السلام عليكم

سِلسِلَةُ اقتراح للإصلاح

ظاهرةُ التَّعَالِي عن بعضِ المِهَن و الحِرَف.
هناك ظواهر غير حَسَنة منتشرة في المجتمع، منها : عُزُوفُ كثير مِن الناس- خاصة الشباب- عن مزاولة بَعضِ المِهن، بِدعوى أنَّها غير شريفة، مِثل: العمل في تنظيف الشوارع، و الأماكن العامّة، و الحِلاقة، والبِناء، و صناعة و إصلاح الأحذية، و إصلاح السيارات و نحو ذلك، و هذا المفهوم خطأ، لأن الإسلام لم يحتقرها،بَل إنَّ اللهَ تعالى، و رسولَهُ، صلى الله عليه وسلم، أَمَرَا الإنسانَ بالسعي في الأرض، للعمل، و رَغَّبَا في الكَسب بأنواع التصرفات المباحة، حِفظًا للنفس مِن الفَقر، و مِن ذُلِّ السُّؤال، و إعمارًا للأرض بما يَنفع الناس، فالإسلام دينُ النَّشاط والعمل، يَحُثُّ عليه، و يأمُرُ به، و يَجعلُهُ نوعا مِن السَّعي في سبيل الله، و قِسمًا مِنَ العِبادات، بالنِّيَةِ الصّالحة، و العَمَلِ الحلال.
كما ينهى الإسلام عن الكَسَل، و الخُمول، والبَطَالة، و عن الاِتَّكال على نفقات الوالدين، أو تبرعات المُحسنين.
قال الله تعالى ( هو الذي جَعَلَ لكم الأرض ذَلُولا فامشوا في مناكبها، و كُلُوا مِن رِزقِهِ، و إِلَيهِ النُّشُور )( المُلك.15). و قال تعالى ( فَإِذا قُضِيَتِ الصلاةُ فانتَشِرُوا في الأرض، و ابتَغُوا مِن فَضلِ اللهِ ، و اذكُرُوا اللهَ كثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحون ) ( الجُمُعة 10).
و قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"ما أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قطّ خيرًا مِن أن يأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، و إنَّ نَبِيَّ اللهِ داود، عليه السلام،كان يأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِه". رواه البخاري(2072).
و قال صلى الله عليه وسلم:"لَأَن يَحتَطِبَ أَحَدُكُم حُزمَةً على ظَهرِهِ، خَيرٌ مِن أن يَسأَلَ أَحَدًا، فَيُعطِيَهُ ، أَو يَمنَعَهُ". رواه البخاري(2074)، و مسلم(1042).
و قال عُمَر بن الخَطَّاب، رضي الله عنه: إنِّي أَرَى الرَّجُلَ فَيُعجِبُنِي، فَإِذا قيلَ لِي: لا مِهنةَ لَهُ، سَقَطَ مِن عَينِي !!
الاقتراح:
1- على المسؤولين، و الأئمة، والوالدين، و المُوَجِّهين، القيام بتربية الشباب على حُبِّ العَمل، و كَسب الحلال، و أن يَنهَوهُم عن التكبر و التعالي عن المِهَن، التي يَعتَبِرُها الغالطون، غير شريفة.

2- أن يُزاوِلوا ذلك و لو كانوا يَدرُسُون، بطريقة يُوَفِّقُونَ بها بين العِلم، و كَسب المال. أمّا تَركُ ذلك، فإنّهُ أَخرَجَ لَنا أجيالاً مُتَعَلِّمين، و لكن لا يَعرفون مِن الحِرَف شيئًا، فَيَبقَونَ عالةً على المُجتمَع، ينتظرون الوظائف بشهاداتهم العِلمية!!
3- أن يقتنعوا بالكفاية مِن الحلال الطَّيِّب، و لو كان قليلا، و يبتعدوا عن التطلُّع إلى الذين يَكسِبون الملايين باللهو، واللَّعِب، والخيانة، و الكَذِب، فإنه لا بَركةَ في أموالهم.
نسأل اللهَ تعالى، أن يُصلِحَ أحوال المسلمين، في كُلِّ الميادين .../... يتبع
كَتَبَهُ أبو سعيد بلعيد بن أحمد الجزائري.
في 27 جمادى الآخرة 1442هجرية / 09 فبراير 2021 ميلادية.

سلسلة اقتراح للإصلاح (تابع)
في انتظار مِهنة مُدير، أو وزير!!
تَكمِلة للمقالة السابقة( ظاهرة التعالي عن بَعض المِهَن)، إليكم هذه القصة: قال رَجُلٌ لجاره: يا فلان أَدرِكنِي و أولادي، فإِنَّنا على حافَّةِ الفقر، لأنَّني لم أَجِد عَمَلاً أَكسِبُ منه القوت إلى الآن !! فقال له جارُهُ: أَبشِر بالخير. وَ بَعدَ يومين أو ثلاثة، قال له: قَد وَجدتُ لك عملا، و الحمد لله، فاذهب إلى رئيس البلدية ، و فَرِحَ الجارُ بإنقاذ جاره مِن الفقر.
وِ بَعد أسبوع، التقى الجارُ بِجَارِهِ المُحتاج ، فقال له: سامحك الله يا جاري العزيز، أَلَم تَجِد لي عَمَلاً في البلدية، إلا مُنَظِّفاً للشوارع؟ فقال له: أَلَم تَقُل لي: إنَّك و أولادك على حافَّة الفقر؟ فأَجابَهُ : صحيح، لكن كيف بِسُمعَتي، و سُمعة أولادي؟
فقال لهُ جارُهُ: إِذَن، اِبقَ على حالتك، حتى تَجِدَ مهنة مُدير، أو وزير !!
كَتَبَهُ أبوسعيد بلعيد بن أحمد الجزائري.
في 02 رَجَب 1442هجرية / 14 فبراير 2021 ميلادية.