مبحثٌ في:قول أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي (مِن البسيط):‏
ما كُلُّ ما يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدرِكُهُ *** تَجْرِي الرِّياحُ بما ‏لا تَشْتَهِي السُّفُنُ
أو
ما كُلُّ ما يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدرِكُهُ *** تَجْرِي الرِّياحُ بما لا يَشتَهِي السَّفَِنُ
الحمد للّه تعالى عظيم الشّان،المُتفضّ ِل على عباده بالنِّعَم الجسام،خلقَ فسَوّى،وقدّرَ فهَدى،فله الحمدُ والشّكرُ والفضلُ والمِنَّة في الآخِرة والأُولى.
والصّلاةُ والسّلامُ على صَفوةِ الخَلقِ وحََبيبِ الحَقِّ،محمّدِ بنِ عبد اللّه صلّى اللّه عليه وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبرارِ،ومَن تَبعهم بإحسانٍ ما تَعاقبَ اللّيلُ والنّهارُ.
هذا البيت الشِّعريّ يُعَدُّ بحقّ من نَوادِر وغُرَر ما جادت به قريحةُ أبي الطَيِّب المتنبِّيّ (ت:354هـ).وكم له – رحمه اللّه تعالى – مِن بدائع وفرائد انتظمت في ثنايا شِعره انتظامَ القَلائد على جيدِ الغَواني؛فكانت له كما ازيّنتِ السّماءُ بالنّجوم الزّواهِر.
وقد ابتدع بعضُ النّاسُ فيه روايةً،وزوّروا فيها قولا زعموه رأيًّا،ثمّ ما لَبثوا حتّى أنكروا خِلافَه،من غير أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ!.
وبيت المتنبِّيّ مِن قصيدته الشّهيرة الّتي يقولُ في مَطْلَعِها:
بمَ التَّعَلُّلُ ؟ لا أَهْلٌ ولا وَطَنُ *** ولا نَديمٌ ولا كَـْأسٌ ولا سَـكَنُ[1]
قالها بمصر في ربيع الآخِر من سنة سبع ‏وثلاثمّئة (307هـ)،لمّا بلغه أنّ قومًا نَعَوْهُ في ‏مجلس سيف الدّولة
الحمدانيّ بحَلَب،والّذي كان قد هجره مُغاضِبا،إبّان اتّصاله ‏بكافور؛فتأثّر من ذلك تأثُّرا بالغا. ‏
يتبع ...


[1] - ضمن خمسة وعشرين بيتاً،ديوانه (ص249 – 250).