تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    السلام عليكم
    قرأت كم مرة أن العامي يقلد من يثق بعلمه و دينه أو ورعه , المشكلة أنني لا أدري كيف تكون الثقة في دين و ورع المفتي إن لم يكن يعرف عنه شيء , أي مثل مواقع الإفتاء مثل إسلام ويب - الإسلام سؤال و جواب , فنلاحظ أن العاملين على هاته المواقع غير مذكورين , قد يكون هذا التفكير من الوسواس , فهل يمكن لأحد أن يُفهمني الأمر ؟ مع العلم أنني أثق بصحة فتواهم (أي كون الإجتهادات سليمة المنهج , منهج أهل السنة و الجماعة)
    جزاكم الله خيرا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,516

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    المطلب الأول: تعريف التقليد لغة واصطلاحا



    أ- أصل التقليد في اللغة: وضع الشيء في العنق محيطاً به، وذلك الشيء يسمى قلادة، والجمع قلائد، ومنه تقليد الهدي، فكأن المقلد جعل الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده، ويستعمل التقليد – أيضاً – في تفويض الأمر إلى الشخص كأن الأمر جعل في عنقه كالقلادة، قالت الخنساء:
    يقلده القوم ما نابهم
    وإن كان أصغرهم مولداً (1)

    ب- أما في الاصطلاح: فتكاد تنحصر تعريفات الأئمة في ثلاثة تعريفات متقاربة المعنى.
    الأول: أن التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تعلم من أين قاله، (أي لا تعرف مأخذه) (2) .
    الثاني: قبول قول الغير بلا حجة (3) .
    الثالث: اتباع قول من ليس قوله حجة (4) ، وهو قريب من الثاني.
    (فخرج بقولنا: (من ليس قوله حجة) اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، و اتباع أهل الإجماع، و اتباع الصحابي إذا قلنا حجة فلا يسمى اتباع شيء من ذلك تقليداً لأنه اتباع للحجة..) (5) .
    وبذلك نلاحظ تقارب هذه التعريفات، وأن التعريف الثالث أدق، لأن من يتبع من قوله حجة لا يحتاج إلى معرفة مأخذه، أو حجته باعتباره حجة بنفسه.
    المطلب الثاني: أنواع التقليد

    1- التقليد المباح: يكون في حق العامي الذي لا يعرف طرق الأحكام الشرعية، ويعجز عن معرفتها، ولا يمكنه فهم أدلتها، ولكن له طلب الدليل الشرعي من المفتي؛ لأن المسلم من حقه أن يستوثق من أمر دينه.
    2- التقليد المذموم: هو تقليد رجل واحد معين دون غيره من العلماء في جميع أقواله، أو أفعاله، ولا يرى الحق إلا فيه.
    ذهب جمهور أئمة أهل السنة والجماعة إلى جواز التقليد في العقائد والأحكام للعامي، والذي يعجز عن فهم الحجة والنظر والاستدلال.
    ويحرم التقليد على العالم، أو الذي يستطيع النظر والاستدلال؛ إذا اجتهد وبان له الحق في المسألة أن يقلد غيره، سواء كان ذلك في العقائد أو الأحكام؛ لورود الأدلة في ذم التقليد والمقلدين.
    واتفقوا على أن التقليد من موانع التكفير؛ لأن المقلد جاهل لا يفهم الدليل أو الحجة، ولا بصيرة له ولا فقه؛ فهو معذور حتى تقام عليه الحجة ويعلم.الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري – ص272
    يلخص شيخ الإسلام – رحمه الله – مذهب جماهير الأمة في التقليد والاجتهاد، فيقول: (... والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد، وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد، والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد، فأما القادر على الاجتهاد، فهل يجوز له التقليد؟
    هذا فيه خلاف، والصحيح أنه يجوز حيث عجز الاجتهاد: إما لتكافؤ الأدلة، وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور دليل له، فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه وانتقل إلى بدله وهو التقليد، كما لو عجز عن الطهارة بالماء، وكذلك العامي إذا أمكنه الاجتهاد في بعض المسائل جاز له الاجتهاد، فإن الاجتهاد منصب يقبل التجزئ والانقسام، فالعبرة بالقدرة والعجز...) ((مجموع الفتاوى)) (20/203-204). ، ويقول الإمام ابن عبد البر – رحمه الله – بعدما ساق من الأدلة والأقوال في إبطال التقليد وفساده -: (هذا كله لغير العامة، فإن العامة لابد لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها، لأنها لا تبين موقع الحجة ولا تصل بعدم الفهم إلى علم ذلك، لأن العلم درجات لا سبيل منها إلى أعلاها إلا بنيل أسفلها، وهذا هو الحائل بين العامة وبين طلب الحجة والله أعلم، ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها) ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/114،115). . وفصل الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في بيان التقليد الجائز وغير الجائز.
    فقال: (والتحقيق أن التقليد منه ما هو جائز، ومنه ما ليس بجائز، ومنه ما خالف فيه المتأخرون المتقدمين من الصحابة وغيرهم من القرون الثلاثة المفضلة، أما التقليد الجائز الذي لا يكاد يخالف فيه أحد من المسلمين فهو تقليد العامي عالماً أهلاً للفتيا في نازلة نزلت به، وهذا النوع من التقليد كان شائعاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف فيه، فقد كان العامي، يسأل من شاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم النازلة تنزل به، فيفتيه فيعمل بفتياه، وإذا نزلت به نازلة أخرى لم يرتبط بالصحابي الذي أفتاه أولاً، بل يسأل عنها من شاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعمل بفتياه، وأما ما لا يجوز من التقليد بلا خلاف، فهو تقليد المجتهد الذي ظهر له الحكم باجتهاد، مجتهد آخر يرى خلاف ما ظهر له هو، للإجماع على أن المجتهد إذا ظهر له الحكم باجتهاده، لا يجوز له أن يقلد غيره المخالف لرأيه يقول شيخ الإسلام – رحمه الله – في بيان حكم تقليد المجتهد لمجتهد مثله: (… ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل وتبين له الحق الذي جاء به الرسول، فهناك لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع، ولكن هل يجوز مع قدرته على الاستدلال أن يقلد هذا فيه قولان.) ((الفتاوى)) (19/261). ، أما نوع التقليد الذي خالف فيه المتأخرون الصحابة وغيرهم من القرون المشهود لهم بالخير، فهو تقليد رجل واحد معين غيره من جميع العلماء، فإن هذا النوع من التقليد، لم يرد به نص من كتاب ولا سنة، ولم يقل به أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير، وهو مخالف لأقوال الأئمة الأربعة رحمهم الله، فلم يقل أحد منهم بالجمود على قول رجل واحد معين دون غيره من جميع علماء المسلمين، فتقليد العالم المعين من بدع القرن الرابع، ومن يدعي خلاف ذلك فليعين لنا رجلاً واحداً من القرون الأولى التزم مذهب رجل واحد معين ولن يستطيع ذلك أبداً، لأنه لم يقع ألبتة...) ((أضواء البيان)) (7/487 – 489)، وهذا هو التقليد الذي تكلم الأئمة المحققون في بيان فساده وبطلانه. .
    والخلاصة مما سبق، أن التقليد يجوز العامي العاجز عن فهم الحجة، ويحرم على العالم إذا اجتهد وبان له الحق في المسألة أن يقلد مجتهداً مثله، أما إذا لم يجتهد في المسألة مع قدرته فيجوز له التقليد في حالات معينة على الصحيح والله أعلم. نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبدالله بن علي الوهيبي– 2/39

    المطلب الثالث: التقليد في العقيدة وهل يعتبر عذرا



    اختلف الأئمة والعلماء في مسألة التقليد في العقائد، فذهب كثير من الأصوليين والمتكلمين إلى تحريم التقليد، وذهب كثير من الفقهاء من الحنابلة والظاهرية وغيرهم إلى جواز ذلك، وسنعرض إلى هذين الرأيين – باختصار -.
    الرأي الأول: قال الزركشي رحمه الله: (.. والعلوم نوعان: عقلي وشرعي، الأول: العقلي، وهو المسائل المتعلقة بوجود الباري وصفاته، واختلفوا فيها، والمختار أنه لا يجوز التقليد، بل يجب تحصيلها بالنظر، وجزم به الأستاذ أبو منصور (1) والشيخ أبو حامد الأسفراييني في تعليقه، وحكاه الأستاذ أبو إسحاق في (شرح الترتيب) عن إجماع أهل العلم من أهل الحق وغيرهم من الطوائف، وقال أبو الحسين بن القطان في كتابه: لا نعلم خلافاً في امتناع التقليد في التوحيد...وحكاه ابن السمعاني عن جميع المتكلمين، وطائفة من الفقهاء وقالوا: لا يجوز للعامي التقليد فيها، ولابد أن يعرف ما يعرفه بالدليل..) (2) .
    وقال الفخر الرازي رحمه الله: (لا يجوز التقليد في أصول الدين، لا للمجتهد، ولا للعوام، وقال كثير من الفقهاء بجوازه) (3) ومن أهم أدلة من يمنع ذلك ما يلي:
    1- أن النظر واجب، وفي التقليد ترك للواجب فلا يجوز (4) واستدلوا لذلك بالأدلة العامة الواردة في ذلك من مثل قوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُون َ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار [آل عمران: 190-191].
    وبعضهم وضع ذلك شرطاً في صحة الإيمان، قال الزركشي: (وجزم أبو منصور بوجوب النظر، ثم قال: فلو اعتقد من غير معرفة بالدليل، فاختلفوا فيه، فقال أكثر الأئمة: إنه مؤمن من أهل الشفاعة، وإن فسق بترك الاستدلال، وبه قال أئمة الحديث، وقال الأشعري وجمهور المعتزلة: (لا يكون مؤمناً، حتى يخرج فيها عن جملة المقلدين) (5) .
    2- وفرقوا بين العقائد والأحكام، وقالوا: إن المطلوب في العقائد العلم واليقين، وذلك لا يحصل من التقليد، بخلاف الفروع فإن المطلوب فيها الظن، وهو حاصل من التقليد (6) ، وقالوا: العقائد أهم الفروع والمخطئ فيها كافر (7) .
    الرأي الثاني: جواز التقليد في العقائد، ونقل عن الأئمة الأربعة، واشتهر عن الحنابلة والظاهرية وغيرهم (8) ونسبه شيخ الإسلام – رحمه الله – إلى جمهور الأمة. قال رحمه الله: (أما في المسائل الأصولية فكثير من المتكلمة والفقهاء من أصحابنا وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل أحد …وأما جمهور الأمة فعلى خلاف ذلك، فإن ما وجب علمه إنما يجب على من يقدر على تحصيل العلم، وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق، فكيف يكلف العلم بها؟) (9) . ومن أهم أدلتهم: (أن الأصول والفروع قد استويا في التكليف بهما، وقد جاز التقليد في الفروع فكذلك في الأصول) (10) ، ولا دليل على التفريق بينهما، وردوا على ما اشترط أو أوجب النظر على الجميع، بأن ذلك يقتضي تضليل أو تكفير عوام المسلمين، وأن ذلك من تكليف ما لا يطاق، يقول المظفر بن السمعاني – رحمه الله – (إيجاب معرفة الأصول على ما يقوله المتكلمون، بعيد جداً عن الصواب، ومتى أوجبنا ذلك، فمتى يوجد من العوام من يعرف ذلك؟ ويصدر عقيدته عنه؟ كيف وهم لو عرضت عليهم تلك الأدلة لم يفهموها، وإنما غاية العامي أن يتلقى ما يريد أن يعتقده ويلقى به ربه من العلماء، ويتبعهم في ذلك ويقلدهم) إلى أن يقول: (ونحن لا ننكر من الدلائل العقلية بقدر ما ينال المسلم به رد الخاطر، وإنما المنكر إيجاب التوصل إلى العقائد في الأصول بالطريق الذي اعتقدوا، وساموا به الخلق، وزعموا أن من لم يفعل ذلك لم يعرف الله تعالى، ثم أدى بهم ذلك إلى تكفير العوام أجمع..) (11) .
    ويقول الحافظ صلاح الدين العلائي في بيان ذلك: (من لا أهلية له لفهم شيء من الأدلة أصلاً وحصل له اليقين التام بالمطلوب، إما بنشأته على ذلك أو لنور يقذفه الله في قلبه، فإنه يكتفي منه ذلك، ومن فيه أهليه لفهم الأدلة لم يكتف منه إلا بالإيمان عن دليل، ومع ذلك فدليل كل أحد بحسبه وتكفي الأدلة المجملة التي تحصل بأدنى نظر، ومن حصلت له شبهة وجب عليه التعلم إلى أن تزول عنه …أما من غلا فقال لا يكفي إيمان المقلد فلا يلتفت إليه، لما يلزم منه القول بعدم إيمان أكثر المسلمين، وكذا من غلا أيضاً فقال: لا يجوز النظر في الأدلة، لما يلزم منه من أن أكابر السلف لم يكونوا من أهل النظر) (12) ، ورد الإمام الشوكاني على ما حكاه أبو منصور البغدادي عن أئمة الحديث بأنهم يفسقون تارك الاستدلال، فقال: (فيالله العجب من هذه المقالة التي تقشعر لها الجلود وترجف عند سماعها الأفئدة، فإنها جناية على جمهور هذه الأمة المرحومة، وتكليف لهم بما ليس في وسعهم ولا يطيقونه، وقد كفى الصحابة الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد، ولا قاربوها – الإيمان الجملي، ولم يكلفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم بمعرفة ذلك ولا أخرجهم عن الإيمان بتقصيرهم عن البلوغ إلى العلم بذلك بأدلته، وما حكاه الأستاذ أبو منصور عن أئمة الحديث من أنه مؤمن وإن من فسق فلا يصح التفسيق عنهم بوجه من الوجوه بل مذهب سابقهم ولاحقهم الاكتفاء بالإيمان الجملي، وهو الذي كان عليه خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم …) (13) .
    أما اشتراط بعضهم النظر، واستدلالهم بالآيات الواردة في ذلك (فلا حجة فيها لأن من لم يشترط النظر لم ينكر أصل النظر، وإنما أنكر توقف الإيمان على وجود النظر بالطرق الكلامية إذا لا يلزم من الترغيب في النظر جعله شرطاً) (14) .
    الخلاصة والترجيح:
    بعرض الرأيين ندرك بطلان اشتراط النظر والاستدلال، أو إيجابه على الجميع، لضعف الاستدلال على ذلك، ولقيامه على أصل فاسد، وهو التفريق بين الأصول والفروع، وقولهم: إن الأصول يجب فيها اليقين والعلم فلا يجوز فيها التقليد، والفروع يكفي فيها الظن، ...إذا يجوز التقليد في العقائد للعامي الذي لا يستطيع النظر والاستدلال، كجواز ذلك في الأحكام ولا فرق. أما من يستطيع الاستدلال فلا يجوز له التقليد في العقائد أو الأحكام، للأدلة الواردة في ذم التقليد والمقلدين (15) . لكن لا يشترط النظر والاستدلال لصحة الإيمان والله أعلم.
    ... حكم من وقع في الكفر تقليداً، هل يعذر بذلك؟
    الذي يظهر من كلام الأئمة أن العذر بالتقليد من جنس العذر بالتأول والجهل، باعتبار المقلد جاهلاً لا يفهم الدليل أو الحجة، فإذا عذر من وقع في الكفر متأوّلاً رغم علمه واجتهاده، فعذر من يقلده من العوام الجهّال من باب أولى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعدما تكلم عن كفر وضلال أهل الحلول والاتحاد من غلاة المتصوفة كابن سبعين وابن عربي وابن الفارض وأمثالهم: (… فكل من كان أخبر بباطن هذا المذهب، ووافقهم عليه، كان أظهر كفراً، وإلحاداً، وأما الجهال الذين يحسنون الظن بقول هؤلاء ولا يفهمونه، ويعتقدون أنه من جنس كلام المشايخ العارفين الذين يتكلمون بكلام صحيح لا يفهمه كثير من الناس، فهؤلاء تجد فيهم إسلاماً وإيماناً، ومتابعة للكتاب والسنة بحسب إيمانهم التقليدي، وتجد فيهم إقراراً لهؤلاء وإحساناً للظن بهم، وتسليماً لهم بحسب جهلهم وضلالهم، ولا يتصور أن يثني على هؤلاء إلا كافراً ملحد، أو جاهل ضال …) (16) .
    فنلاحظ من كلام شيخ الإسلام إعذاره للجهال الذين يحسنون الظن بكلام هؤلاء الغلاة ولا يفهمونه حيث قال: إن فيهم إسلاماً وإيماناً ومتابعة للكتاب والسنة رغم ضلالهم وجهلهم، وفي موضع آخر يشير رحمه الله إلى موقف الإمام أحمد رحمه الله من ولاة الأمر الذين قالوا بقول الجهمية، وامتحنوا وعاقبوا من خالفهم (ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم واستغفر لهم، لعلمه بأنهم لم (17) يبين لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطئوا، وقلدوا من قال لهم ذلك...) (18) فالإمام أحمد رحمه الله عذر هؤلاء لأنهم مقلدون لمن يظنونهم من أهل العلم، وقد استدل شيخ الإسلام بهذا الموقف من إمام أهل السنة من بعض أتباع الجهمية على العذر بالتأويل والجهل كما سبق مما قد يدل على أن العذر بالتقليد عنده من جنس العذر بالجهل والخطأ والله أعلم.
    وفي موضع ثالث يشير إلى عذر بعض من يقلد الشيوخ والعلماء فيما هو من جنس الشرك، قال رحمه الله بعد كلام حول هذا الموضوع: (..وإن كانت من جنس الشرك، فهذا الجنس ليس فيه شيء مأمور به، لكن قد يحسب بعض الناس في بعض أنواعه أنه مأمور به، وهذا لا يكون مجتهداً، لأن المجتهد لابد أن يتبع دليلاً شرعياً، وهذه لا يكون عليها دليل شرعي، لكن قد يفعلها باجتهاد مثله، وهو تقليده لمن فعل ذلك من الشيوخ والعلماء, والذين فعلوا ذلك قد فعلوه لأنهم رأوه ينفع، أو لحديث كذب سمعوه، فهؤلاء إذا لم تقم عليهم الحجة بالنهي لا يعذبون..) (19) .
    وقال أيضاً: (وأما المنتسبون إلى الشيخ يونس، فكثير منهم كافر بالله ورسوله، لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وحج البيت العتيق، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، بل لهم من الكلام في سب الله ورسوله والقرآن والإسلام ما يعرفه من عرفهم. أما من كان فيهم من عامتهم لا يعرف أسرارهم وحقائقهم، فهذا يكون معه إسلام عامة المسلمين الذي استفاده من سائر المسلمين لا منهم …) (20) .
    ويفصل الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان أقسام أهل البدع فيقول: (…وأما أهل البدع الموافقون أهل الإسلام، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم، فهؤلاء أقسام: أحدهما:
    الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له، فهذا لا يكفر ولا يفسق، ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى، وحكمه حكم المستضعفين إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء: 98-99].
    القسم الثاني: المتمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق، ولكن يترك ذلك اشتغالاً بدنياه ورئاسته ولذته ومعاشه وغير ذلك، فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى قبلت شهادته.
    القسم الثالث: أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى، ويتركه تقليداً أو تعصباً، أو بغضاً ومعاداة لأصحابه، فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقاً، وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل…) (21) .
    مما سبق يتبين لنا إعذار الأئمة لمن وقع في الكفر تقليداً إن كان جاهلاً لا بصيرة له ولا فقه، أما إن كان قادراً على فهم الحجة وفرط في طلبها فإنه يأثم، ولكنه لا يكفر إلا بعد قيام الحجة والله أعلم. (22)
    منقول من الدرر السنية



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    أين الإجابة عن سؤالي ؟

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    أين الإجابة عن سؤالي ؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ليتك أخي مصطفى تعيد قراءة التعريف الاصطلاحي في مشاركة أخينا أبي الوليد، ويا أخي بارك الله فيك، فكلمة (العاميين الطبيعيين) مستغربة قليلا منك، فأضحك الله سنك وأرشدنا وإياك إلى الخير والصواب.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الإنسان مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    قرأت كم مرة أن العامي يقلد من يثق بعلمه و دينه أو ورعه , المشكلة أنني لا أدري كيف تكون الثقة في دين و ورع المفتي إن لم يكن يعرف عنه شيء , أي مثل مواقع الإفتاء مثل إسلام ويب - الإسلام سؤال و جواب , فنلاحظ أن العاملين على هاته المواقع غير مذكورين , قد يكون هذا التفكير من الوسواس , فهل يمكن لأحد أن يُفهمني الأمر ؟ مع العلم أنني أثق بصحة فتواهم (أي كون الإجتهادات سليمة المنهج , منهج أهل السنة و الجماعة)
    جزاكم الله خيرا
    بارك الله فيك وزادك حرصا، القائمين على تلك المجالس يعرفهم المشتغل بالعلم، والمواقع التي يجيب فيه أكثر من شخص تأخذ توثيقها بتوثيق الموقع والمشرفين عليه جملة، ولا نحتاج لمعرفة كل أفرادهم ما دام الموقع عرف باستقامته وأهليته.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    السؤال موجه في الأصل إلى العامين (جمع عامي) و الطبييعيين (الغير موسوسين) , لم أقل سبب كتابتي هذه , السبب أنني موسوس (أو غير ذلك) عندما أريد تقليد جهة إفتاء معينة فإن عبارة "يجب على العامي الثقة في دين و ورع المفتي" تقف في وجهي , السبب هو أنني لا أدري كيف يمكنني الثقة في دين و ورع هذه الجهة , فأريد أن يجيب عن سؤالي شخص مثلي (عامي) لكي يقول لي كيف يثق في دين و ورع جهة معينة للإفتاء ؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    كيف أعرف أن الموقع موثق و معروف بالأهلية و الإستقامة ؟ هل بكثرة المستفتين لها و شهرتها بين الناس

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الإنسان مشاهدة المشاركة
    كيف أعرف أن الموقع موثق و معروف بالأهلية و الإستقامة ؟ هل بكثرة المستفتين لها و شهرتها بين الناس
    بتوثيق أهل العلم والفضل له، وباشتهارهم بالعلم وعدم الانحراف عن المنهج الصحيح.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2021
    المشاركات
    9

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    أتذكر أنني بحثث عن توثيق أهل العلم لموقع إسلام ويب , لكني لم أجد إلا عالما واحدا يتحدث حول هذا الأمر , فما رأيكم حول الموقع

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الإنسان مشاهدة المشاركة
    أتذكر أنني بحثث عن توثيق أهل العلم لموقع إسلام ويب , لكني لم أجد إلا عالما واحدا يتحدث حول هذا الأمر , فما رأيكم حول الموقع
    موقع منضبط علميا، مستقيم الاعتقاد والمنهج.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: سؤل موجه للعاميين الطبيعيين

    أخى مصطفى ..
    الإجابة عن سؤالك هى .. خذ العلم من أى موقع أو فقيه أو عالم : إن وافق الكتاب والسنة .. وإن لم يوافقهما فدعه واتركه أياً كان الموقع أو الفقيه أو العالم
    ففى يوم القيامة .. لن تُسأل عنهم ولاهم عنك يُسألون ..
    .............

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •