هل نستفيد دنيويا من ديننا؟



سالم الناشي


هناك فريق من الناس قد تطرأ على ذهنه بعض الأفكار المشوشة، كأن يسأل نفسه ما فائدة العبادات التي يؤديها العبد في الدنيا؟ أو ماذا يعود عليه من النفع المادي من ممارسة تلك العبادات؟

- لا شك أن مرد هذه الأفكار يعود إلى قلة الثقافة في الدين عندهم، فديننا العظيم قد اشتمل على أنواع متعددة من العبادات، كلها فوائد ومصالح تصب في مصلحة العباد، سواء في الدنيا أم في الآخرة، فالله -عز وجل- له ثوابان: معجل، ومؤجل، قال الله -تعالى-: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} (سورة النساء:134).

- وهذه العبادات صنفان، الأول: ما عجَّل الله نفعه وثوابه في الدنيا، كعبادة الاستغفار، وذلك في قوله -تعالى-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} (سورة نوح:10- 12)، وكذلك صلة الرحم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، (يعني: يطال في عمره)، فليصل رحمه»، كما أن «من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله»، يعني: في حفظه ورعايته، و«السواك مطهرة للفم». كما أنه -جل وعلا- شرع للمجاهدين الغنائم، وهي أمر دنيوي، ما يدل على أن الله كريم يعطي في الدنيا وفي الآخرة، وعطاء الدنيا في الحقيقة إنما هو تنشيط لهمم العباد؛ ليعملوا ويجدوا للآخرة فهي ولا شك خير وأبقى.

- والثاني: لا يُدرى ثوابها إلا في الآخرة، من ذلك مثلا عبادة الصيام، ففي الحديث: «إلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ». وكثواب الحج والعمرة، فـعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -[- فِي عُمْرَتِي: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ».

إذًا لابد أن نقر بأشياء حتى تنجلي الأمور..

- نقر.. أن الله -عز وجل- لم يخلقنا عبثا.. {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} (المؤمنون:115).

- لذا.. يجب أن نعبد الله كما أمرنا، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56).

- نقر.. أن الدنيا فانية والآخرة باقية..

- لذا.. فلا نؤثر الفانية على الباقية {ويَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (غافر:39). {زين للذين كفروا الحياة الدنيا} (البقرة: 212).

- نقر.. أن الله وضع الميزان الحق.. {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا}.

- لذا.. نأخذ من الدنيا ما يُعيننا على طاعةِ الله، وعلى الفوزِ في الآخرة. {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (الفجر:23-24).

- فإذا عرفنا هذا وأقررنا به فيجب علينا..

- أن نرتبط بالآخرة أكثر من الدنيا.. {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} (الضحى:4).

- وأن نحرص على حسن الخاتمة.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(أل عمران:102).

- وأن نقوم بحق الله من العبادة باستمرار.. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99).