النسيم المنعش في تلخيص كتاب المدهش


فوائد من كتاب: المدهش
المؤلف: أبو الفرج ابن الجوزي
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت
تحقيق: الدكتور مروان قباني
الطبعة: الثانية


********************


بسم الله، الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، و آله و صحبه و من والاه، أما بعد:


فقد قرأت النسخة الإلكترونية من هذا الكتاب و الموجودة على الإنترنت و استخرجت منه بعض الفوائد.
هذا الكتاب من أعظم و أنفع و أنفس الكتب التي قرأتها في الحكمة و الموعظة الحسنة.


الفوائد:


فلا تنسوا العهد فيما مضى *** فلسنا مدى الدهر ننساكم


كان هم القوم طلب النجاة، و كانت لذتهم في المناجاة، فارتفع لهم القدر و علا الجاه.


إنما الدنيا بلاء * ليس للدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبيت * نسجته العنكبوت
إنما يكفيك منها * أيها الراغب قوت


تقف في الصلاة إن صلاتك عجب، الجسم حاضر و القلب في شعب.


يا من أنفاسه محفوظة، و أعماله ملحوظة، أينفق العمر النفيس في نيل الهوى الخسيس.


يا ابن آدم أنت بين ذنب لا تدري أغفر و حسنة لا تدري أقبلت.


إن دعيت إلى التوبة سوفتها، و إن قمت إلى الصلاة سففتها.


الدنيا دار كدر، بذلك جرى القدر.


في وصلك العيش الهني *** و هجرك الموت الزؤام


سيدي إن لم أصلح للرضا فالعفو العفو.


أعظم عذاب أهل النار جهلهم بالمعذب، لو صحت معرفتهم بالمالك، لما استغاثوا يا مالك.


لا يطمعن البطال في منازل الأبطال.


أيام العافية غنيمة باردة.


أبو العتاهية:


يا نفس ما هو إلا صبر أيام *** كأن مدتها أضغاث أحلام
يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة *** و خل عنها فإن العيش قدامي


من فعل ما شاء لقي ما ساء.


كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني.


إما أن تتخذ صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.


ما أحسن قولك و ما أقبح فعلك.


الاحتراق على قدر الاشتياق.


ابن هندو:


لا يؤيسنك من مجد تباعده *** فإن للمجد تدريجاً و ترتيبا


الشريف الرضي:


الماء في ناظري و النار في كبدي *** إن شئت فاغترفي أو شئت فاقتبسي


لا و حبيك لا أصافح *** بالدمع مدمعا


أول علامات الحب دمع العين و أوسطها قلق القلب و آخرها احتراقه.


مقاساة الخلق ظلمة، و الحبيب لا يتجلى إلا في خلوة.


أجد الملامة في هواك لذيذة *** حباً لذكرك فليلمني اللوم


قال عتبة الغلام: إن تعذبني فإني لك محب، و إن ترحمني فإني لك محب.


البكاء لأجل الذنوب مقام المريد، و البكاء على المحبوب مقام العارف.


من تفكر في تفريطه أن، و من تذكر أيام وصله حن.


ستر القوم قيامهم بالليل فستر جزاؤهم أن يطلع عليه الغير.


الجد الجد فما تحتمل الطريق الفتور.


فالمعين قادر، تعرض لمن أعطاهم و سل فمولاك مولاهم. رب كنز وقع به فقير و رب فضل فاز به صغير، علم الخضر ما خفي على موسى، و كشف لسليمان ما غطي عن داوود.


و دعاني الوجد و الحب *** إلى المعنى النفيس


لما عمل الصالحون خطر البيات أدلجوا بأحمال الأعمال في ليل الكتم ...


في الإخلاص:


قالت دودة القز للعنكبوت: و لكن نسجي أردية للملوك و نسجك شبكة للذباب و عند مس النسيجين يبين الفرق.


العمل صورة و الإخلاص روح، خليج صاف أنفع من بحر كدر.


واشوقاه إلى أرباب الإخلاص.


سلم سيارة الأفكار من قاطع طريق.


مجلس الذكر مأتم الأحزان، هذا يبكي لذنوبه و هذا يندب لعيوبه، و هذا على فوات مطلوبه و هذا لإعراض محبوبه.


كثير أو ابن الزيات:


و كنا ارتقينا في صعود من الهوى *** فلما علوناه ثبت و زلت
و كنا عقدنا عقدة الوصل بيننا *** فلما توافينا شددت و حلت


و من البلية عذل من لا يرعوي *** عن غيه و خطاب من لا يفهم


و حتام السعي في صحبة إبليس، و كم بهرجة في العمل و كم تدليس.


تركوك بعد فراقهم *** متحيراً تبكي دما
يا بانة الوادي ارحمي *** من لا يزال متيما


ليس للمحب قرار، و لا له من الحب فرار.


إلهي، ما أكثر المعرض عنك و المعترض عليك، و ما أقل المتعرضين لك.
يا روح القلوب أين طلابك؟ يا نور السماوات أين أحبابك؟ يا رب الأرباب أين عبادك؟ يا مسبب الأسباب أين قصادك؟


في قربنا نيل المنى *** فتنبهوا يا غافلينا
عجبا لقوم أعرضوا *** عنا و قوم واصلونا


الفصل الثامن و الستون: فيه ذكر الإخلاص و قصص المخلصين.


رحل و الله أولئك السادة، و بقي قرناء الرياء و الوسادة.


أكلف القلب أن يهوى و ألزمه *** صبراً و ذلك جمع بين أضداد


يا قومنا هذي الفوائد جمة *** فتخيروا قبل الندامة و انتقوا


إن لم ترض عني فاعف عني.


وصلوا إلى مولاهم و بقينا *** و تنعموا بوصاله و شقينا
...
فتجمعوا أهل القطيعة و الجفا *** نبكي شهوراً قد مضت و سنينا


إذا خرقت ثوب دينك بالزلل فارقعه بالاستغفار.


ها نحن قد شتونا و لعلنا لا نصيف.


من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل.


إن كان قد أصابك داء داوود فنح نوح نوح تحيا حياة يحيى.


سهر العيون لغير وجهك ضائع *** و بكاؤهن لغير وصلك باطل


تقف في الصلاة بغير خضوع، و تقرأ التخويف و ما ثم خشوع.


فذر فؤادي و خذ رقادي *** فقال لا بل هما جميعا


البلايا ضيوف فأحسن قراها لترحل عنك إلى بلد الجزاء مادحة لا قادحة.


يا مجتهداً في طلب الدنيا، اجعل عشر اجتهادك للأخرى.


أتريد أن لا ينعكس لك غرض؟ فما هذا موضعه.


أيلومني فيك الذي *** يزري علي و لم يرك
رفقا بعبدك سيدي *** هذا عبيدك قد هلك


كان عامر بن عبد الله يصلي كل يوم ألف ركعة.


هجركم يا حبيبي *** كان موتاً زؤاما
أسعدوني فإني *** قد فنيت سقاما


أكثر فساد القلب من تخليط العين.


قال الحسن: أخاف أن يطرحني في النار و لا يبالي.


ما أمر البعد بعد القرب، ما أشد الهجر بعد الوصل، يا مطروداً بعد التقريب أبلغ الشافعين لك البكاء.


قل للمفرط يستعد *** ما من ورود الموت بد
قد أخلق الدهر الشباب *** و ما مضى لا يسترد
...




يا ساهياً لاهياً عما يراد به *** آن الرحيل و ما قدمت من زاد


يا مغموراً بالنعم معدوم الشكر ... من ترك الشكر إنفاق النعم في مخالفة المنعم.


يا من كان في رفقة (تتجافى) فأصبح اليوم في حزب أهل النوم.


و كم من عبرة أصبحت فيها *** يلين لها الحديد و أنت قاس
إلى كم و المعاد إلى قريب *** تذكر بالمعاد و أنت ناس


تدعي العجز عن الطاعة و في المعاصي أستاذ.


و إذا رأى الشيطان غرة وجهه *** حيى و قال فديت من لا يفلح


ليس في الدنيا سرور *** إنما الدنيا غرور
و مآتيم إذا فكر *** ت فيها و قبور


يا مختار القدر اعرف قدر قدرك فإنما خلقت الأكوان كلها لأجلك، يا خزانة الودائع يا وعاء البدائع.


الملائكة خلقت من صفاء لا كدر فيه، و الشياطين من كدر لا صفاء فيه، و البشر مركب من الضدين.


العزلة حمية البدن، و المناجاة قوت القلب، و من أنس بمولاه استوحش من سواه.


لما علم المحبون أن الموت يقطع التعبدات كرهوه لتدوم الخدمة.


كانوا يتراسلون بالمواعظ لتقع المساعدة على اليقظة.


إذا جن الغاسق جن العاشق.


قالت بردة العابدة: و قد خلوت بك يا خير محبوب أفتراك تعذبني، و حبك في قلبي لا تفعل يا حبيباه.


دموع الخائفين يحبسها بالنهار مراقبة الخلق، فإذا جن الليل انفتح سكر الدموع (فسالت أودية بقدرها).


أردناكم صرفا فلما مزجتم *** بعدتم بمقدار التفاتكم عنا
و قلنا لكم لا تسكنوا القلب غيرنا *** فأسكنتم الأغيار ما أنتم منا


و احذروا دنياكم فما هي مواتية، و اذكروا أخراكم فها هي آتية.


انبعاث الجوارح في العمل دليل على قوة العلم بالأجر، فإذا حصل تسليم النفس في الجهاد إلى القتل، كان النهاية في كمال اليقين.


أيها القاعد عن أعالي المعالي، سبق الأبطال و البطال ما يبالي.


هل كانت إلا لذة لحظة و حسرة الأبد؟


و العيش يعقب بالمرارة حلوه *** و الصفو فيه مخلف الأكدار


لما تمكنت معرفة عمر بتقليب القلوب لعب القلق بقلبه، خوفا من قلبه.


من لم يكن للوصال أهلاً *** فكل إحسانه ذنوب


اغسل العثرة بعبرة، و ادفع الحوبة بتوبة.


يا أطيار القلوب... روحي خماصاً من الهوى تعودي بطاناً من الهدى.


إنما الروح عارية في هذا الجسد.


و منهم من لا يلهيه في الجنة قصر، و لا يسليه عن حبيبه نهر، قوته في الدنيا الذكر، و في الآخرة النظر.


إن دنت همتك فخف من عقوبته، و إن علت قليلاً فارغب في معاملته، و إن تناهت فتعلق بمحبته.


من فهم علم التوحيد تجرد للواحد بقطع العلائق.


تذكر الفصل ٣٥ ففيه فوائد.


بلغت بالقوم المحبة إلى استحلاء البلى، فوجدوا في التعذيب عذوبة لعلمهم أنه مراد الحبيب.


قال مهيار الديلمي:


أرضى و أسخط أو أرضى تلونه *** و كل ما يفعل المحبوب محبوب


قال الله للملائكة حين استأذنته أن تطفئ النار لإبراهيم: إن استغاثكم فأغيثوه و إلا فدعوه...


قال إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: علمه بحالي يغنيني عن سؤالي.


إنما خلقت الدنيا لتجوزها لا لتحوزها، و لتعبرها لا لتعمرها.


الخوف ذكر، و الرجاء أنثى، و مخنث البطالة إلى الإناث أميل.


أحكم القوم العلم فحكم عليهم بالعمل... و انتبهوا فانتهبوا الليل و النهار.


كان الشبلي يقول في مناجاته: ليت شعري، ما اسمي عندك يا علام الغيوب، و ما أنت صانع في ذنوبي يا غفار الذنوب، و بم تختم عملي يا مقلب القلوب؟


إما أن تحرق قلبك بنار الندم على التقصير و الشوق إلى لقاء الحبيب، و إلا فنار جهنم أشد حراً.


حتى متى نشتري دنيا بآخرة *** سفاهة و نبيع الفوق بالدون


ذلوا له ليرضى، فإذا رأيتهم قلت مرضى.


و المرء مثل هلال عند طلعته *** يبدو ضئيلاً لطيفاً ثم يتسق


كان عمر بن عبد العزيز و فتح الموصلي يبكيان الدم.


كيف تجتمع همتك مع غوغاء المنى و ضوضاء الشهوات.


من كان في سجن التقى فالموت يطلقه، و من كان هائماً في بوادي الهوى فالموت له حبس يوثقه.


و إما علوت إلى رتبة *** فكن حذراً بعدها أن تهي


كان فتح الموصلي يبكي الدموع ثم يبكي الدم.


سبقك أهل العزائم، و أنت في اليقظة نائم.


أيام عمرك كلها عدد *** و لعل يومك آخر العدد


من كد كد العبيد تنعم تنعم الأحرار.


إن هممت فبادر، و إن عزمت فثابر، و اعلم أنه لا يدرك المفاخر، من رضي بالصف الآخر.


سلوا غير طرفي إن سألتم عن الكرى *** فما لجفون العاشقين منام


كان عطر إخلاصي خالصاً فعبق نشره بالأرواح.


شقينا في الهوى زمناً فلما *** تلاقينا كأنا ما شقينا


أخوك من عذلك لا من عذرك.


أقواتهم ذكر الحبيب، و أوقاتهم بالمناجاة تطيب، لا يصبرون عنه لحظة، و لا يتكلمون في غير رضاه بلفظة.


و الله ما طلعت شمس و لا غربت *** إلا و أنت منى قلبي و وسواسي
و لا جلست إلى قوم أحدثهم *** إلا و أنت حديثي بين جلاسي
و لا هممت بشرب الماء من عطش *** إلا رأيت خيالاً منك في الكاس


فحتام لا تصحو و قد قرب المدى *** و حتام لا ينجاب عن قلبك السكر


و قل بلسان التملق:


أحبابنا أنا ذاكم العبد الذي *** راعيتموه ناشئاً و وليدا
حالت به الأحوال بعد فراقكم *** فرمي بأسرته و جاء فريدا


متى تدخر من صيف قوتك إلى شتاء عجزك؟


و هذا السرور بتلك الكرب *** و هذا النعيم بذاك التعب


إذا هزت صوارم القدر تقلقلت رقاب المقربين، غضب على قوم فلم تنفعهم الحسنات، و رضي عن قوم فلم تضرهم السيئات، ما نفعت عبادة إبليس و لا ضر عناد السحرة.


بضائعكم كلها بهرجة... و ستعلمون الخبر وقت الحشرجة.


يا معجباً بتعبده تأمل فضائل السابقين.


يا حسرة العاصين يوم معادهم *** و لو انهم سيقوا إلى الجنات
لو لم يكن إلا الحياء من الذي *** ستر الذنوب لأكثروا الحسرات


أتطمع مع حب الوسادات في لحاق السادات؟


سمع ابن أدهم هاتفاً يقول: ما لهذا خلقت، و لا بهذا أمرت.
صيح به قم فقام، فقيل له سر فاستقام.


يا مطولاً بالقيام *** مستلذاً بالمنام
قم فقد فاتك يا *** مغبون أرباح الكرام
و خلوا دونك بالمو *** لى و فازوا بالمرام
و كذا تسبقك القو *** م إلى دار السلام


إلهي، كم لك سواي و ما لي سواك، فبفقري إليك و غناك عني، إلا عفوت عني.


و مشتت العزمات ينفق عمره *** حيران لا ظفر و لا إخفاق


بالصبر يرتفع القدر.


على قدر الاجتهاد تعلو الرتب.


(صفحة ١٧٣)


قال أبو سليمان (ربما الداراني): إلهي إن طالبتني بذنوبي طالبتك بكرمك، و إن أسكنتني النار بين أعدائك لأخبرنهم إني كنت أحبك.


قال يحيى بن معاذ: إن قال لي يوم القيامة: عبدي ما غرك بي؟ قلت إلهي برك بي.


مجلسنا بحر، و الفكر غواص يستخرج الدرر.


الاختبار يظهر جواهر الرجال.


(صفحة ١٦٨)


يا دني الهمة أعجبتك خضرة على مزبلة، فكيف لو رأيت فردوس الملك؟


و الخائف ينادي ليت شعري ما الذي أسقطني من عينك؟ أقلت: (هذا فراق بيني و بينك)؟


قال الشبلي:


هذه دارهم و أنت محب *** ما بقاء الدموع في الآماق


وقف مطرف و بكر (موقف عرفة) فقال مطرف: اللهم لا تردهم من أجلي، و قال بكر: ما أشرفه من مقام لولا أني فيهم.


(صفحة ١٤٢)


فرأى في القوم ملكاً نصفه من ثلج و نصفه من نار، فعجب لاجتماع الضدين.


إن شفيعي إليك مني *** دموع عيني و حسن ظني
فبالذي قادني ذليلاً *** إليك إلا عفوت عني


إذا قال الصبية ليحيى النبي هلم بنا فلنلعب، قال إنما خلقنا للتعب لا للعب.


(صفحة ١٢٢)


أما و الله لو عرف الأنام *** لما خلقوا لما غفلوا و ناموا


********************


جزى الله ابن الجوزي عنا خير الجزاء فقد انتفعنا بعلمه النفيس كثيراً.


و الحمد لله أولاً و آخراً، و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.


سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين.