في رمضان .. هل أنت مستعدة للمنافسة ؟

هدى محمد نبيه







الحمد لله الذي أحيانا حتى نرى هذا الشهر العظيم، وأدعوه عز وجل أن يُعيننا على حُسن صيامه وقيامه، فها نحن قد أظلنا شهر فضيل لطالما انتظرناه، شهر الرحمة والغفران والعتق من النار، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر.
إن شهر رمضان هو أفضل الشهور التي يمكن لكل منا أن يبدأ فيها حياته من جديد على نحو مختلف، ويفتح صفحة جديدة مع المولى سبحانه وتعالى ومع نفسه، ومع المجتمع من حوله، فهو شهر التأمل والتدبر ومحاسبة النفس.
وشهر رمضان شهر من خير أيام الله عز وجل, منَّ الله سبحانه به علينا، فهو موسم الخير والطاعات والعبادات والأجر الوفير، شهر تضاعف فيه المثوبة عند الله.. جعل الله العبادة فيه من خاصته، فقال سبحانه في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"[1]. فاختص الله تعالى الصيام لنفسه من بين أعمال العبد كلها.
وانطلاقًا من هنا، وحرصًا على أوقاتنا في هذا الشهر الفضيل، وحتى لا نُغبن فيها ولا نخسرها، فعليكِ -أختي الغالية- تقسيم وقتك والحرص على:
1- العبادات:

تنويع العبادات في أثناء الشهر الكريم: صيام، قيام، قراءة قرآن، إطعام الطعام، إنفاق صدقات، ومع تنوع العبادات يتجدد النشاط.
2- الدعوة:

ابذلي جهدك في دعوة زميلاتك وصديقاتك إلى الله، فما أحوجهن في هذا العصر إلى الدعوة! مبتغية بذلك وجه الله، مشيعة الوعي في صفوف الفتيات اللواتي لم يكتب لهن اكتساب الوعي والثقافة والتوجيه، فتنالي ثوابًا عظيمًا، ويضاف إلى هذا الثواب أجر المرأة التي اهتدت على يديك، كما أخبر بذلك الرسول الكريم "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا"[2].
3- الكرم والجود:

الجود والكرم حيث يتضاعف أجرُهما في هذا الشهر، فقد كان النبي أجودَ الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وسُئل يومًا عليه الصلاة والسلام: أي الصدقة أفضل؟ قال: "صدقة في رمضان"[3]. ومن أنواع الجود التي تَكثرُ الحاجةُ إليه في رمضان تفطير صائم، حيث حثّ رسول الله على ذلك بقوله: "من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا"[4].
فإذا كان لديكم جار فقير.. فما المانع من أن تقدمي له طعام الإفطار؟ ويمكنك أيضًا مساعدة الآخرين وقضاء حوائج المحتاجين.
4- تربية النفس وتعديل السلوك:

فالصوم تربية للنفس على الإخلاص في العبادة والمراقبة وإحياء الضمير ويقظته، فالعبد في صيامه قد ألجم وكبح جماح نفسه، وأعلن بذلك انتصاره عليها واستهان بحاجتها ودوافعها، فأصبح همه طاعة الله وعصيانها: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:71]؛ لأنه عرف المسار، وأدرك طريقه، وتغلب على المعوقات الكثيرة والتي أشقها شهوات النفس ورغباتها.
5- التوبة:

إذا كنتِ ممن أسرفن على أنفسهن في ارتكاب المعاصي، فها أنا أقدم لكِ بشرى من ربك سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. يا له من فضل ومكسب عظيم! إنه لا يفرط في هذا المكسب إلا جاهل أو زاهد في الفضل.
والتوبة ليست مختصة بهذا الشهر فقط، بل فيه وفي غيره من الشهور، ولكن ما يدريك فقد يكون ميلادك الجديد في شهر الخير والبركة, وقد يولد الإنسان مرتين: يوم يخرج من ظلمة رحم أمه إلى نور الدنيا, ويوم يخرج من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة، فكوني هو أنتِ.
6- صلة الرحم:

صلة الأرحام في شهر رمضان تعتبر من الضروريات التي ينبغي على المسلمين القيام بها؛ تأكيدًا لقول الرسول الكريم بالاستمرار في صلة الأقارب نظرًا لكونها خطوة حقيقية في إزالة الخلافات وتوطيد الأواصر ودعم الأخوة بين المسلمين، فيمكنكِ زيارة الجد والجدة، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ولو لساعات قليلة لتدخلي الفرحة إلى قلوبهم.
7- المساعدة في الأعمال المنزلية:

عليكِ أختي الحبيبة أن تمدي يد العون لمساعدة والدتك في القيام بأعمال المنزل من ترتيب وطهي الطعام؛ وذلك بنيَّة بر الوالدين، وحتى تستطيع الأم التفرغ للعبادة أيضًا.
أدعو الله أن يلهمنا الصواب، ويرزقنا الحكمة، ويفقهنا في الدين، وأن يؤتي نفوسنا تقواها، ويزكيها فهو خير من زكاها، وأن يختم لنا شهر رمضان برضوانه، ويجعل مآلنا إلى جنانه، ويعيذنا من عقوبته ومن نيرانه.. اللهم آمين.