تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    الفِرقَةِ النَّاجِيَةِ
    المَنْصُورَةِ
    إِلى قِيَامِ السَّاعَةِ
    أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ
    الشرح
    قولُه: ( الفرقةِ ): أي الطّائفةِ والجماعةِ، وأمَّا الفُرقةُ بالضّمِّ فمعناه الافتراقُ.
    قولُه: ( النَّاجيةَِ ): أي الَّتي سَلِمَتْ من الهلاكِ والشّرورِ في الدّنيا والآخرةِ.
    وحصلتْ على السّعادةِ بِسببِ استقامتِها على الحقِّ، وتمسُّكِها بما كان عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وأصحابُه، كما في حديثِ أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((افْتَرَقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثنتين وسبعينَ فِرْقَةً وَتَفَرَّقَتِ النَّصارى عَلَى إِحْدَى أَو ثنتين وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً )) رواهُ أبو داودَ، والتّرمذيُّ، وابنُ ماجه، وحديثُ ابنِ ماجه مختصرٌ، وقالَ التّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وعن معاويةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّه قال: ألا إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قامَ فينا فقالَ: (( إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى اثنتين وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ الأُمَّةَ ستفترِقُ عَلَى ثَلاثٍٍ وَسَبْعِينَ: اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الجَنَّةِ وهي الجَمَاعَةُ )) رواهُ أبو داودَ، وفي روايةِ التّرمذيِّ (( كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً )) قَالُوا: مَنْ هي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: (( مَنْ كانَ عَلَى مِثْلِ ما أنا علَيه اليومَ وَأَصْحَابِي )) وقالَ: هذا حديثٌ غريبٌ مُفَِّسرٌ لا نعرفهُ إلا مِنْ هذا الوجهِ.
    وقد أخطأ بعضُهم في تعريفِ الفرقةِ الناجيةِ أنَّها: أهلُ الحديثِ، والأَشْعَرِيَّة ِ، والمَاتُرِيدِيّ َةِ، فإنَّ لفظَ الحديثِ يَرُدُّ ذلك، فإنَّ قولَهُ: ( وَاحِدَةً ) يُنافي التّعدُّدَ، فتعيَّنَ أنْ تكونَ الفرقةُ النّاجيةُ هم أهلَ الحديثِ فقط، وهم أهلُ السّنَّةِ والجماعةِ.
    قولُه: ( المنصورةِ ): أي الـَّتي أعانها سبحانـَه وأيَّدها وقَوَّاها على مَنْ خَالَفَها وعَاداها، وجعلَ العاقبةَ لها لِتَمَسُّكِها بما كانَ عليه الرَّسولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابُه، كما في الصَّحيحِ مِن حديثِ المغيرةِ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ )) وفي حديثِ جابرِ بنِ سَمُرَةَ وجابرِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلاَ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ )) رواه مسلمٌ وغيرُهُ.
    قالَ البخاريُّ وغيرُه: هذه الطَّائفةُ هم أهلُ العلمِ. وقال أحمدُ: إنْ لم يكونوا أهلَ الحديثِ فلا أدري من هم، وكذا قالَ يزيدُ بنُ هارونَ قالَ: قال القاضي عِيَاضٌ: إنَّما أرادَ أحمدُ أهلَ السّنّةِ والجماعةِ ومَنْ يَعْتقدُ مذهبَ أهلِ الحديث.
    ففيهِ أعظمُ بِشارةٍ أَنَّ الحقَّ لا يزولُ بِالكُلِّيَّةِ, وفيه معجزةٌ ظاهرةٌ للنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنَّه لم يَزَلْ وللهِ الحمدُ هذا الوصفُ باقياً ولا يزالُ، وهذه سنّةُ اللهِ في خلقهِ أَنَّه ينصرُ عبادَه المؤمنين، كما قالَ سبحانَه: ( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وفي صحيحٍ البخاريِّ من حديثِ أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ عَادَى لِي وليّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالحَرْبِ )) ولهذا أهلَكَ اللهُ قومَ نوحٍ، وعاداً، وثمودَ، وأشباهَهم ممن كذَّبَ الرّسلَ، وأنْجى عبادَهُ المؤمنين، وهكذا نصرَ اللهُ نبيَّه محمّداً وأصحابَه على من خالفَهُ وناوَأَهُ وعاداه، فجعل كلمتَهُ العليا، ودينَهُ الظاهرَ على سائرِ الأديانِ، وفتحَ اللهُ عليه مكَّةَ واليمنَ، ودانتْ له جزيرةُ العربِ بِكمالِها وأقامَ اللهُ أصحابَه وخلفاءَه من بعدِه فَبَلَّغُوا عنه دينَ اللهِ، ودَعوْا إلى اللهِ، وفتَحوا البلادَ والأقاليمَ حتَّى انتشرتِ الدَّعوةُ المحمّديّةُ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِهَا، ثمَّ لا يزالُ هذا الدِّينُ قائماً منصوراً إلى قيامِ السّاعةِ، كما قالَ اللهُ سبحانه: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) أي يومَ القيامةِ تكونُ النُّصرةُ أعظمَ وأجلَّ.
    وعن أبي عُتبةَ الخولانِيِّ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (( لاَ يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْساً يَسْتَعْمِلُهُم ْ فِي طَاعَتِهِ )) رواه ابنُ ماجةَ.
    نقلَ نعيمُ بنُ طريفٍ رحمَهُ اللهُ عن أحمدَ أنَّه قالَ: هم أصحابُ الحديثِ، وفي السُنَنِ (( إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ فِي رَأْسِ كُلِّ مائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )) وقال عَليٌّ رَضِي اللهُ عَنْهُ: لن تخلوَ الأرضُ من قائمٍ للهِ بحجَّتِه.
    قولـُه: ( إلى قيامِ السـَّاعةِ ): أي ساعةِ موتِهم بمجيءِ الرِّيحِ الَّتي تَقْبِضُ رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وهي السَّاعةُ في حقِّ المؤمنين وإلا فالسَّاعةُ لا تقومُ إلا على شِرارِ الخلقِ كما في صحيحٍ مسلمٍ: (( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لاَ يُقَالَ فِي الأَرْضِ اللهَ اللهَ)) والمُرادُ بالرِّيحِ ما روَى الحاكمُ أَنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمروٍ قال: (( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الخَلْقِ، هُمْ شَرُّ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ )) وقال عقبةُ لعبدِ اللهِ: اعلمْ ما تقولُ، وأَمَّا أَنَا فسمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيه وَسَلَّمَ يقولُ: (( لاَ تَزَالُ عِصابةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ))، قال عبدُ اللهِ: ويبعثُ اللهُ ريحاً ريحُها ريحُ المسكِ ومَسُّها مَسُّ الحريرِ فلا تتركُ أحداً في قلبِهِ مثقالُ ذرّةٍ من إيمانٍ إلا قبضتهُ ثمَّ يبقى شِرارُ النَّاسِ فعليهم تقومُ السَّاعةُ.
    وقولُه: ( أهلُ السـّنـّةِ ): أي المُخْتَصُّون والمُتَمسِّكون بها والمُعْتنون بدراستِها وفَهْمِها، الُمحَكِّمُون لها في القليلِ والكثيرِ، والسّنّةُ لغةً: الطّريقةُ، وشرعاً: هي أقوالُ النَّبيِّ وأفعالهُ وتَقْرِيرَاتُه، وسُمّوا أهلَ السّنّةِ لانْتِسَاِبِهم لسنَّتِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دونَ المقالاتِ كلِّها والمذاهبِ، وقد سُئِل بعضُهُم عن أهلِ السّنّةِ فقال ما لا اسمَ له سوى السّنّةِ، يعني أَنَّ أهلَ السُّنةِ ليس لهم اسمٌ ينتسبون إليه سِواهَا خلافاً لأهلِ البدعِ، فإنَّهم تارةً ينتسبون إلى المَقَالَةِ كالْقَدَرِيَّةِ والمُرْجِئَةِ، وتارةً إلى القَائِل كَالْجَهْمِيَّة ِ والنَّجَّاريَّة ِ، وتارةً إلى الفعلِ كالرَّوَافِضِ والْخَوارِجِ، وأهلُ السّنّةِ بريئون من هذه النِّسَبِ كلِّها، وإنَّما نسبتُهُم إلى الحديثِ والسّنّةِ.
    قوله: ( والجماعةُ ): لغةً: الفِرقةُ من النّاسِ، والمرادُ بهم هنا أصحابُ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ القيامةِ، وقد تكاثرتِ الأدلَّةُ في الحثِّ على لزومِ الجماعةِ فروَى التِّرْمِذِيُّ عن ابنِ عبَّاسٍ مرفوعاً: (( إِنَّ يَدَ اللهِ عَلىَ الْجَمَاعَةِ))، وعن أبي ذَرٍّ مرفوعاً: (( عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْمَعْ أُمَّتِي إِلاَّ عَلَى هُدًى )) رواه أحمدُ. وعن أبي ذَرٍّ مرفوعاً: (( مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْراً فَقَدْ خَلَعَ ربقةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عنقِهِ )) رواه أحمدُ وأبو داودَ.
    قال أبو محمّدٍ عبدُ الرَّحمنِ بنُ إسماعيلَ المعروفُ بأبي شَامَةَ في كتابِ (( البَاعِثُ عَلى إِنْكَارِ الْبِدَعِ وَالحَوَادِثِ )) حيث جاء الأمرُ بلزومِ الجماعةِ، فإنّ المرادَ بها لزومُ الحقِّ، وإنْ كانَ المُتَمَسِّكُ به قليلاً والمُخَالِفُ له كثيراً؛ لأنَّ الحقَّ هو الذي كانَتْ عليه الجماعةُ الأولى من عهدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نظرَ إلى كثرةِ أهلِ الباطل بعدَهم، وقال مَيْمُونُ بنُ مِهْرَانَ: قال ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ: الجَمَاعَةُ ما وَافَقَ الحَقَّ وإن كنتَ وَحْدَكَ. وقال نعيمُ بنُ حَمَّادٍ: إذا فَسَدَتِ الجماعة فعليكَ بما كانَتْ عليه الجماعةُ قبلَ أن تفسدَ وإن كنتَ وحدك، فإنَّكَ أنتَ الجماعةُ حينئذٍ، ذكره البَيْهَقِيُّ وغيرُهُ.
    قال ابنُ القيّمِ في كتابِه (( أَعْلاَمُ المُوَقِّعِينَ )): واعلمْ أَنَّ الإجماعَ والحُجَّةَ والسَّوَادَ الأعظمَ هو العَالِمُ صاحبُ الحقِّ وإنْ كانَ وحدَه، وإنْ خالفَه أهلُ الأرضِ، وقد شَذَّ النَّاسُ كلُّهم زمنَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ إلا نفراً يسيراً فكانوا همُ الجماعةَ، وكانَ الفقهاءُ والمفتونُ والخليفةُ وأتباعهُ هم الشَّاذّين، وكانَ الإمامُ أحمدُ وحدَه هو الجماعةَ، ولمَّا لم يَتَحَمَّلْ هذا عقولُ النّاسِ قالوا للخليفةِ: يا أميرَ المؤمنين تكونُ أنتَ وقُضَاتُكَ وَوُلاتُكَ والفقهاءُ والمفتون كلُّهم على الباطلِ، وأحمدُ وحدَه على الحقِّ، فلم يَتَّسِعْ علمُه لذلك، فَأَخَذَهُ بالسِّياطِ والعُقوبةِ بعد الحبسِ الطَّويلِ، فلا إلهَ إلا اللهُ ما أشبهَ الليلةَ بالبارحةِ، وهي السبيلُ المُهيعُ لأهلِ السُّنةِ والجماعةِ حتَّى يَلْقَوْا ربَّهُم، مضَى عليها سَلَفُهم وينتظرُها خَلَفُهُم (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ) ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ. انتهى بِتَصَرُّفٍ.
    ذكرَ المصنِّفُ رحمهُ اللهُ أَنَّ الاعتقادَ النَّافعَ المنجِّيَ من الشّرورِ الَّذي هو سببُ العزّةِ والنَّصرِ والتَّأييدِ والرِّفْعةِ والشّرفِ هو الاعتقادُ المأخوذُ من الكتابِ والسّنّةِ، وهو الَّذي عليه الصَّحابةُ وتابعوهم بإحسانٍ، وأصلُه الَّذي يُبْنىَ عليه هو هذه الأصولُ السّتّةُ المذكورةُ في حديثِ جبريلَ، في هذه الرّسالةِ من أوَّلِها إلى آخرِهَا، تفصيلٌ لهذه الأصولِ السّتّةِ المذكورةِ في هذا الحديثِ وغيرِهِ من الآياتِ، قال تعالى: (آمَن الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ ) الآية، وقال: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) الآية، وهذه الأصولُ السّتّةُ اتَّفقَتْ عليها الأنبياءُ والمرسلون عليهمُ الصّلاةُ والسّلامُ، ولم يؤمنْ بها حقيقةَ الإيمانِ إلا أتباعُ الرّسلِ، وأمَّا أعداؤهم ومن سلكَ سبيلَهُم من الفلاسفةِ وأهلِ البدعِ فهم مُتَفَاوِتُون في جَحْدِها وإنكارِها.
    التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    (الفرقة الناجية): سميت فرقة لأجل أنها طائفة؛ لأنها مقابلة بالفرق الأخرى ولم يرد فيما أعلم هذا النص (الفرقة الناجية) في الحديث لكنّ العلماء أخذوه مما جاء في حديث معاوية وغيره بحديث الافتراق المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن النصارى افترقت على ثنتين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة)) هذا لفظ أبي داود في سننه, فيُفهم من هذا الحديث أن هذه الفرقة التي هي الجماعة -هي الفرقة الناجية وغيرها من الفرق فرق هالكة؛ ولهذا قال أهل العلم في وصف من اعتقد الاعتقاد الحق وكان مع الجماعة أنه من الفرقة الناجية.
    ووصفُها بأنها (ناجية), يعني: ناجية من النار, وهي ناجية في الدنيا من عقاب الله جلّ وعلا ومن أنواع عقوباته وسخطه, وناجية في الآخرة من النار لقوله عليه الصلاة والسلام: ((كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة))، فكل الفرق مُتوعدة بالهلاك وأما هذه الفرقة فهي الناجية, فإذن الناجية الأكثر أنه من صفات الآخرة, يعني: ناجية في الآخرة, وأما صفتها في الدنيا فهي أنها منصورة كما قال شيخ الإسلام هاهنا ناعتاً هذه الفرقة بنعتين أنها: ناجية ومنصورة.

    قال: (أما بعد.., فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة) فأهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية وهم الطائفة المنصورة, والفرقة الناجية والطائفة المنصورة بمعنى واحد ولكن وصفها بأنها ناجية باعتبار الآخرة وفي ذلك أيضا نجاة في الدنيا ووصفها بأنها منصورة باعتبار الدنيا وهذا لأجل ما جاء في الأحاديث الكثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم, قال: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)) فهي طائفة منصورة هم ظاهرون ومنصورون, ينصرهم الله جل وعلا على من عاداهم إما بالحجة وإما بالسنان,
    إما باللسان: نصر بيان ولسان,
    وإما نصر سنان إذا كان ثم جهاد قائم,
    وإما نصر حجة وبيان وهذا لا يخلو منه أهل السنة والجماعة, وقد قال الإمام أحمد وغيره في تحديد من هي الفرقة الناجية المنصورة قال الإمام أحمد: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم"، وذلك لأن أهل الحديث في زمن الإمام أحمد كانوا هم القائمين بنصرة الدين والمنافحة عن الاعتقاد الصحيح والرد على المخالفين من أهل البدع الذين أدخلوا في الإسلام ما ليس منه الذين راموا تحريف الكلم عن مواضعه. وقال البخاري رحمه الله: "هم أهل العلم", وإليه مال الترمذي في جامعه وغيره, فالفرقة الناجية المنصورة هم أهل الحديث كما عليه أقوال أكثر أهل العلم, وهم أهل العلم, وهم الذين اعتقدوا الاعتقاد الحق, فمن اعتقد الاعتقاد الحق فهو ناج بوعد الله جل وعلا له ووعد الرسول صلى الله عليه وسلم له في الآخرة وهو منصور في الدنيا ومنصور في الآخرة كما قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } فهم منصورون في الدنيا ومنصورون في الآخرة.
    إذن فنعت -هذا النعت الذي عبر به شيخ الإسلام رحمه الله ينبئ عما كان كالإجماع عند أهل السنة والجماعة وعند أهل الحديث وعند أئمة الإسلام أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة كلها تدل على طائفة واحدة وعلى فرقة واحدة وهم الذين اعتقدوا الاعتقاد الحق وساروا على نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم.
    وقد عقد لشيخ الإسلام مجلس محاكمة على هذه العقيدة لمَّا ألَّفها وقيل له: إنك تقول في هذا الاعتقاد (فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة)، فهل معنى ذلك أنك تقول إن من لم يعتقد هذا الاعتقاد فليس بناج من النار ؟

    فقال رحمه الله مجيباً في المجلس الذي حوكم فيه من قبل القضاة ومشايخ زمنه وولاة الأمر في زمنه, قال: لم أقل هذا ولم يقتضه كلامي، أو قال: لا يقتضيه كلامي، فإنما قلت فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة فمَن اعتقد هذا الاعتقاد كان موعوداً بالنجاة، ومن لم يعتقد هذا الاعتقاد لم يكن موعوداً بالنجاة وكان متوعداً بالعذاب، وقد ينجو بأسباب؛ منها: صدق المقام في الإسلام, وكثرة الحسنات الماحية في الجهاد لنصرة الإسلام.
    وذلك عند من عنده نوع مخالفة لهذا الاعتقاد كما هو عند طائفة من أهل العلم، فإنهم قد يكون عندهم -كما قال شيخ الإسلام- من الحسنات الماحية ومن صدق المقام في نصرة الإسلام ما يكفر الله جل وعلا به عنهم المعصية والكبيرة التي عملوها وهي بسوء الاعتقاد الذي اعتقدوه ولم يعتقدوا ما كان عليه أهل السنة والجماعة.
    قال هنا: (المنصورة إلى قيام الساعة) والمراد بها قيام ساعتهم يعني ساعة المؤمنين ساعة الطائفة المنصورة, وقيام ساعة المؤمنين وساعة الطائفة المنصورة يكون قبل طلوع الشمس من مغربها بزمن قليل عند كثير من أهل العلم، وذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه في الحديث: ((إنه يبعث الله جل وعلا قبل قيام الساعة ريحاً تقبض أرواح المؤمنين فلا يبقى مؤمن إلا قبضت روحه)) ونكتفي بهذا القدر من الشرح.
    أسأل الله جل وعلا أن ينفعني وإياكم بما سمعنا وأن يبصرنا بما يجب وما ينبغي وأن يلزمنا الهدى والتقى والعفاف؛ إنه ولي ذلك وأكرم مسئول.
    وفي هذا الشرح سوف تأتي إن شاء الله تعالى تفصيلات وتدقيقات في الصفات وفي مسائل الاعتقاد بما يكون –إن شاء الله تعالى- جامعا للشروح لهذه العقيدة وشافياً في بيان معتقد أهل السنة والجماعة والرد على المخالفين فيما خالفوا فيه أهل السنة والجماعة.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


    مجلس آخر
    قال الشيخ: (بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له, الملك الحق المبين, وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وصفوته من بريته, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا إلى يوم الدين, أما بعد..,)
    فقد مرت معنا مقدمة هذه الرسالة الوجيزة في ألفاظها الكبيرة في معانيها, وقد ذكر رحمه الله تعالى أن هذا الاعتقاد الذي في هذه الرسالة هو اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة: (أهل السنة والجماعة), فهذا الاعتقاد كما ذكر هو اعتقاد الفرقة الناجية، يعني التي ستنجو من النار بوعد الله جل وعلا لها بذلك يوم القيامة, وهي ناجية في الدنيا من الانحراف ومن الفرقة والاختلاف, وهم الطائفة المنصورة التي نصرها الله جل وعلا في الدنيا باللسان أو بالسنان أو بهما معاً, وهي الطائفة المنصورة يوم القيامة على جميع المخالفين لها كما قال سبحانه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }, وبين أن هؤلاء هم أهل السنة والجماعة كما قال: (فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة)، فإذن هذا الاعتقاد الذي سيأتي في هذه الرسالة مفصلاً، هو اعتقاد الفرقة الناجية وهو اعتقاد الطائفة المنصورة.
    وقد مر بك معنى كونها فرقة ناجية ومعنى كونها طائفة منصورة.
    أما هذا اللفظ وهذا الوصف الثالث الذي تميز به هؤلاء وهو أنهم (أهل السنة والجماعة)، ومعنى أهل السنة والجماعة أنهم أصحاب السنة الذين لزموها في اعتقادهم ولزموها في أقوالهم وأعمالهم, يعني في الجملة, وتركوا غير ما دلت عليه السنة، والسنة هي الطريقة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المنتخبون الخيرة ومن سار على نهجهم، والسنة عند أهل الأصول: هي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف, فهذا يطلق عليه السنة, والمراد هنا ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من الأقوال والأعمال والتقريرات فهذا يُنسب إليه بهذا الاعتبار أهل السنة فيقال: هم أهل السنة يعني هم أهل اتباع أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأهل اتباع أفعاله عليه الصلاة والسلام وأهل اتباع تقريراته.
    و(أهل السنة): هذا اللفظ يطلق باعتبارين:
    فتارةً يطلق ويراد به من خالف الرافضة وفرق الرافضة, من خالف الشيعة والرافضة وما تفرع من ذلك, هذا إطلاق فيدخل في هذا الإطلاق يدخل فيه أهل الأثر, أهل الحديث ويدخل فيه الأشاعرة ويدخل فيه الماتُريدية ويدخل فيه كل من خالف الرافضة, فيدخل في أهل السنة الذين عندهم نوع احتجاج بالحديث؛ فيخرج الرافضة والشيعة والخوارج والمعتزلة ونحو ذلك, هذا باعتبار المقابلة, باعتبار مقابلة هذا اللفظ بأهل التشيع, فيقال: السنة والشيعة, وأهل السنة وأهل التشيع، فيدخل في هذا اللفظ أهل السنة من وصفت لك.
    ثم يطلق باعتبار آخر: وهو أنهم كما ذكرت لك في التعريف الأول: أنهم أهل اتباع النبي عليه الصلاة والسلام في الأقوال والأفعال والتقريرات, الذين لا يقدمون شيئاً من العقول على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، سواء في الأخبار أو في الأحكام أو في السلوك والأخلاق وهذا هو الذي يُعنى به هذه الطائفة وهم طائفة أهل الأثر، طائفة أهل السنة والجماعة, طائفة أهل الحديث الذين تميزوا بهذا الاعتقاد الذين هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة, فتلخص إذن أن هذا اللفظ وهو أهل السنة دون لفظ الجماعة، دون أن تعطف الجماعة عليها يطلق بأحد هذين الاعتبارين: قد يطلق ويراد به ما عدا الرافضة، وقد يطلق -وهو الأصل- ويراد به من لازم السنة على ما وصفت لك.
    وأما قوله: (والجماعة) فإن هذا اللفظ استعمله طائفة من أئمة السنة المتقدمين من طبقة مشايخ أحمد وطبقة الإمام أحمد ومن بعدهم, وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل لفظ الجماعة فمنها: أنه ذكر أن الفرقة الناجية، في حديث الافتراق المشهور؛ حيث قال بعدما ساق الافتراق قال: ((كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)), وفي لفظ آخر قال: ((كلها في النار إلا واحدة)), قالوا: من هي يا رسول الله قال: ((من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي))، وفي رواية أخرى زاد لفظ ((اليوم)) بقوله: ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) فهذا اللفظ, لفظ الجماعة, قد جاء الحث بالتمسك به بالتمسك بالجماعة ولزوم الجماعة في أحاديث كثيرة, والآيات التي فيها النهي عن التفرق فيها الأمر بلزوم الجماعة بالمفهوم, وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الجماعة رحمة والفُرقة عذاب)) والنصوص في ذكر الجماعة كثيرة وفي الحث عليها والحض على لزومها والتحذير من مخالفة الجماعة, وقد اختلف أهل العلم من المتقدمين، اختلفوا في معنى الجماعة وفي تفسير الجماعة؛
    ففسرها طائفة بأن الجماعة هي السواد الأعظم, وهذا التفسير منقول عن ابن مسعود الهذلي الصحابي المعروف رضي الله عنه وعن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنهما، ساق ذلك عنهما جمع منهم اللالكائي في كتابه (شرح اعتقاد أصول أهل السنة والجماعة)، قال: "إن الجماعة هي السواد الأعظم" وقد جاء في بعض الأحاديث -وفي إسنادها من لا يحتج به- أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بالسواد الأعظم)) فأخذوا أن الجماعة هي السواد الأعظم، ويعنون بالسواد الأعظم: السواد الأعظم في وقتهما، وذلك أنه في وقت ابن مسعود في أواخره بدأ ظهور الذين يقومون على عثمان من الخوارج ومن شابههم, وحثوا على لزوم السواد الأعظم وهو سواد عامة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وفسر طائفة الجماعة وهذا هو التفسير الثاني, بأن الجماعة هم جماعة أهل العلم والسنة والأثر والحديث سواء كانوا من أهل الحديث تعلماً وتعليماً أو كانوا من أهل الفقه تعلما أوتعليما أو كانوا من أهل اللغة تعلما وتعليما، فأهل الجماعة هم أهل العلم والفقه والحديث والأثر، هؤلاء هم الجماعة، هذا القول هو مجموع أقوال عدد من الأئمة حيث قالوا: إن الجماعة وإن الفرقة الناجية هم أهل الحديث كما ذكر ذلك الإمام أحمد بقوله: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم". وذكر ذلك أيضا عبد الله بن المبارك ويزيد بن هارون وجماعة من أهل العلم, وقال آخرون: "هم أهل العلم" كما ذكره البخاري.
    محصل هذا, هذا القول أن الجماعة هم أهل العلم وأهل الحديث وأهل الأثر، ساق تلك الأقوال الخطيب البغدادي في كتابه ( شرف أصحاب الحديث ) بأسانيدها إلى من قالها, وهذا هو الذي اشتهر عند العلماء بل عُد إجماعا أن المعني بالجماعة وبالفرقة الناجية أنهم هم أهل الحديث والأثر يعني: في زمن الإمام أحمد وما قاربه؛ لأنهم هم الذين نفوا عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهم الذين نصروا السنة ونصروا العقيدة الحقة وبينوها وردوا على من خالفها وأعلوا عليه النكير من كل جهة.
    القول الثالث: أن الجماعة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا القول منسوب إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز الأموي رضي الله عنه ورحمه رحمة واسعة, وهذا القول دليله واضح وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في بعض ألفاظ حديث الافتراق: ((هي الجماعة)). وقال في ألفاظ أُخر: ((ما وافق ما كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)), ومعنى ذلك أن الجماعة هي الصحابة.
    القول الرابع: وهو قول نذكره لكنه لا دليل عليه أن الجماعة هم أمة الإسلام بعامة لكن هذا باطل؛ لأن هذا يناقض حديث الافتراق, فإن حديث الافتراق يبين أن أمة الإسلام يعني أمة الإجابة -تفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، وعدُّ الجماعة هي أمة الإسلام يناقض هذا الحديث مناقضة واضحة صريحة.
    القول الأخير: أن الجماعة يراد بها عصبة المؤمنين الذين يجتمعون على الإمام الحق فيدينون له بالسمع والطاعة ويعقدون له البيعة الشرعية. واختار هذا القول ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- وجماعة كثيرون من أهل العلم قالوا: لأنه بهذا يحصل الاجتماع والائتلاف إذا كان على إمام حق.
    إذا كان كذلك فهذه الأقوال كما ترى متباينة ولكن في هذا القول وهو تحديد من هم أهل السنة والجماعة -نحتاج إلى أن نعلم هذه الأوصاف التي ذكرت في هذه الأقوال,

    وتحقيق المقام:أن الأقوال الثلاثة الأول، وهي: القول بأن الجماعة هم السواد الأعظم, أو وأن الجماعة هم أهل العلم والحديث والأثر، أو أن الجماعة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الأقوال متقاربة وهي من اختلاف التنوع؛ لأن الجماعة الذين هم السواد الأعظم كما فسرها ابن مسعود وأبو مسعود البدري رضي الله عنهما هذا يعنون به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن فسرها وهم أكثر أهل العلم بأن الجماعة هم أهل العلم والأثر والحديث هؤلاء لأنهم تمسكوا بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد, والجماعة المراد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحصّل إذن أن هذه الأقوال الثلاثة ترجع إلى معنى واحد وأن أهل السنة والجماعة هم الذين تابعوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوا أهل العلم والحديث والأثر في أمورهم.
    أما قول ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى فهذا صحيح وهو أن الجماعة هم عصبة المؤمنين الذين اجتمعوا على الإمام الحق وتبيان ذلك مما يبين حصيلة هذا الكلام ويقرره أتم تقرير وأوضح تقرير- أن الجماعة مقابلة للفُرقة والافتراق يقابله الاجتماع.
    وقد ذكر الخطابي رحمه الله تعالى في كتابه (العزلة) كلمة فائقة فيها تحرير هذا المقام قال: إن الافتراق ينقسم إلى افتراق في الآراء والأديان, وافتراق في الاجتماع والأبدان أو في الأشخاص والأبدان، الافتراق تارة يكون في الآراء والأديان وتارة يكون في الأشخاص والأبدان، هكذا قال، وهذا كلام دقيق متين قال: والاجتماع يكون اجتماعاً بمقابل ذلك في الآراء والأديان ويكون اجتماعا في الأشخاص والأبدان. والاجتماع في الأشخاص والأبدان هذا ينقسم إلى آخر ما يحصله كلامه رحمه الله تعالى.
    نأخذ من هذا أنه لفهم معنى الجماعة فهما دقيقاً لأنه ينبني على هذا الفهم معنى أهل السنة والجماعة حتى لا يُدخل فيهم من ليس منهم، تحريره أن الجماعة تطلق باعتبارين: جماعة باعتبار العقائد والأديان باعتبار الآراء والأديان فإذا نظرت إلى هذا المعنى في الاجتماع فإنه مأمور به والاجتماع على الآراء والأديان، الأقوال في الدين وعلى الأحكام وعلى العقائد وعلى المنهج ونحو ذلك فهذا لا بد أن يكون له مرجع, ومرجعه في فهم نصوص الكتاب والسنة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يلتقي هذا الفهم مع أقوال أهل العلم الذين قالوا: إن الجماعة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى هذا فالذين أخذوا بما قالته الصحابة وما بينته الصحابة من أحكام الشرع من الأحكام الخبرية يعني من العقائد فإنه على الحق وهو الذي لم يكن مع الفرق التي فارقت الجماعة وهؤلاء الذين هم مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم مع السواد الأعظم قبل أن يفسد السواد الأعظم ومعلوم أنه لا يحتج بالسواد الأعظم في كل حال, وإنما السواد الأعظم الذي يحتج به هو السواد الأعظم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه مسألة في غاية الأهمية إذ الاحتجاج بالسواد الأعظم إنما يراد به السواد الأعظم للمهتدين وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تابعهم في أمور الدين فصار, إذن ههنا قولان رجعا إلى هذا المعنى. كذلك من قال: إن الجماعة هم أهل العلم والحديث والأثر ومن سار على نهجهم من الفقهاء وأهل اللغة ونحو ذلك فهؤلاء إنما أخذوا بأقوال الصحابة رضوان الله عليهم وساروا على ما قرروه فإذن هم مع الجماعة قبل أن تفسد الجماعة ومع السواد الأعظم قبل أن يتفرق الناس عنهم.
    لهذا جاء ما جاء في أن الجماعة ما كان على الحق وإن كنت وحدك، الجماعة ما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد الجماعة كما قاله طائفة من علماء السلف, وهذا يريدون به ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يفسد الناس؛ لأنه حصلت فتن وحصلت في الناس أمور منكرة وافتراق في الدين فكيف تضبط هذه المسألة وهي أعظم المسائل التي هي مسألة الاعتقاد وما يجب اعتقاده وما ينهج في الحياة ؟ قال أهل العلم: إن الجماعة يعني التي من تمسك بها فهو على الجماعة ومن حاد عنها فهو من أهل الفرقة، قالوا هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ظاهر كما ترى.
    المعنى الثاني للاجتماع، اجتماع في الأشخاص والأبدان كما عُبر عنه وهذا هو الذي فهمه ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى ولا شك أن هذا مأمور به في نصوص كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالجماعة بهذا المعنى, الاجتماع على الإمام وعدم التفرق عليه وترك الخروج عليه والبعد عن الفتن التي تفرق المؤمنين وهذا مما تميز به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتميز به أهل السنة في كل عصر، فنظر نظر ابن جرير- رحمه الله تعالى- في هذا المعنى إلى ما فعله الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- مع ما حصل من المأمون والمتوكل والواثق فإنه لم ينـزع يداً من طاعة؛ لأنه رأى أن الاجتماع إنما يحصل بذلك فأخذ بما جاء في النصوص بهذا المعنى وهكذا أهل السنة والجماعة هم على هذين الأمرين، فإذن أهل السنة والجماعة تحصل على أن معنى الجماعة وإن تعددت الأقوال فيه فإن هذه الأقوال كاختلاف التنوع؛ لأن جميعها صحيح دلت عليه نصوص الشرع فباجتماع هذه الأقوال يحصل لنا المعنى الصحيح لأهل السنة والجماعة، فغلِط من غلط في معنى [أهل السنة والجماعة فأدخل في أهل السنة والجماعة الفرق بعض الفرق الضالة،كالأشاعر ة والماتردية ومن أمثال من غلط من المتقدمين السفاريني في شرحه (لوامع الأنوار البهية) فقال:أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:الأولى الأثرية اتباع الأثر] والثانية الأشعرية اتباع أبي الحسن الأشعري والثالثة الماتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي, وإذا كان كذلك فإنه على هذا الكلام إن الأشعرية والماتريدية وأهل الأثر هم جميعاً من الجماعة وهذا باطل لأن أهل الأثر هم الذين تمسكوا بما كانت عليه الجماعة, وأما الأشاعرة والماتريدية فهم يقولون قولتهم المشهورة يقولون: كلام السلف أسلم ولكن كلام الخلف أعلم وأحكم.
    وهذا لا شك أنه فيه افتراق وفرقة وخلاف واختلاف عما كانت عليه الجماعة قبل أن يذر نجم الابتداع في هذه الأمة، فإذن هذا الكلام من الكلام الذي هو غلط على أهل السنة والجماعة ولم يقل به أحد من أئمة أهل السنة الذين يفهمون كلام أهل السنة وكلام المخالفين، فإذن أهل السنة والجماعة فرقة واحدة, طائفة واحدة لا غير وهم الذين يعتقدون هذا الاعتقاد الذي سيبينه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في هذه الرسالة وإذا تبين لك أن من لم يكن على هذه الجماعة فإنه على الفُرقة والضلال والاختلاف فهذا يعطيك أهمية العناية بهذه الرسالة التي تشرح لك اعتقاد أهل السنة والجماعة قبل أن يخالفها المخالفون وقبل أن يكثر الفساد والاختلاف في هذه الأبواب، وأن تلتزم بطريقتهم ونهجهم في هذه الأمور التي سيبينها شيخ الإسلام في هذه الرسالة العظيمة، كل ما سيأتي في هذه الرسالة هو تفصيل لاعتقاد أهل السنة والجماعة مع شيء من الاقتضاب يناسب هذه الرسالة.
    شرح العقيدة الوسطية للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    و((الفِرْقَةُ)) بكَسْرِ الفَاءِ، بمعنى الطَّائفةِ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ) [التوبةُ: 122]، وأمَّا الفُرقةُ بالضَّمِّ، فهِيَ مأخوذةٌ مِن الافتراقِ.
    و((النَّاجِيةُ)): اسمُ فاعلٍ مِنْ نَجا، إِذَا سَلِمَ، ناجيةٌ فِي الدُّنْيَا من البِدَعِ سالِمةٌ مِنْهُا، وناجيةٌ فِي الآخرةِ مِن النَّارِ.
    ووجْهُ ذلِكَ أنَّ النَّبيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً)). قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: (( مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)).
    هَذَا الحديثُ يُبَيِّنُ لنَا معنَى (النَّاجيةُ)، فَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابُهُ، فَهُوَ ناجٍ مِن البِدَعِ. و((كُلُّها فِي النَّارِ إِلاَّ واحدةً)): إذًا هِيَ ناجيةٌ مِن النَّارِ، فالنَّجاةُ هُنَا مِن البِدَعِ فِي الدُّنْيَا، ومِن النَّارِ فِي الآخرةِ.
    ((المَنْصورةُ إِلَى قيامِ السَّاعَةِ)): عبَّرَ المؤلِّفُ بذلِكَ موافقةً للحَديثِ، حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ))، وَالظُّهُورُ الانْتِصَارُ، لقولِهِ - تَعَالَى -: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) ((الصف:14))، والَّذِي يَنْصُرُها هُوَ اللَّهُ وملائكتُهُ والمؤمنونَ، فهِيَ مَنْصورةٌ إِلَى قيامِ السَّاعةِ، منصورةٌ مِن الرَّبِّ - عزَّ وجلَّ -، ومِن الملائكةِ، ومِن عبادِهِ المؤمنينَ، حَتَّى قد يُنْصَرُ الإنسانُ مِن الجِنِّ، ينصرُهُ الجِنُّ ويُرْهِبونَ عَدُوَّهُ.
    ((إِلَى قيامِ السَّاعةِ))، أيْ: إِلَى يومِ القيامةِ، فهِيَ منصورةٌ إِلَى قيامِ السَّاعةِ.
    وهُنَا يرِدُ إشكالٌ، وَهُوَ أنَّ الرَّسولَ - عليْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ - أخبرَ بأنَّ السَّاعةَ تقومُ عَلَى شِرارِ الخَلْقِ، وأنَّها لاَ تَقومُ حَتَّى لاَ يقالَ: اللَّهُ اللَّهُ، فكَيْفَ نَجمَعُ بينَ هَذَا وبينَ قولِهِ: ((إِلَى قيامِ السَّاعةِ))؟!
    والجوابُ: أنْ يُقالَ: إنَّ المرادَ: إِلَى قُرْبِ قيامِ السَّاعةِ، لقولِهِ فِي الحديثِ: ((حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ))، أو: إِلَى قيامِ السَّاعةِ، أيْ: ساعتِهِم، وَهُوَ مَوْتُهُم؛ لأنَّ مَن ماتَ فقد قَامَتْ قيامتُهُ، لكنَّ الأوَّلَ أقْرَبُ، فَهُمْ مَنصورونَ إِلَى قُرْبِ قيامِ السَّاعةِ، وإنَّمَا لَجَأْنا إِلَى هَذَا التَّأويلِ لدَليلٍ، والتَّأويلُ بدليلٍ جائزٌ؛ لأنَّ الكُلَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
    ((أهلُ السُّنَّةِ وَالجَماعةِ)): أضافَهُم إِلَى السُّنَّةِ؛ لأنَّهم مُتمسِّكونَ بِها، والجماعةِ، لأَنَّهُمْ مجتمِعونَ عَلَيْها.
    فإنْ قلْتَ: كَيْفَ يقولُ: ((أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ))؛ لأنَّهم جماعةٌ، فكَيْفَ يُضافُ الشَّيءُ إِلَى نَفْسِه؟!
    فالجوابُ: أنَّ الأصلَ أنَّ كلمةَ الجماعةِ بمعنَى الاجتماعِ، فهِيَ اسمُ مَصْدرٍ، هَذَا فِي الأصْلِ، ثُمَّ نُقِلَتْ مِنْ هَذَا الأصلِ إِلَى القومِ المجتمِعِينَ، وَعَلَيْهِ فيكونُ معنَى أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، أيْ: أهلُ السُّنَّةِ والاجتماعِ، سُمُّوا أهلَ السُّنَّةِ، لأنَّهُم متمسِّكونَ بِها، وسُمُّوا أهلَ الجماعةِ، لأنَّهُم مجتمِعونَ عليها.
    وَلِهَذَا لَمْ تَفْتَرِقْ هذِهِ الفِرقةُ كَمَا افْتَرَقَ أهلُ البِدَعِ، نَجِدُ أهلَ البِدَعِ، كالجهميَّةِ متفرِّقِينَ، والمعتزلَةِ متفرِّقِينَ، والرَّوافضِ متفرِّقِينَ، وغيرِهِم مِنْ أهلِ التَّعطيلِ متفرِّقِينَ، لكنَّ هذِهِ الفرقةَ مجتمِعةٌ عَلَى الحقِّ، وإنْ كَانَ قد يَحصُلُ بَيْنَهُم خِلافُ، لكنَّهُ خِلافٌ لاَ يَضُرُّ، وهُوَ خِلافٌ لاَ يُضَلِّلُ أحدُهم الآخرَ بِهِ، أيْ: أنَّ صُدورَهم تَتَّسِعُ لَهُ، وإلاَّ فقد اختَلَفوا فِي أشياءَ ممَّا يَتعلَّقُ بالعَقِيدةِ، مِثلُ: هلْ رَأَى النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ربَّهُ بعينِهِ أَمْ لَمْ يَرَهُ؟ ومِثلُه: هلْ عَذابُ القبرِ عَلَى البَدَنِ والرُّوحِ أو الرُّوحِ فقطْ؟ ومِثلُ بعضِ الأُمورِ يختلِفونَ فيها، لكنَّها مَسائِلُ تُعدُّ فرعيَّةً بالنِّسبةِ للأصولِ، وليستْ مِن الأصولِ، ثُمَّ هُمُ معَ ذلِكَ إِذَا اخْتلَفوا، لاَ يُضلِّلُ بعضُهم بعضاً، بخلافِ أهلِ البِدَعِ.
    إذاً، فَهُمْ مجتمِعونَ عَلَى السُّنَةِ، فَهُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ.
    وَعُلِمَ من كلامِ المؤلِّفِ -رحمَهُ اللَّهُ- أنَّهُ لاَ يَدخُلُ فيهم مَنْ خَالَفَهُم فِي طريقَتِهِم، فالأشاعرةُ مَثَلاً والماتُريدِيَّة ُ لاَ يُعَدُّونَ مِنْ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ فِي هَذَا البابِ؛ لأنَّهم مخالِفونَ لِمَا كَانَ عليهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابُهُ فِي إجراءِ صِفاتِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى حقيقتِها، وَلِهَذَا يُخْطِئُ مَنْ يقولُ: إنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ ثلاثةٌ: سَلَفيُّونَ، وأشعريُّونَ، وماتُريديُّونَ، فهَذَا خطأٌ، نقولُ: كَيْفَ يكونُ الجميعُ أَهْلَ سُنَّةٍ وهُمْ مختلِفونَ؟! فمَاذَا بَعْدَ الحقِّ إِلاَّ الضَّلالُ؟! وكَيْفَ يكونونَ أَهْلَ سُنَّةٍ وكُلُّ واحدٍ يردُّ عَلَى الآخَرِ؟! هَذَا لاَ يمكنُ إلاَّ إِذَا أَمْكَنَ الجمعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، فَنَعمْ، وإلاَّ فلاَ شكَّ أنَّ أحدَهُم وَحْدَه هُوَ صاحبُ السُّنَّةِ، فمَنْ هُوَ؟! الأشعريَّةُ؟ أَم الماتريديَّةُ؟ أَم السَّلفِيَّةُ؟! نقولُ: مَن وافَقَ السُّنَّةَ، فَهُوَ صاحِبُ السُّنَّةِ، ومَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ، فَليسَ صاحِبَ سُنَّةٍ، فنحنُ نقولُ: السَّلَفُ هُمْ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ، ولاَ يَصْدُقُ الوَصْفُ عَلَى غيرِهِم أبداً، والكلماتُ تُعْتَبَرُ بمعانِيها. لنِنْظُرَ كَيْفَ نُسمِّي مَنْ خالَفَ السُّنَّةِ أَهْلَ سُنَّةٍ؟! لاَ يُمْكِنُ، وكَيْفَ يُمكِنُ أنْ نَقولَ عن ثلاثِ طوائِفَ مختلفةٍ: إنهَّم مجتمِعونَ؟! فأَيْنَ الاجْتِماعُ؟! فأَهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ هُم السَّلَفُ مُعْتقِداً+، حَتَّى المتأخِّرِ إِلَى يومِ القيامةِ إِذَا كَانَ عَلَى طريقةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابِهِ، فإِنَّهُ سَلَفِيٌّ.

    شرح الواسطية للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة


    قال أبو محمّدٍ عبدُ الرَّحمنِ بنُ إسماعيلَ المعروفُ بأبي شَامَةَ في كتابِ (( البَاعِثُ عَلى إِنْكَارِ الْبِدَعِ وَالحَوَادِثِ ))
    حيث جاء الأمرُ بلزومِ الجماعةِ، فإنّ المرادَ بها لزومُ الحقِّ، وإنْ كانَ المُتَمَسِّكُ به قليلاً والمُخَالِفُ له كثيراً؛ لأنَّ الحقَّ هو الذي كانَتْ عليه الجماعةُ الأولى من عهدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نظرَ إلى كثرةِ أهلِ الباطل بعدَهم .

    نعم بارك الله فيك

    فالشاذ المفارق للجماعة . هو من يخرج عن الحق الى الباطل . اذ ليس مقصود الجماعة الا الاجتماع على الحق بالاعتصام بحبل الله و ترك التفرق في دين الله .

    فمن خالف الحق المبين و خرج عن شريعة رب العالمين فهو الشاذ المفارق للجماعة سواء كان شريف او وضيع حاكم او محكوم . و ليس للمسلم ان يجتمع معه الا ان يرجع الى ما يرضي من يحكم بالحق و هو السميع البصير .

    فهذا باب من الخروج قد غفل عنه كثير من الناس . فقد يخرج المرء عن جماعة الامام الملتزم بالحق و الشرع فيكون خارجيا مفارقا لجماعة المسلمين . و قد يخرج الامام عن جماعة المسلمين بخروجه عن الحق و ترك التزام الشرع . فيكون مفارقا للجماعة فيطالب بالرجوع الى الحق و لزوم جماعة المسلمين .


    قال ابن القيم رحمه الله

    قال شيخنا رحمه الله وقد وقع فيه من التفريط من بعض ولاة الأمور والعدوان من بعضهم ما أوجب الجهل بالحق والظلم للخلق وصار لفظ الشرع غير مطابق لمعناه الأصلي بل لفظ الشرع في هذه الأزمنة ثلاثة أقسام

    الشرع المنزل وهو الكتاب والسنة واتباع هذا الشرع واجب ومن خرج عنه وجب قتاله وتدخل فيه أصول الدين وفروعه وسياسة الأمراء وولاة المال وحكم الحاكم ومشيخة الشيوخ وولاة الحسبة وغير ذلك فكل هؤلاء عليهم أن يحكموا بالشرع المنزل ولا يخرجوا عنه .

    الطرق الحكمية


    و المقصود من هذا ان من خرج عن الحق و الشرع المنزل فقد فارق جماعة المسلمين . و حيث جاء الامر و الدعوة بلزوم الجماعة و الدخول فيها وجه ذلك اليه ابتداء اذ غيره تبع له في ذلك . فالله عز وجل يزع بالسلطان ما لا يزع بالقران .

    و الله اعلم






  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    نعم بارك الله فيك
    فالشاذ المفارق للجماعة . هو من يخرج عن الحق الى الباطل .
    اذ ليس مقصود الجماعة الا الاجتماع على الحق بالاعتصام بحبل الله و ترك التفرق في دين الله .
    فمن خالف الحق المبين و خرج عن شريعة رب العالمين فهو الشاذ المفارق للجماعة
    سواء كان شريف او وضيع حاكم او محكوم .
    و ليس للمسلم ان يجتمع معه الا ان يرجع الى ما يرضي من يحكم بالحق و هو السميع البصير .
    فهذا باب من الخروج قد غفل عنه كثير من الناس .
    فقد يخرج المرء عن جماعة الامام الملتزم بالحق و الشرع فيكون خارجيا مفارقا لجماعة المسلمين .
    و قد يخرج الامام عن جماعة المسلمين بخروجه عن الحق و ترك التزام الشرع .
    فيكون مفارقا للجماعة فيطالب بالرجوع الى الحق و لزوم جماعة المسلمين .
    نعم بارك الله فيك

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    فمن خالف الحق المبين و خرج عن شريعة رب العالمين فهو الشاذ المفارق للجماعة سواء كان شريف او وضيع حاكم او محكوم ...... و قد يخرج الامام عن جماعة المسلمين بخروجه عن الحق و ترك التزام الشرع .
    نعم
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    والشرع المنزّل من عند الله تعالى وهو الكتاب والسنّة الذي بعث الله به رسوله ،
    فإنّ هذا الشرع ليس لأحد من الخلق الخروج عنه ولا يخرج عنه إلَّا كافر».
    مجموع الفتاوى جـ11، صـ262.

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون} :
    «ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر
    وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله
    كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم،
    وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم [جنكيز خان]
    الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام
    قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها،
    وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه،
    فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله
    فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله
    فلا يُحكّم سواه في قليلٍ ولا كثير».
    تفسير القرآن العظيم 2/70،
    وقال رحمه الله:
    «فمن تـــــرك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء
    وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر،
    فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدّمها عليه؟
    من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين».
    البداية والنهاية، جـ14، ص119.

    قال الشوكاني رحمه الله تعالى قال في تفسير قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُولئك هم الكافرون}
    أن:«لفظُ "مَنْ" مِن صيغ العموم فيفيد أن هذا غير مختص بطائفة معينة بل بكل من ولي الحكم...
    وقيل هو محمول على أن الحكم بغير ما أنزل الله وقع استخفافاً أو استحلالاً أو جحداً،
    والإشارة بقوله "أولئك" إلى من، والجمع باعتبار معناها، وكذلك ضمير الجماعة في قوله "هم الكافرون"» فتح القدير جـ 2 صـ 42.
    وقال أيضاً في رسالته "الدواء العاجل في دفع العدو الصائل"
    «القسم الثاني: ...منها: أنهم يحكمون ويتحاكمون إلى من لا يعرف إلاّ الأحكام الطاغوتية منهم في جميع الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم... ولا شك أنّ هذا كفر بالله سبحانه وتعالى وبشريعته التي أمر بها على لسان رسوله واختارها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله بل كفروا بجميع الشرائع من عند آدم عليه الصلاة والسلام إلى الآن، وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعيّن حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية...
    وقد تقرر في القواعد الإسلامية: أن منكر القطعيّ وجاحده، والعامل على خلافه، تمرداً، أو استحلالاً، أو استخفافاً، كافر بالله وبالشريعة المطهرة التي اختارها الله تعالى لعباده».
    الدواء العاجل صـ 68 ضمن الرسائل السلفية.

    قال الشيخ صديق حسن خان رحمه الله تعالى قال: «قال تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله}
    لفظ "مَن" مِن صيغ العموم فيفيد أن هذا غير مختص بطائفة معينة بل لكل من ولي الحكم وهو الأولى،
    وبه قال السدي»
    ثم قال: «وقال ابن مسعود والحسن والنخعي :
    هذه الآيات الثلاث عامة في اليهود وفي هذه الأمة، فكل من ارتشى وحكم بغير حكم الله فقد كفر وظلم وفسق، هو الأولى لأن الاعتبار بعموم الألفاظ لا بخصوص السبب ... وكلمة "من" وقعت في معرض الشرط فتكون للعموم، فهذه الآية الكريمة متناولة لكل من لم يحكم بما أنزل الله، وهو الكتاب والسنة».
    فتح البيان في مقاصد القرآن جـ3 صـ 29- 30

    وقال ابن القيم في مدارج السالكين:
    هذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {المائدة: 44} قال ابن عباس: ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر، وكذلك قال طاووس، وقال عطاء: هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، ومنهم من تأول الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحدا له، وهو قول عكرمة، وهو تأويل مرجوح، فإن نفس جحوده كفر، سواء حكم أو لم يحكم، ومنهم من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله، قال: ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام، وهذا تأويل عبد العزيز الكناني، وهو أيضا بعيد، إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل، وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه، ومنهم من تأولها على الحكم بمخالفة النص، تعمدا من غير جهل به ولا خطأ في التأويل، حكاه البغوي عن العلماء عموما، ومنهم من تأولها على أهل الكتاب، وهو قول قتادة، والضحاك وغيرهما، وهو بعيد، وهو خلاف ظاهر اللفظ، فلا يصار إليه، ومنهم من جعله كفرا ينقل عن الملة،

    والصحيح
    أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين، الأصغر والأكبر، بحسب حال الحاكم،
    فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصيانا، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ، له حكم المخطئين. اهـ.

    وقيل في التعليق على قول ابن حزم: «وهؤلاء المشرّعون ما لم يأذن به الله تعالى، إنما وضعوا تلك الأحكام الطاغوتية لاعتقادهم أنها أصلح وأنفع للخلق وهذه ردة عن الإسلام، بل إن اعتبار شيء من تلك الأحكام ولو في أقل القليل [يعتبر] عدم رضا بحكم الله ورسوله فهو كفر ناقل عن الملة، إضافة إلى أن هذا التشريع يُعدّ تجويزاً وتسويغاً للخروج على الشرع المنزّل، ومن سوّغ الخروج على هذه الشريعة فهو كافرٌ بالإجماع». نواقض الإيمان القولية والعملية صـ 313.

    قال الشيخ عبد الله بن حَميد رحمه الله تعالى :
    «ومَن أصدر تشريعاً عاماً مُلزماً للناس يتعارض مع حكم الله فهذا يَخرج من الملة [ويكون] كافراً» فمناط التكفير هو التشريع من دون الله تعالى.

    ويقول الشيخ محمد رشيد رضا - في تفسير قوله تعالى {إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات...}:
    «هذه الآية جارية على الرؤساء الذين يحرّمون على الناس ما لم يحرّمه الله،
    ويشرّعون لهم ما لم يشرّعه من حيث يكتمون ما شرعه بالتأويل أو الترك،
    فيدخل فيه اليهود والنصارى ومن حذا حذوهم في شرع ما لم يأذن به الله وإظهار خلافه،
    سواء كان ذلك في أمر العقائد ككتمان اليهود أوصاف النبيّ ، أو الأكل والتقشّف وغير ذلك من الأحكام التي كانوا يكتمونها إذا كان لهم منفعة في ذلك
    ، كما قال تعالى: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً} [الأنعام: 91].
    وفي حكمهم كلّ من يبدي بعض العلم ويكتم بعضه لمنفعة لا لإظهار الحقّ وتأييده».

    قال العلامة المحدث أحمد شاكر :
    «أقول: أَفَيَجُوز في شرع الله تعالى أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيّرونه ويبدلونه كما يشاؤون، لا يبالي واضعه أَوَافق شِرعة الإسلام أم خالفها؟ إن المسلمين لم يُبلوا بهذا قط -فيما نعلم من تاريخهم- إلاّ في ذلك العهد عهد التتار، وكان من أسوأ عهود الظلم والظلام، ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له، بل غلب الإسلام التتار، ثم مزجهم فأدخلهم في شِرعته، وزال أثر ما صنعوا بثبات المسلمين على دينهم وشريعتهم، وبما أن الحكم السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك، لم يندمج فيه أحد من أفراد الأمم الإسلامية المحكومة، ولم يتعلّموه ولم يعلّموه أبناءهم، فما أسرع ما زال أثره، أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير -في القرن الثامن- [الهجري] لذاك القانون الوضعي، الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر الهجري؟ إلاّ في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمن سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت، ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً، وأشد ظلماً وظلاماً منهم، لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجلٌ كافرٌ ظاهرُ الكفر، هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلّمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباءً وأبناء، ثم يجعلون مردّ أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري" ويُحَقِّرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة، بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي في الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم" الجديد بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرّحون ولا يستحيون بأنهم يعملون على فصل الدولة من الدين! أفيجوز إذن -مع هذا- لأحد من المسلمين أن يعتنق هذا الدين الجديد، أعني التشريع الجديد؟ أَوَيَجوز لرجل مسلم أن يليَ القضاء في ظل هذا "الياسق العصري" وأن يعمل به ويُعرِض عن شريعته البيّنة؟ ما أظنّ أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويُؤمن به جملة وتفصيلا ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله تعالى على رسوله كتاباً مُحكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلاّ أن يجزم غير متردد ولا متأول، بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة، إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كُفرٌ بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عُذر لأحد ممن ينتسب للإسلام -كائناً من كان- في العمل بها، أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امرؤٌ لنفسه، وكل امرئٍ حسيبُ نفسه». عمدة التفسير جـ4صـ 171-172
    قال الشيخ محمود شاكر رحمه الله تعالى:
    «اللهم إني ابرأ إليك من الضلالة وبعد: فإن أهل الريب والفتن ممن تصدّروا الكلام في زماننا هذا قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله تعالى وفي القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير شريعة الله تعالى التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام... فهذا الفعل إعراض عن حكم الله تعالى ورغبة عن دينه، وإيثارٌ لأحكام أهل الكفر على حكمه سبحانه وتعالى، فهذا كفرٌ لا يشكُّ فيه أحد من أهل القبلة -على اختلافهم- في تكفير القائل به والداعي إليه، والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله تعالى عامّة بلا استثناء، وإيثارُ أحكامٍ غيرُ حكمه في كتابه وسنة نبيه وتعطيلٌ لكل ما في شريعة الله تعالى، بل بلغ مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله تعالى المنزلة... فمن احتجّ بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابها وصرفها إلى غير معناها، رغبة في نصرة سلطان أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ورضي بتبديل الأحكام، فحكم الكافر المصرّ على كفره معروف لأهل هذا الدين». عمدة التفسير جـ4 صـ 157.
    قال شيخ جامع الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين:
    «فصل الدين عن السياسة هدم لمعظم حقائق الدين ولا يقدم عليه المسلمون إلاّ بعد أن يكونوا غير مسلمين». تحكيم الشريعة للصاوي صـ33.

    قال الإمام العلامة مفتي الديار الحجازية محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
    قال مقسّماً الحكم بغير ما أنزل الله تعالى إلى ستة أقسام كلها مكّفرة: «أحدها: أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله تعالى أحقيَّةَ حُكمِ الله تعالى وحكم رسوله ... الثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى كونَ حكم الله ورسوله حقاً، لكن اعتقد أن حكمَ غير الرسول أحسنُ من حكمه وأتم وأشمل... الثالث: أن لا يعتقد كونَه أحسنَ من حكم الله تعالى ورسوله لكن اعتقد أنه مثله... الرابع: أن لا يعتقد كونَ حُكمِ الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى مماثلاً لحكم الله تعالى ورسوله ... لكن اعتقد جواز الحُكم بما يُخالف حُكمَ الله تعالى ورسوله ... الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله تعالى ولرسوله ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً... فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناسُ إليها أسرابٌ إثر أسراب، يحكم حكّامها بينهم بما يخالف حُكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرّهم عليه، وتُحتِّمُهُ عليهم، فأيُّ كُفرٍ فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسولُ الله بعد هذه المناقضة.... فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط، والأخطاء، فضلاً عن كونه كفراً بنص قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. السادس: ما يحكم به كثيرٌ من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم" يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحضون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءً على أحكام الجاهلية، وإعراضاً ورغبةً عن حكم الله تعالى ورسوله فلا حول ولا قوة إلاّ بالله تعالى».
    أنظر رسالته تحكيم القوانين من صـ 14 الى صـ
    20
    قال الشيخ الإمام محمد أمين الشنقيطي رحمه الله
    «...وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتّبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على لسان أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله [عليهم الصلاة والسلام] أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلاّ من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي... فتحكيم هذا النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم، كفر بخالق السموات والأرض وتمرّد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى عن أن يكون معه مشرعٌ آخر علواً كبيرا...».
    أضواء البيان جـ4 صـ 83-84.

    قال الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى قال وهو يعرّف معنى الطاغوت أن: «الذي يُستخلص من كلام السلف أن الطاغوت [هو] كل ما صرف العبد وصدّه عن عبادة الله تعالى وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله ... ويدخل في ذلك بلا شك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله تعالى، من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذّيها، والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت...»
    فتح المجيد هامش صـ 269-270.
    وقال أيضاً وهو يعلق على قول ابن كثير رحمه الله تعالى في التتار: «ومثل هذا وشرٌّ منه مَنِ اتّخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال، ويقدّمها على ما عَلِم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله ولا ينفعه أي اسم تسمّى به، ولا أيّ عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها». المصدر السابق هامش

    قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله تعالى
    «من أعظمها شراً [أي من أعظم المكفرات شراً] وأسوأها عاقبة ما ابتلي به كثيرون من اطراح الأحكام الشرعية والاعتياض عنها بحكم الطاغوت من القوانين والنظامات الإفرنجية أو الشبيهة بالإفرنجية المخالف كلٌ منها للشريعة المحمدية» ثمّ أورد بعض الآيات القرآنيّة وتابع: «وقد انحرف عن الدين بسبب هذه المشابهة فئاتٌ من الناس، فمستقل من الانحراف ومستكثر، وآل الأمر بكثير منهم إلى الردة والخروج من دين الإسلام بالكلية ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم. والتحاكم إلى غير الشريعة المحمدية من الضلال البعيد والنفاق الأكبر... وما أكثرُ المعرضين عن أحكام الشريعة المحمدية من أهل زماننا... من الطواغيت الذين ينتسبون إلى الإسلام وهم عنه بمعزل».
    الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين صـ 28-29.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    حين المرض وقبل انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مثواه . قال عليه الصلاة والسلام :
    ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى )
    .....
    أخى محمد ..
    الجماعة أو غيرها من جماعات المسلمين .. إن أخذت وعملت بكتاب الله وسنة نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم .. تكون هى الفائزة والمنصورة والناجية ..
    ومن خالفهما فهو فى النار خالداً مخلداً فيها أياً كانت جماعته ( حتى ولو كان من أهل السنة والجماعة ) ..
    ...........
    أخى محمد ..
    المسلمون ظلوا ما يقرب من ألف عام أمة واحدة لا انقسام فيها .. خلالها لم يكن هناك اسم لأهل السنة والجماعة .. لم يظهر إلا بعد انقسام الأمة إلى شيعة وسنة ( وبفعل الخوارج والمنافقين ) ..
    فالفرقة الناجية والمنصورة هى .. من تتبع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وما دونهما فهم فى النار خالدين فيها أبدا ..
    .........

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: معنى أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة

    خلفاء الأمة الإسلامية خلال عهودهم كانوا يتعقبون الخوارج والمنافقين فى كل الأقطار ومختلف البلاد والأمصار ..
    .......

    الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان أوطأ رقابهم وأطاح برؤؤسهم .. والحجاج بن يوسف الثقفى قام بحربهم وقتالهم والبطش والتنكيل بهم بل وكان يقوم بصلبهم . والخليفة العباسى ( أبو جعفر ) المنصور شتت شملهم وفرق جمعهم .. والخليفة محمد المهدى أنشأ ديواناً للبحث والتحرى عنهم .. وابنه الخليفة موسى الهادى كان يقوم بملاحقتهم واستئصالهم .. والخليفة هارون الرشيد لم يفتر عنهم ولا عن حربهم وقتالهم ..
    .......
    تمكنوا بحيلهم ودهائهم فى بعض عصور الخلافة من نشر مذهبهم الشيعى فى بلاد المغرب ومصر ( الدولة الفاطمية ) وجاء صلاح الدين الأيوبى وأسقط حكمهم
    وفى العصور الأخيرة للخلافة العثمانية .. تمكن اسماعيل الصفوى من حكم تبريز وخراسان (إيران وأفغانستان ) وقام هو وأتباعه بفرض المذهب الشيعى فيها ..
    وتم الإعلان باستقلال
    بلاد إيران عن الخلافة العثمانية عام 907 هجرية .. وبذلك : انقسمت الأمةإلى : شيعة وسنة ..
    ..
    تصدع الجبل الإسلامى الشامخ وانشق بنيانه .. بعد أن ظل المسلمون جسداً واحداً أكثر من 900 تسعمائة عاماً ..
    *********

    والطغاة والطواغيت ( أياً كانت مواقعهم أو مناصبهم ) هم .. كل من طغواْ وبغواْ فى الأرض بما آتاهم وفضلهم الله به على عباده من جاهٍ أو سلطان أو درهم ومال أو غير ذلك مما خصّهم الله واختصهم به ..
    فسقة ظلمة .. علواْ فى الأرض وأفسدوا فيها .. تكبروا واستطالوا على الخلق .. وتجبروا بنفاذ أمرهم وذيع صيتهم وانتشار ذكرهم ..
    جهلوا قدر أنفسهم وعظمة ربهم وآثروا الحياة الدنيا على الآخرة .. فانحدروا من الأوج الأعلى إلى الحضيض الأدنى .. يقول العزيز الحكيم :
    { فَأمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}

    { وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }
    ...............
    الطغاة والطواغيت .. لايرجون حسابا ولا يطلبون من الله رضواناً أو ثواباً ولا يخافون من الله عذاباً أو عقاباً .. شأنهم كشأن فرعون .. ومصيرهم وجزاؤهم كمصير وجزاء فرعون ..
    النار يعرضون عليها غدواً وعشياً .. وفى الآخرة
    مأواهم نار جهنم وسكنى الجحيم لابثين فيها دهوراً وأحقاباً خالدين صُماً لايسمعون بكماً لاينطقون عمياً لايبصرون .. صبروا فى النار أم لم يصبروا لن يخرجوا ..
    يقول رب العرش الكريم ..
    {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً لِلْطَّاغِينَ مَآباً لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً}
    *****
    وأتباع الطواغيت والطغاة وأنصارهم.. يقومون بتأليههم من دون الله .. يعتقدون أن عندهم خيراً وأنهم يملكون لهم نفعاً ويدفعون عنهم ضرراً . فينسلّون من ربقة الدين انسلال الشعرة عن العجين .
    يدافعون عن ظلمهم وفسادهم وتجبرهم واستبدادهم .. ويبررون لهم ما يقولون ويفعلون وما أفسدوا به الدين وما به يفسدوه . فقدوا يقينهم بدينهم وإيمانهم بربهم .. يخالفون كتاب الله وسنة نبيه ورسوله . ..
    {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ }
    يطيعون من لايملك لهم نفعاً أو ضرراً ويعظمون من لايغنى لهم من الله شيئاً .. يمجدوهم ويخضعون لمن لا يملك لهم موتاً أو حياة أو نشورا ..
    يبجلونهم و
    يلبسون الحق بالباطل ويساوون بين طاعتهم وطاعة الله ورسوله .. مثلهم كمثل آل فرعون .. أطاعوا من ليس للطاعة أهلاً .. يبجلونهم ويخضعون ا لعبد ٍ أو عبيدٍ أذلة لايملكون لهم ضراً ولا نفعاً ..
    يتخذون منهم آلهة من دون الله .. مصيرهم وجزاؤهم كمصير وجزاء قوم فرعون ..
    بسفههم وخبث نفوسهم ران الجهل على عقولهم وزين الشيطان أعمالهم ..أصابهم فساد فى فطرهم وظلمة فى قلوبهم وكدر أغشى أبصارهم .. مما أدى إلى عظائم الأمور وكاد أن يعصف بالأمة وحِل عِصام الإسلام ..
    {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ .. أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }
    .............

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •