بينما كنت أتصفح بعض المواقع
وجدت مشاركة بعنوان ( شباشب مصرية تحمل العلم الأمريكي للتعبيرعن الغضب ) فأحببت أن أذكر المناسب في الشرع حسب علمي والله أعلم ،فأقول :الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :قال سبحانه :
( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام (108) .
قال الإمام ابن كثير في التفسير :
( يقول تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو.
كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبك آلهتنا، أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، { فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ }
وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفار الله عدوا بغير علم، فأنزل الله: { وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ) اهـ .
أقول هذا يدل على أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة كما هو معلوم عند أهل العلم وطلبته ، فكيف إذا لم تكن مصلحة بل مفسدة عظيمة ، ولقد علمتم لما كان الحصار على العراق اثني عشر عاماً وكان بعض العراقيين رسموا صورة الرئيس الأميركي بوش وصورة العلم الأميركي على الأرض ليدوسوا عليها بالأقدام ، فماذا كان ؟! .. إن التفكير بهذه العقلية وهذا الأسلوب غير موفق ، ولا يدل عليه الدين ولا العقل ، وليس من سنة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، ولا خلفائه الراشدين ، ولا من جاء بعدهم من المسلمين إلا في عصر الانحطاط هذا ، وبهذا ضاع المسلمون وضاعت بلادهم ، ..أليس كذلك !!العدل العدل والإنصاف الإنصاف ولو مع أعدائنا كما قال تعالى :
{ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا } قال الإمام ابن كثير : ( .. أي: لا يحملنكم بغض قوم قد كانوا صدوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية، على أن تعتدوا [في] حكم الله فيكم فتقتصوا منهم ظلمًا وعدوانًا، بل احكموا بما أمركم الله به من العدل في كل أحد. وهذه الآية كما سيأتي من قوله تعالى: { وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } [ المائدة: 8 ] أي: لا يحملنكم بغض أقوام على ترك العدل، فإن العدل واجب على كل أحد، في كل أحد في كل حال.
وقال بعض السلف: ما عاملتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، والعدل به قامت السموات والأرض.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سَهْل بن عثمان حدثنا عبد الله بن جعفر، عن زيد بن أسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأصحابه حين صدهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق، يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نصد هؤلاء كما صدنا أصحابهم. فأنزل الله هذه الآية .
والشنآن هو: البغض. قاله ابن عباس وغيره ) اهـ .هذا والله أعلم وأعز وأكرم