تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 29

الموضوع: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    32

    افتراضي حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    الصراحه بهذا الرابط
    https://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=179813
    ينقل اخ يدعى عبد المجيد نقول كثيره جدا عن السلف تصرح بقدم القرآن ولم يستطيع احد الرد عليه الا من اقوال شيخ الاسلام بن تيميه طبعا شيخ الاسلام هو شيخ الاسلام ولكن هؤلاء الائمه هم سلفه فكيف تفهم تلك النصوص حقيقة هي مشكله فعلا حتى هو عرض اشكال بها على سبيل المثال قول وكيع : من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
    فقال لو محدث هنا بمعنى مخلوق لكان الكلام من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر
    وهذا لغو ينزه عنه امام مثل وكيع فما توجيه محدث هنا والاخ عبد المجيد اورد نصوص كثيره صراحة مشكله جدا انا اعرف ان كلام بن تيميه صحيح من جهة النقل لكن نحن نتحدث عن ائمة من القرون الثلاثة ولا نظنها تنحرف في عقيدتها فلزم التوفيق

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    الصراحه بهذا الرابط
    https://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=179813
    ينقل اخ يدعى عبد المجيد نقول كثيره جدا عن السلف تصرح بقدم القرآن ولم يستطيع احد الرد عليه الا من اقوال شيخ الاسلام بن تيميه طبعا شيخ الاسلام هو شيخ الاسلام ولكن هؤلاء الائمه هم سلفه فكيف تفهم تلك النصوص حقيقة هي مشكله فعلا حتى هو عرض اشكال بها على سبيل المثال قول وكيع : من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
    فقال لو محدث هنا بمعنى مخلوق لكان الكلام من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر
    وهذا لغو ينزه عنه امام مثل وكيع فما توجيه محدث هنا والاخ عبد المجيد اورد نصوص كثيره صراحة مشكله جدا انا اعرف ان كلام بن تيميه صحيح من جهة النقل لكن نحن نتحدث عن ائمة من القرون الثلاثة ولا نظنها تنحرف في عقيدتها فلزم التوفيق
    السؤال

    لماذا تقولون إن القرآن محدث مع أن السلف قالوا إن القرآن كلام الله القديم تكلم به في القدم وهو غير محدث. وكفروا من وصف القرآن بمحدث؟ وكيف تفسرون هذه الآثار الواردة عن السلف:
    قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة: أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن زهير قال سمعت محمد بن يزيد قلت لوكيع يا أبا سفيان إن هذا الرجل رأيته عندك يزعم أن القرآن مخلوق فقال وكيع: من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر.اهـ.
    قال ابن كثير في البداية والنهاية : وروى البيهقي من طريق اسماعيل بن محمد السلمي عن أحمد أنه قال: من قال القرآن محدث فهو كافر. اهـ.
    جاء في " سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام ابن خزيمة إثباته هذا المعتقد :
    القرآن كلام الله تعالى ، وصفة من صفات ذاته ، ليس شيء من كلامه مخلوق ولا مفعول ولا محدث. فمن زعم أن شيئا منه مخلوق أو محدث أو زعم أن الكلام من صفة الفعل، فهو جهمي ضال مبتدع ، وأقول : لم يزل الله متكلما والكلام له صفة ذات. اهـ.
    5- أملى أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه اعتقاده واعتقاد رفقائه على أبي بكر بن أبي عثمان، وعرضه على محمد بن إسحاق الفقيه بن خزيمة فاستصوبه محمد بن إسحاق وارتضاه، وكان فيما أملى من اعتقادهم : فكلام الله عز وجل غير بائن عن الله ليس هو دونه ولا غيره ولا هو هو ، بل هو صفة من صفات ذاته كعلمه الذي هو صفة من صفات ذاته، لم يزل ربنا عالما ولا يزال عالما، ولم يزل يتكلم ولا يزال يتكلم، فهو الموصوف بالصفات العلى، ولم يزل بجميع صفاته التي هي صفات ذاته واحدا ولا يزال، وهو اللطيف الخبير. وكان فيما كتب : القرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته، ليس شيء من كلامه خلقا ولا مخلوقا ولا فعلا ولا مفعولا ولا محدثا ولا حدثا ولا أحداثا. الأسماء والصفات.
    يقول الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه "سير أعلام النبلاء: وقالت طائفة القرآن محدث كداود الظاهري ومن تبعه فبدعهم الإمام أحمد وأنكر ذلك، وثبت على الجزم بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه من علم الله وكفر من قال بخلقه وبدع من قال بحدوثه".
    في العلو للحافظ الذهبي أن فضيل بن عياض كان يقول : من زعم أن القرآن محدث فقد كفر ومن زعم أنه ليس من علم الله فهو زنديق.
    عن وكيع قال : من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر. (الأسماء والصفات تحقيق عبد الله الحاشدي والسنة المنسوب لعبد الله بن أحمد بن حنبل)
    قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عبيد الله الرازي أن رجلا من الجهمية احتج لزعمه أن القرآن مخلوق بهذه الآية ( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) فقال له هشام محدث إلينا محدث إلى العباد، وعن أحمد بن إبراهيم الدورقي نحوه.
    ومن طريق نعيم بن حماد قال: محدث عند الخلق لا عند الله ، قال وإنما المراد أنه محدث عند النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه بعد أن كان لا يعلمه، وأما الله سبحانه فلم يزل عالما.
    وقد نقل الهروي في الفاروق بسنده إلى حرب الكرماني ‏:‏ سألت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يعني ابن راهويه عن قوله تعالى ‏( وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ) قال ‏:‏ قديم من رب العزة محدث إلى الأرض.
    فسروا لي هذه الاثار الواردة عن السلف جزاكم الله خيرا؟


    الإجابــة


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    تفسير الآثار الواردة في السؤال، فيستبين بقول شيخ الإسلام ابن تيمية: الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه هو حديث، وهو أحسن الحديث، وليس بمخلوق باتفاقهم، ويسمى حديثًا وحادثًا، وهل يسمى محدثًا ؟ على قولين لهم. ومن كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المحدث إلا على المخلوق المنفصل كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآن في محنة الإمام أحمد رحمه اللّه وكانوا لا يعرفون للمحدث معنى إلا المخلوق المنفصل فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال: القرآن محدث، بل من قال: إنه محدث، فقد قال: إنه مخلوق. ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كتب إليه أنه تكلم بذلك، فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا فأنكره أئمة السنة. وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام اللّه غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه، وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره. والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي، فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام اللّه قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقين على أن اللّه يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم: إن القرآن قديم. وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كُلاب. اهـ.

    وقال أيضا رحمه الله: إن أردت بقولك: محدث، أنه مخلوق منفصل عن الله كما يقول الجهمية والمعتزلة والنجارية، فهذا باطل لا نقوله، وإن أردت بقولك: إنه كلام تكلم الله به بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك مع أنه لم يزل متكلما إذا شاء فإنا نقول بذلك. وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو قول السلف وأهل الحديث. اهـ.
    وبهذا يتبين متى يقبل هذا القول ومتى يرد، بحسب المراد منه، وقد وضح ذلك الحافظ ابن كثير عند كلامه على مبدأ فتنة القول بخلق القرآن في عصر المأمون وأنه كتب الكتب بامتحان الناس بذلك، وكان مضمونها الاحتجاج بأن القرآن محدث، وكل محدث مخلوق.
    قال ابن كثير: وهذا احتجاج لا يوافقه عليه كثير من المتكلمين فضلا عن المحدثين، فإن القائلين بأن الله تعالى تقوم به الأفعال الاختيارية لا يقولون بأن فعله تعالى القائم بذاته المقدسة مخلوق، بل لم يكن مخلوقا، بل يقولون: هو محدث. وليس بمخلوق، بل هو كلام الله القائم بذاته المقدسة، وما كان قائما بذاته لا يكون مخلوقا، وقد قال الله تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ. {الأنبياء: 2}. وقال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ. {الأعراف: 11}. فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم، فالكلام القائم بالذات ليس مخلوقا، وذا له موضع آخر، وقد صنف البخاري كتابا في هذا المعنى سماه خلق أفعال العباد. اهـ.
    وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: من قال إن القرآن محدث، فليس بمبتدع وليس بضال، بل قد قال الله تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ. نعم لو كان المخاطب لا يفهم من كلمة محدث إلا أنه مخلوق، فهنا لا نخاطبه بذلك ولا نقول إنه محدث؛ خشية أن يتوهم ما ليس بجائز. اهـ.
    وقال الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية: قال الله تعالى: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ. {الأنبياء: 2}. أي إن الله تعالى تكلَّم بالقرآن بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك، ولم يزل سبحانه متكلماً إذا شاء، فالقرآن محدث بهذا المعنى. أما تسمية المبتدعة له محدثاً بمعنى مخلوق فهذا باطل، لا يقول به إلا الجهمية والمعتزلة. فهذا الإطلاق بهذا الاعتبار لا يجوز. اهـ.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    الصراحه بهذا الرابط -اعتقد ان القرآن هو عين كلام الله القديم الازلي تكلم الله به في الازل بالصوت والحرف
    هذا قول من يوافق الكلابية والأشعرية قالوا: الكلام القديم هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة لازمة لذات الرب أزلاً وأبداً، لا يتكلم بها بمشيئته وقدرته، ولا يتكلم بشيء بعد شيء. ولم يفرق هؤلاء بين جنس الحروف, وجنس الكلام، وبين عين الحروف الأزلية، بل كله قديم أزلي، وليست الباء قبل السين, ولا السين قبل الميم.
    وهذا قول السالمية ومن اتبعهم كابن الزاغوني وبعض أهل الحديث وغيرهم. ومن هؤلاء من يقول في الحروف: إن الترتيب يكون في ماهيتها لا في وجودها، كما أن من هؤلاء من يقول: إن ما يسمع من أصوات العباد بالقرآن أو بعضه هو الكلام القديم، وقد يصرحون بأنه صوت الله. وهذه أقوال باطلة ظاهرة الفساد.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    والطائفة الأخرى التي وافقت ابن كلاب على أن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته قالت : بل الكلام القديم هو حروف أو حروف وأصوات لازمة لذات الرب أزلا وأبدا لا يتكلم بها بمشيئته وقدرته ولا يتكلم بها شيئا بعد شيء .
    ولم يفرق هؤلاء بين جنس الحروف وجنس الكلام وبين عين حروف قديمة أزلية وهذا أيضا مما يقول جمهور العقلاء إنه معلوم الفساد بالضرورة ; فإن الحروف المتعاقبة شيئا بعد شيء يمتنع أن يكون كل منها قديما أزليا وإن كان جنسها قديما ; لإمكان وجود كلمات لا نهاية لها وحروف متعاقبة لا نهاية لها وامتناع كون كل منها قديما أزليا فإن المسبوق بغيره لا يكون أزليا .
    وقد فرق بعضهم بين وجودها وماهيتها فقال : الترتيب في ماهيتها لا في وجودها وبطلان هذا القول معلوم بالاضطرار لمن تدبره فإن ماهية الكلام الذي هو حروف لا يكون شيئا بعد شيء والصوت لا يكون إلا شيئا بعد شيء فامتنع أن يكون وجود الماهية المعينة أزليا متقدما عليها به مع أن الفرق بينهما بينه لو قدر الفرق بينهما .
    ويلزم من هذين الوجهين أن يكون وجودها أيضا مترتبا ترتيبا متعاقبا .
    ثم من هؤلاء من يزعم أن ذلك القديم هو ما يسمع من العباد من الأصوات بالقرآن والتوراة والإنجيل أو بعض ذلك وكان أظهر فسادا مما قبله فإنه يعلم بالضرورة حدوث أصوات العباد .
    و " طائفة خامسة " قالت : بل الله يتكلم بمشيئته وقدرته بالقرآن العربي وغيره ; لكن لم يكن يمكنه أن يتكلم بمشيئته في الأزل لامتناع حوادث لا أول لها وهؤلاء جعلوا الرب في الأزل غير قادر على الكلام بمشيئته ولا على الفعل كما فعله أولئك ثم جعلوا الفعل والكلام ممكنا مقدورا من غير تجدد شيء أوجب القدرة والإمكان كما قال أولئك في المفعولات المنفصلة .
    وأما السلف فقالوا : لم يزل الله متكلما إذا شاء وأن الكلام صفة كمال ومن يتكلم أكمل ممن لا يتكلم كما أن من يعلم ويقدر أكمل ممن لا يعلم ولا يقدر ومن يتكلم بمشيئته وقدرته أكمل ممن يكون الكلام لازما لذاته ليس له عليه قدرة ولا له فيه مشيئة والكمال إنما يكون بالصفات القائمة بالموصوف لا بالأمور المباينة له ولا يكون الموصوف متكلما عالما قادرا إلا بما يقوم به من الكلام والعلم والقدرة .
    وإذا كان كذلك فمن لم يزل موصوفا بصفات الكمال أكمل ممن حدثت له بعد أن لم يكن متصفا بها لو كان حدوثها ممكنا فكيف إذا كان ممتنعا ؟
    فتبين أن الرب لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال ; ومن أجلها الكلام .
    فلم يزل متكلما إذا شاء ولا يزال كذلك وهو يتكلم إذا شاء بالعربية كما تكلم بالقرآن العربي وما تكلم الله به فهو قائم به ليس مخلوقا منفصلا عنه فلا تكون الحروف التي هي مباني أسماء الله الحسنى وكتبه المنزلة مخلوقة لأن الله تكلم بها .
    فصل ثم تنازع بعض المتأخرين في الحروف الموجودة في كلام الآدميين .
    وسبب نزاعهم أمران : " أحدهما " أنهم لم يفرقوا بين الكلام الذي يتكلم الله به فيسمع منه وبين ما إذا بلغه عنه مبلغ فسمع من ذلك المبلغ فإن القرآن كلام الله تكلم به بلفظه ومعناه بصوت نفسه ; فإذا قرأه القراء قرءوه بأصوات أنفسهم .
    فإذا قال القارئ : { الحمد لله رب العالمين } { الرحمن الرحيم } كان هذا الكلام المسموع منه كلام الله لا كلام نفسه وكان هو قرأه بصوت نفسه لا بصوت الله فالكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم { زينوا القرآن بأصواتكم } وكان يقول : { ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي ؟
    فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي } وكلا الحديثين ثابت فبين أن الكلام الذي يبلغه كلام ربه وبين أن القارئ يقرؤه بصوت نفسه وقال صلى الله عليه وسلم { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } قال أحمد والشافعي وغيرهما : هو تحسينه بالصوت .
    قال أحمد بن حنبل : يحسنه بصوته فبين أحمد أن القارئ يحسن القرآن بصوت نفسه .
    و " السبب الثاني " أن السلف قالوا : القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء .
    فبينوا أن كلام الله قديم أي جنسه قديم لم يزل ولم يقل أحد منهم إن نفس الكلام المعين قديم ولا قال أحد منهم القرآن قديم ; بل قالوا : إنه كلام الله منزل غير مخلوق وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته كان القرآن كلامه وكان منزلا منه غير مخلوق ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء فجنس كلامه قديم .
    فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض .
    فمن قال إن حروف المعجم كلها مخلوقة وإن كلام الله تعالى [ مخلوق فقد قال قولا ] مخالفا للمعقول الصريح والمنقول الصحيح ومن قال نفس أصوات العباد أو مدادهم أو شيئا من ذلك قديم فقد خالف أيضا أقوال السلف وكان فساد قوله ظاهرا لكل أحد وكان مبتدعا قولا لم يقله أحد من أئمة المسلمين ولا قالته طائفة كبيرة من طوائف المسلمين بل الأئمة الأربعة وجمهور أصحابهم بريئون من ذلك .
    ومن قال إن الحرف المعين أو الكلمة المعينة قديمة العين فقد ابتدع قولا باطلا في الشرع والعقل .
    ومن قال : إن جنس الحروف التي تكلم الله بها بالقرآن وغيره ليست مخلوقة وإن الكلام العربي الذي تكلم به ليس مخلوقا والحروف المنتظمة منه جزء منه ولازمة له وقد تكلم الله بها فلا تكون مخلوقة فقد أصاب .
    وإذا قال إن الله هدى عباده وعلمهم البيان فأنطقهم بها باللغات المختلفة وأنعم عليهم بأن جعلهم ينطقون بالحروف التي هي مباني كتبه وكلامه وأسمائه فهذا قد أصاب فالإنسان وجميع ما يقوم به من الأصوات والحركات وغيرها مخلوق كائن بعد أن لم يكن والرب تعالى بما يقوم به من صفاته وكلماته وأفعاله غير مخلوق والعباد إذا قرءوا كلامه فإن كلامه الذي يقرءونه هو كلامه لا كلام غيره وكلامه الذي تكلم به لا يكون مخلوقا وكان ما يقرءون به كلامه من حركاتهم وأصواتهم مخلوقا وكذلك ما يكتب في المصاحف من كلامه فهو كلامه مكتوبا في المصاحف وكلامه غير مخلوق والمداد الذي يكتب به كلامه وغير كلامه مخلوق .
    وقد فرق سبحانه وتعالى بين كلامه وبين مداد كلماته بقوله تعالى : { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا } وكلمات الله غير مخلوقة والمداد الذي يكتب به كلمات الله مخلوق والقرآن المكتوب في المصاحف غير مخلوق وكذلك المكتوب في اللوح المحفوظ وغيره قال تعالى : { بل هو قرآن مجيد } { في لوح محفوظ } وقال : { كلا إنها تذكرة } { فمن شاء ذكره } { في صحف مكرمة } { مرفوعة مطهرة } وقال تعالى : { يتلو صحفا مطهرة } { فيها كتب قيمة } وقال : { إنه لقرآن كريم } { في كتاب مكنون } { لا يمسه إلا المطهرون } .
    فصل فهذان المتنازعان اللذان تنازعا في " الأحرف التي أنزلها الله على آدم " فقال أحدهما : إنها قديمة وليس لها مبتدأ وشكلها ونقطها محدث .
    وقال الآخر : إنها ليست بكلام الله وإنها مخلوقة بشكلها ونقطها وإن القديم هو الله وكلامه منه بدأ وإليه يعود منزل غير مخلوق ولكنه كتب بها .
    وسؤالهما أن نبين لهما الصواب وأيهما أصح اعتقادا يقال لهما : يحتاج بيان الصواب إلى بيان ما في السؤال من الكلام المجمل فإن كثيرا من نزاع العقلاء لكونهم لا يتصورون مورد النزاع تصورا بينا وكثير من النزاع قد يكون الصواب فيه في قول آخر غير القولين الذين قالاهما وكثير من النزاع قد يكون مبنيا على أصل ضعيف إذا بين فساده ارتفع النزاع .
    فأول ما في هذا السؤال قولهما : الأحرف التي أنزلها الله على آدم فإنه قد ذكر بعضهم أن الله أنزل عليه حروف المعجم مفرقة مكتوبة وهذا ذكره ابن قتيبة في المعارف وهو ومثله يوجد في التواريخ كتاريخ ابن جرير الطبري ونحوه وهذا ونحوه منقول عمن ينقل الأحاديث الإسرائيلية ونحوها من أحاديث الأنبياء المتقدمين مثل وهب بن منبه وكعب الأحبار ومالك بن دينار ومحمد بن إسحاق وغيرهم .
    وقد أجمع المسلمون على أن ما ينقله هؤلاء عن الأنبياء المتقدمين لا يجوز أن يجعل عمدة في دين المسلمين إلا إذا ثبت ذلك بنقل متواتر أو أن يكون منقولا عن خاتم المرسلين وأيضا فهذا النقل قد عارضه نقل آخر وهو : " { إن أول من خط وخاط إدريس } " .
    فهذا منقول عن بعض السلف وهو مثل ذلك وأقوى فقد ذكروا فيه أن إدريس أول من خاط الثياب وخط بالقلم : وعلى هذا فبنو آدم من قبل إدريس لم يكونوا يكتبون بالقلم ولا يقرءون كتبا .
    والذي في حديث أبي ذر المعروف عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم " { إن آدم كان نبيا مكلما كلمه الله قبلا } " وليس فيه أنه أنزل عليه شيئا مكتوبا فليس فيه أن الله أنزل على آدم صحيفة ولا كتابا ولا هذا معروف عند أهل الكتاب فهذا يدل على أن هذا لا أصل له ولو كان هذا معروفا عند أهل الكتاب لكان هذا النقل ليس هو في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من جنس الأحاديث الإسرائيلية التي لا يجب الإيمان بها ; بل ولا يجوز التصديق بصحتها إلا بحجة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " { إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ; فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه } " .
    والله سبحانه علم آدم الأسماء كلها وأنطقه بالكلام المنظوم .
    وأما تعليم حروف مقطعة لا سيما إذا كانت مكتوبة فهو تعليم لا ينفع ولكن لما أرادوا تعليم المبتدئ بالخط صاروا يعلمونه الحروف المفردة حروف الهجاء ثم يعلمونه تركيب بعضها إلى بعض فيعلم أبجد هوز وليس هذا وحده كلاما .
    فهذا المنقول عن آدم من نزول حروف الهجاء عليه لم يثبت به نقل ولم يدل عليه عقل ; بل الأظهر في كليهما نفيه وهو من جنس ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير ا ب ت ث وتفسير أبجد هوز حطي ويروونه عن المسيح أنه قاله لمعلمه في الكتاب وهذا كله من الأحاديث الواهية بل المكذوبة .
    ولا يجوز باتفاق أهل العلم بالنقل أن يحتج بشيء من هذه وإن كان قد ذكرها طائفة من المصنفين في هذا الباب كالشريف المزيدي والشيخ أبي الفرج وابنه عبد الوهاب وغيرهم .
    وقد يذكر ذلك طائفة من المفسرين والمؤرخين فهذا كله عند أهل العلم بهذا الباب باطل لا يعتمد عليه في شيء من الدين .
    وهذا وإن كان قد ذكره أبو بكر النقاش وغيره من المفسرين وعن النقاش ونحوه نقله الشريف المزيدي الحراني وغيره فأجل من ذكر ذلك من المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وقد بين في تفسيره أن كل ما نقل في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو باطل .
    فذكر في آخر تفسيره اختلاف الناس في تفسير أبجد هوز حطي وذكر حديثا رواه من طريق محمد بن زياد الجزري عن فرات بن أبي الفرات عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { تعلموا أباجاد وتفسيرها ويل لعالم جهل تفسير أبي جاد قال : قالوا يا رسول الله وما تفسيرها ؟
    قال ؟ أما الألف فآلاء الله وحرف من أسمائه .
    وأما الباء فبهاء الله وأما الجيم فجلال الله وأما الدال فدين الله وأما الهاء فالهاوية وأما الواو فويل لمن سها وأما الزاي فالزاوية وأما الحاء فحطوط الخطايا عن المستغفرين بالأسحار } " وذكر تمام الحديث من هذا الجنس .
    وذكر حديثا ثانيا من حديث عبد الرحيم بن واقد حدثني الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : " ليس شيء إلا وله سبب وليس كل أحد يفطن له ولا بلغه ذلك أن لأبي جاد حديثا عجيبا أما " أبو جاد " فأبى آدم الطاعة وجد في أكل الشجرة وأما " هوز " فزل آدم فهوى من السماء إلى الأرض وأما " حطي " فحطت عنه خطيئته وأما " كلمن " فأكله من الشجرة ومن عليه بالتوبة " وساق تمام الحديث من هذا الجنس .
    وذكر حديثا ثالثا من حديث إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي مليكة عمن حدثه عن ابن مسعود ومسعر بن كدام عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { إن عيسى ابن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم : اكتب بسم الله فقال له عيسى وما بسم الله ؟
    فقال له المعلم وما أدري .
    فقال له عيسى الباء بهاء الله والسين سناؤه والميم ملكه والله إله الآلهة والرحمن رحمن الدنيا والآخرة والرحيم رحيم الآخرة .
    أبو جاد : ألف آلاء الله وباء بهاء الله وجيم جمال الله ودال الله الدائم وهوز هاء الهاوية } " وذكر حديثا من هذا الجنس وذكره عن الربيع بن أنس موقوفا عليه .
    وروى أبو الفرج المقدسي عن الشريف المزيدي حديثا عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير : ا ب ت ث من هذا الجنس .
    ثم قال ابن جرير : ولو كانت الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك صحاح الأسانيد لم يعدل عن القول بها إلى غيرها ولكنها واهية الأسانيد غير جائز الاحتجاج بمثلها ; وذلك أن محمد بن زياد الجزري الذي حدث حديث معاوية بن قرة عن فرات عنه غير موثوق بنقله وأن عبد الرحيم بن واقد الذي خالفه في رواية ذلك عن الفرات مجهول غير معروف عند أهل النقل وأن إسماعيل بن يحيى الذي حدث عن ابن أبي مليكة غير موثوق بروايته ولا جائز عند أهل النقل الاحتجاج بأخباره .
    قلت : إسماعيل بن يحيى هذا يقال له التيمي كوفي معروف بالكذب ورواية إسماعيل بن عياش في غير الشاميين لا يحتج بها بل هو ضعيف فيما ينقله من أهل الحجاز وأهل العراق بخلاف ما ينقله عن شيوخه الشاميين ; فإنه حافظ لحديث أهل بلده كثير الغلط في حديث أولئك وهذا متفق عليه بين أهل العلم بالرجال وعبد الرحمن بن واقد لا يحتج به باتفاق أهل العلم وفرات بن السائب ضعيف أيضا لا يحتج به فهو فرات بن أبي الفرات ومحمد بن زياد الجزري ضعيف أيضا .
    وقد تنازع الناس في أبجد هوز حطي فقال طائفة هي أسماء قوم قيل أسماء ملوك مدين أو أسماء قوم كانوا ملوكا جبابرة .
    وقيل : هي أسماء الستة الأيام التي خلق الله فيها الدنيا .
    والأول اختيار الطبري .
    وزعم هؤلاء أن أصلها أبو جاد مثل أبي عاد وهواز مثل رواد وجواب .
    وأنها لم تعرب لعدم العقد والتركيب .
    والصواب : أن هذه ليست أسماء لمسميات وإنما ألفت ليعرف تأليف الأسماء من حروف المعجم بعد معرفة حروف المعجم ولفظها : أبجد هوز حطي ليس لفظها أبو جاد هواز .
    ثم كثير من أهل الحساب صاروا يجعلونها علامات على مراتب العدد فيجعلون الألف واحدا والباء اثنين والجيم ثلاثة إلى الياء ثم يقولون الكاف عشرون .
    وآخرون من أهل الهندسة والمنطق يجعلونها علامات على الخطوط المكتوبة أو على ألفاظ الأقيسة المؤلفة كما يقولون : كل ألف ب وكل ب ج فكل ألف ج .
    ومثلوا بهذه لكونها ألفاظا تدل على صورة الشكل والقياس لا يختص بمادة دون مادة .
    كما جعل أهل التصريف لفظ " فعل " تقابل الحروف الأصلية والزائدة ينطقون بها .
    ويقولون : وزن استخرج " استفعل " وأهل العروض يزنون بألفاظ مؤلفة من ذلك ; لكن يراعون الوزن من غير اعتبار بالأصل والزائد : ولهذا سئل بعض هؤلاء عن وزن نكتل فقال نفعل وضحك منه أهل التصريف .
    ووزنه عندهم نفتل فإن أصله نكتال وأصل نكتال : نكتيل .
    تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ثم لما جزم الفعل سقطت كما نقول مثل ذلك في نعتد ونفتد من اعتاد يعتاد واقتاد البعير يقتاده .
    ونحو ذلك في نقتيل فلما حذفوا الألف التي تسمى لام الكلمة صار وزنها .
    وجعلت " ثمانية " تكون متحركة : وهي الهمزة وتكون ساكنة وهي حرفان على الاصطلاح الأول وحرف واحد على الثاني والألف تقرن بالواو والياء لأنهن حروف العلة ولهذا ذكرت في آخر حروف المعجم ونطقوا بأول لفظ كل حرف منها إلا الألف فلم يمكنهم أن ينطقوا بها ابتداء فجعلوا اللام قبلها فقالوا : " لا " والتي في الأول هي الهمزة المتحركة فإن الهمزة في أولها .
    وبعض الناس ينطق بها " لام ألف " والصواب أن ينطق بها " لا " وبسط هذا له موضع آخر .
    والمقصود هنا : أن العلم لا بد فيه من نقل مصدق ونظر محقق .
    وأما النقول الضعيفة لا سيما المكذوبة فلا يعتمد عليها .
    وكذلك النظريات الفاسدة والعقليات الجهلية الباطلة لا يحتج بها .
    ( الثاني أن يقال : هذه الحروف الموجودة في القرآن العربي قد تكلم الله بها بأسماء حروف مثل قوله : { الم } وقوله { المص } وقوله { الم } - { طس } - { حم } - { كهيعص } - { حم } - { عسق } - { ن } - { ق } فهذا كله كلام الله غير مخلوق .
    ( الثالث أن هذه الحروف إذا وجدت في كلام العباد وكذلك الأسماء الموجودة في القرآن إذا وجدت في كلام العباد مثل آدم ونوح ومحمد وإبراهيم وغير ذلك فيقال : هذه الأسماء وهذه الحروف قد تكلم الله بها ; لكن لم يتكلم بها مفردة .
    فإن الاسم وحده ليس بكلام ; ولكن تكلم بها في كلامه الذي أنزله في مثل قوله { محمد رسول الله } وقوله : { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا } إلى قوله : { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي } وقوله : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } ونحو ذلك ونحن إذا تكلمنا بكلام ذكرنا فيه هذه الأسماء فكلامنا مخلوق وحروف كلامنا مخلوقة كما قال أحمد بن حنبل لرجل : ألست مخلوقا ؟
    قال : بلى قال : أليس كلامك منك ؟ قال : بلى قال : أليس كلامك مخلوقا ؟ قال : بلى قال : فالله تعالى غير مخلوق وكلامه منه ليس بمخلوق .
    فقد نص أحمد وغيره على أن كلام العباد مخلوق وهم إنما يتكلمون بالأسماء والحروف التي يوجد نظيرها في كلام الله تعالى لكن الله تعالى تكلم بها بصوت نفسه وحروف نفسه وذلك غير مخلوق وصفات الله تعالى لا تماثل صفات العباد ; فإن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله والصوت الذي ينادي به عباده يوم القيامة والصوت الذي سمعه منه موسى ليس كأصوات شيء من المخلوقات والصوت المسموع هو حروف مؤلفة وتلك لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين كما أن علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده فإن الله لا يماثل المخلوقين في شيء من الصفات وهو سبحانه قد علم العباد من علمه ما شاء كما قال تعالى : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء } وهم إذا علمهم الله ما علمهم من علمه فنفس علمه الذي اتصف به ليس مخلوقا ونفس العباد وصفاتهم مخلوقة لكن قد ينظر الناظر إلى مسمى العلم مطلقا فلا يقال : إن ذلك العلم مخلوق لاتصاف الرب به وإن كان ما يتصف به العبد مخلوقا .
    وأصل هذا أن ما يوصف الله به ويوصف به العباد يوصف الله به على ما يليق به ويوصف به العباد بما يليق بهم من ذلك ; مثل الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام فإن الله له حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام .
    فكلامه يشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه والعبد له حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام وكلام العبد يشتمل على حروف وهو يتكلم بصوت نفسه .
    فهذه الصفات لها ثلاث اعتبارات : تارة تعتبر مضافة إلى الرب .
    وتارة تعتبر مضافة إلى العبد وتارة تعتبر مطلقة لا تختص بالرب ولا بالعبد .
    فإذا قال العبد : حياة الله وعلم الله وقدرة الله وكلام الله ونحو ذلك فهذا كله غير مخلوق ولا يماثل صفات المخلوقين وإذا قال علم العبد وقدرة العبد وكلام العبد فهذا كله مخلوق ولا يماثل صفات الرب .
    وإذا قال العلم والقدرة والكلام فهذا مجمل مطلق لا يقال عليه كله إنه مخلوق ولا إنه غير مخلوق بل ما اتصف به الرب من ذلك فهو غير مخلوق وما اتصف به العبد من ذلك فهو مخلوق فالصفة تتبع الموصوف .
    فإن كان الموصوف هو الخالق فصفاته غير مخلوقة وإن كان الموصوف هو العبد المخلوق .
    فصفاته مخلوقة .
    ثم إذا قرأ بأم القرآن وغيرها من كلام الله فالقرآن في نفسه كلام الله غير مخلوق وإن كان حركات العباد وأصواتهم مخلوقة .
    ولو قال الجنب : { الحمد لله رب العالمين } ينوي به القرآن منع من ذلك وكان قرآنا ولو قاله ينوي به حمد الله لا يقصد به القراءة لم يكن قارئا وجاز له ذلك .
    ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " { أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر } رواه مسلم في صحيحه .
    فأخبر أنها أفضل الكلام بعد القرآن وقال هي من القرآن فهي من القرآن باعتبار وليست من القرآن باعتبار ولو قال القائل : { يا يحيى خذ الكتاب } ومقصوده القرآن كان قد تكلم بكلام الله ولم تبطل صلاته باتفاق العلماء وإن قصد مع ذلك تنبيه غيره لم تبطل صلاته عند جمهور العلماء .
    ولو قال لرجل اسمه يحيى وبحضرته كتاب : يا يحيى خذ الكتاب لكان هذا مخلوقا ; لأن لفظ يحيى هنا مراد به ذلك الشخص وبالكتاب ذلك الكتاب ليس مرادا به ما أراده الله بقوله : { يا يحيى خذ الكتاب } والكلام كلام [ المخلوق ] بلفظه ومعناه .
    وقد تنازع الناس في مسمى " الكلام " في الأصل فقيل : هو اسم اللفظ الدال على المعنى وقيل : المعنى المدلول عليه باللفظ وقيل : لكل منهما بطريق الاشتراك اللفظي وقيل : بل هو اسم عام لهما جميعا يتناولهما عند الإطلاق وإن كان مع التقييد يراد به هذا تارة وهذا تارة .
    هذا قول السلف وأئمة الفقهاء وإن كان هذا القول لا يعرف في كثير من الكتب .
    وهذا كما تنازع الناس في مسمى " الإنسان " هل هو الروح فقط أو الجسد فقط ؟
    والصحيح أنه اسم للروح والجسد جميعا وإن كان مع القرينة قد يراد به هذا تارة وهذا تارة فتنازعهم في مسمى النطق كتنازعهم في مسمى الناطق .
    فمن سمى شخصا محمدا وإبراهيم وقال : جاء محمد وجاء إبراهيم لم يكن هذا محمدا وإبراهيم المذكورين في القرآن .
    ولو قال : محمد رسول الله وإبراهيم خليل الله .
    يعني به خاتم الرسل وخليل الرحمن لكان قد تكلم بمحمد وإبراهيم اللذين في القرآن لكن قد تكلم بالاسم وألفه كلاما فهو كلامه لم يتكلم به في القرآن العربي الذي تكلم الله به .
    ومما يوضح ذلك أن الفقهاء قالوا في " آداب الخلاء " أنه لا يستصحب ما فيه ذكر الله واحتجوا بالحديث الذي في السنن " { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه .
    وكان خاتمه مكتوبا عليه محمد رسول الله } محمد سطر رسول سطر الله سطر .
    ولم يمنع أحد من العلماء أن يستصحب ما يكون فيه كلام العباد وحروف الهجاء مثل ورق الحساب الذي يكتب فيه أهل الديوان الحساب ومثل الأوراق التي يكتب فيها الباعة ما يبيعونه ونحو ذلك .
    وفي السيرة " { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح غطفان على نصف تمر المدينة أتاه سعد فقال له : أهذا شيء أمر الله به فسمعا وطاعة أم شيء تفعله لمصلحتنا ؟
    فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يفعل ذلك بوحي بل فعله باجتهاده فقال : لقد كنا في الجاهلية وما كانوا يأكلون منها تمرة إلا بقرى أو بشراء فلما أعزنا الله بالإسلام يريدون أن يأكلوا تمرنا لا يأكلون تمرة واحدة وبصق سعد في الصحيفة وقطعها } فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم يقل هذه حروف فلا يجوز إهانتها والبصاق فيها .
    وأيضا فقد كره السلف محو القرآن بالرجل ولم يكرهوا محو ما فيه كلام الآدميين .
    وأما قول القائل : إن الحروف قديمة أو حروف المعجم قديمة فإن أراد جنسها فهذا صحيح وإن أراد الحرف المعين فقد أخطأ فإن له مبدأ ومنتهى وهو مسبوق بغيره وما كان كذلك لم يكن إلا محدثا .
    وأيضا فلفظ الحروف مجمل يراد بالحروف الحروف المنطوقة المسموعة التي هي مباني الكلام ويراد بها الحروف المكتوبة ويراد بها الحروف المتخيلة في النفس والصوت لا يكون كلاما إلا بالحروف باتفاق الناس .
    وأما الحروف فهل تكون كلاما بدون الصوت ؟
    فيه نزاع .
    والحرف قد يراد به الصوت المقطع وقد يراد به نهاية الصوت وحده وقد يراد بالحروف المداد وقد يراد بالحروف شكل المداد فالحروف التي تكلم الله بها غير مخلوقة وإذا كتبت في المصحف قيل كلام الله المكتوب في المصحف غير مخلوق وأما نفس أصوات العباد فمخلوقة والمداد مخلوق وشكل المداد مخلوق فالمداد مخلوق بمادته وصورته وكلام الله المكتوب بالمداد غير مخلوق .
    ومن كلام الله الحروف التي تكلم الله بها فإذا كتبت بالمداد لم تكن مخلوقة وكان المداد مخلوقا .
    وأشكال الحروف المكتوبة مما يختلف فيها اصطلاح الأمم .
    والخط العربي قد قيل إن مبدأه كان من الأنبار ومنها انتقل إلى مكة وغيرها والخط العربي تختلف صورته : العربي القديم فيه تكوف وقد اصطلح المتأخرون على تغيير بعض صوره وأهل المغرب لهم اصطلاح ثالث حتى في نقط الحروف وترتيبها وكلام الله المكتوب بهذه الخطوط كالقرآن العربي هو في نفسه لا يختلف باختلاف الخطوط التي يكتب بها .
    فإن قيل : فالحرف من حيث هو مخلوق أو غير مخلوق مع قطع النظر عن كونه في كلام الخالق أو كلام المخلوق ؟
    فإن قلتم هو من حيث هو غير مخلوق لزم أن يكون غير مخلوق في كلام العباد وإن قلتم مخلوق لزم أن يكون مخلوقا في كلام الله ؟ قيل : قول القائل الحرف من حيث هو هو كقوله الكلام من حيث هو هو والعلم من حيث هو هو والقدرة من حيث هي هي والوجود من حيث هو هو ونحو ذلك .
    والجواب عن ذلك أن هذه الأمور وغيرها إذا أخذت مجردة مطلقة غير مقيدة ولا مشخصة لم يكن لها حقيقة في الخارج عن الأذهان إلا شيء معين فليس ثم وجود إلا وجود الخالق أو وجود المخلوق ووجود كل مخلوق مختص به وإن كان اسم الوجود عاما يتناول ذلك كله وكذلك العلم والقدرة اسم عام يتناول أفراد ذلك وليس في الخارج إلا علم الخالق وعلم المخلوق وعلم كل مخلوق مختص به قائم به واسم الكلام والحروف يعم كل ما يتناوله لفظ الكلام والحروف وليس في الخارج إلا كلام الخالق وكلام المخلوقين .
    وكلام كل مخلوق مختص به واسم الكلام يعم كل ما يتناوله هذا اللفظ .
    وليس في الخارج إلا الحروف التي تكلم الله بها الموجودة في كلام الخالق والحروف الموجودة في كلام المخلوقين .
    فإذا قيل : إن علم الرب وقدرته بكلامه غير مخلوق وحروف كلامه غير مخلوقة لم يلزم من ذلك أن يكون علم العبد وقدرته وكلامه غير مخلوق وحروف كلامه غير مخلوقة .
    وأيضا فلفظ الحرف يتناول الحرف المنطوق والحرف المكتوب وإذا قيل إن الله تكلم بالحروف المنطوقة كما تكلم بالقرآن العربي وبقوله : الم - وحم - وطسم - وطس - ويس - وق - ون ونحو ذلك فهذا كلامه وكلامه غير مخلوق وإذا كتب في المصاحف كان ما كتب من كلام الرب غير مخلوق وإن كان المداد وشكله مخلوقا .
    و " أيضا " فإذا قرأ الناس كلام الله فالكلام في نفسه غير مخلوق إذا كان الله قد تكلم به وإذا قرأه المبلغ لم يخرج عن أن يكون كلام الله ; فإن الكلام كلام من قاله مبتدئا أمرا يأمر به أو خبرا يخبره ليس هو كلام المبلغ له عن غيره ; إذ ليس على الرسول إلا البلاغ المبين .
    وإذا قرأه المبلغ فقد يشار إليه من حيث هو كلام الله فيقال هذا كلام الله مع قطع النظر عما بلغه به العباد من صفاتهم وقد يشار إلى نفس صفة العبد كحركته وحياته وقد يشار إليهما فالمشار إليه الأول غير مخلوق والمشار إليه الثاني مخلوق والمشار إليه الثالث فمنه مخلوق ومنه غير مخلوق وما يوجد في كلام الآدميين من نظير هذا هو نظير صفة العبد لا نظير صفة الرب أبدا .
    وإذا قال القائل القاف في قوله { وأقم الصلاة لذكري } كالقاف في قوله : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل قيل : ما تكلم الله به وسمع منه لا يماثل صفة المخلوقين ولكن إذا بلغنا كلام الله فإنما بلغناه بصفاتنا وصفاتنا مخلوقة والمخلوق يماثل المخلوق .
    وفي هذا جواب للطائفتين لمن قاس صفة المخلوق بصفة الخالق فجعلها غير مخلوقة فإن الجهمية المعطلة أشباه اليهود والحلولية الممثلة أشباه النصارى دخلوا في هذا وهذا أولئك مثلوا الخالق بالمخلوق فوصفوه بالنقائص التي تختص بالمخلوق : كالفقر والبخل وهؤلاء مثلوا المخلوق بالخالق فوصفوه بخصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله والمسلمون يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل يثبتون له ما يستحقه من صفات الكمال وينزهونه عن الأكفاء والأمثال فلا يعطلون الصفات ولا يمثلونها بصفات المخلوقات ; فإن المعطل يعبد عدما والممثل يعبد صنما والله تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } .
    ومما ينبغي أن يعرف أن كلام المتكلم في نفسه واحد وإذا بلغه المبلغون تختلف أصواتهم به فإذا أنشد المنشد قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل كان هذا الكلام كلام لبيد لفظه ومعناه مع أن أصوات المنشدين له تختلف وتلك الأصوات ليست صوت لبيد : وكذلك من روى حديث النبي صلى الله عليه وسلم بلفظه كقوله : " { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى } كان هذا الكلام كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظه ومعناه ويقال لمن رواه : أدى الحديث بلفظه وإن كان صوت المبلغ ليس هو صوت الرسول فالقرآن أولى أن يكون كلام الله لفظه ومعناه وإذا قرأه القراء فإنما يقرءونه بأصواتهم .
    ولهذا كان الإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة يقولون : من قال اللفظ بالقرآن أو لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال إنه غير مخلوق فهو مبتدع وفي بعض الروايات عنه : من قال لفظي بالقرآن مخلوق يعني به القرآن فهو جهمي ; لأن اللفظ يراد به مصدر لفظ يلفظ لفظا ومسمى هذا فعل العبد وفعل العبد مخلوق ويراد باللفظ القول الذي يلفظ به اللافظ وذلك كلام الله لا كلام القارئ فمن قال إنه مخلوق فقد قال إن الله لم يتكلم بهذا القرآن وإن هذا الذي يقرءوه المسلمون ليس هو كلام الله ومعلوم أن هذا مخالف لما علم بالاضطرار من دين الرسول .
    وأما صوت العبد فهو مخلوق وقد صرح أحمد وغيره بأن الصوت المسموع صوت العبد ولم يقل أحمد قط : من قال إن صوتي بالقرآن مخلوق فهو جهمي وإنما قال من قال لفظي بالقرآن والفرق بين لفظ الكلام وصوت المبلغ له فرق واضح فكل من بلغ كلام غيره بلفظ ذلك الرجل فإنما بلغ لفظ ذلك الغير لا لفظ نفسه وهو إنما بلغه بصوت نفسه لا بصوت ذلك الغير ونفس اللفظ والتلاوة والقراءة والكتابة ونحو ذلك لما كان يراد به المصدر الذي هو حركات العباد وما يحدث عنها من أصواتهم وشكل المداد ويراد به نفس الكلام الذي يقرؤه التالي ويتلوه ويلفظ به ويكتبه منع أحمد وغيره من إطلاق النفي والإثبات الذي يقتضي جعل صفات الله مخلوقة أو جعل صفات العباد ومدادهم غير مخلوق .
    وقال أحمد : نقول القرآن كلام الله غير مخلوق حيث تصرف : أي حيث تلي وكتب وقرئ مما هو في نفس الأمر كلام الله فهو كلامه وكلامه غير مخلوق وما كان من صفات العباد وأفعالهم التي يقرءون ويكتبون بها كلامه كأصواتهم ومدادهم فهو مخلوق ولهذا من لم يهتد إلى هذا الفرق يحار فإنه معلوم أن القرآن واحد ويقرؤه خلق كثير والقرآن لا يكثر في نفسه بكثرة قراءة القراء وإنما يكثر ما يقرءون به القرآن فما يكثر ويحدث في العباد فهو مخلوق والقرآن نفسه لفظه ومعناه الذي تكلم الله به وسمعه جبريل من الله وسمعه محمد من جبريل وبلغه محمد إلى الناس وأنذر به الأمم ; لقوله تعالى { لأنذركم به ومن بلغ } قرآن واحد وهو كلام الله ليس بمخلوق .
    وليس هذا من باب ما هو واحد بالنوع متعدد الأعيان كالإنسانية الموجودة في زيد وعمرو ولا من باب ما يقول الإنسان مثل قول غيره كما قال تعالى : { كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم } فإن القرآن لا يقدر أحد أن يأتي بمثله كما قال تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } فالإنس والجن إذا اجتمعوا لم يقدروا أن يأتوا بمثل هذا القرآن مع قدرة كل قارئ على أن يقرأه ويبلغه .
    فعلم أن ما قرأه هو القرآن ليس هو مثل القرآن وأما الحروف الموجودة في القرآن إذا وجد نظيرها في كلام غيره فليس هذا هو ذاك بعينه بل هو نظيره وإذا تكلم الله باسم من الأسماء : كآدم ونوح وإبراهيم وتكلم بتلك الحروف والأسماء التي تكلم الله بها فإذا قرئت في كلامه فقد بلغ كلامه فإذا أنشأ الإنسان لنفسه كلاما لم يكن عين ما تكلم الله به من الحروف والأسماء هو عين ما تكلم به العبد حتى يقال : إن هذه الأسماء والحروف الموجودة في كلام العباد غير مخلوقة ; فإن بعض من قال إن الحروف والأسماء غير مخلوقة في كلام العباد ادعى أن المخلوق إنما هو النظم والتأليف دون المفردات وقائل هذا يلزمه أن يكون أيضا النظم والتأليف غير مخلوق إذا وجد نظيره في القرآن كقوله : { يا يحيى خذ الكتاب } وإن أراد بذلك شخصا اسمه يحيى وكتابا بحضرته .
    ( فإن قيل يحيى هذا والكتاب الحاضر ليس هو يحيى والكتاب المذكور في القرآن وإن كان اللفظ نظير اللفظ ( قيل كذلك سائر الأسماء والحروف إنما يوجد نظيرها في كلام العباد لا في كلام الله .
    وقولنا يوجد نظيرها في كلام الله تقريب أي يوجد فيما نقرؤه ونتلوه فإن الصوت المسموع من لفظ محمد ويحيى وإبراهيم في القرآن هو مثل الصوت المسموع من ذلك في غير القرآن وكلا الصوتين مخلوق .
    وأما الصوت الذي يتكلم الله به فلا مثل له لا يماثل صفات المخلوقين وكلام الله هو كلامه بنظمه ونثره ومعانيه .
    وذلك الكلام ليس مثل كلام المخلوقين .
    فإذا قلنا : { الحمد لله رب العالمين } وقصد بذلك قراءة القرآن الذي تكلم الله به فذلك القرآن تكلم الله بلفظه ومعناه لا يماثل لفظ المخلوقين ومعناهم وأما إذا قصدنا به الذكر ابتداء من غير أن نقصد قراءة كلام الله فإنما نقصد ذكرا ننشئه نحن يقوم معناه بقلوبنا وننطق بلفظه بألسنتنا وما أنشأناه من الذكر فليس هو من القرآن وإن كان نظيره في القرآن .
    ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " { أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر } فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات أفضل الكلام بعد القرآن فجعل درجتها دون درجة القرآن وهذا يقتضي أنها ليست من القرآن .
    ثم قال : " { هي من القرآن } وكلا قوليه حق وصواب ; ولهذا منع أحمد أن يقال : الإيمان مخلوق .
    وقال : لا إله إلا الله من القرآن .
    وهذا الكلام لا يجوز أن يقال : إنه مخلوق وإن لم يكن من القرآن ولا يقال في التوراة والإنجيل إنهما مخلوقان ولا يقال في الأحاديث الإلهية التي يرويها عن ربه إنها مخلوقة كقوله : " { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا } فكلام الله قد يكون قرآنا وقد لا يكون قرآنا والصلاة إنما تجوز وتصح بالقرآن .
    وكلام الله كله غير مخلوق .
    فإذا فهم هذا في مثل هذا فليفهم في نظائره وأن ما يوجد من الحروف والأسماء في كلام الله ويوجد في غير كلام الله يجوز أن يقال : إنه من كلام الله باعتبار ويقال ليس من كلام الله باعتبار كما أنه يكون من القرآن باعتبار وغير القرآن باعتبار لكن كلام الله القرآن وغير القرآن غير مخلوق وكلام المخلوقين كله مخلوق .
    فما كان من كلام الله فهو غير مخلوق وما كان من كلام غيره فهو مخلوق .
    وهؤلاء الذين يحتجون على نفي الخلق أو إثبات القدم بشيء من صفات العباد وأعمالهم لوجود نظير ذلك فيما يضاف إلى الله وكلامه والإيمان به شاركهم في هذا الأصل الفاسد من احتج على خلق ما هو من كلام الله وصفاته بأن ذلك قد يوجد نظيره فيما يضاف إلى العبد .
    مثال ذلك : أن القرآن الذي يقرؤه المسلمون هو كلام الله قرءوه بحركاتهم وأصواتهم فقال الجهمي أصوات العباد ومدادهم مخلوقة وهذا هو المسمى بكلام الله أو يوجد نظيره في المسمى بكلام الله فيكون كلام الله مخلوقا .
    وقال الحلولي الاتحادي الذي يجعل صفة الخالق هي عين صفة المخلوق الذي : نسمعه من القراء هو كلام الله وإنما نسمع أصوات العباد فأصوات العباد بالقرآن كلام الله وكلام الله غير مخلوق فأصوات العباد بالقرآن غير مخلوقة والحروف المسموعة منهم غير مخلوقة ثم قالوا : الحروف الموجودة في كلامهم هي هذه أو مثل هذه فتكون غير مخلوقة .
    وزاد بعض غلاتهم فجعل أصوات كلامهم غير مخلوقة كما زعم بعضهم أن الأعمال من الإيمان وهو غير مخلوق والأعمال غير مخلوقة .
    وزاد بعضهم أعمال الخير والشر وقال : هي القدر والشرع المشروع وقال عمر : ما مرادنا بالأعمال الحركات بل الثواب الذي يأتي يوم القيامة كما ورد في الحديث الصحيح : " { أنه تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من الطير صواف } فيقال له : وهذا الثواب مخلوق .
    وقد نص أحمد وغيره من الأئمة على أنه غير مخلوق وبذلك أجابوا من احتج على خلق القرآن بمثل هذا الحديث فقالوا له : الذي يجيء يوم القيامة هو ثواب القرآن لا نفس القرآن وثواب القرآن مخلوق إلى أمثال هذه الأقوال التي ابتدعها طوائف والبدع تنشأ شيئا فشيئا وقد بسط الكلام في هذا الباب في مواضع أخر .
    وقد بينا أن الصواب في هذا الباب هو الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان وهو ما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل ومن قبله من أئمة الإسلام ومن وافق هؤلاء فإن قول الإمام أحمد وقول الأئمة قبله هو القول الذي جاء به الرسول ودل عليه الكتاب والسنة ولكن لما امتحن الناس بمحنة الجهمية وطلب منهم تعطيل الصفات وأن يقولوا بأن القرآن مخلوق وأن الله لا يرى في الآخرة ونحو ذلك ثبت الله الإمام أحمد في تلك المحنة ; فدفع حجج المعارضين النفاة وأظهر دلالة الكتاب والسنة وإن السلف كانوا على الإثبات فآتاه الله من الصبر واليقين ما صار به إماما للمتقين كما قال تعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } ولهذا قيل فيه رحمه الله عن الدنيا ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه .
    أتته البدع فنفاها والدنيا فأباها فلما ظهر به من السنة ما ظهر كان له من الكلام في بيانها وإظهارها أكثر وأعظم مما لغيره فصار أهل السنة من عامة الطوائف يعظمونه وينتسبون إليه .
    وقد ذكرت كلامه وكلام غيره من الأئمة ونصوص الكتاب والسنة في هذه الأبواب في غير هذا الموضع وبينا أن كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول وأن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح ولكن كثيرا من الناس يغلطون إما في هذا وإما في هذا فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفا بالأدلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول ; ولهذا كان أئمة السنة على ما قاله أحمد بن حنبل قال : معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلي من حفظه أي " معرفته " بالتمييز بين صحيحه وسقيمه .
    " والفقه فيه " معرفة مراد الرسول وتنزيله على المسائل الأصولية والفروعية أحب إلي من أن يحفظ من غير معرفة وفقه .
    وهكذا قال علي بن المديني وغيره من العلماء فإنه من احتج بلفظ ليس بثابت عن الرسول أو بلفظ ثابت عن الرسول ] وحمله على ما لم يدل عليه فإنما أتي من نفسه .
    وكذلك " العقليات الصريحة " إذا كانت مقدماتها وترتيبها صحيحا لم تكن إلا حقا لا تناقض شيئا مما قاله الرسول والقرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها يعرف الصانع وتوحيده وصفاته وصدق رسله وبها يعرف إمكان المعاد .
    ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس بل عامة ما يأتي به حذاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها وبما هو أحسن منها قال تعالى : { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا } وقال : { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } وقال : { وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } .
    وأما الحجج الداحضة التي يحتج بها الملاحدة وحجج الجهمية معطلة الصفات وحجج الدهرية وأمثالها كما يوجد مثل ذلك في كلام المتأخرين الذين يصنفون في الكلام المبتدع وأقوال المتفلسفة ويدعون أنها عقليات ففيها من الجهل والتناقض والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد .
    وقد بسط الكلام على هؤلاء في مواضع أخر .
    وكان من أسباب ضلال هؤلاء تقصير الطائفتين أو قصورهم عن معرفة ما جاء به الرسول وما كان عليه السلف ومعرفة المعقول الصريح ; فإن هذا هو الكتاب وهذا هو الميزان وقد قال تعالى : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز } وهذه المسألة لا تحتمل البسط على هذه الأمور ; إذ كان المقصود هنا التنبيه على أن هؤلاء المتنازعين أجمعوا على أصل فاسد ثم تفرقوا فأجمعوا على أن جعلوا عين صفة الرب الخالق هي عين صفة المخلوق .
    ثم قال هؤلاء : وصفة المخلوق مخلوقة فصفة الرب مخلوقة فقال هؤلاء : صفة الرب قديمة فصفة المخلوق قديمة ثم احتاج كل منهما إلى طرد أصله فخرجوا إلى أقوال ظاهرة الفساد : خرج النفاة إلى أن الله لم يتكلم بالقرآن ولا بشيء من الكتب الإلهية : لا التوراة ولا الإنجيل ولا غيرهما وأنه لم يناد موسى بنفسه نداء يسمعه منه موسى ولا تكلم بالقرآن العربي ولا التوراة العبرية وخرج هؤلاء إلى أن ما يقوم بالعباد ويتصفون به يكون قديما أزليا وأن ما يقوم بهم ويتصفون به لا يكون قائما بهم حالا فيهم بل يكون ظاهرا عنهم من غير قيام بهم .
    ولما تكلموا في " حروف المعجم " صاروا بين قولين : طائفة فرقت بين المتماثلين فقالت الحرف حرفان هذا قديم وهذا مخلوق كما قال ابن حامد والقاضي أبو يعلى وابن عقيل وغيرهم فأنكر ذلك عليهم الأكثرون وقالوا هذا مخالفة للحس والعقل فإن حقيقة هذا الحرف هي حقيقة هذا الحرف وقالوا الحرف حرف واحد .
    وصنف في ذلك القاضي يعقوب البرزبيني مصنفا خالف به شيخه القاضي أبا يعلى مع قوله في مصنفه : وينبغي أن يعلم أن ما سطرته في هذه المسألة أن ذلك مما استفدته وتفرع عندي من شيخنا وإمامنا القاضي أبي يعلى بن الفراء وإن كان قد نصر خلاف ما ذكرته في هذا الباب فهو العالم المقتدى به في علمه ودينه فإني ما رأيت أحسن سمتا منه ولا أكثر اجتهادا منه ولا تشاغلا بالعلم مع كثرة العلم والصيانة والانقطاع عن الناس والزهادة فيما بأيديهم والقناعة في الدنيا باليسير مع حسن التجمل وعظم حشمته عند الخاص والعام ولم يعدل بهذه الأخلاق شيئا من نفر من الدنيا .
    وذكر القاضي يعقوب في مصنفه أن ما قاله قول أبي بكر أحمد بن المسيب الطبري وحكاه عن جماعة من أفضل أهل طبرستان وأنه سمع الفقيه عبد الوهاب بن حلبة قاضي حران يقول : هو مذهب العلوي الحراني وجماعة من أهل حران .
    وذكره أبو عبد الله بن حامد عن جماعة من أهل طبرستان ممن ينتمي إلى مذهبنا : كأبي محمد الكشفل وإسماعيل الكاوذري في خلق من أتباعهم يقولون إنها قديمة قال القاضي أبو يعلى : وكذلك حكي لي عن طائفة بالشام أنها تذهب إلى ذلك منهم النابلسي وغيره وذكر القاضي حسين أن أباه رجع في آخر عمره إلى هذا .
    وذكروه عن الشريف أبي علي بن أبي موسى وتبعهم في ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي وابنه عبد الوهاب وسائر أتباعه وأبو الحسن بن الزاغوني وأمثاله .
    وذكر القاضي يعقوب أن كلام أحمد يحتمل القولين .
    وهؤلاء تعلقوا بقول أحمد لما قيل له إن سريا السقطي قال : لما خلق الله الأحرف سجدت له إلا الألف فقالت لا أسجد حتى أؤمر .
    فقال أحمد هذا كفر .
    وهؤلاء تعلقوا من قول أحمد بقوله : كل شيء من المخلوقين على لسان المخلوقين فهو مخلوق وبقوله لو كان كذلك لما تمت صلاته بالقرآن كما لا تتم بغيره من كلام الناس .
    وبقول أحمد لأحمد بن الحسن الترمذي : ألست مخلوقا ؟
    قال بلى قال أليس كل شيء منك مخلوقا ؟ قال بلى قال فكلامك منك وهو مخلوق .
    ( قلت الذي قاله أحمد في هذا الباب صواب يصدق بعضه بعضا وليس في كلامه تناقض وهو أنكره على من قال : إن الله خلق الحروف ; فإن من قال إن الحروف مخلوقة كان مضمون قوله : أن الله لم يتكلم بقرآن عربي وأن القرآن العربي مخلوق ونص أحمد أيضا على أن كلام الآدميين مخلوق ولم يجعل شيئا منه غير مخلوق وكل هذا صحيح والسري رحمه الله إنما ذكر ذلك عن بكر بن خنيس العابد فكان مقصودهما بذلك أن الذي لا يعبد الله إلا بأمره هو أكمل ممن يعبده برأيه من غير أمر من الله واستشهدا على ذلك بما بلغهما " { أنه لما خلق الله الحروف سجدت له إلا الألف فقالت لا أسجد حتى أؤمر } وهذا الأثر لا يقوم بمثله حجة في شيء ولكن مقصودهما ضرب المثل أن الألف منتصبة في الخط ليست هي مضطجعة كالباء والتاء فمن لم يفعل حتى يؤمر أكمل ممن فعل بغير أمر .
    وأحمد أنكر قول القائل إن الله لما خلق الحروف وروي عنه أنه قال : من قال إن حرفا من حروف المعجم مخلوق فهو جهمي لأنه سلك طريقا إلى البدعة ومن قال إن ذلك مخلوق فقد قال إن القرآن مخلوق .
    وأحمد قد صرح هو وغيره من الأئمة أن الله لم يزل متكلما إذا شاء وصرح أن الله يتكلم بمشيئته ولكن أتباع ابن كلاب كالقاضي وغيره تأولوا كلامه على أنه أراد بذلك إذا شاء الإسماع ; لأنه عندهم لم يتكلم بمشيئته وقدرته .
    وصرح أحمد وغيره من السلف أن القرآن كلام الله غير مخلوق ولم يقل أحد من السلف إن الله تكلم بغير مشيئته وقدرته ولا قال أحد منهم إن نفس الكلام المعين كالقرآن أو ندائه لموسى أو غير ذلك من كلامه المعين أنه قديم أزلي لم يزل ولا يزال وإن الله قامت به حروف معينة أو حروف وأصوات معينة قديمة أزلية لم تزل ولا تزال فإن هذا لم يقله ولا دل عليه قول أحمد ولا غيره من أئمة المسلمين بل كلام أحمد وغيره من الأئمة صريح في نقيض هذا وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته وأنه لم يزل يتكلم إذا شاء مع قولهم إن كلام الله غير مخلوق وإنه منه بدأ ; ليس بمخلوق ابتدأ من غيره ونصوصهم بذلك كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم مثل ما صنف أبو بكر الخلال في " كتاب السنة " وغيره وما صنفه عبد الرحمن بن أبي حاتم من كلام أحمد وغيره وما صنفه أصحابه وأصحاب أصحابه : كابنيه صالح وعبد الله وحنبل وأبي داود السجستاني صاحب " السنن " والأثرم والمروذي وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري صاحب الصحيح وعثمان بن سعيد الدارمي وإبراهيم الحربي وعبد الوهاب الوراق وعباس بن عبد العظيم العنبري وحرب بن إسماعيل الكرماني ومن لا يحصى عدده من أكابر أهل العلم والدين وأصحاب أصحابه ممن جمع كلامه وأخباره : كعبد الرحمن بن أبي حاتم وأبي بكر الخلال وأبي الحسن البناني الأصبهاني وأمثال هؤلاء ومن كان أيضا يأتم به وبأمثاله من الأئمة في الأصول والفروع : كأبي عيسى الترمذي صاحب الجامع وأبي عبد الرحمن النسائي وأمثالهما ومثل أبي محمد بن قتيبة وأمثاله وبسط هذا له موضع آخر .
    وقد ذكرنا في " المسائل الطبرستانية " و " الكيلانية " بسط مذاهب الناس وكيف تشعبت وتفرعت في هذا الأصل .
    والمقصود هنا أن كثيرا من الناس المتأخرين لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة فمنهم من يعظمهم ويقول إنه متبع لهم مع أنه مخالف لهم من حيث لا يشعر ومنهم من يظن أنهم كانوا لا يعرفون أصول الدين ولا تقريرها بالدلائل البرهانية وذلك لجهله بعلمهم ; بل لجهله بما جاء به الرسول من الحق الذي تدل عليه الدلائل العقلية مع السمعية ; فلهذا يوجد كثير من المتأخرين يشتركون في أصل فاسد ثم يفرع كل قوم عليه فروعا فاسدة يلتزمونها كما صرحوا في تكلم الله تعالى بالقرآن العربي وبالتوراة العبرية وما فيهما من حروف الهجاء مؤلفا أو مفردا لما رأوا أن ذلك بلغ بصفات المخلوقين اشتبه بصفات المخلوقين فلم يهتدوا لموضع الجمع والفرق فقال هؤلاء : هذا الذي يقرأ ويسمع مثل كلام المخلوقين فهو مخلوق .
    وقال هؤلاء : هذا الذي من كلام الآدميين هو مثل كلام الله فيكون غير مخلوق كما ذكر ابن عقيل في " كتاب الإرشاد " عن بعض القائلين بأن القرآن مخلوق فقال : شبهة اعترض بها على بعض أئمتهم فقال : أقل ما في القرآن من أمارات الحدث كونه مشبها لكلامنا والقديم لا يشبه المحدث ومعلوم أنه لا يمكن دفع ذلك ; لأن قول القائل لغلامه يحيى : يا يحيى خذ الكتاب بقوة يضاهي قوله سبحانه حتى لا يميز السامع بينهما من حيث حسه إلا أن يخبره أحدهما بقصده والآخر بقصده فيميز بينهما بخبر القائل لا بحسه وإذا اشتبها إلى هذا الحد فكيف يجوز دعوى قدم ما يشابه المحدث ويسد مسده مع أنه إن جاز دعوى قدم الكلام مع كونه مشاهدا للمحدث جاز دعوى التشبيه بظواهر الآي والأخبار ولا مانع من ذلك فلما فزعنا نحن وأنتم إلى نفي التشبيه خوفا من جواب دخول القرآن بالحدث علينا كذلك يجب أن تفزعوا من القول بالقدم مع وجود الشبه حتى إن بعض أصحابكم يقول لقوة ما رأى من الشبه بينهما إن الكلام واحد والحروف غير مخلوقة فكيف يجوز أن يقال في الشيء الواحد إنه قديم محدث .
    قلت : وهذا الذي حكى عنه ابن عقيل من بعض الأصحاب المذكورين منهم القاضي يعقوب البرزبيني ذكره في مصنفه فقال : ( دليل عاشر وهو أن هذه الحروف بعينها وصفتها ومعناها وفائدتها هي التي في كتاب الله تعالى وفي أسمائه وصفاته والكتاب بحروفه قديم ; وكذلك هاهنا .
    قال : فإن قيل : لا نسلم أن تلك لها حرمة وهذه لا حرمة لها قيل : لا نسلم بل لها حرمة .
    فإن قيل : لو كان لها حرمة لوجب أن تمنع الحائض والنفساء من مسها وقراءتها قيل : قد لا تمنع من قراءتها ومسها ويكون لها حرمة كبعض آية لا تمنع من قراءتها ولها حرمة وهي قديمة وإنما لم تمنع من قراءتها ومسها للحاجة إلى تعليمها كما يقال في الصبي يجوز له مس المصحف على غير طهارة للحاجة إلى تعليمه .
    فإن قيل : فيجب إذا حلف بها حالف أن تنعقد يمينه وإذا خالف يمينه أن يحنث قيل له : كما في حروف القرآن مثله نقول هنا .
    فإن قيل : أليس إذا وافقها في هذه المعاني دل على أنها هي ألا ترى أنه إذا تكلم متكلم بكلمة يقصد بها خطاب آدمي فوافق صفتها صفة ما في كتاب الله تعالى مثل قوله يا داود يا نوح يا يحيى وغير ذلك ; فإنه موافق لهذه الأسماء التي في كتاب الله وإن كانت في كتاب الله قديمة وفي خطاب الآدمي محدثة ؟
    .
    قيل : كل ما كان موافقا لكتاب الله من الكلام في لفظه ونظمه وحروفه فهو من كتاب الله وإن قصد به خطاب آدمي .
    فإن قيل : فيجب إذا أراد بهذه الأسماء آدميا وهو في الصلاة أن لا تبطل صلاته .
    قيل له : كذلك نقول وقد ورد مثل ذلك عن علي وغيره ; إذ ناداه رجل من الخوارج : { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } قال : فأجابه علي وهو في الصلاة : { فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } .
    وعن ابن مسعود أنه استأذن عليه بعض أصحابه فقال : { ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين } .
    قال : فإن قيل : أليس إذا قال : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } ونوى به خطاب غلام اسمه يحيى يكون الخطاب مخلوقا ؟
    وإن نوى به القرآن يكون قديما قيل له : في كلا الحالين يكون قديما ; لأن القديم عبارة عما كان موجودا فيما لم يزل والمحدث عبارة عما حدث بعد أن لم يكن والنية لا تجعل المحدث قديما ولا القديم محدثا قال : ومن قال هذا فقد بالغ في الجهل والخطأ .
    وقال أيضا : كل شيء يشبه بشيء ما فإنما يشبهه في بعض الأشياء دون بعض ولا يشبهه من جميع أحواله ; لأنه إذا كان مثله في جميع أحواله كان هو لا غيره وقد بينا أن هذه الحروف تشبه حروف القرآن فهي غيرها ا هـ .
    ( قلت : هذا كلام القاضي يعقوب وأمثاله مع أنه أجل من تكلم في هذه المسألة ولما كان جوابه مشتملا على ما يخالف النص والإجماع والعقل خالفه ابن عقيل وغيره من أئمة المذهب الذين هم أعلم به .
    وأجاب ابن عقيل عن سؤال الذين قالوا هذا مثل هذا بأن قال : الاشتراك في الحقيقة لا يدل على الاشتراك في الحدوث كما أن كونه عالما هو تبينه للشيء على أصلكم ومعرفته به على قولنا على الوجه الذي يتبينه الواحد منا وليس مماثلا لنا في كوننا عالمين .
    وكذلك كونه قادرا هو صحة الفعل منه سبحانه وتعالى وليست قدرته على الوجه الذي قدرنا عليها فليس الاشتراك في الحقيقة حاصلا والافتراق في القدم والحدوث حاصل .
    قال : " وجواب آخر " لا نقول إن الله يتكلم بكلامه على الوجه الذي يتكلم به زيد بمعنى أنه يقول : يا يحيى فإذا فرغ من ذلك انتقل إلى قوله خذ الكتاب بقوة وترتب في الوجود كذلك بل هو سبحانه وتعالى يتكلم به على وجه تعجز عن مثله أدواتنا .
    فما ذكرته من الاشتباه من قول القائل يا يحيى خذ الكتاب يعود إلى اشتباه التلاوة بالكلام المحدث فأما أنه يشابه الكلام القائم بذاته فلا .
    قال ابن عقيل : قالوا فهذا لا يجيء على مذهبكم ; فإن عندكم التلاوة هي المتلو والقراءة هي المقروء .
    قيل : ليس معنى قولنا هي المتلو أنها هذه الأصوات المقطعة وإنما نريد به ما يظهر من الحروف القديمة في الأصوات المحدثة وظهورها في المحدث لا بد أن يكسبها صفة التقطيع لاختلاف الأنفاس وإدارة اللهوات ; لأن الآلة التي تظهر عليها لا تحمل الكلام إلا على وجه التقطيع وكلام الباري قائم بذاته على خلاف هذا التقطيع والابتداء والانتهاء والتكرار والبعدية والقبلية .
    ومن قال ذلك لم يعرف حد القديم وادعى قدم الأعراض وتقطع القديم وتقطع القديم عرض لا يقوم بقديم ومن اعتقد أن كلام الله القائم بذاته على حد تلاوة التالي من القطع والوصل والتقريب والتبعيد والبعدية والقبلية فقد شبه الله بخلقه .
    ولهذا روي في الخبر " { أن موسى سأله بنو إسرائيل كيف سمعت كلام ربك ؟
    قال كالرعد الذي لا يترجع } يعني ينقطع لعدم قطع الأنفاس وعدم الأنفاس والآلات والشفاه واللهوات ومن قال غير ذلك وتوهم أن الله تكلم على لسان التالي أو الكلام الذي قام بذاته على هذه الصفة من التقطيع والوصل والتقريب والتبعيد : فقد حكم به محدثا ; لأن الدلالة على حدوث العالم هو الاجتماع والافتراق ; ولأن هذه من صفاف الأدوات ا هـ .
    ( قلت فهذا الذي قاله ابن عقيل أقل خطأ مما قاله البرزبيني فإن ذلك مخالف للنص والإجماع والعقل مخالفة ظاهرة فإنه قد ثبت بالنص والإجماع أن من تكلم في الصلاة بكلام الآدميين عامدا لغير مصلحتها عالما بالتحريم بطلت صلاته بالإجماع خلاف ما ذكره القاضي يعقوب ومتى قصد به التلاوة لم تبطل بالإجماع وإن قصد به التلاوة والخطاب ففيه نزاع وظاهر مذهب أحمد لا تبطل كمذهب الشافعي وغيره وقيل تبطل كقول أبي حنيفة وغيره .
    وما ذكروه عن الصحابة حجة عليهم ; فإن قول علي بن أبي طالب : { فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } هو كلام الله ولم يقصد علي أن يقول للخارجي : ولا يستخفنك الخوارج ; وإنما قصد أن يسمعه الآية وأنه عامل بها صابر لا يستخفه الذين لا يوقنون وابن مسعود قال لهم وهو بالكوفة : { ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين } .
    ومعلوم أن مصر بلا تنوين هي مصر المدينة وهذه لم تكن بالكوفة .
    وابن مسعود إنما كان بالكوفة ; فعلم أنه قصد تلاوة الآية وقصد مع ذلك تنبيه الحاضرين على الدخول ; فإنهم سمعوا قوله ادخلوا فعلموا أنه أذن لهم في الدخول وإن كان هو تلا الآية فهذا هذا .
    وأما جواب ابن عقيل فبناه على أصل ابن كلاب الذي يعتقده هو وشيخه وغيرهما وهو الأصل الذي وافقوا فيه ابن كلاب ومن اتبعه كالأشعري وغيره وهو أن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته وأنه ليس فيما يقوم به شيء يكون بمشيئته وقدرته ; لامتناع قيام الأمور الاختيارية به عندهم ; لأنها حادثة والله لا يقوم به حادث عندهم ; ولهذا تأولوا النصوص المناقضة لهذا الأصل كقوله تعالى : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون } فإن هذا يقتضي أنه سيرى الأعمال في المستقبل وكذلك قوله : { ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون } وقوله : { وسيرى الله عملكم ورسوله } وكذلك قوله : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } فإن هذا يقتضي أنه يحبهم بعد اتباع الرسول .
    وكذلك قوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } فإن هذا يقتضي أنه قال لهم بعد خلق آدم وكذلك قوله تعالى { فلما أتاها نودي } يقتضي أنه نودي لما أتاها لم يناد قبل ذلك وكذلك قوله : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } ومثل هذا في القرآن كثير .
    وهذا الأصل هو مما أنكره الإمام أحمد على ابن كلاب وأصحابه حتى على الحارث المحاسبي مع جلالة قدر الحارث وأمر أحمد بهجره وهجر الكلابية وقال : احذروا من حارث الآفة كلها من حارث فمات الحارث وما صلى عليه إلا نفر قليل بسبب تحذير الإمام أحمد عنه مع أن فيه من العلم والدين ما هو أفضل من عامة من وافق ابن كلاب على هذا الأصل وقد قيل إن الحارث رجع عن ذلك وأقر بأن الله يتكلم بصوت كما حكى عنه ذلك صاحب " التعرف لمذهب التصوف " أبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي .
    وكثير من المتأخرين من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وافقوا ابن كلاب على هذا الأصل كما قد بسط الكلام على ذلك في مواضع أخر .
    واختلف كلام ابن عقيل في هذا الأصل فتارة يقول بقول ابن كلاب وتارة يقول بمذهب السلف وأهل الحديث أن الله تقوم به الأمور الاختيارية ويقول إنه قام به أبصار متجددة حين تجدد المرئيات لم تكن قبل ذلك وقام به علم بأن كل شيء وجد غير العلم الذي كان أولا أنه سيوجد كما دل على ذلك عدة آيات في القرآن كقوله تعالى : { لنعلم من يتبع الرسول } وغير ذلك .
    وكلامه في هذا الأصل وغيره يختلف تارة يقول بهذا وتارة يقول بهذا فإن هذه المواضع مواضع مشكلة كثر فيها غلط الناس ; لما فيها من الاشتباه والالتباس .
    والجواب الحق : أن كلام الله لا يماثل كلام المخلوقين كما لا يماثل في شيء من صفاته صفات المخلوقين وقول القائل : إن الاشتراك في الحقيقة لا يدل على الاشتراك في الحدوث لفظ مجمل فإنا إذا قلنا : لله علم ولنا علم أو له قدرة ولنا قدرة أو له كلام ولنا كلام أو تكلم بصوت ونحن نتكلم بصوت وقلنا صفة الخالق وصفة المخلوق اشتركتا في الحقيقة - فإن أريد بذلك أن حقيقتهما واحدة بالعين فهذا مخالف للحس والعقل والشرع وإن أريد بذلك أن هذه مماثلة لهذه في الحقيقة وإنما اختلفتا في الصفات العرضية كما قال ذلك طائفة من أهل الكلام - وقد بين فساد ذلك في الكلام على " الأربعين " للرازي وغير ذلك - فهذا أيضا من أبطل الباطل وذلك يستلزم أن تكون حقيقة ذات الباري عز وجل مماثلة لحقيقة ذوات المخلوقين .
    وإن أريد بذلك أنهما اشتركا في مسمى العلم والقدرة والكلام فهذا صحيح كما أنه إذا قيل : إنه موجود أو إن له ذاتا فقد اشتركا في مسمى الوجود والذات لكن هذا المشترك أمر كلي لا يوجد كليا إلا في الأذهان لا في الأعيان فليس في الخارج شيء اشترك فيه مخلوقان كاشتراك الجزئيات في كلياتها بخلاف اشتراك الأجزاء في الكل فإنه يجب الفرق بين قسمة الكلي إلى جزئياته كقسمة الحيوان إلى ناطق وغير ناطق وقسمة الإنسان إلى مسلم وكافر وقسمة الاسم إلى معرب ومبني وقسمة الكل إلى أجزائه كقسمة العقار بين الشركاء وقسمة الكلام إلى اسم وفعل وحرف ففي الأول إنما اشتركت الأقسام في أمر كلي فضلا عن أن يكون الخالق والمخلوقون مشتركين في شيء موجود في الخارج وليس في الخارج صفة لله يماثل بها صفة المخلوق بل كل ما يوصف به الرب تعالى فهو مخالف بالحد والحقيقة ; لما يوصف به المخلوق أعظم مما يخالف المخلوق المخلوق وإذا كان المخلوق مخالفا بذاته وصفاته لبعض المخلوقات في الحد والحقيقة فمخالفة الخالق لكل مخلوق في الحقيقة أعظم من مخالفة أي مخلوق فرض لأي مخلوق فرض ولكن علمه ثبت له حقيقة العلم ولقدرته حقيقة القدرة ولكلامه حقيقة الكلام كما ثبت لذاته حقيقة الذاتية ولوجوده حقيقة الوجود وهو أحق بأن تثبت له صفات الكمال على الحقيقة من كل ما سواه .
    فهذا هو المراد بقولنا : علمه يشارك علم المخلوق في الحقيقة فليس ما يسمع من العباد من أصواتهم مشابها ولا مماثلا لما سمعه موسى من صوته إلا كما يشبه ويماثل غير ذلك من صفاته لصفات المخلوقين فهذا في نفس تكلمه سبحانه وتعالى بالقرآن والقرآن عند الإمام أحمد وسائر أئمة السنة كلامه تكلم به وتكلم بالقرآن العربي بصوت نفسه وكلم موسى بصوت نفسه الذي لا يماثل شيئا من أصوات العباد .
    ثم إذا قرأنا القرآن فإنما نقرؤه بأصواتنا المخلوقة التي لا تماثل صوت الرب فالقرآن الذي نقرؤه هو كلام الله مبلغا عنه لا مسموعا منه وإنما نقرؤه بحركاتنا وأصواتنا الكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ كما دل على ذلك الكتاب والسنة مع العقل قال الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه } وقال النبي صلى الله عليه وسلم " { زينوا القرآن بأصواتكم } وقال الإمام أحمد في قول النبي صلى الله عليه وسلم " { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } قال يزينه ويحسنه بصوته كما قال : " { زينوا القرآن بأصواتكم } فنص أحمد على ما جاء به الكتاب والسنة إنا نقرأ القرآن بأصواتنا والقرآن كلام الله كله لفظه ومعناه سمعه جبريل من الله وبلغه إلى محمد صلى الله عليه وسلم وسمعه محمد منه وبلغه محمد إلى الخلق والخلق يبلغه بعضهم إلى بعض ويسمعه بعضهم من بعض ومعلوم أنهم إذا سمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فبلغوه عنه كما قال : " { نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه } فهم سمعوا اللفظ من الرسول بصوت نفسه بالحروف التي تكلم بها وبلغوا لفظه بأصوات أنفسهم وقد علم الفرق بين من يروي الحديث بالمعنى لا باللفظ واللفظ المبلغ هو لفظ الرسول وهو كلام الرسول ; فإن كان صوت المبلغ ليس صوت الرسول وليس ما قام بالرسول من الصفات والإعراض فارقته وما قامت بغيره ; بل ولا تقوم الصفة والعرض بغير محله .
    وإذا كان هذا معقولا في صفات المخلوقين فصفات الخالق أولى بكل صفة كمال وأبعد عن كل صفة نقص والتباين الذي بين صفة الخالق والمخلوق أعظم من التباين الذي بين صفة مخلوق ومخلوق وامتناع الاتحاد والحلول بالذات للخالق وصفاته في المخلوق أعظم من الاتحاد والحلول بالذات للمخلوق وصفاته في المخلوق وهذه جمل قد بسطت في مواضع أخر .
    هذا مع أن احتجاج الجهمية والمعتزلة بأن كلام المخلوق بقوله : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } مثل كلام الخالق غلط باتفاق الناس حتى عندهم فإن الذين يقولون هو مخلوق يقولون إنه خلقه في بعض الأجسام إما الهواء أو غيره كما يقولون : إنه خلق الكلام في نفس الشجرة فسمعه موسى .
    ومعلوم أن تلك الحروف والأصوات التي خلقها الله ليست مماثلة لما يسمع من العبد وتلك هي كلام الله المسموع منه عندهم ; كما أن أهل السنة يقولون الذي تكلم هو الله بمشيئته وليس ذلك مماثلا لصوت العبد .
    وأما القائلون بقدم الكلام المعين سواء كان معنى أو حروفا أو أصواتا فيقولون : خلق لموسى إدراكا أدرك به ذلك القديم وبكل حال فكلام المتكلم إذا سمع من المبلغ عنه [ غير ما قام بنفس المتكلم المنشئ ] فكيف [ لا ] يكون ذلك في كلام الله تعالى ؟
    .
    فيجب على الإنسان في " مسألة الكلام " أن يتحرى أصلين : ( أحدهما تكلم الله بالقرآن وغيره هل تكلم به بمشيئته وقدرته أم لا ؟
    وهل تكلم بكلام قائم بذاته أم خلقه في غيره ؟ ( والثاني تبليغ ذلك الكلام عن الله وأنه ليس مما يتصف به الثاني وإن كان المقصود بالتبليغ الكلام المبلغ .
    وبسط هذا له موضع آخر .
    وأيضا فهذان المتنازعان إذا قال أحدهما : إنها قديمة وليس لها مبتدأ وشكلها ونقطها محدث وقال الآخر : إنها ليست بكلام الله وإنها مخلوقة بشكلها ونقطها قد يفهم من هذا أنهما أرادا بالحروف الحروف المكتوبة دون المنطوقة والحروف المكتوبة قد تنازع الناس في شكلها ونقطها فإن الصحابة لما كتبوا المصاحف كتبوها غير مشكولة ولا منقوطة ; لأنهم إنما كانوا يعتمدون في القرآن على حفظه في صدورهم لا على المصاحف وهو منقول بالتواتر محفوظ في الصدور ولو عدمت المصاحف لم يكن للمسلمين بها حاجة فإن المسلمين ليسوا كأهل الكتاب الذين يعتمدون على الكتب التي تقبل التغير والله أنزل القرآن على محمد فتلقاه تلقيا وحفظه في قلبه لم ينزله مكتوبا كالتوراة وأنزله منجما مفرقا ليحفظ فلا يحتاج إلى كتاب كما قال تعالى : { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } الآية وقال تعالى : { وقرآنا فرقناه } الآية وقال تعالى : { ولا تعجل بالقرآن } الآية وقال تعالى : { إن علينا جمعه وقرآنه } الآية .
    وفي الصحيح عن ابن عباس قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان يحرك شفتيه فقال ابن عباس : أنا أحركهما لك كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحركهما فحرك شفتيه فأنزل الله تعالى : { لا تحرك به لسانك لتعجل به } { إن علينا جمعه وقرآنه } } قال جمعه في صدرك ثم تقرؤه : { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } قال : فاستمع له وأنصت { ثم إن علينا بيانه } أي نبينه بلسانك .
    فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه ; فلهذا لم تكن الصحابة ينقطون المصاحف ويشكلونها وأيضا كانوا عربا لا يلحنون ; فلم يحتاجوا إلى تقييدها بالنقط وكان في اللفظ الواحد قراءتان يقرأ بالياء والتاء مثل : يعملون وتعملون .
    فلم يقيدوه بأحدهما ليمنعوه من الأخرى .
    ثم إنه في زمن التابعين لما حدث اللحن صار بعض التابعين يشكل المصاحف وينقطها وكانوا يعملون ذلك بالحمرة ويعملون الفتح بنقطة حمراء فوق الحرف والكسرة بنقطة حمراء تحته والضمة بنقطة حمراء أمامه .
    ثم مدوا النقطة وصاروا يعملون الشدة بقولك " شد " ; ويعملون المدة بقولك " مد " وجعلوا علامة الهمزة تشبه العين ; لأن الهمزة أخت العين ثم خففوا ذلك حتى صارت علامة الشدة مثل رأس السين وعلامة المدة مختصرة كما يختصر أهل الديوان ألفاظ العدد وغير ذلك وكما يختصر المحدثون أخبرنا وحدثنا فيكتبون أول اللفظ وآخره على شكل " أنا " وعلى شكل " ثنا " .
    وتنازع العلماء هل يكره تشكيل المصاحف وتنقيطها ؟
    على قولين معروفين وهما روايتان عن الإمام أحمد لكن لا نزاع بينهم أن المصحف إذا شكل ونقط وجب احترام الشكل والنقط كما يجب احترام الحرف ولا تنازع بينهم أن مداد النقطة والشكل مخلوق كما أن مداد الحرف مخلوق ولا نزاع بينهم أن الشكل يدل على الإعراب والنقط يدل على الحروف وأن الإعراب من تمام الكلام العربي ويروى عن أبي بكر وعمر أنهما قالا : حفظ إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه .
    ولا ريب أن النقطة والشكلة بمجردهما لا حكم لهما ولا حرمة ولا ينبغي أن يجرد الكلام فيهما ولا ريب أن إعراب القرآن العربي من تمامه ويجب الاعتناء بإعرابه والشكل يبين إعرابه كما تبين الحروف المكتوبة للحرف المنطوق كذلك يبين الشكل المكتوب للإعراب المنطوق .
    فهذه المسائل إذا تصورها الناس على وجهها تصورا تاما ظهر لهم الصواب وقلت الأهواء والعصبيات وعرفوا موارد النزاع فمن تبين له الحق في شيء من ذلك اتبعه ومن خفي عليه توقف حتى يبينه الله له وينبغي له أن يستعين على ذلك بدعاء الله ومن أحسن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول : اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم } .
    وقول القائل الآخر كلامه كتب بها : يقتضي أنه أراد بالحروف ما يتناول المنطوق والمكتوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " { من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف } قال الترمذي : حديث صحيح .
    فهنا لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بالحرف نفس المداد وشكل المداد وإنما أراد الحرف المنطوق .
    وفي مراده بالحرف قولان : قيل هذا اللفظ المفرد .
    وقيل أراد صلى الله عليه وسلم بالحرف الاسم كما قال : ألف حرف ولام حرف وميم حرف .
    ولفظ " الحرف والكلمة " له في لغة العرب التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بها معنى وله في اصطلاح النحاة معنى .
    فالكلمة في لغتهم هي الجملة التامة الجملة الاسمية أو الفعلية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته : " { كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم } وقال صلى الله عليه وسلم " { إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل } وقال : " { إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب له بها سخطه إلى يوم القيامة } وقال لأم المؤمنين " { لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته } ومنه قوله تعالى { كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا } وقوله : { وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها } وقوله تعالى { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله } وقوله : { وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون } وقوله : { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا } وقول النبي صلى الله عليه وسلم " { من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } ونظائره كثيرة .
    ولا يوجد قط في الكتاب والسنة وكلام العرب لفظ الكلمة إلا والمراد به الجملة التامة .
    فكثير من النحاة أو أكثرهم لا يعرفون ذلك ; بل يظنون أن اصطلاحهم في مسمى الكلمة ينقسم إلى اسم وفعل وحرف هو لغة العرب والفاضل منهم يقول : وكلمة بها كلام قد يؤم ويقولون : العرب قد تستعمل الكلمة في الجملة التامة وتستعملها في المفرد وهذا غلط لا يوجد قط في كلام العرب لفظ الكلمة إلا للجملة التامة .
    ومثل هذا اصطلاح المتكلمين على أن القديم هو ما لا أول لوجوده أو ما لم يسبقه عدم ثم يقول بعضهم : وقد يستعمل القديم في المتقدم على غيره سواء كان أزليا أو لم يكن كما قال تعالى : { حتى عاد كالعرجون القديم } وقال : { وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } وقوله تعالى { قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم } وقال : { أفرأيتم ما كنتم تعبدون } { أنتم وآباؤكم الأقدمون } وتخصيص القديم بالأول عرف اصطلاحي ولا ريب أنه أولى بالقدم في لغة الرب ; ولهذا كان لفظ المحدث في لغة العرب بإزاء القديم قال تعالى : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } وهذا يقتضي أن الذي نزل قبله ليس بمحدث بل متقدم .
    وهذا موافق للغة العرب التي نزل بها القرآن ونظير هذا لفظ " القضاء " فإنه في كلام الله وكلام الرسول المراد به إتمام العبادة وإن كان ذلك في وقتها كما قال تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } وقوله : { فإذا قضيتم مناسككم } ثم اصطلح طائفة من الفقهاء فجعلوا لفظ " القضاء " مختصا بفعلها في غير وقتها ولفظ " الأداء " مختصا بما يفعل في الوقت وهذا التفريق لا يعرف قط في كلام الرسول ثم يقولون قد يستعمل لفظ القضاء في الأداء فيجعلون اللغة التي نزل القرآن بها من النادر .
    ولهذا يتنازعون في مراد النبي صلى الله عليه وسلم " { فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا } " وفي لفظ : " { فأتموا } " فيظنون أن بين اللفظين خلافا وليس الأمر كذلك ; بل قوله : " فاقضوا " كقوله : " فأتموا " لم يرد بأحدهما الفعل بعد الوقت ; بل لا يوجد في كلام الشارع أمر بالعبادة في غير وقتها لكن الوقت وقتان : وقت عام ووقت خاص لأهل الأعذار : كالنائم والناسي إذا صليا بعد الاستيقاظ والذكر فإنما صليا في الوقت الذي أمر الله به فإن هذا ليس وقتا في حق غيرهما .
    ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها .
    وما ذكر في مسمى " الكلام " ما ذكره سيبويه في كتابه عن العرب فقال : واعلم " أن " في كلام العرب إنما وقعت على أن تحكى وإنما يحكى بعد القول ما كان كلاما قولا ; وإلا فلا يوجد قط لفظ الكلام والكلمة إلا للجملة التامة في كلام العرب ولفظ الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء ; ولهذا سأل الخليل أصحابه : كيف تنطقون بالزاي من زيد ؟
    فقالوا : زاي فقال نطقتم بالاسم وإنما الحرف زه ; فبين الخليل أن هذه التي تسمى حروف الهجاء هي أسماء .
    وكثيرا ما يوجد في كلام المتقدمين هذا " حرف من الغريب " يعبرون بذلك عن الاسم التام فقوله صلى الله عليه وسلم " { فله بكل حرف } " مثله بقوله : " ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " .
    وعلى نهج ذلك : وذلك حرف والكتاب حرف ونحو ذلك .
    وقد قيل : إن ذلك أحرف والكتاب أحرف وروي ذلك مفسرا في بعض الطرق .
    والنحاة اصطلحوا اصطلاحا خاصا فجعلوا لفظ " الكلمة " يراد به الاسم أو الفعل أو الحرف الذي هو من حروف المعاني ; لأن سيبويه قال في أول كتابه : الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل .
    فجعل هذا حرفا خاصا وهو الحرف الذي جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل ; لأن سيبويه كان حديث العهد بلغة العرب وقد عرف أنهم يسمون الاسم أو الفعل حرفا فقيد كلامه بأن قال : وقسموا الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل وأراد سيبويه أن الكلام ينقسم إلى ذلك قسمة الكل إلى أجزائه لا قسمة الكلي إلى جزئياته كما يقول الفقهاء بأن القسمة كما يقسم العقار والمنقول بين الورثة فيعطى هؤلاء قسم غير قسم هؤلاء كذلك الكلام هو مؤلف من الأسماء والأفعال وحروف المعاني فهو مقسوم إليها وهذا التقسيم غير تقسيم الجنس إلى أنواعه كما يقال : الاسم ينقسم إلى معرب ومبني .
    وجاء الجزولي وغيره فاعترضوا على النحاة في هذا ولم يفهموا كلامهم فقالوا : كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاص أنواعه فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص وإلا فليست أقساما له وأرادوا بذلك الاعتراض على قول الزجاج : الكلام اسم وفعل وحرف .
    والذي ذكره الزجاج هو الذي ذكره سيبويه وسائر أئمة النحاة وأرادوا بذلك القسمة الأولى المعروفة وهي قسمة الأمور الموجودة إلى أجزائها كما يقسم العقار والمال ولم يريدوا بذلك قسمة الكليات - التي لا توجد كليات إلا في الذهن - كقسمة الحيوان إلى ناطق وبهيم وقسمة الاسم إلى المعرب والمبني .
    فإن المقسم هنا هو معنى عقلي كلي لا يكون كليا إلا في الذهن .
    فصل ولفظ " الحرف " يراد به حروف المعاني التي هي قسيمة الأسماء والأفعال : مثل حروف الجر والجزم وحرفي التنفيس والحروف المشبهة للأفعال مثل " إن وأخواتها " وهذه الحروف لها أقسام معروفة في كتب العربية كما يقسمونها بحسب الإعراب إلى ما يختص بالأسماء وإلى ما يختص بالأفعال ويقولون : ما اختص بأحد النوعين ولم يكن كالجزء منه كان عاملا كما تعمل حروف الجر وإن وأخواتها في الأسماء وكما تعمل النواصب والجوازم في الأفعال ; بخلاف حرف التعريف وحرفي التنفيس : كالسين وسوف فإنهما لا يعملان لأنهما كالجزء من الكلمة ويقولون : كان القياس في " ما " أنها لا تعمل لأنها تدخل على الجملة الاسمية والفعلية ولكن أهل الحجاز أعملوها لمشابهتها لليس وبلغتهم جاء القرآن في قوله : { ما هذا بشرا } { ما هن أمهاتهم } .
    ويقسمون " الحروف " باعتبار معانيها إلى حروف استفهام وحروف نفي وحروف تخصيص وغير ذلك ويقسمونها باعتبار بنيتها كما تقسم الأفعال والأسماء إلى مفرد وثنائي وثلاثي ورباعي وخماسي .
    فاسم الحرف هنا منقول عن اللغة إلى عرف النحاة بالتخصيص وإلا فلفظ الحرف في اللغة يتناول الأسماء والحروف والأفعال وحروف الهجاء تسمى حروفا وهي أسماء كالحروف المذكورة في أوائل السور لأن مسماها هو الحرف الذي هو حرف الكلمة .
    وتقسم تقسيما آخر إلى حروف حلقية وشفهية والمذكورة في أوائل السور في القرآن هي نصف الحروف واشتملت من كل صنف على أشرف نصفيه : على نصف الحلقية والشفهية والمطبقة ; والمصمتة وغير ذلك من أجناس الحروف .
    فإن لفظ " الحرف " أصله في اللغة هو الحد والطرف كما يقال : حروف الرغيف وحرف الجبل .
    قال الجوهري : حرف كل شيء طرفه وشفيره وحده ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد ومنه قوله تعالى { ومن الناس من يعبد الله على حرف } إلى قوله : { والآخرة } فإن طرف الشيء إذا كان الإنسان عليه لم يكن مستقرا ; فلهذا كان من عبد الله على السراء دون الضراء عابدا له على حرف : تارة يظهره وتارة ينقلب على وجهه كالواقف على حرف الجبل فسميت حروف الكلام حروفا لأنها طرف الكلام وحده ومنتهاه إذ كان مبدأ الكلام من نفس المتكلم ومنتهاه حده وحرفه القائم بشفتيه ولسانه ; ولهذا قال تعالى : { ألم نجعل له عينين } { ولسانا وشفتين } فلفظ الحرف يراد به هذا وهذا وهذا .
    ثم إذا كتب الكلام في المصحف سموا ذلك حروفا فيراد بالحرف الشكل المخصوص ولكل أمة شكل مخصوص هي خطوطهم التي يكتبون بها كلامهم ويراد به المادة ويراد به مجموعها وهذه الحروف المكتوبة تطابق الحروف المنطوقة وتبينها وتدل عليها فسميت بأسمائها ; إذ كان الإنسان يكتب اللفظ بقلمه ; ولهذا كان أول ما أنزل الله على نبيه { اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله : { ما لم يعلم } فبين سبحانه في أول ما أنزله أنه سبحانه هو الخالق الهادي الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى كما قال موسى : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } فالخلق يتناول كل ما سواه من المخلوقات ثم خص الإنسان فقال : { خلق الإنسان من علق } .
    ثم ذكر أنه علم ; فإن الهدى والتعليم هو كمال المخلوقات .
    والعلم له " ثلاث مراتب " علم بالجنان وعبارة باللسان وخط بالبنان ; ولهذا قيل : إن لكل شيء أربع وجودات : وجود عيني وعلمي ولفظي ورسمي .
    وجود في الأعيان ووجود في الأذهان واللسان والبنان ; لكن الوجود العيني هو وجود الموجودات في أنفسها والله خالق كل شيء وأما الذهني الجناني فهو العلم بها الذي في القلوب والعبارة عن ذلك هو اللساني وكتابة ذلك هو الرسمي البناني وتعليم الخط يستلزم تعليم العبارة واللفظ وذلك يستلزم تعليم العلم فقال : { علم بالقلم } لأن التعليم بالقلم يستلزم المراتب الثلاث وأطلق التعليم ثم خص فقال : { علم الإنسان ما لم يعلم } .
    وقد تنازع الناس في وجود كل شيء هل هو عين ماهيته أم لا ؟
    وقد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع وبين أن الصواب من ذلك أنه قد يراد بالوجود ما هو ثابت في الأعيان وبالماهية ما يتصور في الأذهان فعلى هذا فوجود الموجودات الثابت في الأعيان ليس هو ماهيتها المتصورة في الأذهان ; لكن الله خلق الموجود الثابت في الأعيان وعلم الماهيات المتصورة في الأذهان كما أنزل بيان ذلك في أول سورة أنزلها من القرآن وقد يراد بالوجود والماهية كلاهما : ما هو متحقق في الأعيان وما هو متحقق في الأذهان فإذا أريد بهذا وهذا ما هو متحقق في الأعيان أو ما هو متصور في الأذهان فليس هما في الأعيان اثنان ; بل هذا هو هذا .
    وكذلك الذهن إذا تصور شيئا فتلك الصورة هي المثال الذي تصورها وذلك هو وجودها الذهني الذي تتصوره الأذهان ; فهذا فصل الخطاب في هذا الباب .
    ومن تدبر هذه المسائل وأمثالها تبين له أن أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .
    وقد بسط الكلام على أصول هذه المسائل وتفاصيلها في مواضع أخرى ; فإن الناس كثر نزاعهم فيها حتى قيل : " مسألة الكلام " حيرت عقول الأنام .
    ولكن سؤال هذين لا يحتمل البسط الكثير فإنهما سألا بحسب ما سمعاه واعتقداه وتصوراه فإذا عرف السائل أصل مسألته ولوازمها وما فيها من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة تبين له أن من الخلق من تكلم في مثل هذه الأسماء بالنفي والإثبات من غير تفصيل فلا بد له أن يقابله آخر بمثل إطلاقه .
    ومن الأصول الكلية أن يعلم أن الألفاظ " نوعان " : نوع جاء به الكتاب والسنة فيجب على كل مؤمن أن يقر بموجب ذلك فيثبت ما أثبته الله ورسوله وينفي ما نفاه الله ورسوله فاللفظ الذي أثبته الله أو نفاه حق ; فإن الله يقول الحق وهو يهدي السبيل والألفاظ الشرعية لها حرمة .
    ومن تمام العلم أن يبحث عن مراد رسوله بها ليثبت ما أثبته وينفي ما نفاه من المعاني فإنه يجب علينا أن نصدقه في كل ما أخبر ونطيعه في كل ما أوجب وأمر ثم إذا عرفنا تفصيل ذلك كان ذلك من زيادة العلم والإيمان وقد قال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } .
    وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره .
    ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي ; فإن كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون في قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب في قول ثالث .
    وكثير من الكتب المصنفة في " أصول علوم الدين " وغيرها تجد الرجل المصنف فيها في " المسألة العظيمة " كمسألة القرآن والرؤية والصفات والمعاد وحدوث العالم وغير ذلك يذكر أقوالا متعددة .
    والقول الذي جاء به الرسول وكان عليه سلف الأمة ليس في تلك الكتب ; بل ولا عرفه مصنفوها ولا شعروا به وهذا من أسباب توكيد التفريق والاختلاف بين الأمة وهو مما نهيت الأمة عنه كما في قوله تعالى { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } .
    قال ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة .
    وقد قال تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله } وقال تعالى : { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } .
    وقد { خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يتنازعون في القدر وهذا يقول ألم يقل الله كذا ؟
    وهذا يقول ألم يقل الله كذا ؟ فقال : أبهذا أمرتم ؟ أم إلى هذا دعيتم ؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا : أن ضربوا كتاب الله بعضه ببعض انظروا ما أمرتم به فافعلوه وما نهيتم عنه فاجتنبوه } .
    ومما أمر الناس به أن يعملوا بمحكم القرآن ويؤمنوا بمتشابهه .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد كتبت في أصول هذه المسائل قواعد متعددة وأصولا كثيرة ولكن هذا الجواب كتب وصاحبه مستوفز في قعدة واحدة والله تعالى يهدينا وسائر إخواننا لما يحبه ويرضاه .
    والحمد لله رب العالمين .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اخي الكريم ما زلنا لم نستطيع تفسير كلام من السلف يوحي بذلك ومن الممكن ان تستعرضهم واحد واحد ونبدا بقول الامام وكيع في قوله من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
    فلو محدث هنا بمعنى مخلوق لكان الكلام من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وهذا لغو ينزه عنه مثل الامام وكيع فما توجيه الكلام هنا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    اخي الكريم ما زلنا لم نستطيع تفسير كلام من السلف يوحي بذلك ومن الممكن ان تستعرضهم واحد واحد ونبدا بقول الامام وكيع في قوله من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
    فلو محدث هنا بمعنى مخلوق لكان الكلام من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وهذا لغو ينزه عنه مثل الامام وكيع فما توجيه الكلام هنا
    قال شيخ الاسلام -من كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المحدث إلا على المخلوق المنفصل كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآن في محنة الإمام أحمد رحمه اللّه وكانوا لا يعرفون للمحدث معنى إلا المخلوق المنفصل
    فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال: القرآن محدث،
    بل من قال: إنه محدث، فقد قال: إنه مخلوق.
    ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كتب إليه أنه تكلم بذلك،
    فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا
    فأنكره أئمة السنة.
    وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام اللّه غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه، وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره.
    والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي، فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام اللّه قائم بذاته، وكان أئمة السنة كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي شيبة وغيرهم، متفقين على أن اللّه يتكلم بمشيئته وقدرته، ولم يقل أحد منهم: إن القرآن قديم. وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كُلاب.
    اهـ.


    وقال أيضا رحمه الله: إن أردت بقولك: محدث، أنه مخلوق منفصل عن الله كما يقول الجهمية والمعتزلة والنجارية،فهذا باطل لا نقوله،
    وإن أردت بقولك: إنه كلام تكلم الله به بمشيئته بعد أن لم يتكلم به بعينه، وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك مع أنه لم يزل متكلما إذا شاء فإنا نقول بذلك. وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو قول السلف وأهل الحديث
    . اهـ.

    سئل وكيع عن قوم يقولون: القرآن مخلوق؛ فاستشنع ذلك وقال سبحان الله شيء
    وقال وكيع: فإني أستتيبه فإن تاب وإلا قتلته
    وقال: من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث ومن زعم أنه محدث
    وقيل له: إن فلانا يقول إن القرآن محدث فقال: سبحان الله هذا كفر.
    وقال: من زعم أن القرآن مخلوق؛ فقد زعم أنه محدث يستتاب فإن تاب وإلا
    وقال زهير بن حرب: اختصمت أنا ومثنى
    فقال مثنى: القرآن مخلوق،
    وقلت أنا: كلام الله،
    فقال وكيع وأنا أسمع: هذا كفر،
    وقال: من قال: القرآن مخلوق هذا كفر؛
    فقال المثنى: يا أبا سفيان قال الله تعالى: مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ [الشعراء:5] فإيش هذا؟
    فقال وكيع: من قال القرآن مخلوق هذا كفر
    وقال: من قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر
    وقال رحمه الله تعالى: القرآن كلام الله أنزله جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل صاحب هوى يعرف الله ويعرف من يعبد إلا الجهمية لا يدرون من يعبدون بشر المريسي وأصحابه
    وقيل لوكيع في ذبائح الجهمية قال: لا تؤكل
    وقال: من قال: إن كلامه ليس منه فقد كفر،
    وقال: من قال: إن منه شيئاً مخلوقاً فقد كفر
    وقال وكيع : من قال : إن كلام الله ليس منه فقد كفر ، ومن قال : إن شيئا منه مخلوق فقد كفر
    قال الامام البخاري في صحيحه
    باب قول الله تعالى كل يوم هو في شأن و ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث
    وقوله تعالى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
    وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين لقوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
    وقال ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة
    و مراد الامام رحمه الله بقوله وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين اثبات الافعال الاختيارية لله كالنزول والاستواء والمجئ واحاد كلام الله عز وجل وغير ذلك مما ثبت من افعال الله تعالى في الكتاب والسنة
    قال ابن عثيمين رحمه الله -
    إن القرآن كلام الله القديم يعني الأزلي ،أي أن القرآن قديم بقدم الله عز وجل أزلي ، فلم يزل هذا القرآن على زعمه موجوداً من قبل كل شيء ،
    ولا شك أن هذا القول باطل، لأن القرآن يتكلم الله به حيث إنزاله ، والدليل على هذا : أن الله سبحانه وتعالى يتحدث عن أشياء وقعت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بصيغة الماضي ، وهذا يدل على أن كلامه بها كان بعد وقوعها ، قال الله تعالى : { وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم } ( آل عمران 121 ) ، { غدوت } : ماضي ، إذن هذا القول قاله الله بعد غدو الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال تعالى : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } ( المجادلة 1 ) ، فقال : { قد سمع } وهل يمكن أن يخبر الله عن شيء أنه سمعه وهو لم يقع ؟ هذا لا يمكن ،
    فقوله : { قد سمع } يدل على أن هذا الكلام كان بعد وقوع الحادثة وهذا هو الحق أن الله تكلم بالقرآن حديثاً ،كما قال تعالى : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه } ( الأنبياء 2 ) .
    والقول بأن المراد ( محدث ) : أي محدث إنزاله خطأ بل هو محدث هذا الذر لأن الله يتكلم متى شاء ما شاء ،
    وعلى هذا فنقول : لو أن المؤلف – عفا الله عنه – قال بدل قوله : ( قديم ) لو قال : ( كلامه سبحانه عظيم ) لكان أنسب وأبعد عن الخطأ))
    وقال ابن عثيمين
    وأما من قال: إن القرآن محدث، فليس بمبتدع وليس بضال، بل قد قال الله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾[الأنبياء: 2]. نعم لو كان المخاطب لا يفهم من كلمة محدث إلا أنه مخلوق فهنا لا نخاطبه بذلك، ولا نقول: إنه محدث، خشية أن يتوهم ما ليس بجائز.
    فضيلة الشيخ:
    لماذا اعتبرت الفرق الضالة بأن القرآن مخلوق وأنه محدث؟ وما هو الغرض من ذلك؟ الشيخ: نعم أولاً: كما سمعت كلمة محدث لا بأس بها، ما لم نكن نخاطب من يفهم منها الخلق، وأن (محدث) في إزاء مخلوق. وأما المخلوق فإنهم إنما ذهبوا هذا المذهب لشبهات كانت عليهم، مثل قوله تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[الزمر: 62]. ومثل قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ [الفرقان: 2] وما أشبه ذلك، فظنوا أن هذا هو الحق، لكنهم بُيِّنَ لهم هذا، وبُيِّنَ لهم الغلط، إلا أنهم أصروا وعاندوا، وصاروا يدعون إلى بدعتهم هذه، وهي بدعة ضلالة.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    انا افهم فضيلتك لكن الا تلاحظ ان وكيع اراد بالمحدث هنا معنى اخر غير معنى انه مخلوق لانه قال من قال انه مخلوق فقد قال انه محدث فيبدو ان معنى مخلوق عنده مغاير لمعنى محدث اذا استشكل وقول هل محدث معناها في كلامه ضد القدم والازل وهو يعترض على قول ان القران محدث ويظنه قديما

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    اخي الكريم ما زلنا لم نستطيع تفسير كلام من السلف يوحي بذلك ومن الممكن ان تستعرضهم واحد واحد ونبدا بقول الامام وكيع في قوله من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن محدث ومن زعم أن القرآن محدث فقد كفر
    فلو محدث هنا بمعنى مخلوق لكان الكلام من قال إن القرآن مخلوق فقد زعم أن القرآن مخلوق ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر وهذا لغو ينزه عنه مثل الامام وكيع فما توجيه الكلام هنا
    قد مر عليك في الموضوع السابق من كلام شيخ الاسلام رحمه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    لكن قد يقال ( القرآن الذي هو قديم لا يتعلق بمشيئته هو المعنى الذي سماه الله علمًا، وذلك هو الذي يكفر من قال بحدوثه )
    و القران الذي هو كلام الله يتضمن المعنى الذي سماه الله علما و يكون بحرف و صوت يسمع بلا خلاف بين اهل السنة
    فعندما يعبر اهل السنة بقولهم ( محدث ) يقصد بذلك ما يكون تحت المشيئة و يكون بحرف و صوت يسمع . و لا يتوجه ذلك الى العلم الذي تضمنه مسمى الكلام . لماذا ؟

    لاننا قلنا سابقا كما جاء في النصوص و قرره الامام احمد و غيره من الائمة ان القران من علم الله . و لا يصح ان نقول في علم الله عزوجل انه حدث بعد ان لم يكن . و قد مر عليك من كلام شيخ الاسلام انه يكفر من قال ذلك .

    و كلام الامام وكيع رحمه الله كان ردا على الجهمية في قولهم ان القران مخلوق . و لم يشتهر عنهم في اول الامر نفيهم للعلم و قولهم بحدوثه او حدوث بعضه . لذا الزمهم الائمة بعد ذلك بالعلم .

    فمع النظر الى حجة الجهمية التي سيق لاجلها الكلام في القران . و قولهم بحدوثه =
    1- ( انه مخلوق ) و هذا يرجع الى ما يسمع من الكلام
    2- ( حادث بعد ان لم يكن ) يرجع الى الاول و الى العلم الذي تضمنه الكلام .

    فمع مراعاة حال المتكلم يعلم مراده و مقصوده . فقد بينا سابقا ما يقصد اهل السنة بلفظ المحدث . و ما يقصد الجهمية بذلك .

    فهذه المسالة و كلام الجهمية و ما يلزم منه و حجة اهل السنة عليهم .كل ذلك كان معلوما عند الائمة . فتضمن لفظ القران للعلم و قول الجهمية بحدوث ذلك من صريح قولهم او ما يلزم منه = ان من قال منهم بحدوث ذلك فقد كفر .

    فاذا فهمت حجة اهل السنة على الجهمية في ان القران من علم الله . سهل عليك فهم قول الامام وكيع من قال بحدوثه فقد كفر .
    لان القول بالحدوث و الخلق يشمل المعنى الذي هو العلم .

    يقول الامام ابن بطة العكبري في كتابه الابانة الكبرى

    ثم إن الجهمي إذا بطلت حجته فيما ادعاه، ادعى أمرًا آخر فقال: أنا أجد في الكتاب آيةً تدل على أن القرآن مخلوق، فقيل له: أية آية هي؟ قال: قول الله عز وجل {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث}
    أفلا ترون أن كل محدث مخلوق؟

    فوهم على الضعفاء والأحداث وأهل الغباوة وموه عليهم،

    فيقال له: إن الذي لم يزل به عالمًا لا يكون محدثًا، فعلمه أزلي كما أنه هو أزلي، وفعله مضمر في علمه، وإنما يكون محدثًا ما لم يكن به عالمًا حتى علمه، فيقول: إن الله عز وجل لم يزل عالمًا بجميع ما في القرآن قبل أن ينزل القرآن وقبل أن يأتي به جبريل وينزل به على محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال: {إني جاعل في الأرض خليفةً} قبل أن يخلق آدم . وقال {إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين} .

    يقول: كان إبليس في علم الله كافرًا قبل أن يخلقه، ثم أوحى بما قد كان علمه من جميع الأشياء، وقد أخبرنا عز وجل عن القرآن، فقال {إن هو إلا وحي يوحى} فنفى عنه أن يكون غير الوحي، وإنما معنى قوله {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} أراد: محدثًا علمه، وخبره، وزجره، وموعظته عند محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد: أن علمك يا محمد ومعرفتك محدث بما أوحي إليك من القرآن، وإنما أراد: أن نزول القرآن عليك يحدث لك ولمن سمعه علمًا وذكرًا لم تكونوا تعلمونه، ألم تسمع إلى قوله {وعلمك ما لم تكن تعلم} . وقال تعالى {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} . وقال: {وكذلك أنزلناه قرآنًا عربيًا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرًا} .

    فأخبر أن الذكر المحدث هو ما يحدث من سامعيه وممن علمه وأنزل عليه، لا أن القرآن محدث عند الله، ولا أن الله كان ولا قرآن، لأن القرآن إنما هو من علم الله، فمن زعم أن القرآن هو بعد، فقد زعم أن الله كان ولا علم ولا معرفة عنده بشيء مما في القرآن، ولا اسم له، ولا عزة له، ولا صفة له حتى أحدث القرآن.

    ولا نقول: إنه فعل الله، ولا يقال: كان الله قبله، ولكن نقول: إن الله لم يزل عالمًا لا متى علم ولا كيف علم، وإنما وهمت الجهمية الناس ولبست عليهم بأن يقول: أليس الله الأول قبل كل شيء، وكان ولا شيء، وإنما المعنى في: كان الله قبل كل شيء قبل السماوات وقبل الأرضين وقبل كل شيء مخلوق،

    فأما أن نقول: قبل علمه، وقبل قدرته، وقبل حكمته، وقبل عظمته، وقبل كبريائه، وقبل جلاله، وقبل نوره، فهذا كلام الزنادقة وقوله {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} ، فإنما هو ما يحدثه الله عند نبيه، وعند أصحابه، والمؤمنين من عباده، وما يحدثه عندهم من العلم، وما لم يسمعوه، ولم يأتهم به كتاب قبله، ولا جاءهم به رسول. ألم تسمع إلى قوله عز وجل {ووجدك ضالًا فهدى} وإلى قوله فيما يحدث القرآن في قلوب المؤمنين إذا سمعوه {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} فأعلمنا أن القرآن يحدث نزوله لنا علمًا وذكرا وخوفًا، فعلم نزوله محدث عندنا وغير محدث عند ربنا عز وجل.

    ثم إن الجهمي حين بطلت دعواه وظهرت زندقته فيما احتج به، ادعى أمرًا آخر ووهم ولبس على أهل دعوته، فقال: أتزعمون أن الله لم يزل والقرآن؟ فإن زعمتم أن الله لم يزل والقرآن، فقد زعمتم أن الله لم يزل ومعه شيء، فيقال له: إنا لا نقول كما تقول ولا نقول: إن الله لم يزل، والقرآن لم يزل، والكلام لم يزل والعلم، ولم يزل والقوة، ولم يزل والقدرة، ولكنا نقول كما قال {وكان الله قويًا عزيزًا} ، وكما قال {ذلك تقدير العزيز العليم} ، فنقول: إن الله لم يزل بقوته، وعظمته، وعزته، وعلمه، وجوده، وكرمه، وكبريائه، وعظمته، وسلطانه، متكلمًا عالمًا، قويًا، عزيزًا، قديرًا، ملكًا، ليست هذه الصفات ولا شيء منها ببائنة منه، ولا منفصلة عنه، ولا تجزأ ولا تتبعض منه، ولكنها منه وهي صفاته، فكذلك القرآن كلام الله، وكلام الله منه،

    وبيان ذلك في كتابه: قال الله عز وجل {سلام قولًا من رب رحيم} وقال: {ولكن حق القول مني} ، وقال: {فحق علينا قول ربنا}، وقد أخبرنا الله أن الأشياء إنما تكون بكلامه، فقال { فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردةً خاسئين}. وقال {قلنا لا تخف} وقال: {قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} ، فبقول الله عز وجل صار أولئك قردةً، وبقوله أمن موسى، وبقوله صارت النار بردًا وسلامًا. انتهى المقصود

    اذا تاملت كلام ابن بطة ظهر لك ان حجته مبنية على ان القران من علم الله . و كفر من قال بحدوث ذلك . فليس الكلام موجه لمن يقول ان الله لم يزل عالم متكلم و ان الكلام يكون بارادة و مشيئة . فشتان بين هذا و ذاك . فنصوص الكتاب و السنة ظاهرة بينة فيما قرره اهل السنة في هذه المسالة بالذات .

    و ما يلزمك من قولك و ما اردت ان تحمل عليه كلام الامام وكيع لامر شنيع ترده العقول السليمة قبل براهين النصوص الشرعية .

    فالقول بقدم عين القران ان كان يقصد منه ان القران هو علم فقط لا يكون بكلام يسمع يتعلق بالمشيئة نفي لصفة الكلام . ورد لها لصفة العلم .

    و القول بقدم عين القران مع القول بانه من علم الله و ان الله يتكلم به بمشيئته و اختياره تناقض بين يلزم منه امور شنيعة لا يرتضيها اهل الجهل و الغباء فكيف بائمة السلف الاعلام .

    و الله اعلم




  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    ا اذا استشكل وقول هل محدث معناها في كلامه ضد القدم والازل وهو يعترض على قول ان القران محدث ويظنه قديما
    سأبين لك اخى الفاضل عقيدتى فى هذه المسألة بكل وضوح وسهولة ويسر
    وهذه العقيدة وضحها الامام ابن باز سأنقلها فتأملها جيدا واذا بقى عليك اشكال بعد كلام الامام ابن باز فيمكنك أن تناقشنى فى كلام الامام ابن باز فهو ما اعتقده وأدين به وسأظلل لك باللون الاحمر موضع الشاهد فيما أدين به سواء وافق كلام وكيع ام لم يوافقه وقد سبق توجيه كلام وكيع وغيره من اهل السنة وان كلامه السابق يفسر بالمواضع الاخرى من كلامه لذلك نقلت كلام وكيع فى مواضع اخرى لكى يزول الاشتباه فكلام السلف اذا اجمل فى موضع يمكن رده الى المبين من كلامه
    واليك ما عتقده
    كلام الله جلَّ وعلا جنسه قديم، لم يزل مُتكلِّمًا جل وعلا، ولكنه حادث الأنواع؛
    فكلامه مع محمدٍ ﷺ غير كلامه مع موسى، بعد موسى،
    وهكذا كلامه يوم القيامة للناس، وكلامه لأهل الجنة: يا أهلها، هل رضيتُم؟
    كلامٌ جديدٌ بعدما دخلوا الجنة،
    وليس بقديمٍ.
    فصفات الله جلَّ وعلا قديمة النوع،
    حادثة الآحاد،
    وهكذا غضبه على قوم لوط بعد غضبه على قوم نوح، وقوم عاد، وقوم ثمود، غضبٌ جديدٌ آخر، غير غضبه على أولئك،
    وغضبه على فرعون وجماعته بعد غضبه على قوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط، وقوم شعيب،
    وهكذا غضبه على قريش وما حصل عليهم يوم بدرٍ من المقتلة العظيمة،
    كل ذلك بأسباب كُفرهم وضلالهم وغضب الله عليهم،
    وهكذا غضبه على مَن عصاه إلى يومنا هذا،
    كل مَن عصاه وخالف أمره غضب عليه،
    كما قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]،
    فالمعاصي تُوجب غضب الله، والطاعة تُوجب رضاه؛ فضلًا منه سبحانه.
    جنس الكلام قديم، جنس الرضا، جنس الغضب،
    لم يزل ربنا مُتكلِّمًا، يغضب على مَن عصاه، ويرضى عمَّن أطاعه، ويرحم مَن يشاء، ويُعذِّب مَن يشاء،
    ولكن هذه الصِّفات تتجدد؛
    فغضبه على فرعون بعد غضبه على قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، إلى آخره،
    وغضبه على مَن فعل الشرك والكفر من اليهود والنصارى بعد ذلك، وغضبه على كفار قريش وغيرهم من الكفرة بعد ذلك.
    وهكذا رضاه عمَّن تقدم من المؤمنين غير رضاه عمَّن تأخَّر بعدهم،
    هذا رضا، وذاك رضا،
    رضا يتجدد بأسبابٍ، حصول أسباب الرضا،
    والغضب يتجدد بأسباب حصول الغضب، ويغضب إذا شاء، ويرضى إذا شاء بالأسباب التي تُسبب الغضب والرضا.
    وهكذا الكلام سواء:
    يتكلم إذا شاء، تكلَّم سابقًا، وتكلم مع نبيه ورسوله موسى، ومع نبيه محمد ﷺ، وتكلم مع الملائكة، ويأمر وينهى،
    ولا يزال يتكلم إذا شاء
    وهكذا يوم القيامة، وهكذا يُكلّم أهل الجنة،
    فالرسول يقول: ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمه ربُّه يعني: يوم القيامة، ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمه ربُّه، ليس بينه وبينه ترجمان،
    وهذا معنى قوله: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [الأنبياء:2]
    يعني: محدث جديد بعد الكلام الأول، وبعد الكتاب الأول.
    فالحدث حدثان:
    حدثٌ جدَّ بعد ما قبله،

    وحدث خلقٍ وإيجاد،
    فإيجاد الموجودات بعضها بعد بعضٍ هذا إيجاد في الخلق،
    وإنزال التوراة والإنجيل بعد إنزال الصحف التي على إبراهيم هذا إنزالٌ جديدٌ، وكلامٌ جديد،
    وإنزال القرآن على محمدٍ ﷺ إنزالٌ جديدٌ، وقرآنٌ جديدٌ، وكلامٌ جديدٌ غير الكلام الذي نزل على موسى وعلى عيسى.
    فينبغي التَّفطن لهذا، والعلم بهذا، وهذا كله لا يُنافي أنها صفات لله
    س: ما يكون هذا في الأزل؟
    الشيخ: لا، الأزل جنس الكلام في الأزل، أما التوراة فجاءت بعد ذلك، والإنجيل جاء بعد ذلك، والقرآن جاء بعد ذلك، وكلام الله يوم القيامة حين يقول: يا آدم، أخرج بعثَ النار كلامٌ جديدٌ، كلامه مع الناس يوم القيامة حين يُكلِّمهم ويُجازيهم ويسألهم عن أعمالهم، كلامه مع أهل الجنة: هل رضيتُم إلى آخره.انتهى كلام الامام ابن باز وهو فى غاية السهوله واليسر وهو ما اعتقده وادين به وهذه المسأله كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية فيما تقدم
    فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض
    وبهذا يتضح جواب سؤالك الذى عنونت به الموضوع
    حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها
    بفهم كلام الامام ابن باز جيدا يمكنك فهم تفسيرها
    الأزل جنس الكلام في الأزل، أما التوراة فجاءت بعد ذلك، والإنجيل جاء بعد ذلك، والقرآن جاء بعد ذلك، وكلام الله يوم القيامة حين يقول: يا آدم، أخرج بعثَ النار كلامٌ جديدٌ

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    و القول بقدم عين القران مع القول بانه من علم الله و ان الله يتكلم به بمشيئته و اختياره تناقض بين يلزم منه امور شنيعة لا يرتضيها اهل الجهل و الغباء فكيف بائمة السلف الاعلام .
    نعم أحسنت بارك الله فيك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    ارى ان الاثار الموجوده في هذا الكتاب اولا يجب ان تحقق ولو كانت صحيحه تحتاج الى رد من ذات الائمة حتى يطمئن القلب فالموضوع عقيده ايمان وكفر
    رابط الكتاب
    https://ia600301.us.archive.org/27/items/naser_3/8.pdf

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    ارى ان الاثار الموجوده في هذا الكتاب اولا يجب ان تحقق ولو كانت صحيحه تحتاج الى رد من ذات الائمة حتى يطمئن القلب فالموضوع عقيده ايمان وكفر
    رابط الكتاب
    https://ia600301.us.archive.org/27/items/naser_3/8.pdf
    ملاحظات وتعقيبات على كتاب عبد الفتاح اليافعي "القرآن قديم أم محدث" الجزء الأول
    إقرأ اخى الكريم محسن مسلم هذا البحث جيدا ثم عاود النقاش
    وهذا رابط البحث
    http://maher-ameer.blogspot.com/2017/05/blog-post.html

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    ا الاثار الموجوده في هذا الكتاب اولا يجب ان تحقق ولو كانت صحيحه تحتاج الى رد من ذات الائمة حتى يطمئن القلب
    بعد ان ظهر تلبيس اليافعى فى المشاركة السابقة وانه حاطب ليل
    انتقل الى ما نقله -أورد رسالة منسوبة الى شيخ الاسلام ابن تيمية تراجع فيها الى مذهب الاشعرى
    وقوله ان الشيخ تقي الدين ابن تيمية قد تراجع عـن ذلك سنة ٧٠٧ من الهجرة ففي( الدرر الكامنة لا ) بن حجر العسقلاني / ١ ١٤٨ و اية الأرب في فنون الأدب ل) شهاب الدين النويري ت( ٧٣٣ / ( ٣٢ ١١٥ وما بعـدها وغيرهما من كتب التاريخ ( : أن الشيخ تقي الدين استمر في الجب بقلعة الجبـل إلى أن وصل الأمير حسام الدين مهنا إلى الأبواب السلطانية في شهر ربيـع الأول سـنة سـبع وسبعمائة ، فسأل السلطان في أمره وشفع فيه ، فأمر بإخراجه ، فأخرج في يوم الجمعـة الثالث والعشرين من الشهر وأحضر إلى دار النيابة بقلعة الجبل ، وحصل بحث مع الفقهاء ، ثم اجتمع جماعة من أعيان العلماء ولم تحضره القضاة ، وذلك لمرض قاضي القضاة زين الدين المالكي ، ولم يحضر غيره من القضاة ، وحصل البحث ، وكتب خطه ووقع الإشهاد عليه وكتب بصورة الس مكتوب مضمونه : بسم االله الرحمن الرحيم شهد من يضع خطه آخره أنه لما عقد مجلس لتقي الدين أحمد بن تيمية الحـراني الحنبلـي بحضرة المقر الأشرف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي السيفي ملك الأمراء سلار الملكي الناصري نائب السلطنة المعظمة أسبغ االله ظله ، وحضر فيه جماعة من السادة العلماء الفضلاء أهل الفتيا بالديار المصرية بسبب ما نقل عنه ووجد بخطه الذي عرف به قبل ذلك من الأمور المتعلقة باعتقاده أن االله تعالى يتكلم بصوت ، وأن الاسـتواء علـى حقيقته ، وغير ذلك مما هو مخالف لأهل الحق ، انتهى الس بعد أن جرت فيه مباحـث معه ليرجع عن اعتقاده في ذلك ، إلى أن قال بحضرة شهود : ( أنا أشعري ) ورفع كتاب الأشعرية على رأسه ، وأشهد عليه بما كتب خطا وصورته
    الرد على هذا موجود على هذا الرابط
    نقض دعوى تراجع شيخ الإسلام ابن تيمية عن عقيدته
    https://ar.islamway.net/article/74806/%D9%86

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ملاحظات وتعقيبات على كتاب عبد الفتاح اليافعي "القرآن قديم أم محدث" الجزء الأول
    إقرأ اخى الكريم محسن مسلم هذا البحث جيدا ثم عاود النقاش
    وهذا رابط البحث
    http://maher-ameer.blogspot.com/2017/05/blog-post.html
    طالعته يا اخي الفاضل ولم يتعرض لصحة النصوص المنقوله عن السلف ولم يتعرض لتفسيرها ولكن تكلم بكلام مجمل وقال يتبع ولم يتبع والله يا اخي انا لا ريب عندي في اننا على العقيدة الصحيحة عقيدة اثبات الصفات بلا تمثيل وكذا عقيدة اثبات الصفات الفعليه ولكن حقيقة كلام السلف في القرآن اجده يحتمل قول المخالف لا اقول من الاشاعرة ولكن من الحنابلة الجدد من ان الخوف والصوت قديم لا اقول ان هذا معنى كلام السلف لكن يحتمل اذا ارد من احد الرد علي مثل هذا الكتاب رد مفصلا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها


    .............................. ........................

    ( و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه )

    اليس الله عز وجل كلمه بكلام سمعه موسى عليه السلام ؟

    و هل قبل مجيئه للميقات كان مكلما بهذا الكلام ؟ ام انه كلمه بهذا عند مجيئه للميقات ؟

    يعني ان هذا التكليم و هذا الكلام ( الخاص ) كان بعد ان لم يكن ؟ اليس كذلك ؟

    قد يقول المعارض - لكن هذا الكلام كان موجودا في اللوح المحفوظ و في علم الله قبل ان يخلق موسى عليه السلام ؟
    و قد يكون الله عز وجل متكلم بهذا قبل ان يخلق موسى ؟

    فنقول - و هو كذلك - لكن اذا لمحت الفرق بين الكلام الاول ( الخاص ) الذي كان عند الميقات .

    و بين ما ذكرت انه كان موجودا قبل ذلك . زالت الشبهة لمن دخل عليه شيء من كلامك .

    و لا ينفك من هذا الايراد باذن الله الا ان يلتزم مذهب الجعد بن درهم . بان ينفي ان يكون الله عز وجل كلم موسى تكليما .
    او ان يثبت ان من كلام الله عز وجل ما يكون بعد ان لم يكن .

    بيانه ان الله عز وجل كلم موسى عليه السلام حقيقة بكلام ( عند الميقات ) بحرف و صوت سمعه موسى عليه السلام . لم يكلمه بهذا الكلام قبل ذلك .

    و انت تزعم ان هذا الكلام قديم لانه كان قبل ذلك . فنقول ليس الخلاف في هذا . و انما الخلاف معك الان في الكلام و التكليم الذي كان عند الميقات . اما ان تثبته حقيقة او تنفه كما نفته الجهمية ؟

    فان اثبته قلنا ان هذا الكلام و التكليم كان بعد ان لم يكن . فسمه بما شئت ؟

    و حاول ان تفرق بينه و بين ما كان قبل ذلك مما قلت انه قديم . تتضح لك المسالة وحجة اهل السنة في هذا الباب

    و لتكن على علم ان اهل السنة من السلف و الائمة لا يخالفون في هذا . و ما ورد عن بعضهم في منعهم من اطلاق لفظ المحدث على القران صحيح . سواء قلنا انهم يقصدون بلفظ المحدث المخلوق . او قلنا انهم يقصدون به ما كان بعد ان لم يكن . لان حجتهم المنصوصة في كلامهم على المنع ( ان القران من علم الله )

    فلفظ المحدث على ما نقلته من كلامهم . و بالنظر الى ما قصد به من اطلقه من اهل السنة . هو من الالفاظ المجملة التي قد يقصد بها معنى صحيح . و قد يقصد منها معنى باطل . و لا يجوز ان يحمل كلام من اطلق ذلك على غير ما اراد . وخاصة اذا علم ان الغالب من ذلك انما جاء في محاججة اهل الباطل .

    و الاولى من ذلك ان يركز الكلام على المعاني الشرعية المثبة بالنصوص . و المهم منها في هذا الموطن ان ينظر في كلام المعارض هل هو يثبت الكلام كفعل يقوم بالرب . فيتكلم و يكلم من يشاء من خلقه ( متى شاء ) فهذا يهدم حجة المنازع من اصلها .

    ام انه يثبت الكلام كوصف قائم بالله . و ينفي ان يكون بحرف و صوت يسمع . او ان ينفي من كلامه ما يكون في وقت دون وقت تابع للمشيئة . و يلتزم ان الكلام لا يكون الا قديما ؟


    و الله اعلم

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    فلفظ المحدث على ما نقلته من كلامهم . و بالنظر الى ما قصد به من اطلقه من اهل السنة . هو من الالفاظ المجملة التي قد يقصد بها معنى صحيح . و قد يقصد منها معنى باطل . و لا يجوز ان يحمل كلام من اطلق ذلك على غير ما اراد . وخاصة اذا علم ان الغالب من ذلك انما جاء في محاججة اهل الباطل .

    و الاولى من ذلك ان يركز الكلام على المعاني الشرعية المثبة بالنصوص . و المهم منها في هذا الموطن ان ينظر في كلام المعارض هل هو يثبت الكلام كفعل يقوم بالرب . فيتكلم و يكلم من يشاء من خلقه ( متى شاء ) فهذا يهدم حجة المنازع من اصلها .
    احسنت اخى الطيبونى بارك الله فيك

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    ولكن حقيقة كلام السلف في القرآن اجده يحتمل قول المخالف لا اقول من الاشاعرة ولكن من الحنابلة الجدد من ان االحرف والصوت قديم لا اقول ان هذا معنى كلام السلف لكن يحتمل اذا ارد من احد الرد علي مثل هذا الكتاب رد مفصلا
    ولكن حقيقة كلام السلف في القرآن اجده يحتمل قول المخالف
    لا يحتمل قول المخالف وانا احلتك على مدونة باحث لانه كشف اوهام اليافعى وفند شبهاته جيدا
    ان االحرف والصوت قديم
    ما معنى قديم اذا كان بمعنى غير مخلوق فصحيح اما ان يكون غير متجدد فقد سبق الجواب الأزل جنس الكلام في الأزل، أما التوراة فجاءت بعد ذلك، والإنجيل جاء بعد ذلك، والقرآن جاء بعد ذلك، وكلام الله يوم القيامة حين يقول: يا آدم، أخرج بعثَ النار كلامٌ جديدٌ وكلام اخى الفاضل الطيبونى فى المشاركة السابقة يساعدك على فهم المراد
    الرد علي مثل هذا الكتاب رد مفصلا
    صاحب المدونة رد بما يزيل الشبهه

    قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:
    "ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي، فإن كثيرا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة ومعان مشتبهة حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره فضلا عن أن يعرف دليله ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئا بل يكون قوله نوع من الصواب وقد يكون هذا مصيبا من وجه وهذا مصيبا من وجه وقد يكون الصواب في قول ثالث".
    وقال ابن القيم رحمه الله

    فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس والغش، الذي يكون باطنه خلاف ظاهره، فكذلك الحق إذا لبس بالباطل يكون فاعله قد أظهر الباطل في صورة الحق، وتكلم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح، ومراده الباطل، هذا من الإجمال في اللفظ.
    وأما الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان، هو حق من أحدهما، وباطل من الآخر، فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل، فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهة، ولا سيما إذا صادفت أذهانا مخبطة، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصب؟ فسل مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات".

    قال الشيخ عبد اللطيف ابن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله
    "فإن الإجمال والإطلاق وعدم العلم بمعرفة مواقع الخطاب وتفاصيله يحصل به من اللبس والخطأ وعدم الفقه عن الله ما يفسد الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها وبين فهم السنة والقرآن، قال ابن القيم في كافيته – رحمه الله تعالى - :

    فعليك بالتفصيل والتبيين فالــ إطلاق والإجمال دون بيان
    قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمان"

    وقال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله:
    "فيجب أن تفرق وتميز بين الأمرين ، وأن لا تحكم حكما إجماليا مطلقا دون تفصيل فإنه ما أفسد هذا الوجود وأوقع الشجار والنزاع بين الطوائف وأضل العقول والأفكار إلا عدم التفصيل والبيان ، والتحديد لمعاني الألفاظ المجملة التي قد يقع في معانيها احتمال واشتباه . وبعض هذه المعاني يكون صحيحا مرادا ، وبعضها يكون فاسدا غير مراد ، فتتشبث طوائف المبتدعة بتلك المعاني الفاسدة ، وتفسير الألفاظ بها فتقع في الضلال ، ولهذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعنى بتحديد معاني الألفاظ عند مناقشته لفرق الزيغ والضلال ويطالبهم بتحديد مرادهم منها ، وهذا تلميذه النابغة يوصي بما أوصى به شيخه ، مبينا أن الفساد كله إنما ينشأ عن الإطلاق والاجمال"

    ومعذرة الوقت ضيق عندى فإن تيسر وقت سأكمل ان شاء الله وإن لم يتيسر سأكمل النقاش بعد العيد ان شاء الله وتقبل الله منا ومنكم

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    .............................. ..............

    https://majles.alukah.net/t189591/

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن مسلم مشاهدة المشاركة
    انا افهم فضيلتك لكن الا تلاحظ ان وكيع اراد بالمحدث هنا معنى اخر غير معنى انه مخلوق لانه قال من قال انه مخلوق فقد قال انه محدث فيبدو ان معنى مخلوق عنده مغاير لمعنى محدث اذا استشكل وقول هل محدث معناها في كلامه ضد القدم والازل وهو يعترض على قول ان القران محدث ويظنه قديما
    أخبرنا الحسن بن على الجوهرى أخبرنا احمد بن جعفر بن حمدان قال سمعت جعفر بن محمد بن الحسن يقول سمعت عمرو بن على يقول سمعت معاذ بن معاذ وذكر قصة عمرو بن عبيد ان كانت تبت يدا أبى لهب في اللوح المحفوظ فما على أبى لهب من لوم قال أبو حفص يعنى عمرو بن على فذكرته لوكيع بن الجراح فقال من قال هذا القول استتيب فان تاب والا ضربت عنقه . تاريخ بغداد

    ....................

    العبارة المستشكلة هي للامام وكيع بن الجراح رحمه الله . و ذكرت لك سابقا ان لفظ القران ينظر اليه من جهتين .

    الاولى ) كونه من علم الله كما نص عليه الامام احمد و غيره من السلف . و العلم لا شك فيه انه قديم غير محدث عند عامة اهل السنة
    الثانية ) انه من جملة كلام الله و افعاله المتعلقة بالمشيئة . و يكون بحرف و صوت يسمع خلافا لاهل البدع و الضلال .

    اتفقت القدرية و الجهمية على ان القران محدث . و قالت الجهمية ومن تاخر من اهل الاعتزال ان القران مخلوق .

    لكن اوائل القدرية لم يكن من قولهم القران مخلوق . مع انهم كانوا يقولون ان العلم المتعلق بافعال العباد محدث . فالله عز وجل عندهم لا يعلم بافعال العباد حتى تقع . فاحتاجوا مع هذا ان يقولوا ان القران محدث لانه قد ذكر فيه من علم الله ما هو متعلق بافعال العباد . فلا تستقيم حجتهم الا ان يقولوا بحدوثه المنافي لكونه من علم الله القديم او انه من جملة ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ .

    و عبارة عمرو بن عبيد التي نقلت لوكيع بن الجراح . غاية ما فيها القول بحدوث القران و انه ليس مكتوب في اللوح المحفوظ . ليس فيها ما يدل على ان عمرو و واصل و من تقدم من القدرية قالوا بخلق القران . بل لا يشك من له عانية بالموضوع ان القول بخلقه متاخر و اظهر هذا و اشتهر من جهة الجهمية لا القدرية كما هو معلوم .

    فوكيع بن الجراح رحمه الله ابتلي اولا بقوم يقولون بان القران محدث . ثم بعد مدة ظهر من يقول بخلقه صراحة .

    و معلوم ان القول بحدوث العلم اكبر شناعة و افظع و اعظم في الكفر لعموم الناس من القول بخلق القران . لان العلم يقابله الجهل . و المسلمون ببدائه عقولهم يعلمون ان الله يعلم ما كان و ما سيكون . و الشبهة التي قد تدخل في مسالة الكلام ليس لها محل في صفة العلم لجلالة هذه الصفة و ضرورة ادراك متعلقاتها لجميع الناس .

    فالقول بخلق القران يشمل العلم و يشمل ما يكون بحرف و صوت يسمع . و لما كان هذا قد لا يدركه عموم الناس احتاج وكيع رحمه الله ان يبنه و يوضحه للناس فقال ( من قال القران مخلوق فقد زعم ان القران محدث ) يعني بمحدث ليس من علم الله . فهنا رد البدعة في خلقه الى بدعة القدرية في حدوثه و قد علم الناس ما مقصود هؤلاء بحدوثه و ان الامر انف لا علم لله عز وجل بافعال عباده قبل ان تصدر منهم .

    و يظهر هذا من سياق عبارته رحمه الله . فهو اراد ابطال عبارة ( القران مخلوق ) بعبارة ( القران محدث ) . فواضح ان العبارة الاخيرة اشنع و افظع و اكفر عنده من العبارة الاولى .

    و قد ذكر الاخوة بعض ما يحتمل من الفرق بين ذلك فذكروا ان

    - المخلوق و المحدث شيء واحد عنده ؟ و هذا لا شيء الا ان يكون لفظ المحدث اوضح من لفظ المخلوق فاراد توضيح مقصود هؤلاء

    - ان المحدث هو ما كان بعد ان لم يكن ؟ و هذا ايضا لا شيء لان هذا المعنى يدركه كل احد من لفظ المخلوق . بل الشناعة في لفظ المخلوق اكبر على هذا من لفظ المحدث لانه يدل على الحدوث و زيادة .

    - ان يكون لفظ المحدث فيه معنى تظهر فيه فظاعة القول و شناعته زيادة على لفظ الخلق . و ظاهره في الشيئ الذي كان بعد ان لم يكن . وقد التزم اوائل القدرية بحدوث القران لما تضمنه من اخبار باعمال للعباد لم تقع بعد . و وكيع رحمه الله يعلم ذلك فلا يخفى ذلك عليه .
    فبين رحمه الله ان القول بخلق القران يرجع الى قول هؤلاء بحدوث العلم الذي فيه . و قد علم كل الناس حال من وصف الله بضد العلم او قال انه عز وجل لم يعلم ما العباد فاعلون حتى وجد الفعل .

    فالشناعة عنده رحمه الله تعود لما تضمنه القول بالخلق لحدوث العلم الذي فيه

    و الله اعلم




  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: حقيقة اقوال السلف تصرح بقدم عين القرآن لا افهم كيف افسرها

    اريد ان اوضح مسألة مهمة بينها شيخ الاسلام بتفصيل
    أذكر جزء منها
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    قوله : { لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا }
    هذا المتجدد
    فيه قولان مشهوران للنظار :
    منهم من يقول :
    المتجدد هو نسبة وإضافة بين العلم والمعلوم فقط وتلك نسبة عدمية .
    ومنهم من يقول :
    بل المتجدد علم بكون الشيء ووجوده وهذا العلم غير العلم بأنه سيكون
    وهذا كما في قوله : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون }

    فقد أخبر بتجدد الرؤية فقيل نسبة عدمية وقيل المتجدد أمر
    ثبوتي .
    والكلام على القولين ومن قال هذا وهذا وحجج الفريقين قد بسطت في موضع آخر .
    وعامة السلف وأئمة السنة والحديث على أن المتجدد أمر
    ثبوتي كما دل عليه النص
    وهذا مما هجر أحمد بن حنبل الحارث المحاسبي
    على نفيه
    فإنه كان يقول قول ابن كلاب فر من تجدد أمر ثبوتي
    وقال بلوازم ذلك ، فخالف من نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف ما أوجب ظهور بدعة اقتضت أن يهجره الإمام أحمد ويحذر منه .
    وقد قيل : إن الحارث رجع عن ذلك والله اعلم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •