حفظ المكانة الرفيعة للمرأة



سالم الناشي




- لقد بين ديننا العظيم مكانة المرأة، ونقلها إلى عالم جديد من المشاركة في المجتمع، وأعطاها من الحقوق لكي تشعر بالاستقرار والأمان، كما هيأ لها الظروف كي تكون أما وزوجة؛ «فقد جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ». وقال - صلى الله عليه وسلم - عن النفقة على الزوجة: «مَهْما أنْفَقْتَ فَهو لكَ صَدَقَةٌ، حتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا في فِي امْرَأَتِكَ». لقد ذلل الإسلام للمرأة كل السبل ليكون عطاؤها ودورها كبيرا وواضحا.

- ففي الوقت الذي منحها الإسلام حق الدعوة إلى الله، فلها أن تبين دين الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ كما الرجل، وهي وظيفة الأنبياء العالية، نجد - قبل الإسلام- مجرد قدومها إلى الحياة شراً ينبغي نفيه والبعد عنه، قال -تعالى-: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون} (النحل:58- 59)، فتُحرم الفتاة أبسط حقوقها وهو حقّ الحياة.

- وفي الوقت الذي جعل لها الإسلام ملكية خاصة، وجعل لها مطلق التصرف في مالها، وجعلها شريكة الذكر في الميراث، وأوجب لها على زوجها حقوقا كثيرة، وأوجب على أبيها وقراباتها الإنفاق عليها عند حاجتها، كانت - قبل الإسلام - مجرد متاع كأثاث البيت. وفي الإسلام لها مثل الرجل في العدل والثواب، قال الله -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 97)، وأكّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: «إنَّما هنَّ شقائقُ الرِّجالِ».

ومن معالم حفظ المكانة الرفيعة للمرأة أن دعا الإسلام إلى أساسيات ينبغي على المجتمع المسلم التزامها وتأكيدها منها:

- أن البيت هو المكان الأساسي للمرأة: قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب:33)، أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، فإن الخروج قد يكون فيه ما يضايق المرأة، ويعوقها عن مهمتها العظيمة، وهي: الحفاظ على كيان الأسرة.

- عدم إظهار الزينة لغير مستحقها: لذا قال الله -عز وجل-: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:33)، وهو إظهار ما لا ينبغي إظهاره من الزينة، كما كان في المجتمع الجاهلي، فالواجب على المرأة حفظ نفسها عن الأجانب ، بلبس الحجاب الشرعي طاعة لله ولرسوله، ، وحذرا مما نهى الله عنه ورسوله، وحرصا على سلامة دينها ونفسها. وهذه هي دعوة الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب:59). والجلابيب ما تضعه المرأة على رأسها وبدنها حتى لا يظهر منها شيء لغير محرمها، وهذا من العفاف الذي يحبه الله -تبارك وتعالى-، قال -عز وجل-: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور:60).


- لبس الحجاب الشرعي: قال -عز وجل- في أمهات المؤمنين: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ َ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53)، وذلك لإقامة المجتمع النقي الصافي المحافظ، فالطهارة هنا للجميع رجالا ونساء، ولا سيما إن لبست المرأة حجابها الشرعي. فالتحجب فيه طهارة وزكاة وسلامة للجميع.


- غض البصر: قال -عز وجل-: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور:31) فمدخل العلاقة في المجتمع بين الرجل والمرأة الأجنبيين عن بعضهما هو الاحترام المتبادل، وأوله عدم النظر إلى الآخر بعين الرغبة والاحتياج.

- ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى تحصين المجتمع، وأن نكتفي بما شرعه الله وأباحه لنا، ففي ذلك النجاة والسلامة والمحافظة على المجتمع.