أنت تسأل عن الناحية الشرعية ، ولكني لا أتكلم عنها ألبتة ..
فكل شخص له حكمه الخاص به، ودينه الذي يدين الل به ..
إلا أني أذكر أني كتبت ورقةً لأحد طلبة العلم في هذا المجال حين طلب مني كتابتها، ومفادها: أن قارءة الكتب الفكرية والفلسفية مهمة جداً .. وكيف تعايش غيرك وأنت لم تقرأ في فكره ولم تعرف عنه شيئاً .. لا سيما أن بعض كتب الفكر تكشف لك مخبوءاً .. وتجعله لك مكشوفاً .. فتستبصر الواقع .. وتعرف درب الحاضر ..
وضرب علماء الأمة الأجلاء في ذلك مثلاً عالياً .. .. فلما قام منهج المتكلمين على منهج الفلاسفة : أسقطه بمنهج الإسلام كتاباً وسنة .. وأنه كان رحمه الله أعلم من كثير منهم بأصولهم ومنطلقاتهم ..
وغيره من علماء الإسلام الذين صارت لهم مناظرات ومكاتبات مع الفلاسفة والمتكلمين .. لو لم يقرأ في كتب فلسفتهم وكلامهم -الذي ضره أكثر من نفعه- لم يستطع الرد عليهم ..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل هذا مجال مفتوح لكل أحد ؟ أم أنه لا يؤهل له إلا أناس مخصوصون ؟
الجواب على هذا السؤال وضاح جلي .. لا يختلف فيه عاقلان .. من أنه : لا يقرأ في هذه الكتب إلا من حصن نفسه بحصون العقيدة الصافية .. وسياج الديانة الواضحة .. وإلا فكيف يتعدى إلى تلك المناهج ولم يتقن منهج نفسه ؟
حتى أن أهل العلم : يمنعون طالب العلم من قراءة كتاب (كشف الشبهات) للإمام : محمد بن عبد الوهاب ، أو (التدمرية) لشيخ الإسلام ابن تيمية .. لأنها تعرض العقيدة الصافية : عبر الرد على الخصوم !! فما بالك بمن يقرأ كتب الشبهات والفلسفة والفكر من وجهة نظر كتابها وأصحابها ..
إلا أن الإنسان قد يوفق بمفكر إسلامي .. صاحب منهج واضح .. وعقيدة صافية .. يدرك هذا كله .. فيوصل إليك المعلومة من وجهة النظر الإسلامية .. مع نقد لتلك الأفكار الضالة المضلة .. التي قد تغلف بأغلفة براقة (ظاهر فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب) .. وشيخنا العلامة د. عبد الرحمن المحمود من أفضل من يفعل مع طلابه ذلك .. والشيخ د. إبراهيم الناصر .. والشيخ د. ناصر الحنيني .. وغيرهم .. ومجلة (البيان ) تتطرق إلى ذلك في كثير من أعدادها ..
إلا أنه لا ينصح بهذه الخطوة -دراستها من وجهة النظر الإسلامية الناقدة- إلا بعد إتقان العقيدة الإسلامية الصافية .. حتى لا تختلط على المرء الأمور .. فيضل وينحرف .. ويزيغ ويهلك .. فإن الشبه خطافة .. والقلوب غير معصومة .. والله المستعان .. وعليه التكلان ..
فعليك بالعقيدة الصحيحة أولاً..
ثم كتب المناقشة في العقيدة ثانياً..
ثم انتقل للكتب التي تعرض مثل هذه الأفكار من الناحية الإسلامية عرضاً ونقداً ..
ثم تأتي مرحلة قراءة هذه الكتب مباشرة، وهي مرحلة بعيدة لا يصل إليها كل أحد ..
والله الأعلم بالصواب، والمرشد إليه ؛؛