تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 34 من 34

الموضوع: التوحيد فى الهجرة

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام لها مقاصد منها :

    هجر المكان الذي يُكفر فيه بالله، بل بالغ بعضهم فأوجبها من دار المعصية، نقل ابن حجر العسقلانى عن بعض أهل العلم أنّه يجب على كلّ من كان بِبَلد يُعمل فيها بالمعاصي، ولا يمكنُه تغييرُها: الهجرةُ إلى حيث تتهيّأ له العبادة؛ لقوله تعالى:﴿فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

    تكثيف سواد المسلمين، فهي من أسباب أسباب الوِلاية المؤمنين، وتركها ينقض هذه الولاية، فقال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾

    وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:﴿وَالَّذِ ينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾

    :«أي: إن لم تُجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وقعت الفتنة في النّاس، وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين النّاس فساد منتشر عريض طويل.»

    تيسير الجهاد على المسلمين، قال تعالى:﴿وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾

    أنّ البقاء بينهم ذريعة إلى موافقتهم،

    قال صديق حسن خان «وقد استُدلّ بهذه الآية على أنّ الهجرة واجبة على كلّ من كان بدار الشّرك، أو بدار يُعمل فيها بمعاصي الله جهارا إذا كان قادرا على الهجرة، ولم يكن من المستضعفين، لما في هذه الآية من العموم، وإن كان السّبب خاصّا، وظاهرها عدم الفرق بين مكان ومكان، وزمان وزمان»

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    قال الشيخ صالح الفوزان
    من أعظم أنواع الهجرة
    هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العباده له في السر والعلانية،
    حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله،
    ولا يحب إلا الله ومن يحبه الله،
    وكذلك الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباعه وتقديم طاعته والعمل بما جاء به.
    وبالجملة فهذه الهجرة هجرة إلى الكتاب والسنة من الشركيات والبدع والخرافات والمقالات والمذاهب المخالفة للكتاب والسنة.
    فتبين من هذا أن الهجرة أنواع هي:
    هجر أمكنة الكفر...
    وهجر الأشخاص الضالين..
    . وهجر الأعمال والأقوال الباطلة..
    وهجر المذاهب والأقوال والآراء المخالفة للكتاب والسنة.
    فليس المقصود التحدث عن الهجرة بأسلوب قصصي وسرد تاريخي،
    أو تقام لمناسبتها طقوس واحتفالات ثم تنسى ولا يكون لها أثر في النفوس أو تأثير في السلوك،
    فإن كثيراً ممن يتحدثون عن الهجرة على رأس السنة لا يفقهون معناها ولا يعلمون بمقتضاها
    بل يخالفونها في سلوكهم وأعمالهم؛
    فهم يتحدثون عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتركهم أوطان الكفر إلى وطن الإيمان،
    وهم مقيمون في بلاد الكفر أو يسافرون إليه لقضاء الإجازة أو للنزهة أو لقضاء شهر العسل كما يسمونه بعد الزواج!!
    يتحدثون عن الهجرة وهم لا يهجرون عبادة القبور والأضرحة،
    بل يعبدونها من دون الله كما تعبد الأصنام أو أشد.
    يتحدثون عن الهجرة وهم لا يهجرون المذاهب الباطلة والآراء المضلة بل يجعلونها مكان الشريعة الإسلامية. يتحدثون عن الهجرة وهم لا يهجرون المعاصي والأخلاق الرذيلة.
    يتحدثون عن الهجرة وهم لا يهجرون عادات الكفار وتقاليدهم بل يتشبهون بهم، فأين هي معاني الهجرة وأنواعها من تصرفات هؤلاء؟

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    المسلم مكلف بأن يهجر كل ما حرم الله، وأن يهاجر إلى ما أحلَّ الله؛و هذا هو الهدف لقوله تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ”( الذاريات/56). وهل العبادة إلا طاعة الله فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر؟
    قال عليه الصلاة والسلام: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”(متفق عليه).

    و من أنواع الهجرة هجر المعاصي من الكفر والشرك والنفاق وسائر الأعمال السيئة والخصال الذميمة والأخلاق الوخيمة،
    قال تعالى لنبيه:”وَالرُّج ْزَ فَاهْجُرْ”(المد ثر/5).
    الرجز: الأصنام.
    وهجرتها: تركها والبراءة منها ومن أهلها.

    ومن أنواع الهجرة هجر العصاة من الكفار والمشركين والمنافقين قال الله تعالى:”وَاصْبِر ْ عَلَى مَا يَقُولُونَ” (المزمل/10). أي: اصبر على ما يقوله من كَذَّبك من سفهاء قومك: “وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً” (المزمل/10).
    من أعظم أنواع الهجرة هجرة القلوب إلى الله تعالى بإخلاص العبادة
    له في السر والعلانية،
    حتى لا يقصد المؤمن بقوله وعمله إلا وجه الله،
    ولا يحب إلا لله
    وكذلك الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإتباعه وتقديم طاعته والعمل بما جاء به.
    أساس الهجرة النية ..ولهذا يقول النبى صلى الله عليه وسلم:
    “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”(متفق عليه )



  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    قال ابن القيم:
    "ولا يتم الجهاد إلا بالهجرة ولا الهجرة والجهاد إلا بالإيمان
    والراجون رحمة الله هم الذين قاموا بهذه الثلاثة
    قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّـهِ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:218]
    وكما أن الإيمان فرض على كل أحد
    ففرض عليه هجرتان في كل وقت:
    هجرة إلى الله عز وجل بالتوحيد والإخلاص والإنابة والتوكل والخوف والرجاء والمحبة والتوبة
    وهجرة إلى رسوله بالمتابعة والانقياد لأمره والتصديق بخبره وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره"
    (زاد المعاد [3/11-12]).
    والانتقال من مكان إلى آخر، إذا صاحبه إخلاص ونية صادقة فهو من أجلّ القُرَب والعبادات،
    عكس ما إذا كان لأغراض دنيوية محضة كمجرد الرزق وتبعاته بمعزل عن أصل المقصد والنية،
    وقد فرق النبي عليه الصلاة والسلام بين عدة أنواع في الهجرة
    بحسب النية فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الأعمال بالنية، ولكل امرىء ما نوى،
    فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله،
    ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» (متفق عليه، واللفظ للبخاري)، لا يقبل فى الهجرة والمبايعة والأعمال إلا ما أريد به وجهه، وما لا يريد به وجهه فلا يرضى به (شرح صحيح البخاري لابن بطال [6/499-500]).

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    تحقيق العبودية بالهجرة الى الله
    قال ابن القيم رحمه الله

    "الهجرة هجرتان:
    هجرة بالجسم من بلد إلى بلد، وهذه أحكامها معلومة ...
    والهجرة الثانية: الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله
    ، وهذه هي المقصودة هنا،
    وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية
    وهي الأصل،
    وهجرة الجسد تابعة لها.
    وهجرة القلب هي هجرة تتضمن (من) و(إلى)
    فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته،
    ومن عبودية غيره إلى عبوديته،
    ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه، إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه،
    ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له" (زاد المعاجر أو الرسالة التابوكية ص11)
    . قال عليه الصلاة والسلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (صحيح البخاري)
    قال الحافظ ابن حجر:
    "وهذه الهجرة ضربان: ظاهرة وباطنة،
    فالباطنة ترك ما تدعو إليه النفس الأمارة بالسوء والشيطان،
    والظاهرة الفرار بالدين من الفتن" (فتح الباري لابن حجر [1/54] ط السلفية).
    قسّم المالكية الذهاب في الأرض قسمين: هربا وطلباً.
    فالأول ينقسم إلى ستة أقسام:
    الأول: الهجرة وهي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضًا في أيام النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، فإن بقي في دار الحرب عصى، ويختلف في حاله.
    الثاني: الخروج من أرض البدعة. قال ابن القاسم: "سمعت مالكًا يقول: لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يُسبّ فيها السلف. قال ابن العربي: وهذا صحيح، فإن المنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزُل عنه، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:68]
    الثالث: الخروج من أرض غلب عليها الحرام، فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم.
    الرابع: الفرار من الأذية في البدن، وذلك فضل من الله أرخص فيه، فإذا خشي على نفسه فقد أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور. وأول من فعله إبراهيم عليه السلام فإنه لما خاف من قومه قال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت:26]، وقال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99]، وقال مخبرًا عن موسى:{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص:21].
    الخامس: خوف المرض في البلاد الوخِمَة والخروج منها إلى الأرض النَّزِهة.
    السادس: الفرار خوف الأذية في المال، فإن حرمة مال المسلم محرمة دمه، والأهل مثله وأوكد (الموسوعة الفقهية [42/ 185-186]). ولِعِظم الهجرة وأهميتها في دين الله قرنها الله عز وجل بغير ما آية مع الإيمان والجهاد، قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة:20]، قال قتادة: "كان يقال الإسلام درجة والهجرة في الإسلام درجة والجهاد في الهجرة درجة والقتل في الجهاد درجة" (زاد المسير في علم التفسير (2/175)


    إن أعظم حكمة لتحقيق مفهوم الهجرة،
    العمل على تكوين مجتمع إسلامي متكامل،
    فيه عقائد صافية وشعائر ظاهرة، ونُظُم اجتماعية، وآداب وسلوكيات خُلُقية،
    ونصرة دين الله وتأييده،
    وإعزاز أمره،
    وكلما اقتربنا من تطبيق المعنى الحقيقي للهجرة،
    كنا من تحقيق هذه المعاني أقرب
    (ينظر مجلة البيان عدد 20، مقال بعنوان " من إلهامات الهجرة" لمحب الدين الخطيب).
    والهجرة شرعت لثلاثة أسباب أو حكم،
    اثنان منها يتعلقان بالأفراد والثالث بالجماعة:
    أَمَّا الْأَوَّلُ:
    فَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ فِي بَلَدٍ يَكُونُ فِيهَا ذَلِيلًا مُضْطَهَدًا فِي حُرِّيَّتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالشَّخْصِيَّة ِ،
    فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَكُونُ فِي مَكَانٍ يُفْتَنُ فِيهِ عَنْ دِينِهِ أَوْ يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ إِقَامَتِهِ فِيهِ كَمَا يَعْتَقِدُ،
    يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُهَاجِرَ مِنْهُ إِلَى حَيْثُ يَكُونُ حُرًّا فِي تَصَرُّفِهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ،
    وَإِلَّا كَانَتْ إِقَامَتُهُ مَعْصِيَةً يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْمَعَاصِي.
    وَأَمَّا الثَّانِي:
    فَهُوَ تَلَقِّي الدِّينِ وَالتَّفَقُّهُ فِيهِ،
    وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصًّا بِالزَّمَنِ الَّذِي كَانَ فِيهِ إِرْسَالُ الدُّعَاةِ وَالْمُرْشِدِين َ مِنْ قِبَلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَعَذِّرًا لِقُوَّةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَصَدِّهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ،
    وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَسْلَمَ فِي مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ عُلَمَاءُ يَعْرِفُونَ أَحْكَامَ الدِّينِ أَنْ يُقِيمَ فِيهِ،
    بَلْ يَجِبُ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى حَيْثُ يَتَلَقَّى الدِّينَ وَالْعِلْمَ.
    وَأَمَّا الثَّالِثُ الْمُتَعَلِّقُ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ:
    فَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَجْمُوعِ الْمُسْلِمِينَ
    أَنْ تَكُونَ لَهُمْ جَمَاعَةٌ أَوْ دَوْلَةٌ قَوِيَّةٌ تَنْشُرُ دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ، وَتُقِيمُ أَحْكَامَهُ وَحُدُودَهُ، وَتَحْفَظُ بَيْضَتَهُ وَتَحْمِي دُعَاتَهُ وَأَهْلَهُ مِنْ بَغْيِ الْبَاغِينَ، وَعُدْوَانِ الْعَادِينَ وَظُلْمِ الظَّالِمِينَ،
    فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ أَوِ الدَّوْلَةُ أَوِ الْحُكُومَةُ ضَعِيفَةً يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْ إِغَارَةِ الْأَعْدَاءِ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْنَمَا كَانُوا وَحَيْثُمَا حَلُّوا أَنْ يَشُدُّوا أَزْرَهَا،
    حَتَّى تَقْوَى وَتَقُومَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا،
    فَإِذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى هِجْرَةِ الْبَعِيدِ عَنْهَا إِلَيْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وُجُوبًا قَطْعِيًّا لَا هَوَادَةَ فِيهِ،
    وَإِلَّا كَانَ رَاضِيًا بِضَعْفِهَا وَمُعِينًا لِأَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَتِهِ وَخَفْضِ كَلِمَتِهِ
    (تفسير المنار لرشيد رضا [5/361-362]).
    وقد حث الله سبحانه وتعالى ورغّب على الهجرة في سبيل الله،
    للمحافظة على ضرورية الدين بدرجة أساس
    ، مع الأخذ بنظر الاعتبار بقية الضروريات حسب الترتيب،
    قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:100]،
    فيه دليل على أن الهجرة لا بدّ أن تكون بقصد صحيح،
    ونية خالصة غير مشوبة بشيء من أمور الدنيا (فتح القدير).
    قال ابن كثير:
    "هذا تحريض على الهجرة، وترغيب في مفارقة المشركين،
    وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه" (تفسير ابن كثير)
    . هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب،
    وبيان ما فيها من المصالح،
    فوعد الصادق في وعده أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته، أنه يجد مراغما في الأرض وسعة،
    فالمراغم مشتمل على مصالح الدين، والسعة على مصالح الدنيا.
    وذلك أن كثيرًا من الناس يتوهم أن في الهجرة شتاتًا بعد الألفة،
    وفقرًا بعد الغنى،
    وذلا بعد العز،
    وشدة بعد الرخاء.
    والأمر ليس كذلك،
    فإن المؤمن ما دام بين أظهر المشركين فدينه في غاية النقص،
    لا في العبادات القاصرة عليه كالصلاة ونحوها،
    ولا في العبادات المتعدية كالجهاد بالقول والفعل، وتوابع ذلك،
    لعدم تمكنه من ذلك،
    وهو بصدد أن يفتن عن دينه،
    خصوصا إن كان مستضعفًا.
    فإذا هاجر في سبيل الله تمكن من إقامة دين الله وجهاد أعداء الله ومراغمتهم،
    فإن المراغمة اسم جامع لكل ما يحصل به إغاظة لأعداء الله من قول وفعل،
    وكذلك ما يحصل له سعة في رزقه، وقد وقع كما أخبر الله تعالى
    (تفسير السعدي).
    وعليه فمن حقق الهجرة في سبيل الله،
    فقد حاز خيري الدنيا والدين،
    حيث أقام الدين كما أراد الله عز وجل
    ، وتبعه السعة في الرزق
    والانتقال من الضلالة إلى الهدى،
    ومن الفقر إلى الغنى،
    كما وعد الله سبحانه.
    فمن اضطر للانتقال من مكان لآخر، للحفاظ على نفسه أو ماله أو عرضه،
    ولم يجد بديلا إلا بلاد الغربة
    ، فليعلم أن ضرورة الدين والحفاظ عليه من أولى الأولويات التي يجب استحضارها في كل وقت،
    ولا يمكن أن تكون هنالك ديمومة آمنة محصنة لأي نوع من الحياة مع ضعف البيئة الدينية،
    فالهجرة من أجل الدين والإيمان دائمة مستمرة،
    أما الهجرة من أجل الأمن والأمان فهي مؤقتة وسرعان ما تنتهي بمجرد زوال المقتضى والسبب،
    المصدر: موقع طريق الإسلام

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    لذلك كانت الهجرة
    جسدت ما تربى عليه الصحابة الكرام بمكة ، فأهلتهم لإقامة دولة الإسلام في أرض الله ؛
    لذلك كانت أعظم أحداث الإسلام على الإطلاق ،
    ***
    تربية الإيمانية يحقق المرء بها الإيمان بالله واليوم الآخر وسائر الغيب ، مؤثرا رضا ربه تعالى وآخرته على دنياه ؛ لذلك كانت الهجرة .
    ****************
    تمام الاسستلام والانقياد له بالتوحيده ، و الاستجابة لأمره ، والجهاد في سبيله بالنفس والمال والصبر في ذلك ،
    فليس الإسلام دين المتخاذلين ؛ لذلك كانت الهجرة
    *************
    وارتباط المسلم ليس بأرضِ ودارِ وقومِ الكفر وإن كانوا أولي قرابته ؛ لأن ولائه لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، وبراءه من الكفار والمجرمين ، والنسب ليس إلا نسب الإيمان ، والمُقام ليس إلا في أوطان الإيمان ،
    وفي ذلك التربية على العلو بالإيمان ، والعزة لأهله بإيمانهم والصغار للكفار ، وعلى عدم التبعية للمجرمين والكون تحت سلطانهم لأن العزة والسلطان لله تعالى وحده ؛ لذلك كانت الهجرة .
    ***********
    إقامة الدين في الأرض
    لذلك كانت الهجرة [احمد الشنوانى]

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    وهذه روابط مهمة من المجلس العلمى جمعت فيها فوائد مهمة فى الهجرة يصعب وجودها مجتمعة على غير هذا الرابط


    %https://majles.alukah.net/tags.php?tag=%D8%A7%D9%84%D9%8 7
    %

    https://majles.alukah.net/tags.php?tag=%D8%A7%D9%84%D9%8 7
    %
    D8%AC%D8%B1%D8%A9&pp=&page=2


    https://majles.alukah.net/tags.php?t...%A9&pp=&page=3

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    قال ابن القيم رحمه الله:
    "
    وَلِلَّهِ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ هِجْرَتَانِ,
    وَهُمَا فَرْضٌ لَازِمٌ لَهُ عَلَى الْأَنْفَاسِ:

    1_ هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ، وَالْإِنَابَةِ وَالْحُبِّ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْعُبُودِية

    2_ وَهِجْرَةٌ إِلَى رَسُولِهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: بِالتَّحْكِيمِ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، وَالِانْقِيَادِ لِحُكْمِهِ، وَتَلَقِّي أَحْكَامِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مِنْ مِشْكَاتِهِ,
    فَيَكُونُ تَعَبُّدُهُ بِهِ أَعْظَمَ مِنْ تَعَبُّدِ الرَّكْبِ بِالدَّلِيلِ الْمَاهِرِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ، وَمَتَاهَاتِ الطَّرِيقِ.
    فَمَا لَمْ يَكُنْ لِقَلْبِهِ هَاتَانِ الْهِجْرَتَانِ
    فَلْيَحْثُ عَلَى رَأْسِهِ الرَّمَادَ,
    وَلْيُرَاجِعِ الْإِيمَانَ مِنْ أَصْلِهِ,
    فَيَرْجِعَ وَرَاءَهُ لِيَقْتَبِسَ نُورًا، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ
    ، وَيُقَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الصِّرَاطِ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ,
    وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ
    مدارج السالكين

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    من أعظم الهجرات وأعلاها مقامًا هجرة الأنبياء ، والدعاة الى الله
    اقتضت حكمة الله وسننه الجارية على خلقه
    أن يكون الأنبياء والرسل أئمة للناس في الخير والابتلاء ،
    بل هم أعظم الناس ابتلاء إذ الابتلاء على قدر الإيمان ،
    لذا جرت سنن الله في إخراج الأنبياء وما جرى للرسل والأنبياء جرى لاتباعهم من الدعاة


    قال الله تعالى :
    (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـك ُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّ ـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ)
    وفي رواية الإمام البخاري في بدء الوحي لحديث أم المؤمنين عائشة وهي تروي بداية الوحي وفيه
    " ... فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل..
    فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك ،
    فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟
    فأخبره رسول الله صلي الله علية وسلم خبر ما رأى ،
    فقال له ورقة :
    هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى

    يا ليتني فيها جذعاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك ,
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أومُخرجي هم
    ؟ قال : نعم
    لم يأت رجل قـط بمثل ما جئت به إلا عـودي ،
    وإن يدركني يومـك أنصرك نصراً مؤزراً ,
    ثم لم يلبث ورقة أن توفي وفتر الوحي

    أن ورقة رضي الله عنه لم يستحضر ما سـيواجه به النبي صلى الله عليه وسلم من ألـوان العـذاب والبلاء إلا الإخراج ، وهذا الفهم من خلال علم ورقة رضي الله عنه ،
    وفهمه لما قرأه في الكتب السـابقة
    إذ سيجري على النبي صلى الله عليه وسلم ما جرى على إخوانه الأنبياء من قبل
    ، لذا فقد تلقى النبى صلى الله عليه وسلم نبأ الهجرة يوم أن تلقى نبأ البعثة .

    فأن ملل الكفر واحدة لا تطيق أن ترى دعوة التوحيد واهله فى الأرض ، بل يقابلون دعوة الانبياء واهلها بالعداوة والابعاد والاعتداء والتهديد والتنكيل، والحديث يؤكد هذه السنة من العداوة ،
    وأن الإخراج والطرد هي إحدى صور هذه العداوه .

    فليس إخراج الأنبياء والرسل السابقين هو بدعاً من القول ، وخروجاً عن سنة الله في هذا الصراع ،
    بل هو سنة ثابتة بين رسل الله وانبيائه واعدائهم من الكفار والمشركين



  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: التوحيد فى الهجرة

    كانت هجرة الحبشة أول هجرة في الإسلام
    فكان الفرار بالدين خشية الافتتان، وشدة الاضطهاد الذي لاقوه من أهل قريش حيث عذبونهم، بالضرب والجوع والعطش في رمضاء مكة وبالنار ليفتنوهم عن دينهم،
    وقال الرسول لاصحابه، (لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد، ، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله إلى أرض الحبشة، مخافة الفتنة، وفرارا إلى الله بدينهم.

    فأرسلت قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، يحملان الهدايا إلى النجاشي، وبطارقته، طالبين إليه إعادة من هاجر من المسلمين،
    فأرسل النجاشي إلى المسلمين فسألهم عن دينهم،
    فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: (أيها الملك كنا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحل شيئاً ولا نحرمه.
    فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا نعرف وفاءه، وصدقه وأمانته،
    فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له،
    ونصل الرحم، ونحسن الجوار،
    ونصلي ونصوم،
    ولا نعبد غيره.
    فقرأ عليه من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته،
    وبكت أساقفته حتى أخضلت مصاحفهم.
    ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى،
    انطلقوا راشدين فأعطى المسلمين الأمان).

    ولما أخفقت محاولة وفد قريش في استعادتهم،
    أثار عمرو بن العاص في اليوم التالي موقف المسلمين من عيسى عليه السلام،
    فقال للنجاشي:
    أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى قولًا عظيمًا،
    فأرسل النجاشي إليهم فسألهم؟
    فقال له جعفر:
    نقول: هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
    فقال النجاشي: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود.

    فلما هاجر النبي إلى المدينة
    واستقر بها المقام رجع المهاجرون فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: ما أدري بأيهما أنا أسر بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر وكان قدومهم إلى المدينة سنة 7 هـ.
    «قالت أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم:
    لَمَّا أُوذِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لا يُظْلَمُ أَحَدٌ
    عِنْدَهُ، فَالْحَقُوا بِبِلادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ". فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا، فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ، أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَلَمْ نَخْشَ مِنْه ظُلْمًا». [ سيرة ابن إسحاق ج1 ص:213].
    جاء الأمر بالهجرة تحقيقًا لحفظ دين المسلمين،
    كما أشار قول الله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت:56]،
    قال ابن كثير رحمه الله:
    «هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدِّين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدِّين»،
    ثُمَّ قال: «ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة
    ليأمنوا على دينهم هناك». ففي ظل تنامي أذية قريش للرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، في شتى صور العدوان والبغي
    الذي بلغ حدَّ القتل والتعذيب والحبس،
    وتفاقم الأمر حتى تآمر كفار قريش لفتنة كل داخل في دين الله؛
    بل أرادوا قتله صلى الله عليه وسلم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْـمَاكِرِينَ} [الأنفال:30]؛
    و لما ضاق بهم الحال في السنة الخامسة
    وقد استطاع المهاجرون الأوائل الوصول إلى الحبشة والإقامة فيها فترة من الزمن، لكنهم عادوا إلى مكة بعد أن سمعوا بإسلام قريش، ولم يكن ذلك صحيحًا، فوجدوا الأمر خلاف ما بلغهم؛
    فلاقوا من قومهم من العذاب والتنكيل أشد مما سبق،
    فلم يرَ الرسول صلى الله عليه وسلم بدًّا من أن يشير على أصحابه بالهجرة مرة أخرى إلى الحبشة، وكانت الهجرة الثانية أشق من سابقتها؛
    فقد تيقّظت لها قريش وقررت إحباطها
    وقد كانت وراء هاتين الهجرتين دوافع قوية،
    ألجأت المؤمنين لمفارقة أرضهم وأهلهم ومالهم،
    فقد أصبحت مكة مرتعًا للقتل والتعذيب والتنكيل والاضطهاد على أساس من اختلاف العقيدة؛
    فأصبحت الحياة في مكة وبين ظهراني قريش، بالدِّين الجديد الذي جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛
    أمرًا متعذرًا، يتلبسه الخوف والجوع والضيق والأذى ، وهذا ما يؤكده ابن إسحاق بقوله: «فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة وفرارًا إلى الله بدينهم».
    ولذلك نجد أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب المــُعِينَةِ على مواجهة هذا الحال المتأزم والوضع المأساوي، من خلال التفاته إلى أساليب جديدة وأماكن جديدة وخطط جديدة، مستفيدًا من الواقع القائم من حوله، فكانت الهجرة إلى الحبشة تعاطيا مع المحنة، الواقعي في تخطيطه،
    ، فجاءت الإشارة منه إلى الهجرة إلى الحبشة، وهي يومئذ دار كفر،ولكن فيها «ملكًا لا يظلم عنده أحد»، .
    إلى أن هدف الرسول صلى الله عليه وسلم من الهجرة كان البحث عن قاعدة أخرى غير مكة، قاعدة تحمي هذه العقيدة، وتكفل لها الحرية، ويتاح فيها أن تتخلص من هذا التجميد الذي انتهت إليه في مكة، حيث تظفر بحرية الدعوة وحماية المعتنقين لها من الاضطهاد والفتنة،

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •