حتى هؤلاء كرماء


سالم الناشي






- الكرم هو البذل والسخاء بالنفس والوقت والمال والجاه عن طيب نفس.

- والكريم من صَفات الله -تعالى- وأَسمائه، وهو الكثيرُ الخير، والجوادُ المُعطِي الذي لا ينفَذُ عطاؤه من الجود، فالله كريم جواد، وعزيز، وصفوح.

- ومن عظيم كرم الله قوله -تعالى-: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 261).

- وورد اسم (الكريم) ثلاث مرات في القرآن الكريم: في قوله -تعالى-: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (سورة النمل:40)، وأيضا: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} (سورة الإنفطار:6) وأيضا: {فَتعالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (سورة المؤمنون:116).

- وفي السنة جاءت صفة الكريم اسما من أسماء الله ، فعن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: «لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الحليمُ الكريمُ»، وأيضا عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: « إنَّ اللهَ كريمٌ يُحبُّ الكرمَ» وفي رواية « يحب الكرماء».

- وجاءت الكريم مع الوجه، من مثل: «كان إذا دخلَ المسجِدَ قال أعوذُ باللهِ العظيمِ وبوجهِهِ الكريمِ»

- وجاءت مع العرش، من مثل: «وربُّ العرشِ الكريمُ» فَقَد وَصَفَه بالكَرَمِ، أي: بِالحُسنِ مِن جِهة الكَيف، ووَصَفَه بالعَظَمةِ مِن جِهةِ الكَمَّ.

- وجاءت في وصف القرآن الكريم، وذلك في قوله -تعالى-: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (٧٧ :الواقعة). أي: كثير الخير، غزير العلم.

- كما جاءت في مقام بر الوالدين، في قوله -تعالى-: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (٢٣ الإسراء) أي: ارفق بهما، وقل لهما قولا لينًا لطيفًا.

- كما أكد الله -عز وجل- أن هذا القرآن العظيم كَلامه، يتلوه رسول عظيم الشرف والفضل، في قوله -تعالى-: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (١٩ التكوير).

- وقسم الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - الرجال فئتين: «رجلٌ بَرٌّ تقيٌّ كريمٌ على اللهِ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على اللهِ».

- وقد أورد العلماء معانيَ كثيرة لمعنى الكريم منها: الذي يعطي لا لعوض أو سبب، وهو الذي يستبشر بقبول عطائه ويسر به، ويعم عطاؤه المحتاجين وغيرهم، وأيضا هو الذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفَّى. وأيضا هو الذي لا يضيع من توسل إليه، ولا يترك من التجأ إليه.


- والكرم من دلائل الإيمان: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ لئيم».

- ومن فوائد الكَرَم أنه مِن كمال الإيمان وحُسْن الإسلام، ودليل حُسْن الظَّن بالله -تعالى-، والكريم له كرامة في الدُّنْيا، ورفع للذِّكر في الآخرة، وهو محبوبٌ مِن الخالق الكريم، وقريبٌ مِن الخَلْق أجمعين، ونفعه متعدٍّ غير مقصور. والكَرَم يزيد البركة في الرِّزق والعمر، وهو تزكِّية للنفس وتطهير لها من البخل والشح، والكرم يمنع من سيطرة حبِّ التَّملُّك والأثرة.

- والكرم قد يكون بالكلمة الطيبة، والبشاشة، وفي برك وعطفك على أهلك وعلى المسلمين والناس أجمعين. قال -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْ نِ وَالْأَقْرَبِين َ} (البقرة: 215). وقال - صلى الله عليه وسلم - «والْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «ومَهْما أنْفَقْتَ فَهو لكَ صَدَقَةٌ، حتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا في فِيِّ امْرَأَتِكَ». قال -تعالى-: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (الضحى:10)، أي في عطائك وكرمك، بل رُدَّه ردا جميلا، أو أكرمه إكراما جزيلا.