الكفاءة والفعالية سمة المصلحين

أسامة شحادة




العمل والبذل والتضحية هي المطلوبة مِن المصلحين، مقتدين في ذلك بالرسل والأنبياء، كما قال -تعالى- عن نوحٍ -عليه السلام-: { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} (نوح:5-9).



ومِن هنا فإن على المصلِح: الحرص على أن يَتصف بصفة الكفاءة والفعالية حتى يكون صالحًا مصلحًا بالفعل، وقد يجهل كثيرٌ مِن الناس الفرق بيْن الفعالية والكفاءة، وكيف يوظفون ذلك في عملية الإصلاح؟ ولعل مِن أبسط ما يقرره خبراء الإدارة والتنمية البشرية في التفريق بيْن الفعالية والكفاءة قولهم: «إن الفاعلية ببساطة هي أداء الأعمال الصحيحة، بينما الكفاءة هي: أداء الأعمال بطريقةٍ صحيحة».

عملية الإصلاح

ولو نزلنا هذا على عملية الإصلاح؛ فسنجد الله -عز وجل- يرشدنا لأعلى الأعمال، فيقول -جلَّ وعلا-: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} (فصلت:33)، فهذا نصّ صريح على أن أحسن الأقوال: الدعوة إلى الله -عزوجل-، وأن أحسن الأعمال: عمل الصالحات، وهذه هي الفعالية بأداء الأعمال الصحيحة كما قال الله -تعالى-: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر).

تنفيذ العمل الصحيح بطريقةٍ صحيحة

فالمصلح لا يكتفي بأن يَعرف العمل الصحيح المطلوب القيام به، بل يجمع مع ذلك معرفة العمل الصحيح بطريقةٍ صحيحة وتنفيذه؛ مما ينتج عنه انتشار الخير، وعموم السعادة والراحة، ومَن تفحص حياة الأنبياء، ومِن بعدهم الصحابة والأولياء، سيجد أن سمتهم: الجمع بيْن الفعالية والكفاءة: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام:90)؛ لذلك لا بد لنا مِن معرفة الأعمال الصحيحة وتحديدها وتعريفها؛ لنتمكن مِن أدائها، فإن الفعالية والكفاءة هي: «أداء الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة».

ارتباط الفعالية بالقيادة


وترتبط الفعالية بالقيادة، وترتبط الكفاءة بالإدارة؛ لذلك فإن الفعالية تتحقق عندما يكون هناك رؤية واضحة، وأهداف محددة، واستراتيجيات، ومبادئ وقيم، وتنمية وتطوير، وغير ذلك مِن سمات القيادة، وتتحقق الكفاءة عندما يكون هناك تخطيط وتنظيم، وإدارة للوقت، ورقابة ومتابعة، وعندما يكون هناك فعالية ولا يوجد كفاءة؛ فإن الرؤى والأهداف لا تجد مَن يحققها بطريقة صحيحة, وفي حال عدم وجود فعالية ووجود كفاءة، فإن الأعمال تُنجز، ولكن من دون وضوح الأهداف.