قلتُ: وقفه خطأ، فقد خولف أبو نعيم في عمرو بن مرزوق فيما خرجه البيهقي في السنن الكبرى [13772]، فقال:
أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أنبأ أَبُو حَامِدِ بْنُ الشَّرْقِيِّ، نا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْجُذَانِي ُّ،
نا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا عَدْوَى، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ ". اهـ.
قال البيهقي: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، فَقَالَ: وَقَالَ عَفَّانُ: ثنا سُلَيْمٌ، فَذَكَرَهُ.
وتوبع فيما خرجه أبو الشيخ في الأمثال [163]، فقال:
حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ عِصَامٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو قُتَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بنحوه مرفوعا.
وهذا إسناد صحيح لا أجد له علة، وقد خرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم.
لذلك تعليل الحافظ ابن حجر رحمه الله الرواية المرفوعة برواية أبي نعيم الموقوفة كما هو ظاهر كلامه في الفتح مجانب للصواب.
ولم ينفرد به سليم بن حيان، فقد توبع فيما ورد في تذكرة الحفاظ (1/224) لابن القيسراني، قال: رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْخُوزِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قال القيسراني: "وإبراهيم ليس بِشَيْءٍ فِي الْحَدِيثِ". اهـ.
وقد يعل الحديث بما سيأتي:
لكن يروى عنها خلاف ذلك فيما خرجه الطبري في تهذيب الآثار [82]، فقال:
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ جَدَّتِهِ فُطَيْمَةَ، قَالَتْ:
دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْمَجْذُومِينَ :
" فِرُّوا مِنْهُمْ كَفِرَارِكُمْ مِنَ الأَسَدِ "؟ فَقَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: كَلا ! وَلَكِنَّهُ قَالَ: " لا عَدْوَى، فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟ "
وَقَدْ كَانَ مَوْلًى لِي يَأْكُلُ فِي صِحَافِي، وَيَشْرَبُ فِي أَقْدَاحِي، وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِي، أَصَابَهُ ذَلِكَ الدَّاءُ، فَلَوْ أَقَامَ مَعِي عَايَشْتُهُ مَا عَاشَ، وَلَكِنَّهُ سَأَلَنِي أَنْ أُجَهِّزَهُ إِلَى الْغَزْوِ، فَجَهَّزْتُهُ، وَغَزَا". اهـ.
قال القاضي عياض في الإكمال (7/163) :
"وهذا يدل من فحوى كلام عائشة أنها لم تنكر الحديث الأول،
ولكنها ذهبت إلى نسخه بقوله: " لا عدوى " وبفعله - عليه السلام - وقد روى - أيضاً - ذلك عن أئمة السلف عمر وغيره". اهـ.
قلتُ: نافع وجدته لم أجد لهما ترجمة.
قلتُ: كلامه مبسوط في التاريخ الأوسط [694]، قال البخاري:
حَدَّثَنَا علي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " لَا عَدْوَى وَلَا هَامَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ "،
قَالَ البخاري: [وروى] إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِي ُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الزَّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
قلتُ: قوله: "محمد بن أبي الزناد"، كما نبه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وخرجه من عدة طرق عن إبراهيم بن حمزة، قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به مرفوعا.
قَالَ البخاري: حَدَّثَنِي الْأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، مِمَّنْ أَدْرَكَ، حَدَّثُوهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
قال البخاري: "وَهَذَا بِانْقِطَاعِهِ أَصَحُّ". اهـ.
قلتُ: توبع الأويسي فيما خرجه ابن وهب في الجامع [634]، فقَالَ:
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ أَهْلُ رِضًا وَقَنَاعَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ، وَأَوْلِيَةِ النَّاسِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" لا عَدْوَى، وَلا هَامَةَ، وَلا صَفَرَ، وَاتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الأَسَدُ ". اهـ.
قلتُ: روى في ذلك قصة فيما خرجه الطبري في تهذيب الآثار [39]، فقال:
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْوَلِيدِ الْجُرْجَانِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّهَّاسُ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ عُكَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ:
أَشْرَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ ذَا الْبَابِ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ إِلَى الصَّفَا، وَهُوَ مُنْحَرِفٌ عَنِ الرُّكْنِ قَلِيلا، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
سَخُتْ دُرَسَتْ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لا عَدْوَى، وَلا طِيَرَةَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَفِرَارِكَ مِنَ الأَسَدِ ".
قَالَ: " فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَوْمُ " فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِلا فَصَمْتًا". اهـ.
قلتُ: النهاس بن قهم لعله يقصد بالمكي عطاء بن أبي رباح فهو راوية له.
قلتُ: عبد الرحيم بن يحيى وهو أبو محمد الديبلي، قد ضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد (٢/٢٢٠).
ولا أعلم مستنده في ذلك، قد ذكره المزي في تلاميذ عبد الرحمن بن مغراء الكوفي، وروى عنه ابن أبي الدنيا وإبراهيم بن موسى التوزي وغيرهما.
قلتُ: وانفراده بهذا لا يحتمل سيما وهو يروي إسناد فيه [عكرمة بن عمار، عَن ابن علية بن وئاب، عَن محمد بن علي]، وهذا لا معنى له.
إذ لا وجود لإسناد في الدنيا فيه عكرمة بن عمار يروي عن ابن عباس بواسطة محمد بن علي، فكيف بواسطة من يروي عن محمد بن علي؟!
وقد يكون هذا من تصرف بعض النساخ أو خطأ من المخطوط.
والله أعلم.