السلام عليكم،
يسأل عن طريق إلى الجنة غير طريق البر بأمه !!
فتوى رقم : 147374
السؤال :
هل من وسيلة أخرى لدخول الجنة عن غير طريق أقدام الأمهات؟ لأنني لم أرى والدتي منذ سنتين، وهي لا تريد أن تراني أيضا. بل إنها قد تزوجت وتحولت للسكن في مكان أخر ولها حياتها الخاصة بعيدة عني. فما العمل؟.
الجواب
الحمد لله.
أولا :
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ ، أَنَّ جَاهِمَةَ رضي الله عنه جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ . فَقَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ: ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) رواه النسائي (3104) ، وحسنه الألباني .
وأما اللفظ المشهور في ذلك : ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل حكم بعض أهل العلم بأنه موضوع .
ينظر : إجابة السؤال رقم : (27173) .
تزوج أرملة فعارضه أهله
https://islamqa.info/ar/answers/27173
ثانيا :
من المهم أن تعلم أخي السائل أن بر الوالدين لا يسقط عنك بحال ، مهما كان أمرهما ، ومهما كان حالهما من الدين ، بل حتى ولو كانا مشركين بالله ؛ فالواجب عليك أن تبرهما ، كما قال الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت/8 .
ولمعرفة بعض حقوق أمك عليك ينظر جواب السؤال رقم (5053) .
حق أمي عليّ وحقي على أمي ومدى استقلاليتي
https://islamqa.info/ar/answers/5053
ولمعرفة عدم جواز طاعة الأم في معصية الله ، ووجوب برهما في غير ذلك : ينظر جواب السؤال رقم (72252) .
أسلم وأمه تريد منه الرجوع إلى النصرانية
https://islamqa.info/ar/answers/72252
ولمعرفة كيفية معاملة الأم الفاسقة ينظر جواب السؤال رقم (2621) .
كيفية معاملة الأم الفاسقة
https://islamqa.info/ar/answers/2621
ثالثا :
اعلم أن صلة الرحم ، ومن باب أولى بر الوالدين ، لا يعني أن من زارك تزوره أنت أيضا ، ومن وصلك تصله ، فإن هذا نوع من المكافأة الواجبة لكل أحد ، ولكن صلة الرحم الحقيقية : أن تصل من قطعك ، وأن تعطي من حرمك .
روى البخاري (5991) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ؛ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قَوْله : ( لَيْسَ الْوَاصِل بِالْمُكَافِئِ ) أَيْ الَّذِي يُعْطِي لِغَيْرِهِ نَظِير مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ الْغَيْر , وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ عُمَر مَوْقُوفًا " لَيْسَ الْوَصْل أَنْ تَصِل مَنْ وَصَلَك , ذَلِكَ الْقَصَاص , وَلَكِنَّ الْوَصْل أَنْ تَصِل مَنْ قَطَعَك " ....
قَالَ الطِّيبِيُّ : الْمَعْنَى لَيْسَتْ حَقِيقَة الْوَاصِل وَمَنْ يُعْتَدّ بِصِلَتِهِ مَنْ يُكَافِئ صَاحِبه بِمِثْلِ فِعْله , وَلَكِنَّهُ مَنْ يَتَفَضَّل عَلَى صَاحِبه " انتهى من "فتح الباري" .
فالواجب عليك أن تصل أمك ، ولو قطعتك ، وأن تبرها ، على قدر استطاعتك ، ولو جفتك هي وقطعتك ، وأن تعطيها ، ولو حرمتك ، والبر والصلة في كل موضع ، ومع كل أحد بحسبه ؛ فقد تكون في حاجة إلى مال فتعطيها ، وقد يكفيها منك الزيارة ، كلما أمكنك ، والسؤال عنها ، ولو بالهاتف إذا شق عليك الانتقال إلى بلدها بعض الوقت .
رابعا :
اعلم أن الجنة ليس لها باب واحد ، وهذا من فضل الله على عباده ، ورحمته بهم ، أن جعل لها ثمانية أبواب ؛ لكل صنف من أصناف العمل والطاعة باب يدخل منه أهله ، فمن كان ميسرا للصلاة ، دخل من باب الصلاة ، ومن كان ميسرا للجهاد دخل من باب الجهاد ، ومن كان ميسرا للصدقة دخل من باب الصدقة .
قال الله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر/73 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، هَذَا خَيْرٌ ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ) .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟
قَالَ : ( نَعَمْ ؛ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ) . رواه البخاري (1897) ومسلم (1027) .
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ ) . رواه البخاري (3257) ومسلم (1152) .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ ـ أَوْ : فَيُسْبِغُ ـ الْوَضُوءَ ، ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ؛ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) . رواه مسلم (234) .
وينظر : كتاب " الجنة والنار " لفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر ، حفظه الله (150-153) .
والله أعلم .
------------
المصدر :
موقع الإسلام سؤال وجواب