السؤال:
♦ الملخص:
سائل يسأل عن العبادة رغبة في ثواب الدنيا والآخرة معًا، فهو يرى أن المنافع الدنيوية تكون مشجعة للعبادة، ويسأل: هل هذا من الشرك؟
♦ التفاصيل:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذَها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة))، ونحن نحب أن نقرأ هذه السورة لإيماننا ببركتها، وطلبًا للبركة في الدنيا، والستر والحفظ من كل شر ومكروه، ولكن: هل هذا يدخل في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾ [آل عمران: 145]؛ أي: هل للقارئ ثواب الدنيا فقط، ولا يتحصل على ثواب الآخرة، هل هو مشرك؟ كذلك الأمر في عموم العبادات، فمن خاف أنه إذا ترك صلاته، فستصبح حياته ضنكًا، ومن يبَرُّ رَحِمَهُ وأقاربه، ويتصدق وهو يرجو إطفاء غضب الرب، والستر في الدنيا، ومن أخرج صدقة بقصد دفع بلاء السوء، هل هو مشرك؟ علمًا أنني أدرك في قرارة نفسي أن كل عمل صالح نرجو به ثواب الآخرة، وكل سيئة لا نفعلها خوفًا من النار، ولكن في بعض الأوقات تكون المصالح والمنافع الدنيوية مشجعًا للعبادة، فهل هذا من الشرك، ويذهب بثواب الآخرة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فهذا تفصيلٌ حَسَنٌ من الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في هذه المسألة.
قال الشيخ صالح آل الشيخ في [التمهيد شرح كتاب التوحيد (1/ 406، 407)]: "والأعمال التي يعملها العبد، ويستحضر فيها ثواب الدنيا على قسمين:
القسم الأول: أن يكون العمل الذي عمِله، واستحضر فيه ثواب الدنيا وأراده، ولم يُرِدْ ثواب الآخرة، لم يُرَغِّب الشرع فيه بذكر ثواب الدنيا؛ مثل: الصلاة والصيام، ونحو ذلك من الأعمال والطاعات، فهذا لا يجوز له أن يريد به الدنيا، ولو أراد به الدنيا، فإنه مشرك ذلك الشرك [الأصغر].
والقسم الثاني: أعمال رتَّب الشارع عليها ثوابًا في الدنيا، ورغَّب فيها بذكر ثواب لها في الدنيا؛ مثل: صلة الرحم، وبر الوالدين، ونحو ذلك؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من سَرَّه أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ له في أثَرِهِ، فلْيَصِلْ رَحِمَهُ))، فهذا النوع إذا استحضر في عمله حين يعمل ذلك العمل، استحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل، ولم يستحضر الثواب الأخروي، فإنه داخل في الوعيد، فهو من أنواع هذا الشرك [الأصغر]، لكن إن استحضر الثواب الدنيوي والثواب الأخروي معًا، له رغبة فيما عند الله في الآخرة ويطمع في الجنة، ويهرب من النار، واستحضر ثواب هذا العمل في الدنيا، فإنه لا بأس بذلك؛ لأن الشرع ما رغَّب فيه بذكر الثواب في الدنيا إلا للحضِّ عليه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ((من قتل قتيلًا، فله سَلَبُهُ))، فمن قتل حربيًّا في الجهاد لكي يحصل على السلب، ولكن قصده من الجهاد الرغبة فيما عند الله جل وعلا، مخلصًا فيه لوجه الله، لكن أتى هذا من زيادة الترغيب له، ولم يقتصر على هذه الدنيا، بل قلبه معلق أيضًا بالآخرة، فهذا النوع لا بأس به"؛ انتهى كلامه حفظه الله، وفيه الكفاية.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/148206/#ixzz70fXgTlYP