تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    قال ابن القيم رحمه الله تعالى في بيان مراتب الجهاد في كتابه المبارك زاد المعاد في هدي خير العباد
    : ( الجهادُ أربع مراتب
    ):
    جهادُ النفس،
    وجهادُ الشيطان،
    وجهادُ الكفار،
    وجهادُ المنافقين.
    فجهاد النفس أربعُ مراتب أيضاً:
    إحداها: أَنْ يُجاهِدَها على تعلُّم الهُدى ودين الحق الذى لا فلاح لها، ولا سعادة فى معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها عِلمُه، شقيت فى الدَّارين.
    الثانية : أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرَّدُ العلم بلا عمل إن لم يَضُرَّها لم ينفعْها.
    الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه، وتعليمِهِ مَنْ لا يعلمهُ، وإلا كان مِن الذين يكتُمون ما أنزل الله مِن الهُدى والبينات، ولا ينفعُهُ علمُهُ، ولا يُنجِيه مِن عذاب الله.
    الرابعة : أن يُجاهِدَها على الصبر على مشاقِّ الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمَّلَ ذلك كله لله.
    فإذا استكمل هذه المراتب الأربع، صار من الربَّانِيينَ،
    فإن السلفَ مُجمِعُونَ على أن العَالِمَ لا يَستحِقُّ أن يُسمى ربَّانياً حتى يعرِفَ الحقَّ، ويعملَ به، ويُعَلِّمَه،
    فمَن علم وَعَمِلَ وعَلَّمَ فذاكَ يُدعى عظيماً فى ملكوتِ السموات).

    قال: (وأما جهادُ الشيطان)
    فمرتبتان،

    إحداهما: جهادُه على دفع ما يُلقى إلى العبد مِن الشبهات والشُّكوكِ القادحة فى الإيمان.

    الثانية: جهادهُ على دفع ما يُلقى إليه من الإرادات الفاسدة والشهواتِ،
    فالجهادُ الأول يكون بعده اليقين،
    والثانى يكون بعدَه الصبر.
    قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ، وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}
    فأخبر أن إمامة الدين، إنما تُنال بالصبر واليقين،
    فالصبر يدفع الشهواتِ والإرادات الفاسدة،
    واليقينُ يدفع الشكوك والشبهات).

    قال: (وأما جهادُ الكفار والمنافقين)،
    فأربع مراتب:
    بالقلب، واللِّسان، والمالِ، والنفسِ،
    وجهادُ
    الكفار أخصُّ باليد،
    وجهادُ المنافقين أخصُّ باللسان).

    قال: (وأما جهادُ أرباب الظلم، والبِدعِ، والمنكرات،
    فثلاث مراتبَ:
    الأولى: باليدِ إذا قَدَرَ، فإن عَجَزَ، انتقل إلى اللِّسان، فإن عَجَزَ، جاهد بقلبه.

    فهذِهِ ثلاثةَ عشرَ مرتبةً من الجهاد،
    و"مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النَّفَاقِ").
    ********

    قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ}

    وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
    وقال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
    وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}.
    فمن جاهد لإعلاء كلمة الله فهو موعود بالنصر والهداية،
    قال تعالى:
    {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    قال الشيخ صالح الفوزان
    جهاد النفس مقدم على غيره من أنواع الجهاد
    لأن الإنسان إذا لم يجاهد نفسه فلن يستطيع أن يجاهد غيره =
    قال الله سبحانه وتعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)
    وجهاد النفس يكون بإلزامها بطاعة الله سبحانه وتعالى ونهيها عن هواها وعما حرم الله سبحانه وتعالى وهذا يحتاج إلى جهدٍ وصبر وعناية
    جهاد النفس عظيم منذ تعقلون الحياة إلى أن تموتوا وأنتم مع أنفسكم في جهاد لأنكم في هذه الحياة تتعرضون إلى فتن وشبهات وشهوات فلابد أن تأخذوا بأنفسكم عما يضرها وأن تمنعوها مما يضرها وأن تلزموها بطاعة الله سبحانه وتعالى،

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    ثلاثةَ عشرَ مرتبةً من الجهاد
    ....
    الجهاد هو .. الجهاد فى سبيل الله لرفع راية دين الله وإعلاء كلمته ..
    وما سواه من جهاد فى أنواعه المختلفة وتقسيماته العصرية .. هو من قبيل السرد الفقهى والأكاديمى ..
    .........

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    ....
    الجهاد هو .. الجهاد فى سبيل الله لرفع راية دين الله وإعلاء كلمته ..
    وما سواه من جهاد فى أنواعه المختلفة وتقسيماته العصرية .. هو من قبيل السرد الفقهى والأكاديمى ..
    .........
    انواع الجهاد وأقسامه اخى الكريم ليست تقسيمات عصرية انظر وتأمل تفسير هذه الاية
    فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا
    { فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ } في ترك شيء مما أرسلت به بل ابذل جهدك في تبليغ ما أرسلت به. { وَجَاهِدْهُمْ } بالقرآن { جِهَادًا كَبِيرًا } أي: لا تبق من مجهودك في نصر الحق وقمع الباطل إلا بذلته ولو رأيت منهم من التكذيب والجراءة ما رأيت فابذل جهدك واستفرغ وسعك، ولا تيأس من هدايتهم ولا تترك إبلاغهم لأهوائهم.
    هل يمكن اخى الكريم ان تفسر الاية بغير هذا

    الجهاد شرعًا:
    للجهاد في الشرع معنيان:
    معنى خاص ومعنى عام
    وكلاهما راجع للمعنى اللغوي المتضمن بذل الوسع والطاقة في سبيل الله تعالى
    .
    المعنى الخاص للجهاد هو: القتال في سبيل الله.
    قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: "الجهاد هو: استفراغ الوسع في مدافعة العدو"
    وقال الكاساني رحمه الله: "الجهاد في عرف الشرع يستعمل في بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عز وجل بالنَّفس والمال واللسان، أو غير ذلك"
    وقال ابن عرفة رحمه الله الجهاد هو: "قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله"
    وقال البهوتي رحمه الله: "الجهاد قتال الكفار خاصًّة"
    وقال الحصكفي رحمه الله: "الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم يقبله".
    المعنى العام للجهاد:
    ويراد به عموم أنواع الجهاد، من جهاد النفس والهوى والشيطان والمنافقين والكفار وغيرهم.
    قال ابن حجر رحمه الله: "الجهاد شرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفساق".
    وقال القسطلاني رحمه الله: "قتال الكفار لنصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله، ويطلق أيضًا على جهاد النفس والشيطان".
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الجهاد في سبيل الله تعالى مِن الجهد، وهي المغالبة في سبيل الله بكمال القدرة والطاقة، فيتضمن شيئين:أحدهما: استفراغ الوسع والطاقة.
    والثاني: أنْ يكون ذلك في تحصيل محبوبات الله، ودفع مكروهاته، والقدرة والإرادة بهما يتم الأمر"
    وقال: "وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح،
    ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان
    "
    ومما ورد من الأحاديث في الجهاد بمعناه العام قوله صلى الله عليه وسلم (المجاهد من جاهد نفسه‎)وقوله صلى الله عليه وسلم للذي استأذنه في الجهاد: (أحي والداك ؟ قال نعم، قال ففهيما فجاهد)
    الجهاد عند الإطلاق:
    إذا أطلق لفظ الجهاد فالمراد به القتال في سبيل الله تعالى، وهو محل نظر الأحكام الفقهية المتعلقة به مِن معاهدات، أو عقود هدنة، وصلح،... ونحو ذلك.يقول ابن رشد: "فكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيله إلا أن الجهاد إذا أطلق لا يقع إلا على مجاهدة الكفار بالسيف".
    ومما يدل على أن الجهاد إذا أطلق ينصرف إلى قتال الكفار ما يلي:
    عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ. قَالَ صلى الله عليه وسلم: لا أَجِدُهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ. قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟!) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ).
    ودلالة هذا الحديث على المراد ظاهرة، فالصيام والقيام هما من جهاد النفس، ومع هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا أجد ما يعدل الجهاد)
    فدل على أن المراد بالجهاد إذا أطلق هو جهاد الكفار لا مجاهدة النفس.

    عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ) قالُوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ)
    . فالذي يتقي الله في شعب من الشعاب مجاهد لنفسه، ومع هذا صرف النبي صلى الله عليه وسلم معنى الجهاد إلى قتال الكفار.

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ ؟ قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِين َ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ و فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ)

    فمن جلس في أرضه ولم يقاتل في سبيل الله لا يعتبر مجاهداً، مع أنه يجاهد نفسه على الصلاة والصيام ونحو ذلك من أنواع الجهاد
    .
    وكل الآيات والأحاديث التي تدل على فضائل الجهاد
    فالمراد بها الجهاد الحقيقي وهو قتال الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى،
    ولا تحمل على جهاد النفس أو غيره من أنواع الجهاد.
    وكذلك علماء الإسلام من محدثين وفقهاء إذا بوبوا في كتبهم للجهاد
    فالمراد به جهاد الكفار القتالي لا مجاهدة النفس.
    أقسام الجهاد ومراتبه:
    تعددت تقسيمات العلماء للجهاد،
    فتارة يقسمونه بحسب من يقع عليه الجهاد، فيقسمونه إلى:
    جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين، وجهاد أهل البدع والمنكرات.
    وتارة يقسمونه باعتبار الآلة التي يكون بها الجهاد فيقسمونه إلى:
    جهاد القلب، وجهاد اليد، وجهاد اللسان، وجهاد المال
    .
    قال الراغب الأصفهاني رحمه الله: "والجهاد ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، ومجاهدة الشيطان، ومجاهدة النَّفس، وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}[الحج: 78]، {وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: 41]، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال: 72]...
    والمجاهدة تكون باليد واللسان، قال صلى الله عليه وسلم: (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَيْدِيكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُم ْ).
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    "الجهاد أربع مراتب: جهاد النَّفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين".
    أولاً: جهاد النفس
    أقسم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالنفس الإنسانية، لأنها من أعظم ما خلق جل جلاله وأبدع، فقال سبحانه: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ♦ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ♦ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ♦ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ♦ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ♦ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ♦ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا}، ثم ذكر سبحانه أنه بيّن للنفس طريق الخير والشر {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، وترك لها حرية الاختيار بينهما، ثم بيّن عاقبة كل طريق فقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ♦ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} فبإمكان الإنسان أن يزكي نفسه ويرقى بها، وبإمكانه أن ينحطّ بها ويدنسها!وسبيل الأخير يسير، لا يتطلب سوى ترك النفس وما تهوى، من تتبع ملذاتها، وترك ما يشق عليها.أما تزكية النفس فتحتاج إلى مجاهدة، وصبر، واستعانة بالله تعالى، لذا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يُكثر من قول: (اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا)
    والنفوس ثلاثة،
    ذكرها الله عزوجل في القرآن الكريم:
    أولها: النّفس الأمّارة بالسّوء: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ}[يوسف: 53]، فهي توجّه صاحبها بما تهواه من شهوات وغرائز، حتى يصبح ميلها للشر، والانسياق وراء الشهوات والرذائل عادة فيها، وهذه النفس لا يجاهدها صاحبها أبداً، بل يطلق لها العنان لتفعل ما تشاء، ولا يحاسب نفسه على شيء مما يفعل
    .
    وثانيها: النفس اللوّامة: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}[القيامة: 2] وهي النفس المتيقّظة الخائفة، التي تندم بعد ارتكاب المعاصي والذنوب فتلوم وتحاسب نفسها أولاً بأوّل، وهذا اللوم والمحاسبة من الجهاد، لما فيه من مشقة لإرجاع النفس إلى طريق الصواب.
    أما ثالث النفوس فهي التي نجح صاحبها في مجاهدتها، حتى زكّاها، وسلك بها طريق طاعة ربها، فأصبحت مؤمنة بخالقها، راضية بقدره، مجتهدة في طاعته، وهي النفس المطمئنة.قَالَ الْقُشَيْرِيُّ رحمه الله: "أَصْلُ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ فَطْمُهَا عَنْ الْمَأْلُوفَاتِ وَحَمْلُهَا عَلَى غَيْر هَوَاهَا وَلِلنَّفْسِ صِفَتَانِ: اِنْهِمَاكٌ فِي الشَّهَوَاتِ، وَامْتِنَاعٌ عَنْ الطَّاعَاتِ، فَالْمُجَاهَدَة ُ تَقَعُ بِحَسَبِ ذَلِكَ".
    وقال ابن القيم رحمه:
    "جهاد النفس أربع مراتب أيضًا:
    إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
    الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
    الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه، وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه، ولا ينجيه من عذاب الله.
    الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله.فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانياً حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه، فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات"
    "ذكر تعالى المراتب الأربعة في هذه السورة، وأقسم سبحانه في هذه السورة بالعصر إن كل أحد في خسر {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وهم الذين عرفوا الحق وصدقوا به فهذه مرتبة، {وعملوا الصالحات} وهم الذين عملوا بما علموه من الحق فهذه مرتبة أخرى، {وتواصوا بالحق} وصى به بعضهم بعضاً تعليماً وإرشاداً فهذه مرتبة ثالثة، {وتواصوا بالصبر} صبروا على الحق ووصى بعضهم بعضاً بالصبر عليه والثبات فهذه مرتبة رابعة".
    ومن أخص جهاد النفس:
    نهيها عن هواها، أي حملها على مخالفة ما تهواه النفس، من فعل المحرمات والشهوات، قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ♦ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:40-41].
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ)
    وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يُعلِّم أصحابه مجاهدة النفس بقوله وبِفعله، فمن ذلك:ما رواه أبو هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط)
    وعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: (سَلْ) فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: (أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟). قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشديد بِالصُّرَعَةِ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)
    وعن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العبادة في الهرج كهجرة إليَّ)
    وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تنفطِر قدماه، فقلت: "لم تصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر؟ قال: (أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا)".
    • أما الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) يعني جهاد النفس، فإنه لا يصح، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: هو من كلام إبراهيم بن أبي عبلة، وليس بحديث.وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة تبوك: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" فلا أصل له، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله"
    ثم إن معناه غير دقيق، فإن قتال الأعداء هو ذروة سنام الإسلام، وإليه تنصرف عشرات النصوص من الكتاب والسنة في فضله وفضل من يقتل في سبيل الله، وهو يمثّل أعلى درجات الجهاد ومراتبه، فلا يصله إلا من جاهد نفسه حقيقة حتى تغلّب عليها، فسارع إلى امتثال أمر الله عز وجل بقتال الكفار، ومن تأخر عن قتال الكفار مع قدرته وزوال الموانع دونه فإنه ضعيف أمام نفسه، لم يستطع مجاهدتها، وانهزم في معركته مع هواه!
    ثانياً: جهاد الشيطان:

    الشيطان عدو للإنسان، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر: 6]، وقد أقسم على إغواء بني آدم، قال تعالى: {وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا ♦ لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ♦ وَلَأُضِلَّنَّه ُمْ وَلَأُمَنِّيَنّ َهُمْ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُبَتِّكُنّ َ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُم ْ فَلَيُغَيِّرُنّ َ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}[النساء: 117-119].وهو قريب من الإنسان جداً، وملازم له في كل أحواله، يلقي في قلبه الوساوس حتى يضلّه، قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرى الدم)
    والتصدي لوساوس الشيطان، وعصيانه: جهاد.عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ، فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ، فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ،" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ)
    مراتب جهاد الشيطان:
    قال ابن القيم رحمه الله:
    أما جهاد الشيطان
    فمرتبتان:
    إحداهما: جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان.الثانية: جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات، فالجهاد الأول يكون بعده اليقين، والثاني: يكون بعده الصبر. قال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}[السجدة: 24] فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.
    طرق جهاد الشيطان:1. إدراك أنه عدو وإدامة الحذر منه:
    فقد بين لنا ربنا سبحانه وتعالى أن الشيطان لنا عدو، وأمرنا باتخاذه عدواً، وبالحذر منه أشد الحذر، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر: 6]. وقال سبحانه: {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}[الزخرف: 62] وقال في موضع آخر: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}[البقرة: 168].
    ومما يدعو الإنسان إلى الحذر من الشيطان وترك سبيله: علمه بأنه سيتخلى عمن يتبعه ويعمل بوساوسه، سواء في الدنيا كما في معركة بدر حيث زين للمشركين المقام على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه فلما رأى جيش الملائكة ولى مدبراً، قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال: 48].أو في الآخرة، حين يقف خطيباً في جهنم ليعلن براءته ممن اتبعه ! {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُم ْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[إبراهيم: 22].
    2. التنبه إلى خطوات الشيطان ومكائده:
    فإن له طرقاً عجيبة في ذلك،
    فإنه يسعى لإضلال الإنسان وتحويله إلى الكفر بالله، فإن لم يستطع أوقعه في البدعة، فإن لم يستطع أوقعه في الكبائر، فإن فشل في ذلك أوقعه في الصغائر، فإن رآه ممتنعاً عن الذنوب أمره بالتوسع في المباحات حتى يشغله عن ذكر الله وعبادته، فإن لم يستطع أشغله بالمفضول من العمل عن الفاضل، وهكذا، وقد سمى الله تعالى هذه الطرق: خطوات، وحذرنا منها فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}[البقرة: 208].
    3. العودة إلى دين الله والاعتصام بحبله، ولزوم السنة والجماعة:
    قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران: 103].وعن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ)
    4. الاستعاذة بالله والاحتماء به من الشيطان:
    قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت: 36]، وقال تعال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: 98]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}[الأعراف: 201].وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذكار والأعمال التي تقينا بإذن الله من الشيطان، فمن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.ثالثاً: جهاد الكفار:
    ومن جهاد الشيطان جهاد أوليائه وحزبه، فقد أمرنا الله تعالى بقتالهم، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء: 76].
    قال ابن القيم رحمه الله: "وَأَمّا جِهَادُ الْكُفّارِ...
    فَأَرْبَعُ مَرَاتِبَ: بِالْقَلْبِ وَاللّسَانِ وَالْمَالِ وَالنّفْسِ...
    وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ جِنْسَ الْجِهَادِ فَرْضُ عَيْنٍ إِمَّا بِالْقَلْبِ، وَإِمَّا بِاللِّسَانِ، وَإِمَّا بِالْمَالِ، وَإِمَّا بِالْيَدِ، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ
    ".
    فجهادهم بالقلب: بغضهم وبغض ما هم عليه من الكفر والمعصية.
    وجهادهم باللسان: دعوتهم للإسلام، والرد على حججهم وشبهاتهم، والتنفير منهم ومن أعمالهم.
    وجهادهم بالمال: بذله في سبيل دعوتهم، أو تأليف قلوبهم، أو لإعداد القوة لقتالهم ورد عدوانهم.
    وجهادهم بالنفس: قتالهم، وهو ذروة سنام الإسلام.
    رابعاً: جهاد المنافقين.
    المنافق هو الذي يظهر الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وغيرها من الشعائر، ويبطن الكفر، قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:14], وقال تعالى: {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ}[آل عمران:154]، ويُعرف المنافق في فلتات لسانه، قال الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُ مْ فَلَعَرَفْتَهُم ْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّ هُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:30]، والأفعال الدالة على النفاق كثيرة، كمولاة الكفار وغيرها، وقد أنزل الله تعالى تفصيلاً لأفعالهم وأحوالهم في سورة "التوبة"، فبيَّن فيها فضائحهم، قال تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ}[التوبة:64].وقد وصف الله تعالى المنافقين بأنهم عدو للمسلمين، بل هم "العدو"، قال تعالى: {هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون: 4]،
    قال ابن عاشور رحمه الله: "والتعريف في (العدو) تعريف الجنس الدال على معين، لكمال حقيقة العدو فيهم، لأن أعدى الأعادي: العدو المتظاهر بالموالاة وهو مدَّاح، وتحت ضلوعه الداء الدوي، وعلى هذا المعنى رُتب عليه الأمر بالحذر منهم"
    فعداؤهم أشد من عداء المشركين الظاهرين المعلنين بمحاربتهم،
    قال الطبري رحمه الله: "هم العدو يا محمد فاحذرهم ، فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم أعين لأعدائكم عليكم.
    كيفية جهاد المنافقين:
    وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بجهاد المنافقين والكافرين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[التوبة: 73]
    قال الطبري رحمه الله: "وأولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب:
    ما قال ابن مسعود من أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم من جهاد المنافقين بنحو الذي أمره من جهاد المشركين، فإن قال قائل: فكيف تركهم صلى الله عليه وسلم مقيمين بين أظهر أصحابه مع علمه بهم ؟ قيل: إن الله تعالى ذِكره إنما أمر بقتال من أظهر منهم كلمة الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك، وأما من إذا اطُّلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر وأُخذ بها أنكرها ورجع عنها وقال إني مسلم، فإن حكم الله في كل من أظهر الإسلام بلسانه أنه يحقن بذلك دمه وماله وإن كان معتقداً غير ذلك
    ".
    فجهاد المنافقين إذن إذا أظهروا الكفر الجلي بقول أو فعل أن يجاهدوا مثل جهاد الكفار.
    قال ابن كثير رحمه الله:
    "روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف: سيف للمشركين: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ}[التوبة: 5]، وسيف لكفار أهل الكتاب: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ}[التوبة: 29 ]، وسيف للمنافقين: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: 73]، وسيف للبغاة {قَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: 9]، قال ابن كثير: "وهذا يقتضي أن يجاهدوا بالسيف إذا أظهروا النفاق، وهو اختيار ابن جرير"
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    "وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب: بالقلب، واللسان، والمال، والنفس،
    وجهاد الكفار أخص باليد،
    وجهاد المنافقين أخص باللسان
    ".
    وقال ابن القيم أيضا:
    وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام قال تعالى {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل والقائمون به أفراد في العالم والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددًا فهم الأعظمون عند الله قدرًا، ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المعارض مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه كان للرسل صلوات الله عليهم وسلامه من ذلك الحظ الأوفر وكان لنبينا صلوات الله وسلامه عليه من ذلك أكمل الجهاد وأتمه
    وقال ابن القيم أيضا:
    "الجهاد نوعان:
    جهاد بالسيف والسنان، وهو جهاد العامة، وأنصاره كثير،
    وجهاد بالحجة والبيان وهو جهاد الخاصة من أتباع الرسل وهو جهاد الأئمة، وأنصاره قليل،
    وهو أفضل النوعين، لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه
    "
    خامساً: جهاد أهل البدع والمنكرات:
    هذا النوع من الجهاد يكون باليد، واللسان، والقلب، حسب المراتب التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ،وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ)
    . وقال تعالى: {ولتكُنْ منكم أمَّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}[ آل عمران: 104].
    وقال تعالى: {الذين إن مكَّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتَوا الزكاة وأَمَروا بالمعروف ونَهَوا عن المنكر}[الحج: 41].
    وهذه النصوص تدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الفريضة المقصودة بجهاد الفاسقين والمبتدعين والظالمين الذين يَظهَرون في الأمّة أو يتمكَّنون فيها، والمقصود من هذه الفريضة هو حفظ الأمة في دينها وأعرافها وسلوك أفرادها، وقد يكون ذلك بمنع هؤلاء من إفسادهم، أو بإصلاح الخلل الذي تؤدي إليه دعواتُهم المفسدة.
    قال ابن القيم رحمه الله:
    "وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب، الأولى: باليد إذا قدر، فإن عجز انتقل إلى اللسان، فإن عجز جاهد بقلبه"

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    بيان الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر

    السؤال:
    هل الجهاد في سبيل الله جهاد أصغر كما دل عليه معنى الحديث المذكور الضعيف، مع أنه لا يمكن أن يجاهد في سبيل الله إلا من جاهد نفسه حق الجهاد، وألزمها حتى أراد أن يستشهد في سبيل الله؟

    الجواب:
    الجهاد في سبيل الله هو الجهاد الأكبر كما تقدم، وهو الجهاد الأكبر؛ ولهذا أنكر العلماء هذا الحديث وقالوا: إنه يقتضي أن الجهاد في سبيل الله هو الجهاد الأصغر، فهذا خطأ؛ فإن بذل النفوس والأموال في جهاد الأعداء ودعوتهم إلى الإسلام وإخراجهم من ظلمات الجهل والكفر هذا أمر عظيم فوق ما يتصوره الناس.
    فلهذا صار الجهاد في سبيل الله الذي به بذل النفوس وبذل الأموال ومغادرة البلدان والغربة عن الأوطان والأولاد والنساء هذا هو الجهاد الأعظم، ثم يرجع الناس منه إلى الجهاد الأصغر جهاد النفس على ما يعتريها من المعاصي والسيئات، وعلى ما تقيم عليه من خطر ونقصان، فهو يجاهدها لله حتى تستقيم.
    ولا شك أن الجهاد الأكبر إنما يحصل في الجهاد الأصغر جهاد النفس حتى تستقيم على أمر الله حتى ترضى بالجهاد في سبيل الله، حتى تقدم النفس والمال.
    هذا هو شأن المؤمن يجاهد نفسه ويتصبر على جهاد الكفار لما يعلم في ذلك من الخير العظيم، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ فيما رواه البخاري وغيره أنه قال: ما من أحد يموت له خير عند الله يتمنى أن يرجع إلى الحياة الدنيا إلا الشهيد، فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من فضل الشهادة في سبيل الله والنبي ﷺ يقول: إني أود أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل.[الموقع الرسمى للامام ابن باز]


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    بارك الله فيك، بعد رؤية المنكر وعدم القدرة على إزالته أو إنكاره باليد واللسان، يكون جهاد القلب وإنكاره وهذه نعمة من الله تعالى. وخاصه في وقتنا من انتشار المنكرات والفتن وكثرتها واعتياد البعض على ذلك وإنكارهم على من ينكر المنكر!!!
    ولكن للشيطان طريق في بأن يجعل المؤمن يشعر بالحزن والغضب وأنه مقصر لم يستطيع إزالة المنكر، وكأن الحياة أغلقت في وجهه ويتذكر أمور محزنه، ونحن نعلم أنه علينا عدم الحزن لأنه من الشيطان.

    ارجو الرد على ما ذكرت. لعل ما تنشرونه في المنتدى فيه إغاظة للشيطان وحزبه؟

    بارك الله فيكم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    رؤية المنكر وعدم القدرة على إزالته أو إنكاره باليد واللسان، يكون جهاد القلب وإنكاره
    وهذه نعمة من الله تعالى. وخاصه في وقتنا من انتشار المنكرات والفتن وكثرتهاواعتياد البعض على ذلك وإنكارهم على من ينكر المنكر !!!
    ولكن للشيطان طريق في بأن يجعل المؤمن يشعر بالحزن والغضب وأنه مقصر لم يستطيع إزالة المنكر، وكأن الحياة أغلقت في وجهه ويتذكر أمور محزنه، ونحن نعلم أنه علينا عدم الحزن لأنه من الشيطان.

    ارجو الرد على ما ذكرت. لعل ما تنشرونه في المنتدى فيه إغاظة للشيطان وحزبه؟

    بارك الله فيكم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    رؤية المنكر وعدم القدرة على إزالته أو إنكاره باليد واللسان، يكون جهاد القلب وإنكاره
    وهذه نعمة من الله تعالى . وخاصه في وقتنا من انتشار المنكرات والفتن و كثرتها و اعتياد البعض على ذلك وإنكارهم على من ينكر المنكر !!!
    بارك الله فيكم
    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا اختنا الفاضلة
    قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود:
    بحسب امرىء يرى منكراً لا يستطيع أن يغيره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره "
    إن استعلاء القلب على الهزيمة الداخلية،
    وبقاء قوة رفضه للباطل
    مهما استطال وانتفش
    وقوة ضبطه للسلوك
    لهو جهاد القلب
    وإنه لجهاد له أثره الواقع في حياة الناس

    من كان في قلبه حياة وليس في مقدوره أن يغير المنكر بيده ولا بلسانه فعليه أن يكره هذا المنكر ويعلم الله من قلبه الصدق والعزيمة على تمني زوال هذا المنكر ولولا المانع لأزاله.
    قيل لابن مسعود -رضي الله عنه-: من ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً .
    فالذي لا يأمر بالمعروف ولا ينكر المنكر بأدنى درجاته فهو ميت القلب.
    وعندما تكلم يحيى بن معاذ الرازي يوماً في الجهاد وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    قالت له امرأة:
    هذا واجب وضع عنا
    فقال:
    هبي أنه وضع عنكن سلاح اليد واللسان فلم يوضع عنكن سلاح القلب
    فقالت له صدقت جزاك الله خيراً
    .
    فإن سلاح اللسان لا يسقط عن المرأة
    فعليها أن تنكر على من تستطيع الإنكار عليه من أقاربها الرجال
    وأما النساء فعليها الإنكار عليهن بصفة عامة.
    ولهذا شواهد:

    ورد عن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- أنها رأت امرأة بين الصفا والمروة عليها خميصة من صلب –أي ثوب عليه خطوط متصالبة- فقالت عائشة: ((انزعي هذا من ثوبك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه في ثوب قضبه))
    وأما بالنسبة للإنكار على الرجال:
    فقد ورد أن عائشة –رضي الله عنها- رأت أخاها عبد الرحمن يسرع في الوضوء ليدرك الصلاة على سعد بن أبي وقاص. فقالت: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ويل للأعقاب من النار)).
    ولا شك أن إنكار المرأة بقلبها على الرجال هو الغالب وعلى النساء في بعض الحالات بخلاف الرجل
    فإن إنكاره في قلبه مقيد بظروف معينة

    وهي عدم مقدرته على الإنكار باليد واللسان
    فيجب على المسلم أن يعلم أنه لا يعذر بحال بترك الإنكار بقلبه عند عجزه عن الإنكار باليد واللسان.
    وإذا كان قلبه لا يتحرك عند رؤيته للمنكر فعليه أن يعلم أن قلبه مريض ويحتاج إلى علاج.
    وأما إذا علم صدق نيته بقلبه في بغضه للمنكر وتمني زواله
    فإن الله سبحانه وتعالى يعطيه مثل أجر القادر عليه وعلى أسوأ الأحوال فإنه لا يأثم بتركه ذلك.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-
    فأما حب القلب وبغضه وإرادته وكراهته فينبغي أن تكون كاملة جازمة لا توجب نقص ذلك إلا بنقص الإيمان. وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل
    إن الله بعث الرسل لإقامة أعظم معروف وهو التوحيد وتغيير أعظم منكر وهو الشرك،
    المنكر لا تقره الشريعة بأي حال من الأحوال، فلابد من تغييره
    ولكن تغييره على مراتب.

    ولما كان الناس يختلفون في قدراتهم الجسمية والعقلية وغير ذلك.
    فإن الشارع الحكيم رتب إنكار المنكر على حسب قدرة الشخص،
    ولكن لا يعذر أحد من المكلفين بترك الإنكار مهما يكن من أمر.

    فيجب عليه أن يغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أقل الأحوال؛
    لأن كل إنسان يستطيع ذلك ومن هو الذي لا يقدر على الإنكار بالقلب إلا رجل قد مرض قلبه وانتكس فهذا أمره أشد من قضية الإنكار بالقلب.

    والأصل في هذا الحكم.
    ما رواه الإمام مسلم بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
    وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل))


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)


    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الشريعة،
    ومن أوجب قواعد الدين،
    وهو حصن الإسلام المنيع،
    يحجز عن الأمة الفتن وشرور المعاصي،
    ويحمي المسلمين من نزوات الشيطان ونزغات الهوى،
    وهو البناء المتين الذي تتماسك به عرى الدين،
    يحفظ العقائد والسلوك والأخلاق، ويدرأ المحن والرذائل،
    في القيام به صلاح الأمم،
    وحفظ النعم وحلول الأمن وإجابة الدعاء وصرف كيد الأعداء مع رفع الدرجات، والإحسان إلى الخلق،
    به تنمو في المجتمعات الآداب والفضائل،
    وتختفي المنكرات والرذائل .*

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)


    مكانة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر :

    أعلى الناس قدراً وأرفعهم شرفاً من أصلح نفسه، ثم امتن بالإصلاح والخير إلى غيره،
    وهو من أخص صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
    قال جل وعلا :
    " يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ " [الأعراف: 157]
    وهذه الخلة جعلت هذه الأمة غرة في جبين الأمم،
    وتاجاً على علو هامها بينهم،
    وقد مدح الله المؤمنين القائمين بتلك الشعيرة فقال تعالى :
    "
    وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة: 71]
    وجعل تركه من أبرز صفات المنافقين،
    فقال : "
    الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [التوبة: 67]
    القائم به متصدق بلا مال،
    قال عليه الصلاة والسلام :
    «وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة» (رواه مسلم) .
    وهو عبادة جليلة يقوم بها العبد لتُمحى عنه ذنوبه وتُكفر عنه خطاياه،
    قال
    صلى الله عليه وسلم : «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره تكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (رواه البخاري) .
    *

    من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نُزع منه الطاعة،
    وزالت عنه المهابة، فاحذر المداهنة،
    فهي باب من الذل والهوان عريض، ولا تأسف على من قلاك، ولا من فارقك لأمرك أو نهيك له، واقطع أطماعك من الخلق،
    وثق بكفاية رب الخلق، والقيام بهذه الشعيرة لا يقطع رزقاً ولا يقرب أجلاً، وترك هذه الشعيرة إيذان بسخط الله على الخلق،
    قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه : " من لم يعرف قلبه المعروف، وينكر قلبه المنكر، نُكس، فجعل أعلاه أسفله " ومن ترك هذه العبادة استخف به أهل العصيان.
    وسلط الله عليه من يأمره وينهاه بما يضاد الشريعة .
    *
    المنكر ينقسم إنكاره إلى ثلاث درجات :
    الدرجة الأولى : الإنكار باليد، وذلك حال القدرة على إزالته كالزوج في داره يزيل المنكر .

    الدرجة الثانية : الإنكار باللسان، وذلك في حال تعذر الإنكار باليد، كمن يرى امرأة متبرجة في الأسواق فهذا ينكر عليها باللسان بالحكمة .

    الدرجة الثالثة : الإنكار بالقلب، وذلك في حال تعذر الإنكار باليد واللسان، وهذه أضعف درجات الإنكار .
    وإنكار الخطيئة بالقلب فرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال .
    يقول عليه الصلاة والسلام : «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم) .
    قال ابن رجب (جامع العلوم والحكم ) :
    " إنكاره بالقلب لابد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه "
    قال شيخ الإسلام : " القلب إذا لم يكن فيه كراهة ما يكرهه الله لم يكن فيه من الإيمان الذي يستحق به الثواب، وقوله من الإيمان أي من هذا الإيمان وهو الإيمان المطلق أي ليس وراء هذه الثلاث ما هو من الإيمان ولا قدر حبة خردل، والمعنى هذا آخر حدود الإيمان ما بقي بعد هذا من الإيمان شيء ليس مراده أنه من لم يفعل ذلك لم يبق معه من الإيمان شيء " (الفتاوى)
    والمنكر يُزال بالحكمة، والاستطاعة، عدم الوقوع في منكر أو مفسدة أعظم منه .*
    .
    لم يستطيع إزالة المنكر، وكأن الحياة أغلقت في وجهه ويتذكر أمور محزنه، ونحن نعلم أنه علينا عدم الحزن لأنه من الشيطان.
    نعم

    اعلمى اختى الفاضلة أنه ليس في كل أمر أو نهي تقومى به يجب معه زوال المحذور أو أداء الواجب، فزمام الاستقامة بيد الهادي جل وعلا،
    قال تعالى : " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ " [القصص: 56]
    ويقول سبحانه : "
    إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " [هود: 12]
    فالمنكر قد يزول بالإنكار، وقد لا يزول،
    ولا تجعل نصب عينيك وأنت تقيم هذه الشعيرة إزالة المنكر فإن لم يزل تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن هذا من الخطأ .
    فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُقام لثمرات عديدة وإن لم يزل المنكر، فمنها أن المسلم يؤدي بتلك الشعيرة عبادة جليلة هي من أجل العبادات وبأدائها يتقرب العبد إلى ربه ويكون المرء متصفاً بصفة من صفات المؤمنين قال تعالى : " وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة: 71] وبإقامتها سبب تكفير الذنوب والخطايا، وحفظ النعم، ومنع العذاب من السماء، وبها يُدفع عن المجتمع شر أعظم من المنكر الواقع، وهي وسيلة من وسائل إصلاح المجتمع والحفاظ على حصن الإسلام، وبها تُحجز الأمة عن الفتن وتُحمى من الشبهات والشهوات وإحسان عظيم للخلق، كل ذلك وغيره من فوائد إنكار المنكر، فإن زال المنكر بالإنكار فهذه نعمة كبرى، وإن لم يزل المنكر فقد جنى العبد بإقامة تلك الشعيرة مصالح عديدة تعود على الفرد والمجتمع بالخيرات ووفور النعم، وهذا من مقاصد الشريعة، وقد بين ابن رجب (جامع العلوم والحكم) مقاصد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله : " واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يُحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين والرحمة لهم ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يُحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل أن يُطاع فلا يُعصى ويُذكر فلا يُنسى ويُشكر فلا يُكفر " .************************
    الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرض للأذى، فمن أقامه فلا يستوحش من سلوك طريقه فهو عبادة أداؤها ثمرة من ثمار الإيمان، وليجعل له من الصبر حصناً مكيناً واثقاً بالثواب مما يتلقى من المشاق .قال ابن كثير (تفسير ابن كثير) : " الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى فأمر بالصبر " .ومن وصايا لقمان لابنه " يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " [لقمان: 71] فأمره لابنه بالصبر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشارة إلى إيذاء من أدى تلك الشعيرة .

    قف مع البلاء بالإيمان والتوكل،
    واصبر واحتسب وواصل الجهد،
    وخاطب الناس على ضوء قوله تعالى :
    " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة

    ولكن للشيطان طريق في بأن يجعل المؤمن يشعر بالحزن والغضب وأنه مقصر لم يستطيع إزالة المنكر،
    قال الامام ابن باز رحمه الله
    لا شك أن الشيطان يرغب كثيرا في تثبيط الناس عما أوجب الله عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنواع الشبه والتأويلات، فتارة يأتيه من جهة أنك عندك تقصير ولست بكامل فكيف تأمر وتنهى! وتارة يأتيه فيقول له: أخشى أن تكون مرائيا بهذا الأمر، وكل هذا من مكائد الشيطان، فليس من شرط الآمر والناهي أن يكون كاملا، بل عليه أن يأمر بالمعروف الذي يعرفه وينهى عن المنكر ولو كان عنده نقص، ولو كان عنده بعض السيئات. لكن عليه أن يجاهد نفسه وأن يتقي الله  ويحرص على استكمال ما أوجب الله وترك ما حرم الله، ولكن لا يمنعه ذلك من أن يأمر وينهى على بصيرة، لا يأمر إلا على بصيرة، عن علم كما قال الله جل وعلا: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108] فإذا رأى في بيته أو من إخوانه من يتكاسل عن الصلاة، هذا أمر واضح ما يحتاج إلى علم كثير، الصلاة معلومة عند الجميع، فعليه أن يأمره بالمعروف ويقول: يا أخي اتق الله، صل مع المسلمين، حافظ عليها، بالأساليب الحسنة وتخويفه من عقاب الله، ومن مرض قلبه.
    وقال الامام ابن باز رحمه الله
    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوع عظيم، جدير بالعناية؛ لأن في تحقيقه مصلحة الأمة ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير، واختفاء الفضائل، وظهور الرذائل، وقد أوضح الله جل وعلا في كتابه العظيم منزلته في الإسلام، وبين سبحانه أن منزلته عظيمة،
    حتى إنه سبحانه في بعض الآيات قدمه على الإيمان، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام،
    كما في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]
    ولا نعلم السر في هذا التقديم، إلا عظم شأن هذا الواجب،
    وما يترتب عليه من المصالح العظيمة العامة،
    ولا سيما في هذا العصر،
    فإن حاجة المسلمين وضرورتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شديدة؛
    لظهور المعاصي، وانتشار الشرك والبدع في غالب المعمورة،
    وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه وفي عهد السلف الصالح يعظمون هذا الواجب،
    ويقومون به خير قيام، فالضرورة إليه بعد ذلك أشد وأعظم،
    لكثرة الجهل وقلة العلم وغفلة الكثير من الناس عن هذا الواجب العظيم.
    وفي عصرنا هذا صار الأمر أشد،
    والخطر أعظم، لانتشار الشرور والفساد، وكثرة دعاة الباطل، وقلة دعاة الخير في غالب البلاد كما تقدم،
    ومن أجل هذا أمر الله سبحانه وتعالى به، ورغب فيه، وقدمه في آية آل عمران على الإيمان، وهي قوله سبحانه وتعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الآية، يعني أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فهي خير الأمم وأفضلها عند الله، كما في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل.
    والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر موجود في الأمم السابقة، بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب.
    وأصل المعروف توحيد الله، والإخلاص له، وأصل المنكر الشرك بالله، وعبادة غيره.
    وجميع الرسل بعثوا يدعون الناس إلى توحيد الله، الذي هو أعظم المعروف، وينهون الناس عن الشرك بالله، الذي هو أعظم المنكر.
    ولما فرط بنوا إسرائيل في ذلك وأضاعوه، قال الله جل وعلا في حقهم: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [المائدة:78] ثم فسر هذا العصيان فقال سبحانه: كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:79] فجعل هذا من أكبر عصيانهم واعتدائهم، وجعله التفسير لهذه الآية ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ وما ذلك إلا لعظم الخطر في ترك هذا الواجب، وأثنى الله جل وعلا على أمة منهم في ذلك فقال سبحانه في سورة آل عمران: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ۝ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ۝ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ [آل عمران: 113-115] هذه طائفة من أهل الكتاب لم يصبها ما أصاب الذين ضيعوه، فأثنى الله عليهم سبحانه وتعالى في ذلك، وفي آية أخرى من كتاب الله عز وجل في سورة التوبة قدم سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما ذلك إلا لعظم شأنه.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود:

    بحسب امرىء يرى منكراً لا يستطيع أن يغيره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره "

    إن استعلاء القلب على الهزيمة الداخلية،
    وبقاء قوة رفضه للباطل
    مهما استطال وانتفش
    وقوة ضبطه للسلوك
    لهو جهاد القلب
    وإنه لجهاد له أثره الواقع في حياة الناس

    قيل لابن مسعود -رضي الله عنه-: من ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً .
    فالذي لا يأمر بالمعروف ولا ينكر المنكر بأدنى درجاته فهو ميت القلب.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-
    فأما حب القلب وبغضه وإرادته وكراهته فينبغي أن تكون كاملة جازمة لا توجب نقص ذلك إلا بنقص الإيمان. وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فإنه يعطى ثواب الفاعل الكامل
    إن الله بعث الرسل لإقامة أعظم معروف وهو التوحيد وتغيير أعظم منكر وهو الشرك،
    المنكر لا تقره الشريعة بأي حال من الأحوال، فلابد من تغييره

    عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).

    وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

    ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل))

    جزاكم الله خير
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    مكانة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر :

    أعلى الناس قدراً وأرفعهم شرفاً من أصلح نفسه، ثم امتن بالإصلاح والخير إلى غيره،
    وهو من أخص صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
    قال جل وعلا :
    " يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ " [الأعراف: 157]
    وهذه الخلة جعلت هذه الأمة غرة في جبين الأمم،
    وتاجاً على علو هامها بينهم،
    وقد مدح الله المؤمنين القائمين بتلك الشعيرة فقال تعالى :
    "
    وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة: 71]
    وجعل تركه من أبرز صفات المنافقين،
    فقال : "
    الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [التوبة: 67]
    القائم به متصدق بلا مال،
    قال عليه الصلاة والسلام :
    «وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة» (رواه مسلم) .
    وهو عبادة جليلة يقوم بها العبد لتُمحى عنه ذنوبه وتُكفر عنه خطاياه،

    قال
    صلى الله عليه وسلم : «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره تكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (رواه البخاري) .
    *

    من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نُزع منه الطاعة،
    وزالت عنه المهابة، فاحذر المداهنة،


    قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه : " من لم يعرف قلبه المعروف، وينكر قلبه المنكر، نُكس، فجعل أعلاه أسفله " ومن ترك هذه العبادة استخف به أهل العصيان.
    وسلط الله عليه من يأمره وينهاه بما يضاد الشريعة .
    *

    المنكر ينقسم إنكاره إلى ثلاث درجات :

    الدرجة الأولى : الإنكار باليد، وذلك حال القدرة على إزالته كالزوج في داره يزيل المنكر .

    الدرجة الثانية : الإنكار باللسان، وذلك في حال تعذر الإنكار باليد، كمن يرى امرأة متبرجة في الأسواق فهذا ينكر عليها باللسان بالحكمة .

    الدرجة الثالثة : الإنكار بالقلب، وذلك في حال تعذر الإنكار باليد واللسان، وهذه أضعف درجات الإنكار .
    وإنكار الخطيئة بالقلب فرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال .
    يقول عليه الصلاة والسلام : «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم) .

    قال ابن رجب
    (جامع العلوم والحكم ) :
    " إنكاره بالقلب لابد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه "

    قال شيخ الإسلام : " القلب إذا لم يكن فيه كراهة ما يكرهه الله لم يكن فيه من الإيمان الذي يستحق به الثواب، وقوله من الإيمان أي من هذا الإيمان وهو الإيمان المطلق أي ليس وراء هذه الثلاث ما هو من الإيمان ولا قدر حبة خردل، والمعنى هذا آخر حدود الإيمان ما بقي بعد هذا من الإيمان شيء ليس مراده أنه من لم يفعل ذلك لم يبق معه من الإيمان شيء " (الفتاوى)
    والمنكر يُزال بالحكمة، والاستطاعة، عدم الوقوع في منكر أو مفسدة أعظم منه .*
    .

    قال تعالى : " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ " [القصص: 56]
    ويقول سبحانه : "
    إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " [هود: 12]
    فالمنكر قد يزول بالإنكار، وقد لا يزول،
    ولا تجعل نصب عينيك وأنت تقيم هذه الشعيرة إزالة المنكر فإن لم يزل تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن هذا من الخطأ .

    فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُقام لثمرات عديدة وإن لم يزل المنكر،
    فمنها أن المسلم يؤدي بتلك الشعيرة عبادة جليلة هي من أجل العبادات وبأدائها يتقرب العبد إلى ربه
    ويكون المرء متصفاً بصفة من صفات المؤمنين قال تعالى :
    " وَالْمُؤْمِنُون َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [التوبة: 71]
    وبإقامتها سبب تكفير الذنوب والخطايا،
    وحفظ النعم،
    ومنع العذاب من السماء،
    وبها يُدفع عن المجتمع شر أعظم من المنكر الواقع،
    وهي وسيلة من وسائل إصلاح المجتمع والحفاظ على حصن الإسلام،
    وبها تُحجز الأمة عن الفتن وتُحمى من الشبهات والشهواتوإحسان عظيم للخلق،
    كل ذلك وغيره من فوائد إنكار المنكر،
    فإن زال المنكر بالإنكار فهذه نعمة كبرى، وإن لم يزل المنكر فقد جنى العبد بإقامة تلك الشعيرة مصالح عديدة تعود على الفرد والمجتمع بالخيرات ووفور النعم،
    وهذا من مقاصد الشريعة،
    وقد بين ابن رجب (جامع العلوم والحكم) مقاصد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله : " واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يُحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين والرحمة لهم ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يُحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل أن يُطاع فلا يُعصى ويُذكر فلا يُنسى ويُشكر فلا يُكفر " .
    ************************
    الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرض للأذى، فمن أقامه فلا يستوحش من سلوك طريقه فهو عبادة أداؤها ثمرة من ثمار الإيمان،
    وليجعل له من الصبر حصناً مكيناً واثقاً بالثواب مما يتلقى من المشاق .
    قال ابن كثير (تفسير ابن كثير) :
    " الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى فأمر بالصبر " .

    ومن وصايا لقمان لابنه " يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " [لقمان: 71] فأمره لابنه بالصبر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إشارة إلى إيذاء من أدى تلك الشعيرة .

    وقف مع البلاء بالإيمان والتوكل،
    واصبر واحتسب وواصل الجهد،
    وخاطب الناس على ضوء قوله تعالى :
    " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "

    أحسن الله إليكم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •