التلفظ بخطأ في الذات الإلهية دون قصد


السؤال:
الملخص:
سائل يسأل عن حكم تجريب بعض الألفاظ وتحويرها عن حقيقتها، وقد أنتجت لفظًا لا يجوز في حق الله عز وجل، علمًا بأنه لا يقصدها لا في اللفظ ولا في المعنى.
التفاصيل:
من كان يتخبط في الألفاظ بسبب بعض الوساوس غير القهرية، مع وعيه بما يقول وقصده الطريق الموصلة للخطأ دون الخطأ، فما حكم مثلًا مَن يجرب تخفيف الأحرف وأنه هل ستتغير الكلمة أو لا إذا لم يضغط على مخرج الغين، فوجد نفسه يقول: "أستفل الله"، بدلًا من "أستغفر الله"، ثم تاب، ثم جرَّب قول: أستغفر الله بالراء مع وضع اللسان على مخرج اللام، فوجد نفسه قال: "أستغفل"، ثم تاب - فهل يعد هذا التجريب وهذه الكلمات في حكم المخطئ أو المتعمد؟ علمًا بأنه كان يرجو ألَّا تتغير الكلمة، وهل يكون ذلك مُخرِجًا من الملة، خاصة قول: أستغفل، وهو لا يقصد الكلمة ولا المعنى؟ أفتونا مأجورين.

الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: نعم، هذا من الخطأ المعفوّ عنه؛ فإن مجرد سبق اللسان من الخطأ المعفو عنه، فلا مؤاخذة على ما جرى على لسانكِ من غير قصد، ولو كان ظاهره محظورًا لعدم القصد؛ فقد قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ))؛ [رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني]
وقال صلى الله عليه وسلم حكاية عن رجل في حديث التوبة: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح))؛ [رواه مسلم].
قال ابن حجر: "المخطئ: من أراد الصواب فصار إلى غيره، ويفرق بينه وبين الخاطئ بأن الخاطئ من تعمد الخطأ؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].
وأما الخطأ المعفوُّ عنه؛ فهو مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ﴾ [الأحزاب: 5]"؛ [انظر فتح الباري: (5/ 160)].
وفي فتاوى نور على الدرب للعلامة ابن عثيمين في معرض كلامه عن الفرق بين النطق بالكفر قصدًا، والنطق به عن سَبْقِ لسانٍ: "أما شيء سبق على لسانه بأن كان يريد أن يمدح الدين، فقال كلمة سبٍّ بدون قصد، بل سبقًا على اللسان، فهذا لا يكفر؛ لأنه ما قصد السب بخلاف الذي يقصده وهو يمزح، ولهذا ثبت في الصحيح في قصة الرجل الذي كان في فلاةٍ، فأضاع راحلته وعليها طعامه وشرابه، فلم يجدها، ثم نام تحت شجرةٍ ينتظر الموت، فإذا بناقته على رأسه فأخذ بزمامها، وقال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح))، فلم يؤاخذ لأن هذا القول الذي صدر منه غير مقصودٍ له، بل سبق على لسانه، فأخطأ من شدة الفرح، فيجب أن نعرف الفرق بين القصد وعدمه".
ثالثًا: أما عن الوسواس، فأفضل وأنجز علاجٍ له التجاهل والتغافل وعدم الاسترسال، وقطعه بذكر الله تعالى، والانشغال بالنافع لكِ من خيري الدنيا والآخرة.
وللمزيد عليكِ بمطالعة استشارتنا:
1- وسواس قهري متعلق بالدين والقرآن.
2- أعاني من وساوس تتعلق بالآخرة.
3- التوبة مع تكرار الذنب.
4- وساوس قهرية مستمرة.
5- الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها.
6- أهمية دراسة العقيدة.
7- التشتت في طريقة الاستقامة.
8- حديث نفسي كفري.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.