تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: معنى شهادة لا اله الا الله - من معارج القبول

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي معنى شهادة لا اله الا الله - من معارج القبول

    مَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ:
    فَإِنَّ مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ ** دَلَّتْ يَقِينًا وَهَدَتْ إِلَيْهِ

    أَنْ لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلَهٌ يُعْبَدُ ** إِلَّا الْإِلَهُ الْوَاحِدُ الْمُنْفَرِدُ

    بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَبِالتَّدْبِير ِ ** جل عن الشرك وَالنَّظِيرِ

    (فَإِنَّ مَعْنَاهَا) أَيْ: مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ (الَّذِي عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: (دَلَّتْ) بِصَرِيحِ لَفْظِهَا (وَهَدَتْ) أَيْ: أَرْشَدَتْ (إِلَيْهِ) هُوَ (أَنْ لَيْسَ بالحق) متعلق بيعبد (إِلَهٌ) هُوَ اسْمُ لَيْسَ وَمَنْفِيُّهَا، وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ وَالْحُكْمُ الْمَنْفِيُّ (يُعْبَدُ) الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَقِّ وَالِاسْتِحْقَا قِ فَيَخْرُجُ مَا عُبِدَ بِبَاطِلٍ؛ وَلِذَا سَمَّاهُ الْمُشْرِكُونَ إِلَهًا فَتَسْمِيَّتُهُ بِذَلِكَ بَاطِلَةٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، فَمَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ، لَا إِلَهَ نَافِيًا جَمِيعَ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، إِلَّا اللَّهُ مُثْبِتًا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ فَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ، فَتَقْدِيرُ خَبَرِ لَا الْمَحْذُوفِ بِحَقٍّ هُوَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا سَنُورِدُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِمَوْجُودٍ فَيُفْهَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ، فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمَعْبُودُ، فَإِذَا قِيلَ: لا معبود موجودا إِلَّا اللَّهُ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ عُبِدَ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ هُوَ اللَّهُ فَيَكُونُ مَا عَبَدَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَحْجَارِ وَالْمَلَائِكَة ِ وَالْأَنْبِيَاء ِ وَالْأَوْلِيَاء ِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هِيَ اللَّهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ تَوْحِيدًا، فَمَا عُبِدَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إِلَّا اللَّهُ إِذْ هِيَ هُوَ، وَهَذَا وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ أَعْظَمُ الْكُفْرِ وَأَقْبَحُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَفِيهِ إِبْطَالٌ لِرِسَالَاتِ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَكُفْرٌ بِجَمِيعِ الْكُتُبِ وَجُحُودٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ وَتَكْذِيبٌ بِكُلِّ ذَلِكَ وَتَزْكِيَةٌ لِكُلِّ كَافِرٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا، إِذْ كُلُّ مَا عَبَدَهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ هُوَ اللَّهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مُشْرِكًا بَلْ مُوَحِّدًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا فَهِمْنَا هَذَا فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ الْخَبَرِ: مَوْجُودٌ إِلَّا أَنْ يُنْعَتَ اسْمُ لَا بِحَقٍّ فَلَا بَأْسَ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَا إِلَهَ حَقًّا مَوْجُودٌ إِلَّا اللَّهُ، فَبِقَيْدِ الِاسْتِحْقَاقِ يَنْتَفِي الْمَحْذُورُ الَّذِي ذَكَرْنَا.
    (إِلَّا الْإِلَهُ الْوَاحِدُ الْمُنْفَرِدُ. بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَبِالتَّدْبِير ِ... إِلَخْ) وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَيْ: هُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ، فَكَمَا تَفَرَّدَ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْإِيجَادِ وَالْإِعْدَامِ وَالنَّفْعِ وَالضُّرِّ وَالْإِعْزَازِ وَالْإِذْلَالِ وَالْهِدَايَةِ وَالْإِضْلَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ وَلَمْ يُشْرِكْهُ أَحَدٌ فِي خَلْقِ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا فِي التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَتَفَرَّدَ بِالْأَسْمَاءِ الحسنى والصفات العلا وَلَمْ يَتَّصِفْ بِهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يُشْبِهْهُ شَيْءٌ فِيهَا فَكَذَلِكَ تَفَرَّدَ سُبْحَانَهُ بِالْإِلَهِيَّة ِ حَقًّا، فَلَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لُقْمَانَ: 30]، {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 91]، {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 21]، {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الْإِسْرَاءِ: 42]، {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الْمَائِدَةِ: 73]، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آلِ عِمْرَانَ: 62]، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 64]، {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ} [الزُّمَرِ: 38]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} [فَاطِرٍ: 40]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الْأَحْقَافِ: 4]. {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم ْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرَّعْدِ: 16]، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [ص: 65].
    معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى شهادة لا اله الا الله - من معارج القبول

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    (فَإِنَّ مَعْنَاهَا)
    العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا؛
    لا بد من العلم بلا إله إلا الله؛
    قال تعالى ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]،
    وقال تعالى: ﴿ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86]؛ أي: لا إله إلا الله ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
    قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي:
    ﴿ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ ﴾؛ أي: نطق بلسانه، مقرًّا بقلبه، عالِمًا بما شهد به، ويشترط أن تكون شهادته بالحق، وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، ولرسله بالنبوة والرسالة، وصحة ما جاؤوا به، من أصول الدين وفروعه، وحقائقه وشرائعه، فهؤلاء الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين، وهؤلاء الناجون من عذاب الله، الحائزون لثوابه. وقال تعالى:﴿ شَهدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18])).
    يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية:
    ((شهد تعالى، وكفى به شهيدًا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾؛
    أي: المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه))
    إن الدين عند الله الإسلام يعد إخباره بشهادة الملائكة وأولي العلم أنه لا إله إلا هو،
    والإله هو المستحق للعبادة،
    فأما من اعتقد في الله أنه رب كل شيء وخالقه،
    وهو مع هذا يعبد غيره، فأنه مشرك بربه متخذ من دونه إلهًا آخرَ، فليست الإلهية هي الخلق أو القدرة على الخلقِ أو القِدَم، كما يفسرها الجاهلون من أهل الكلام؛ إذ المشركون الذين شهد الله ورسوله بأنهم مشركون من العرب وغيرهم لم يكونوا يشكون في أن الله خالق كل شيء وربه، فلو كان هذا هو الإلهية لكانوا قائلين: إنه لا إله إلا هو.
    وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وفي الحديث عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة))
    وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
    ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
    ومعنى لا إله إلا الله؛ أي:
    لا معبود مستحقًّا للعبادة إلا الله وحده
    ، فكلمة "لا إله" تنفي استحقاق العبودية عن كل المعبودات سوى الله تعالى،
    وكلمة "إلا الله" تُثبت استحقاق العبادة لله دون غيره
    ، فما عبد من دون الله تعالى، فهو معبود بالباطل؛
    كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].
    وإنما كانت الآلهة التي عبدت من دون الله تعالى معبودة بالباطل، ولا تستحق العبادة؛
    لأنها ليس لها من الأمر شيء،
    ولا تملك رزقًا ولا ضرًّا ولا نفعًا، وليس لهم نصيب من الخلق والتدبير؛
    قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17].
    فنفى سبحانه عن كل المعبودات غيره أي صورة من صور التملك أو الشركة أو المساعدة، ولا حتى الشفاعة إلا بإذنه، فانتفى عنهم كلُّ صور التصرف وبانَ بُطلان عبادتهم، وثبت أنه لا مستحق للعبادة إلا الله تعالى: ﴿ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 22]،
    والحاصل أن من قال هذه الكلمة عارفًا معناها عاملًا بمقتضاها، ظاهرًا وباطنًا من نفى الشرك والانخلاع عنه،
    وإثبات العبادة لله مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل بها،
    فهو المسلم حقًّا،
    ومن ثم يسعد ويفز بصحبه النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا.
    قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
    (وقد مكث صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى الله سبحانه، ويحذِّر الناس من الشرك به، ويوضح لهم معنى لا إله إلا الله،
    فاستجاب له الأقلون، واستكبر عن طاعته وأتباعه الأكثرون، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام،
    فنشر الدعوة إلى الله سبحانه هناك بين المهاجرين والأنصار، وجاهد في سبيل الله،
    وكتب إلى الملوك والرؤساء وأوضح لهم دعوته، وما جاء به من الهدى، وصبر وصابر في ذلك هو وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين صلى الله عليه وسلم حتى ظهر دين الله،
    ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر التوحيد بعده.
    ثم قام أصحابه صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله سبحانه والجهاد في سبيله في المشارق والمغارب، حتى نصرهم الله على أعدائه، ومكَّن لهم في الأرض، وظهر دين الله على سائر الأديان، كما وعد بذلك سبحانه في كتابه العظيم؛ حيث قال عز وجل:﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33])) .
    فـ« لا إله إلا الله» نفت الألوهية عن كل ما سوى الله، وأثبتت الألوهية له وحده لا شريك له؛
    قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:
    ((والألوهية هي العبادة ولا بد للعبادة من ركنين معًا هما كمال الحب لله تعالى مع كمال الذل لله جل وعلا، وهي ما أمر الله به شرعًا مع كمال الحب ومع كمال الخضوع)).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع،
    فإن الإسلام مبني على أصلين:
    أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له،
    والثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نعبده بالأهواء والبدع؛
    قال الله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]. فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، من واجب ومستحب، لا نعبده بالأمور المبتدعة)).
    فالله جل وعلا ما خلق الخلق هملًا ولا تركهم سدًى، بل خلقهم لغاية واضحة وهدف محدد، ألا وهو عبادة الله وحده بلا شريك؛ قال ابن القيم رحمه الله:
    ((إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه، ومحبته والإخلاص له، فبذكره تطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم، وبرؤيته في الآخرة تقَر عيونهم ويتم نعيمهم، فلا يعطيهم في الآخرة شيئًا هو أحب إليهم ولا أقر لعيونهم، ولا أنعم لقلوبهم: من النظر إليه وسماع كلامه منه بلا واسطة، ولم يعطهم في الدنيا شيئًا خيرًا لهم، ولا أحب إليهم، ولا أقر لعيونهم من الإيمان به ومحبَّته والشوق إلى لقائه، والأُنس بقُربه والتنعم بذكره)) .
    فالعبادة هي طاعة الله، بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل؛
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
    ((العبادة : هي التذلل لله عز وجل محبة وتعظيمًا بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به الشريعة))



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •