"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (40)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الرعد" (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
القول الصحيح أن المستخفي هو المتستتر بالليل في ظلمته, والسارب الظاهر الذاهب في حوائجه.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله تعالى: (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) على قولين:

القول الأول: أن المستخفي هو المتستتر بالليل في ظلمته, والسارب الظاهر الذاهب في حوائجه. (اقتصر عليه ابن جرير*, والزمخشري*, وابن كثير*, وابن عاشور*) (ورجحه الشنقيطي*)

وهذا القول هو الصحيح, فالسارب الذاهب في سربه, والسَّرْب بفتح السين وسكون الراء هو الطريق.

القول الثاني: أن المستخفي بالليل هو الظاهر, والسارب هو المتواري أي: الداخل سرباً (ضعفه ابن عطية*)
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والرازي*, والقرطبي*)
(وذكر الماتريدي* القول الأول وبعض الثاني).

قال ابن عطية: "وهذا القول وإن كان تعلقه باللغة بيناً فضعيف، لأن اقتران الليل بالمستخفي والنهار بالسارب يرد على هذا القول".

فائدة:
قال الزمخشري: فإن قلت: كان حق العبارة أن يقال: ومن هو مستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار حتى يتناول معنى الاستواء المستخفي والسارب، وإلا فقد تناول واحداً هو مستخف وسارب.
قلت: فيه وجهان: أحدهما أن قوله (وسارب) عطف على (من هو مستخف)، لا على (مستخف)...".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/