فتاة في أزمة!

أجاب عنها : سميحة محمود
السؤال:
السلام عليكم أنا فتاة أبلغ من العمر 17 سنة تعرضت للتحرش في الصغر من ابنة خالي أمارس العادة السرية من حوالي ثلاث سنوات بعدما أصبحت أمارسها هزت ثقتي بنفسي كثيرا ابتعدت عن ديني وربي أصبحت لا أصلي استمع للأغاني ودائما منزعجة حياتي أصبحت أسوء كثيرا لم أعد كما كنت في السابق فقد كنت قوية الشخصية وجريئة أما الآن العكس تماما فمثلا إذا كُرمت في المدرسة أمام الجميع أبدا بالارتجاف أو قمت بإلقاء كلمة ترتجف يداي وصوتي أيضا مع العلم أني كتومة جداً دائماً ما أخجل من شكلي علاقتي مع والدي جدا رسمية وعلاقتي شبه سيئة مع والدتي مع العلم أني مجتهدة في دراستي ولله الحمد ، أريد أن أصبح كما كنت في السابق






الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما بعد
يسرني أن أرحب بك، ويسعدني اتصالك في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يحفظك من كل مكروه، وأن يجنبك رفاق السوء، وأن يحفظك من كيد شياطين الإنس والجن.
ابنتي الحبيبة.. ما أجمل أن يضع الإنسان يده علي موضع الداء ثم يبحث عن الدواء، فإن عجز عن تخطي المشكلة ذاتيا، لجأ بعد الله تعالي بمن يأخذ بيده ويطلب النصيحة والمشورة، فثقي أنك بأمر الله سوف تتخطين تلك العثرة وستتم لك العافية.
ذكرتِ في بداية رسالتك أنك (تعرضت للتحرش في الصغر من ابنة خالي) وهذا شيء مؤسف أن يحدث من قريبة لك هذا الفعل القبيح، وهذا الفعل يسبب آثار نفسية عميقة، واعلمي يا عزيزتي أن هناك العديد من الأطفال يحدث لهم هذا؛ بل أكثر من ذلك يتم الاعتداء الجنسي الكامل علي الطفل أو الطفلة والأهل في غفلة، فلستِ وحدك من تعرضت لهذا التحرش، كما أنك لستِ مسئولة عما حدث، فلا ذنب لك فيما حصل. هذه نقطة يجب أن تتفهميها جيدا، فكثيرا ما يتخلل مرحلة الطفولة لأي إنسان بعض المنعطفات والأحداث الغير سارة والتي تؤثر كثيرا علي النفسية في مرحلة الكبر، وبالرغم أن هذه الأحداث هي جزء من حياة الإنسان، إلا أنه يجب عليه أن يتخطاها ويتجاوزها ويعلم أنها من الأقدار التي لا دور له فيها ولا ذنب عليه في حدوثها. ورغم أنك لم تذكري أي معلومات عن ابنة خالك والتي كانت السبب فيما ألم بك، هل ما زلتي علي تواصل معها؟ أم أن صلتك بها قد انقطعت؟ فإن كنت علي تواصل معها وقد تابت عن فعلتها، فسامحيها، واطوي لها هذه الصفحة تماما وأدعي لها عسي الله أن يبدل سيئاتها حسنات ويغفر لها ذلتها. كما أنك لم تذكري أيضا هل علم أحد من أهلك بهذا التحرش؟ أم أنه ظل طي الكتمان كل هذا الزمن؟ وهل علاقتك (شبة السيئة) بأمك لها صلة بهذا التحرش؟ لأنه قد يحث أن تخبر الطفلة أمها بما يحدث لها من تحرش فتصدها الأم بشدة وتستنكر منها أن تقوم طفلتها باتهام أحد من أقاربها فتتولد لدي الطفلة حالة نفسية عنيفة جراء الصد الشديد والاستنكار من ناحية، وفقد الحضن الدافئ والملاذ الآمن الذي كانت تأمله من أمها من ناحية أخري، فيبدأ الكره تجاه أمها يتسلل إلي قلبها شيئا فشيء .. فهل العلاقة شبه السيئة التي بينك وبين أمك ترجع لهذا السبب؟ علي العموم في كلا الأحوال معافاتك من التحرش وتداعياته التي سوف نتطرق لها، سيكون لها أثر جيد علي علاقتك بأمك.
ابنتي الكريمة .. من أسباب ممارستك للعادة السرية تعرضك في طفولتك للتحرش الجنسي، فهذا الفعل يولد لدي الطفلة حالة من الإفاقة الجنسية التي تجعلها تبدأ في ملامسة أعضائها الجنسية والعبث بها ثم التعود علي هذه الممارسة حتى تصير أسيرة لهذه الممارسة. وللإقلاع عن هذه العادة يجب أن تعلمي يا قرة العين أن هذه العادة ضارة ومحرمة، يقول تعالي : "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" المؤمنون: 5-7 ، ولأن المعصية تجر إلي معاصي عديدة حدث أن (ابتعدت عن ديني وربي) حتى وصل الأمر بك (أصبحت لا أصلي)!! فماذا تنتظرين بعد ذلك سوي (دائما منزعجة، حياتي أصبحت أسوء كثيرا) وهذا نتاج طبيعي للبعد عن الطريق القويم (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) وهل يجد من يبتعد عن طاعة الله سوي الهم والغم والكرب؟
ابنتي المؤمنة .. علاجك بيدك وأنتي بإذن الله قادرة علي أن تعودي لسابق عهدك (قوية الشخصية) بل قادرة علي أن تكوني الفتاة المسلمة والمؤمنة البارة بوالديها والمتفوقة في دراستها والنافعة لمجتمعها والحاملة لراية الإسلام والداعية لمكارم الأخلاق، فهل أنتي لها يا قرة العين؟ أسمعك ترددين.. نعم أنا لها .. أنا لها.. فهلمّ لتضعي قدميك علي الطريق الصحيح وتعقدي العزم علي أن تعيشي حياة سوية وترسمين مستقبلا جميلا ورائعا .. فقط عليك اتباع بعض النصائح:
أولا: التوبة إلي الله تعالي والإقلاع النهائي عن ممارسة هذه العادة المذمومة، وذلك بعدم الاسترسال في الأفكار التي تدفعك لهذه الممارسة، فإن راودتك فكرة فحاولي إبعادها وغيري فورا المكان الذي أنتي فيه، واشغلي نفسك بعمل يستحوذ علي تفكيرك. ومن الأفضل التحدث مع أحد أفراد عائلتك أو إحدى صديقاتك. وإن كانت هذه الأفكار تأتيك قبل النوم فلا تذهبي لفراشك إلا وأنتي بحالة نعاس شديد حتي تستغرقين في النوم سريعا. كما أنصحك بتذكر أن الله سبحانه وتعالي يراك في سرك وعلانيتك، فكيف ترضي لنفسك أن يراك الله وأنتي في هذه الحالة؟! لاشك أن استشعار هذا المعني كفيل بجعلك تحتقرين هذا الفعل وتعاهدي نفسك علي تمام الإقلاع عنه. وقتها ستستردين نفسك وتصالحينها وسيزداد تقديرك لذاتك، وسترين الحياة بمنظور جميل فيه الأمل والاستبشار بغد جميل يحمل لك كل الخير.
ثانيا: فكري بطريقة إيجابية وكوني أكثر فاعلية مع كل من حولك؛ مع أمك كوني محبة لها ومتعاونة معها في شئون البيت، وإن بدرت منك إساءة لها فسارعي بالاعتذار، مع أخواتك وإخوانك كوني مساعدة وناصحة لهم، مع زميلاتك في الدراسة كوني متعاونة ومخلصة لهن ومشاركة لهن في أنشطتهن، ومع نفسك كوني متفائلة ومجتهدة وصاحبة عزيمة قوية علي التفوق والارتقاء بذاتك.
ثالثا: انتقاء صحبة صالحة ترتاحين لها، وتعينك علي مرضاة الله تعالي، تنصحك في الخير وتنصحيها للخير، تلجئين إليها بعد الله تعالي عندما تشعرين بفتور في استقامتك أو جنوحك عن طريق الخير.
رابعا: عليك بممارسة الرياضة، فممارسة الرياضة التي تحبينها تفرغ الطاقة السلبية لديك، فإن تعذر عليك ممارسة الرياضة فعليك بممارسة المشي، فالمشي يزيد الثقة بالنفس والشعور بالاعتداد النفسي، واستقرار الشخصية وتحسن المزاج، ويساعد في إثارة الجسم علي إفراز هرمون ( المورفين) الذي يجعل الإنسان يشعر بالراحة والسعادة.
خامسا: طوري من نفسك ومهاراتك، واشتركي في دورات التنمية البشرية وتحسين المهارات، وتنمية الذات، وتنظيم الوقت، وابني شخصيتك من خلال التدبر والتفكر والتأمل والاطلاع واكتساب المعرفة بحيث تملئي كل وقتك بأنشطة مفيدة.
سادسا: جددي إيمانك بالتقرب إلي الله تعالي بالمحافظة علي الصلاة والنوافل والأذكار وقراءة القرآن والصيام والاستغفار وقيام الليل، ولا تنسي الإكثار من الدعاء وتحري أوقات الإجابة، وليكن من دعائك: " اللهم اغفر لي ذنبي و طهر قلبي وحصِّن فرجي".
سابعا: خططي لحياتك ومستقبلك، واكتبي أهدافك في ورقة، ثم اكتبي وسائل تحقيق هذه الأهداف، واجعليها نصب عينيك، واعقدي العزم علي تحقيق هذه الأهداف.
ثامنا: إذا تقدم من ترضين دينه و خلقه فسارعي بالقبول بعد الاستشارة والاستخارة وموافقة الأهل.
وفي الختام.. أسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية، وأن يوفقنا وإياك لكل خير، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا عليك.