أمر الله جميع الناس وخلقهم للتوحيد والإخلاص ، وخلقهم ليعبدوه
، وأمرهم بأن يعبدوه وحده في صلاتهم ، وصومهم ، ودعائهم ، وخوفهم ، ورجائهم ، وذبحهم ، ونذرهم ،
وغير ذلك من أنواع العبادة ، كله لله ،
كما قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ } ،
وقال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ،
وقال سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } .
هذه العبادة هي التي خلق لها الناس ،
خلق لها الثقلان وهي توحيد الله ، وطاعة أوامره ، واجتناب نواهيه ،
قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونَ } : يعني يوحدوني في العبادة ، ويخصوني بها ، بفعل الأوامر ، وترك النواهي
قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } إلى غير ذلك من الآيات .
وأعظم ما أمر الله به التوحيد . وهو إفراد الله بالعبادة
فتقصده بالعبادة دون كل من سواه ،
فلا تعبد معه صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا حجرا ولا جنيا ولا غير ذلك .
وأعظم ما نهى عنه الشرك ؛
والشرك دعوة غيره معه ،
وقد قال سبحانه : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ،
وقال سبحانه : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ،
وفي (الصحيحين) : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
سئل : أيُّ الذَّنْبِ أعظم ؟ قال : أنْ تجعلَ لله نِدًّا وهو خلقك .
قيل : ثم أيّ ؟ قال : أن تقتلَ ولدَك خشيةَ أن يطعمَ معك .
قيل : ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك " .
فبين ـ صلى الله عليه وسلم ـ
أن الشرك أعظم الذنوب وأشدها وأخطرها .
وفي الحديث الآخر يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر . قلنا : بلى يا رسول الله ! قال : الإشراك بالله" .
الحديث متفق عليه .
فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة .
والشرك : هو دعوة غير الله مع الله . تدعوه أو تخافه أو ترجوه أو تذبح له أو تنذر أو غير ذلك من أنواع العبادة . هذا الشرك الأكبر سواء كان المدعو نبيا أو جنيا ، أو شجرا أو حجرا أو غير ذلك ،
ولهذا قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا } ،
فــ {شَيْئًا } : نكره في سياق النهي ،
فتعم كل شيء ،
وقال سبحانه : { وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ،
فأعظم ما أمر الله به التوحيد ، وهو إفراد الله بالعبادة .
وأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك بالله عز وجل ، كما تقدم .
ولهذا أكثر سبحانه وتعالى في القرآن من الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك .
- من شرح كتاب الأصول الثلاثة
- للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز (رحمه الله )