يهدي قلبه



سالم الناشي


- هناك علاقة بين الإيمان وهداية القلب، {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن:11)، فقد يكون الإيمان هنا هو الإيمان بقضاء الله وقدره، فيعلم أن ما من مصيبة تصيبه إلا هي بقضاء الله وقدره، فيصبر ويحتسب، ويستسلم لقضاء الله، هنا: يهدى الله قلبه، بل قد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرا منه.

- أو يهدي قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. والهداية أيضا تأتي بمعنى الرضى والتسليم بما قدر الله عليه.

أو هو إيمانه وتعلقه بالله -تبارك وتعالى-؛ فيلجأ إلى الله -عز وجل- ويقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} (البقرة:156)

- وهذا اليقين أنزل المؤمن منزلة الصابر الشاكر، كما جاء في الحديث: «عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له».

- والهداية غاية البشر، {فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 38)، لذا على المؤمن أن يسأل الله الهداية، ويتضرع إليه في طلبها، وطلب التوفيق وانشراح الصدر للحق، فالله -عز وجل- يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر:60)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر عن الله -جل وعلا- أنه قال: «يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلَّا من هديتُه، فاستهدوني أهدِكُم».

- وقراءة القرآن وتدبر معانيه، من أسباب الهداية إلى الله، قال -تعالى-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء:9)، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} (فصلت:44)،

- وأيضا اتباع سنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وسيرته، سبب للهداية، من خلال التأسي بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وسيرة أصحابه، كما أن قراءة الأحاديث الشريفة تقرب المؤمن من المعين الصافي لكلام النبوة وتزيد في الثبات على الهداية.


- ومن أسباب الهداية حضور حلقات العلم، والأخذ عن العلماء المشهود لهم بالصلاح، واتباع القرآن والسنة بفهم سلف هذه الأمة، و مجالسة الصالحين والأخيار.


- قال -تعالى-: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (طه: 123)، فالسعادة الحقيقة في الاتباع؛ لذا قال -تعالى-: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (النور:54)، فأصل الهداية التمسك بكتاب الله -تعالى-، واتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15- 16).