سوء الظن وإشاعة الكذب على الأبرياء


لقد أصبح سوء الظن في الناس متفشياً، وهذا له بواعث؛ لانتشار الشر الكثير، ولكن هذا لا يبرر أن يساء الظن بكل أحد، أو أن يفترض الإنسان بإخوانه المسلمين الشر أساساً، ويقول: كنت أشك به دائماً، إنه منافق، إنه من الخوارج، فلان أكل أموال الأيتام، وسرق من المقبرة، لقد جرحوا الخادمة، وأكلوا أموالها، إما أن يكون كذب، أو مبالغة، أو سمع جزءاً من القصة ولم يسمع البقية، أو سمع من طرف واحد، وقد يكون الذي يتناقل صدق، وحق،
فكيف يتبين الإنسان؟ كيف يعرف؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [سورة الحجرات 12]. وقال عز وجل قبلها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [سورة الحجرات: 6].
التبين والتثبت إذاً، استقصاء الأمر، البحث عن أصل القصة، أين الشهود العدول؟ ما هي البينة؟ إن هنالك ضوابط شرعية في هذه القضية لا بد للمسلمين من معرفتها، وكم من دماء في التاريخ قد أريقت لأبرياء؟ وكم من أعراض قد انتهكت؟ وقد قال النبي ﷺ: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
ثم كيف نقبل الأخبار من مجاهيل، لا نعرف من الذي كتب في هذه الساحة، أو في غيرها، ومن الذي يروج هذه الإشاعة وغيرها.

عباد الله:
من الذي يروج هذه الإشاعة وغيرها، لا بد أن نتثبت، وأن نتبين، والتحقيق قليل، وطرف التنقيح في الغالب كليل، والوهم نسيب للأخبار وخليل، والتقليد عريق في الآدميين وسليل.
يا عبد الله: لن يغني عنك من الله شيئاً أن تقول: سمعت الناس يقولونه فقلته، وقد قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [سورة النــور 16].

وقد قال نبيك ﷺ: «كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع» (رواه مسلم). والكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، ولا يشترط فيه التعمد، ولذلك ينبغي الدقة والمراجعة للنفس.