أيّ اقرأهُ قراءةً بيِّنةً بتُؤَدَةٍ وتمهُّلٍ، ورتِّلْهُ تَرتِيلًا جَميلًا حَسنًا، مُترنِّمًا مُتأنِّيًا مُترسِّلًا.
﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].. كما جَاءِ في الأحاديثِ الصحِيحةِ: « زَيِّنُوا القُرآن بأصْواتِكُم »، « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن »، « مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيء، ما أَذَنَ لِنَبيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْان ».. وفي "الصحيحِ": أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال لأبي مُوسى الأشعري رضي الله عنه: « لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ البارحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد »، فقالَ أبو مُوسىرضي الله عنه: يا رسولَ اللهِ لو أعلمُ أنَّكَ تَسمعُهُ لحبَّرتهُ لكَ تَحبِيرًا.
﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ .. لتتمَكنَ مِن التَّأمُّلِ في اسرارهِ ومعانِيهِ، والتَّفكُّرِ في حَقائِقِهِ ومرَامِيهِ .. فعن عبدِ الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لا تَهذُوا القرآن هذَّ الشِعرِ، ولا تَنثُروه نَثرَ الدَّقلِ، قِفُوا عِندَ عَجائِبهِ، حَرِكُوا بهِ القُلوبَ".
﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾.. يَقولُ ابن القَيمِ رحمهُ اللهُ: كان للرسول صلى الله عليه وسلم حِزبٌ من القُرآنِ يَقرؤه ولا يُخِلُّ بهِ، وكانت قِراءتُهُ تَرتِيلًا لا هَذَّا ولا عَجلةً، بل قِراءةً مُفسَّرةً حَرفًا حَرفًا، وكان يُقَطِّع قراءتهُ آيةً آيةً، وكان يمدُّ عند حُروفِ المدِّ، فيمدُّ (الرَّحمن)، ويمدُّ (الرَّحِيم)، وكان صلى الله عليه وسلم يُرتِلُ السُّورةَ حتى تَكُونَ أطولَ مِنْ أطولَ مِنهَا، وقامَ بآيةٍ يُردِّدُها حتى الصَباحِ.. وكانَ صلى الله عليه وسلم يَتغنَّى بالقرآنِ، ويُرجِّعُ صَوتَهُ بهِ.. ويَقولُ: كمَا في الحديثِ المتَّفقِ عليهِ: "الماهِرُ بالقرآنِ معَ السفرةِ الكِرامِ البرَّرةِ"..
﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 4 ، 5].. تأمَّل: فِتلاوةُ القُرآنِ بتأنٍ وتدَبُّرٍ مما يُعينُ على تخفِيفِ ضُغوطَاتِ الحياةِ، ويُسهِلُ القِيامِ بأعبَاءِ الدَّعوةِ.
اللهم يا رحِيمُ يا رحمَانُ .. اجعلنا مِنْ أهلِ القُرآنِ!.

https://www.alukah.net/sharia/0/143909/