فوائد للنساء في رمضان














محمد رفيق مؤمن الشوبكي



1 - إذا أحست المرأة بألم الحيض أو تحرُّك الدم في بطنها؛ ولكنه لم يخرج منها الدم إلا بعد غروب الشمس، فصيامها ذلك اليوم صحيح وليس عليها شيء؛ لأن الذي يفسد الصوم إنما هو خروج دم الحيض وليس الإحساس به.





2 - بعض النساء يظن أن الحيض إذا أتاها بعد الغروب قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له، بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب ولو بلحظة فإن صومها تام وصحيح.





3 - متى طهرت النفساء ولو قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلي، لأنها طاهر ليس فيها ما يمنع الصوم ولا ما يمنع وجوب الصلاة.





4 - المستحاضة لا تمتنع من الصوم ولا من الصلاة، بل هما واجبان عليها بإجماع العلماء، فهي كالطاهرة تماماً.





ودم الاستحاضة هو الدم الخارج من فرج المرأة من عرق في أدنى الرحميُسمَّى العاذل، على سبيل المرض والعلة، في غير أيام الحيض والنفاس.





فتغسل المستحاضة فرجها لإزالة النجاسة، وتتحفظ بأن تعصب شيئاً على فرجها (كخرقة أو ما يضعه النساء في عصرنا من الفوط الصحية) لكي تمنع نزول الدم على بدنها وثيابها، وتتوضأ لكل صلاة وتصلي وتصوم كذلك.





وللعلم نفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة:


أ* - من حيث طبيعة الدم: دم الحيض دم طبيعة وجبلة، أما دم الاستحاضة فهو دم علة وفساد.





ب* - من حيث مكان خروج الدم: دم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل.





ت* - من حيث لون الدم ورقته: دم الحيض أسود ثخين، وأما دم الاستحاضة في الغالب فهو أحمر رقيق مشرق.





ث* - من حيث الرَّائحة: دم الحيض منتنٌ كريهٌ، والاستحاضةِ غيرُ منتنٍ؛ لأنه دَمُ عِرْقٍ عادي.





ج* - من حيث التجلط: دم الحيض لا يتجلط ولو بقي سنيناً، أما دم الاستحاضة فإنه يتجمد ويتجلط بعد خروجه مباشرة.





5 - اختلف أهل العلم في حيض الحامل، والأصل أن الحامل لا تحيض، لكن قد تشذ امرأة فينزل منها دم وهي حامل، فينظر في هذا الدم، فإن كان كدم الحيض لونًا ورائحة وطبيعة وفي وقت الحيض فإنه يُعدُّ حيضاً يمنعها من الصلاة والصيام ويحرم عليها ما يحرم على الحائض، أما إذا كان الدم النازل على الحامل يخالف طبيعة دم الحيض وفي غير أوانه فلا يكون دم حيض وليس له اعتبار، كدم الاستحاضة، وهذا لا يمنعها من الصلاة والصيام ولا يحرم عليها شيء.





6 - إذا أجهضت الحامل، فيُنظر إلى الجنين، إن كان لم يُخلق بعد فإن دمها ليس دم نفاس، وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح ولا يحرم عليها شيء، وإذا كان الجنين قد خُلق فإن الدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه، ولا أن تصوم، ويحرم عليها ما يحرم على النفساء.





إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء نهار رمضان فهل يلزمها الإمساك حتى غروب الشمس؟






إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء نهار رمضان، اختلف أهلُ العِلم في حُكم لزوم الإمساك عليهما على قولين:


القول الأول: لا يلزمهما إمساك بقية اليوم، وهو قول المالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد، وهو اختيار ابن حزم، وابن عثيمين. وذلك لأنه لا دليل على وجوب الإمساك؛ ولأنه لا فائدة من هذا الإمساك، وذلك لوجوب القضاء عليهما، كما أن حرمة الزمن قد زالت بفطرهما الواجب أول النهار. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه الشرح الممتع: " لو أن الحائض طهرت في أثناء اليوم من رمضان فإنه لا يلزمها على القول الراجح أن تمسك؛ لأن هذه المرأة يباح لها الفطر أول النهار إباحة مطلقة، فاليوم في حقها ليس يوما محترماً، ولا تستفيد من إلزامها بالإمساك إلا التعب ".





القول الثاني: يلزمهما الإمساك، وهو قول الحنفية، والصَّحيح من مذهب الحنابلة، وهو اختيار ابن باز؛ وذلك لأن الحائض والنفساء صارا من أهل الوجوب حين طهارتهما؛ فيمسكان تشبُّهاً بالصائمين وقضاءً لحق الوقت. وعليه فإن في المسألة سعة بفضل الله تعالى.





استعمال المرأة الحبوب لمنع الحيض من أجل صيام رمضان كاملاً دون انقطاع:


بحسب الأصل يجوز للمرأة استعمال حبوب منع الحيض إذا أمنت الضرر، لكن إن كان تناول حبوب تأخير الحيض سيسبّب لها أضراراً كنزيف أو أمراض فلا يجوز لها أن تستعمل هذه الحبوب، ولذا اشترط علماء اللجنة الدائمة وقطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالكويت أن يقرر أهل الخبرة الأمناء من الأطباء ومن في حكمهم إن ذلك لا يضرها، ولا يؤثر على جهاز حملها.





وفي هذا الإطار قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره، لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جداً على المرأة على الرحم والأعصاب والدم، وكل شيءٍ مضرٌّ فإنه منهيٌّ عنه ".





وقال أيضاً: " أقول لهذه المرأة ولأمثالها من النساء اللاتي يأتيهن الحيض في رمضان: إنه وإن فاتها ما يفوتها من الصلاة والقراءة فإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليها أن تصبر، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة رضي الله عنها حينما حاضت: إن هذا شيء كتبه على بنات آدم. فنقول لهذه المرأة: إن الحيض الذي أصابها شيءٌ كتبه الله على بنات آدم فلتصبر، ولا تعرض نفسها للخطر، وقد ثبت عندنا أن حبوب منع الحيض لها تأثيرٌ على الصحة وعلى الرحم".





وعليه فإننا نرى عدم استعمال هذه الحبوب منعاً للضرر الذي يصيب المرأة، وقد قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: " لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَار " (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).





ولتعلم الحائض والنفساء أنه إذا فاتها الصوم في رمضان، فإنه يمكنها أن تدرك فضل الشهر بذكر الله والصدقات وحسن الخلق والمعاملة، بل إذا أخلصت في عملها في بيتها وخدمة زوجها وأبنائها ونوت أن يكون عملها لله تعالى، فإنها تنال الأجر بإذن الله تعالى.





وأشير هنا إلى نقطة غاية في الأهمية: يجوز للمرأة الحائض أو النفساء قراءة القرآن، وهذا قول المالكية والشافعي في القديم ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن باز وابن عثيمين وأفتت بها اللجنة الدائمة.





فتقرأ الحائض والنفساء القرآن لكن دون مس المصحف، وإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين أو يمسكه لها غيرها كبنتها أو أختها الطاهرة مثلاً وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه.





ويجوز للحائض أن تقرأ القرآن من الجوال (الهاتف المحمول)، وقد أفتى بذلك الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك والشيخ صالح الفوزان حفظهما الله تعالى؛ لأن الجوال لا يسمى مصحفاً، وليس له حكم المصحف، فوجود حروف القرآن في الجوال يختلف عن وجودها في المصحف، فلا توجد بصفتها المقروءة، بل توجد على صفة ذبذبات تتكون منها الحروف بصورتها عند طلبها، فتظهر الشاشة وتزول بالانتقال إلى غيرها، وعليه فيجوز مس الجوال أو الشريط الذي سجل فيه القرآن، وتجوز القراءة منه، ولو من غير طهارة.