جامع زوجته في حشها قبل الزواج: (استشارات الألوكة)
جامعت زوجتي في دبرها قبل الزواج
السؤال:♦ الملخص:
شاب جمعته علاقة بفتاة وكان يواقعها في الدُّبر، ثم تقدم إليها، فإذا بأبيها لا يُصلي، وقد دخل بها بعد العقد وقبل الزواج الرسمي، ويسأل عن صحة زواجه، وكيف يتوب.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
أنا في منتصف العشرينيات تقريبًا، تزوجت قبل سنة بفتاةٍ كنتُ على علاقة بها بغرض الزواج؛ فأنا لا أحب الحرام (أعرف أن هذا حرام، لكن كي نكون واقعيين، فإن مجتمعاتنا الآن تفرض أمورًا بسبب جهلنا وأسباب أخرى كثيرة، لكن مع هذا، أعترف بتقصيري، وأسأل الله أن يغفر لي)، وبعد بحث طويل تعرفت على فتاة، اتضح لي أنها صالحة للزواج، بعد أن لمستُ فيها جانبًا دينيًّا على العكس من فتيات أُخريات عرفتُهن، ارتبطت بها وكنت أواقعها في الدبر؛ لأنني... لا أدري صراحة ماذا كان يُصيبني؛ إذ كنت أندم وأكرر نفس الذنب والعياذ بالله، لكني لم أكن راضيًا عما اقترفته يداي، كانت نيتي الزواج بها زواجًا شرعيًّا؛ فما كان مني بعد ذلك إلا أن ذهبتُ لخِطبتها، وقابلتني شبهتان في الزواج بها؛ أولاهما أن أباها تاركٌ للصلاة، ولكن لأنني كنت أحبها، وأخشى إن أنا تركتُها أن تكون عُرضة لذئاب المجتمع، وأكون أنا السبب وراء شرور ستحدث لها - فقد أكملتُ الطريق، وخطبتها، وثاني الشبهتين أنني دخلت بها قبل الزواج الرسمي؛ الذي يكون فيه الإشهار والوليمة التي يأكل منها الناس، وإعطاء مبلغ الصَّداق أمام العائلة، وحضور العدلين اللذين يوثقان الزواج؛ حيث إنه بعد أن قال لي أبوها: زوَّجتُك ابنتي، واتفقنا على الصداق، ويوم العرس أو ضرب الصداق كما يسمى في بلدنا - اعتبرتها زوجتي وبعدها بشهر دخلت بها؛ أي: قبل الزواج الرسمي، وإلى يومنا هذا لم تحمل مني؛ أي: مرت سنة كاملة، ثم إنني بعد الزواج اتجهت للتدين، واستيقظتُ من سباتي، وتُبت إلى الله، فكلما ذكرت ذنبًا، ندِمت عليه ندمًا شديدًا، واستغفرت منه، وبحثت كيف أصلحه إن استطعت، أعلم أن ذنوبي كثيرة، لكن حاشا لله أن تضيق عليَّ رحمته التي وسعت كل شيء، أرجو مغفرة الله، ولكن أخافه في نفس الوقت، وأحب أن أكون مرضيًّا عنده، لا أعرف ماذا يحدث لي:
هل هذا الإحساس طبيعي أو ماذا؟
وسؤالي الذي أطرحه: هل زواجي هذا يعتبر ذنبًا أو زنًا أو ماذا؟
وإن كان خطأً، فكيف أتوب منه؟
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك أخي الكريم، ونسـأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: أحمد لك خوفك وندمك، وحرصك على التوبة لِما اقترفت من ذنوب وآثام، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ثالثًا: أما مسألة جهلك وما يترتب عليها من أحكام؛ فقد سُئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين: هل يُعذر الجاهل بما يترتب على المخالفة، كمن يجهل أن ترك الصلاة كفر؟
فأجاب:"الجاهل بما يترتب على المخالفة غير معذور، إذا كان عالمًا بأن فِعْلَهُ مخالف للشرع كما تقدم دليله، وبناء على ذلك؛ فإن تارك الصلاة لا يخفى عليه أنه واقع في المخالفة، إذا كان ناشئًا بين المسلمين، فيكون كافرًا، وإن جهل أن الترك كفر.نعم، إذا كان ناشئًا في بلاد لا يَرَون كُفْرَ تارك الصلاة، وكان هذا الرأي هو الرأي المشهور السائد بينهم، فإنه لا يكفر، لتقليده لأهل العلم في بلده، كما لا يأثم بفعل محرم يرى علماء بلده أنه غير محرم؛ لأن فرض العامي التقليد؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، والله الموفق"؛ [مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: (2/ 138)].
رابعًا: فقد وقع في سؤالك عدد من المسائل:
الأولى: حكم زواجك من امرأة أبوها لا يصلي.
الثانية: حكم الجماع في الدُّبُرِ.
الثالثة: حكم الدخول بالمعقود عليها قبل إعلان البناء.
فالأولى: ولاية تارك الصلاة:
فإذا كان الولي لا يصلي، فقد اختلف العلماء في حكم عقده للنكاح بِناء على حكم تارك الصلاة؛ فمن قال بأنه مسلم عاصٍ مرتكب لكبيرة، فقد صحَّح عقده؛ لأن الفسق ليس مبطلًا للولاية على الراجح من أقوال العلماء، وهو مذهب الأحناف، ومشهور مذهب المالكية مع الكراهة، وذهب الشافعية والحنابلة لعدم صحته، ومن قال بكفره، فقد أبطل عقده للنكاح؛ لأنه مرتد؛ [وينظر: نهاية المحتاج: (6/ 238)، والإنصاف: (8/ 73)، وحاشية ابن عابدين: (3/ 55)، وحاشية الدسوقي: (2/ 230)، ومنح الجليل: (3/ 289)].
وهذه من مسائل الخلاف المعتبر بين العلماء، ولا تثريبَ على مَن ترجَّح عنده أيٌّ من هذين القولين، ما دام مجتهدًا، إن كان من أهل الاجتهاد، أو مقلدًا تقليدًا سائغًا له.
قال ابن عثيمين: "إذا كان ناشئًا في بلاد لا يَرَون كفر تارك الصلاة، وكان هذا الرأي هو الرأي المشهور السائد بينهم، فإنه لا يكفر، لتقليده لأهل العلم في بلده، كما لا يأثم بفعل محرم يرى علماء بلده أنه غير محرم؛ لأن فرض العامي التقليد؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، والله الموفق"؛ [مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: (2/ 138)].
المسألة الثانية: حكم الجماع في الدبر:
فإنَّ إتيان الزوجة في دبرها كبيرة عظيمة من الكبائر؛ وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم مَن فعل هذا؛ فقال: ((ملعون من أتى امرأة في دبرها))؛ [أحمد: (2/ 479)، وهو في صحيح الجامع: (5865)].
وقال ابن تيمية: "وطْءُ المرأة في دُبُرِها حرامٌ بالكتاب والسُّنَّة، وهو قول جماهير السلف والخلف، بل هو اللوطية الصغرى؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: ((إنَّ الله لا يستحيي من الحق، لا تأتُوا النِّساء في أدبارهنَّ))، وقد قال تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]؛ و(الحرث) هو موضع الولد؛ فإنَّ الحرثَ هو مَحل الغَرْسِ والزَّرع، وكانتِ اليهودُ تقول: إذا أَتَى الرجل امرأته من دُبُرِها جاء الولد أحْولَ، فأنزل الله هذه الآية؛ وأباح للرجل أن يأتيَ امرأته من جميع جهاتها، لكن في الفَرْجِ خاصَّة، ومتى وطِئها في الدُّبُر وطاوعتْه، عُزِّرا جميعًا، فإن لم ينتهيا، وإلا فُرِّق بينهما، كما يُفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجُر به.فالواجب عليكما لصحة الزواج، التوبة والندم والعزم على عدم العودة لمثلها أبدًا، وكثرة الاستغفار والأعمال الصالحة.
المسألة الثالثة: الدخول بالمعقود عليها:
فالمرأة المعقود عليها عقدًا شرعيًّا تعتبر زوجة لمن عقد له عليها، فيحِلُّ لكلٍّ منهما مع الآخر ما يحل بين الزوجين، إلا أنه ينبغي أن يُراعَى ما بينهما ما قد يكون من شرط أو عُرفٍ بتأخير الدخول.
وعليه؛ فعقدك على هذه المرأة صحيح، ولكن ينبغي عليكما التوبة من اللواط - الجماع في الدبر - وأن تستقيما على أمر الله، وتبتعدا عن خطوات الشيطان وتزيينه ووسوسته، وأن تأمر أهلك بالصلاة وبتقوى الله.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/147821/#ixzz6z24ywA5r
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف بن سلامة
