعة.
♦ ♦ ♦
الشاهد الثاني: عن عائشة رضي الله عنها.
أخرجه الدارقطني (396)، ومن طريقه البيهقي في «الخلافيات» (846)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (569)، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا، قال: حدثنا هارون بن إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي غنية، عن عطاء بن عجلان، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنابة، فرأى لمعة بجلده لم يصبها الماء، فعصر خصلة من شعر رأسه فأمسها ذلك الماء.
وهذا إسناد ساقط.
• محمد بن القاسم بن زكريا.
ترجمه الذهبي في «الميزان» (4/ 245)، وقال: «تُكلم فيه».
• وهارون بن إسحاق الهمداني، صدوق.
• وابن أبي غَنِيَّة؛ هو عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، ثقة.
• وعطاء بن عجلان.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 476): «عطاء بن عجلان، البصري، العطار، منكر الحديث».
وروى العقيلي في «الضعفاء» (5/ 11)، عن زهير بن معاوية، قال: «ما أتهم إلا عطاء بن عجلان».
وروى العقيلي في «الضعفاء» (5/ 13)، سئل يحيى بن معين عن عطاء بن عجلان، فقال: «لم يكن بشيء، وكان يوضع له الأحاديث فيحدث بها».
وروى العقيلي في «الضعفاء» (5/ 12)، عن أحمد بن علي، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا أبو المنذر الكوفي، قال: كنا بمكة، فقدم علينا عطاء بن عجلان من البصرة، فأخذ في الطواف، فجاء غياث بن إبراهيم، وكدام بن مسعر، وآخر قد سماه، فجعلوا يكتبون حديث عطاء، فإذا مروا بعشرة أحاديث، أدخلوا حديثًا من غير حديثه، حتى كتبوا أحاديث وهو يطوف، قال: فقال لهم حفص بن غياث: ويلكم، اتقوا الله، فانتهروه وصاحوا به، قال: فلما فرغ كلموه أن يحدثهم، فأخذ الكتاب، فجعل يقرأ، حتى انتهى إلى حديث، فمر فيه فقرأه، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قرأ حتى انتهى إلى الثالث، فانتبه الشيخ واستضحكوا، قال: فقال لهم: إن كنتم أردتم شيني فعل الله بكم وفعل.
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 335): «قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال سمعت يحيى بن معين يقول: عطاء بن عجلان كوفي، ليس حديثه بشيء، كذاب.
أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا عمرو بن علي، أن عطاء بن عجلان كان كذابًا.
سمعت أبي يقول: عطاء بن عجلان ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا، مثل أبان بن أبي عياش وذا الضرب، وهو متروك الحديث.
سئل أبو زرعة عن عطاء بن عجلان الذي يروي عن المغيرة بن حكيم الذي روى عنه إسماعيل بن عياش، فقال: هو واسطي ضعيف»اهـ.
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 112): «كان قد سمع الحديث فكان لا يدري ما يقول، يتلقن كما يُلَقَّن، ويجيب فيما يُسأل، حتى صار يروي الموضوعات عن الثقات، لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار» اهـ.
♦ ♦ ♦
الشاهد الثالث: عن أنس رضي الله عنه.
أخرجه الدارقطني (395)، ومن طريقه البيهقي في «الخلافيات» (847)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (568)، قال: حدثنا سعيد بن محمد بن أحمد الحناط، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا المتوكل بن فضيل أبو أيوب الحداد بصري، عن أبي ظلال، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح وقد اغتسل من جنابة، فكان نكتة مثل الدرهم يابس لم يصبه الماء، فقيل: يا رسول الله، إن هذا الموضع لم يصبه الماء، فسلت شعره من الماء، ومسحه به، ولم يعد الصلاة.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا فيه نكارة.
• سعيد بن محمد بن أحمد الحناط، وثِّق.
• والمتوكل بن فضيل أبو أيوب الحداد.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 43): «متوكل بن فضيل، أبو أيوب، الحداد، سمع أم القلوص، وعن أبي ظلال، عنده عجائب».
وقال ابن عدي في «الكامل» (10/ 32): «والبخاري يشير في هذا إلى حديث واحد يرويه متوكل هذا، ومتوكل ليس بالمعروف».
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 372): «مجهول».
وقال الدارقطني عقب الحديث: «المتوكل بن فضيل ضعيف».
• وأبو ظلال؛ هو هلال بن أبي هلال، ويقال: ابن أبي مالك، القسملي.
قال ابن معين في «رواية الدوري» (3357): «أبو ظلال القسملي، ليس بشيء».
وقال البخاري، كما في «الضعفاء الكبير» (6/ 269): «هلال أبو ظلال القسملي، عن أنس، عنده مناكير».
وقال الترمذي في «العلل الكبير» (ص385): «سألت محمدًا عن أبي ظلال عن أنس، فقال: هو رجل قليل الحديث ليس له كبير شيء، ورأيته حسن الرأي فيه»اهـ.
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 74): «ضعيف الحديث».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (606): «هلال أبو ظلال القسملي، ضعيف».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 433): «كان شيخًا مغفلًا،
يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا يجوز الاحتجاج به بحال».
وقال ابن عدي في «الكامل» (10/ 360): «عامة ما يروي ما لا يتابعه الثقات عليه».
♦ ♦ ♦
الشاهد الرابع: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخرجه ابن ماجه (664)، والبيهقي في «الخلافيات» (842)، والضياء في «المختارة» (469)، من طريق محمد بن عبيد الله، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه: قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني اغتسلت من الجنابة، وصليت الفجر، ثم أصبحت، فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتَ مَسَحْتَ عَلَيْهِ بِيَدِكَ أَجْزَأَكَ».
قلت: محمد بن عبيد الله، هو ابن أبي سليمان العرزمي، متروك.
قال أحمد، كما في «الجرح والتعديل» (8/ 2): «ترك الناس حديثه».
وقال ابن معين في «تاريخه» (3/ 285): «ليس بشيء».
وقال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 171): «تركه ابن المبارك، ويحيى».
وقال مسلم في «الكنى والأسماء» (1/ 523): «متروك الحديث»، وكذا قال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (ص 91)، والحافظ في «التقريب».
وقال الجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص 77): «محمد بن عبيد الله العرزمي، ساقط».
وقال البيهقي عقب الحديث: «محمد بن عبيد الله؛ هو العرزمي، متروك».
♦ ♦ ♦
الشاهد الخامس: عن ابن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه أبو نعيم في «مسند أبي حنيفة» (ص82)، والبيهقي في «الخلافيات» (845)، من طريق يحيى بن عنبسة، قال: حدثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة، فبقيت لمعة في جسده، فقيل له: يا رسول الله، هذه لمعة في جسدك لم يصبها الماء، قال: فأومأ إلى بلل شعره فبلَّه به، فأجزأه ذلك.
وهذا موضوع.
• يحيى بن عنبسة.
قال ابن حبان في «المجروحين» (2/ 476): «شيخ دجال يضع الحديث على ابن عيينة وداود بن أبي هند وأبي حنيفة وغيرهم من الثقات، لا تحل الرواية عنه بحال ولا كتابة حديثه إلا للاعتبار»اهـ.
وقال ابن عدي في «الكامل» (10/ 656): «يحيى بن عنبسة، منكر الحديث، مكشوف الأمر في ضعفه، لرواياته عن الثقات الموضوعات»اهـ.
وقال الدارقطني في «الضعفاء والمتروكين» (585): «بغدادي، كذاب».
وقال، كما في «الميزان» (5/ 136): «دجال يضع الحديث».
• وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، متروك الحديث.
♦ ♦ ♦
الشاهد السادس: عن ابن جريج، قال حُدِّثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه عبد الرزاق (1017)، عن ابن جريج قال: حدِّثت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة، ثم خرج ورأسه يقطر، وما بين كتفيه أو فوق ذلك مثل موضع الدرهم لم يمسه الماء، فقال أحد للنبي صلى الله عليه وسلم: اغتسلت يا رسول الله؟ قال: «نَعَمْ»، قال: فإن مثل موضع الدرهم لم يمسه الماء، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بكفه من بعض رأسه من الذي فيه فمسحه به.
وهذا معضل، فعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج من الطبقة السادسة، فهو من تبع التابعين.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/148469/#ixzz72IhprH00