تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل يكفى فى الشهادتين الاقرار المجرد عن الانقياد و الاذعان والخضوع و عن التزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي هل يكفى فى الشهادتين الاقرار المجرد عن الانقياد و الاذعان والخضوع و عن التزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا ؟

    قال ابن القيم رحمه الله:
    (ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له صلى الله عليه وسلم بالرسالة؛ وأنه صادق، فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام،
    علم أن الإسلام أمر وراء ذلك،
    وأنه ليس هو المعرفة فقط،
    ولا المعرفة والإقرار فقط،
    بل المعرفة والإقرار، والانقياد، والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا

    ويقول رحمه الله ( إن الإيمان لا يكفي في قول اللسان بمجرده ولا معرفة القلب مع ذلك بل لا بد فيه من عمل القلب وهو حبه لله ورسوله وانقياده لدينه والتزامه طاعته ومتابعة رسوله...) ا.هـ
    مفتاح دار السعادة ج: 1 ص:94
    يقول الإمام ابن القيم رحمه الله
    (( الاعتبار الثالث أن الإيمان قول وعمل والقول قول القلب واللسان والعمل عمل القلب والجوارح
    وبيان ذلك
    أن من عرف الله بقلبه ولم يقر بلسانه لم يكن مؤمنا كما قال عن قوم فرعون " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم" ........ فهؤلاء حصل قول القلب وهو المعرفة والعلم ولم يكونوا بذلك مؤمنين
    وكذلك من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمنا بل كان من المنافقين
    وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه
    لم يكن بمجرد ذلك مؤمنا حتى يأتى بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة
    فيحب الله ورسوله ويوالى أولياء الله ويعادى أعداءه
    ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام شريعته ظاهرا وباطنا
    واذا فعل ذلك لم يكف في كمال ايمانه حتى يفعل ما امر به
    فهذه الأركان الأربعة
    هي أركان الإيمان التي قام عليها بناؤه
    وهى ترجع إلى علم وعمل...))
    ( عدة الصابرين ج: 1 ص: 88)
    ويقول ابن القيم رحمه الله
    (......فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به
    وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب
    فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح
    ولا سيما إذا كان ملزوما لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم
    كما تقدم تقريره، ‘‘‘
    فإنه يلزمه من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح -
    (إذ لو اطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت) -
    ويلزم من-(عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة )
    وقال ابن القيم رحمه الله:
    (ونحن نقول: الإيمان هو التصديق، ولكن ليس التصديق مجرد اعتقاد صدق المخبر دون الانقياد له، ولو كان مجرد اعتقاد التصديق إيمانا، لكن إبليس وفرعون وقومه وقوم صالح واليهود الذين عرفوا أن محمدا رسول الله كما يعرفون أبناءهم مؤمنين مصدقين.. فالتصديق إنما يتم بأمرين: أحدهما: اعتقاد الصدق.
    والثاني: محبة القلب، وانقياده)
    ((الصلاة)) (ص:28).
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    : (الإيمان وإن كان يتضمن التصديق، فليس هو مجرد التصديق، وإنما هو الإقرار والطمأنينة،
    وذلك لأن التصديق إنما يعرض للخبر فقط،
    فأما الأمر فليس فيه تصديق من حيث هو أمر،
    وكلام الله خبر وأمر،
    فالخبر يستوجب تصديق المخبر،
    والأمر يستوجب الانقياد له والاستلام،
    وهو عملٌ في القلب جِماعُهُ الخضوعُ والانقياد للأمر،
    فإذا قوبل الخبر بالتصديق،
    والأمر بالانقياد،
    فقد حصل أصل الإيمان في القلب، وهو الطمأنينة والإقرار،
    وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق والانقياد) ((الإيمان)) (ص: 120).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    (فإن الفرق بين معرفة القلب وبين مجرد تصديق القلب الخالي عن الانقياد والذي يجعل قول القلب، أمر دقيق. وأكثر العقلاء ينكرونه، وبتقدير صحته لا يجب على كل أحد أن يوجب شيئين لا يتصور الفرق بينهما. وأكثر الناس لا يتصورون الفرق بين معرفة القلب وتصديقه، ويقولون: إن ما قاله ابن كلاب والأشعري من الفرق كلام باطل لا حقيقة له، وكثير من أصحابه اعترف بعدم الفرق –
    إلى أن قال رحمه الله والمقصود هنا أن الإنسان إذا رجع إلى نفسه عسر عليه التفريق بين علمه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق،
    وبين تصديق قلبه تصديقا مجردا عن الانقياد وغيره من أعمال القلوب بأنه صادق)((الإيمان)) (381).

    فالشهادة إذن ليست حجاباً من الكلمات التي يتمتم بها قائلها فترفع عنه السيف في الدنيا ثم تستره من العذاب في الآخرة، دون أن يكون لها أية حقيقة في قلبه وفي ظاهر أمره، من العلم والمعرفة والتصديق بالحق ، ثم الخضوع والانقياد بالطاعة، والاستسلام لله بالتوحيد، ومحبته والالتزام به وتعظيمه، ولوازم ذلك كله، من كراهية الشرك والباطل والانخلاع عنه وتركه والتبرئ منه، والالتزام بالتوحيد ظاهرا وباطنا والالتزام بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم والدخول في طاعته .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل يكفى فى الشهادتين الاقرار المجرد عن الانقياد و الاذعان والخضوع و عن التزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فالشهادة إذن ليست حجاباً من الكلمات التي يتمتم بها قائلها
    فترفع عنه السيف في الدنيا ثم تستره من العذاب في الآخرة،
    دون أن يكون لها أية حقيقة في قلبه وفي ظاهر أمره، من العلم والمعرفة والتصديق بالحق ، ثم الخضوع والانقياد بالطاعة، والاستسلام لله بالتوحيد، ومحبته والالتزام به وتعظيمه،
    ولوازم ذلك كله، من كراهية الشرك والباطل والانخلاع عنه وتركه والتبرئ منه،
    والالتزام بالتوحيد ظاهرا وباطنا
    والالتزام بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم والدخول في طاعته .
    نعم
    جعل الله جل وعلا كلمة التوحيد لا إله إلا الله
    دلالة عن الأصل العظيم أصل دين الانبياء والمرسلين،
    -فهى عنوان التوحيد وبوابة الإيمان ،
    ومن لم يدخل من هذه البوابة لم يكن مسلما

    و التوحيد هو أصل العبادة،
    وشرط لكل العبادات،
    لا تُقْبَلُ أية عبادة إلا بعد تحقيق التوحيد-
    لذلك كانت اول دعوة الرسل اليها ،
    قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)
    فمدلول هذه الكلمة هو النفى والاثبات
    إثبات التوحيد الذي أقيم عليه دين الإسلام،
    ونفى الشرك فى العبادة -
    نفي وإثبات،
    (لا إله) نفي
    و(إلا الله) إثبات،
    (لا إله) تنفي جميع المعبودات
    و(إلا الله) تثبت العبادة لله وحده ،
    وباجتماع النفي والإثبات يتحقق التوحيد، ،
    فلا يتحقق التوحيد إلا بإثبات ونفي -
    اذا فكلمة التوحيد لا اله الا الله
    هي أصل الدين وأساس الملة.
    وهى اول واجب على جميع المكلفين من جن وإنس
    اول واجب معرفة معناها واعتقاده وإخلاص العبادة لله وحده.-
    وليس المراد مجرد قولها باللسان بل لا بد من الاعتقاد والقول والعمل،
    ولا يتم ذلك إلا بعد معرفة معناها
    ، وقد جاء بيان ذلك في قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)
    فهذه الكلمة العظيمة تتكون من ركنين:
    الركن الأول: وهو النفي (لا إله) ، والذي يطابق في الآية السابقة قوله تعالى (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)
    الركن الثاني: وهو الإثبات (إلا الله) ، والذي يطابق في الآية السابقة قوله تعالى (اعْبُدُوا اللَّهَ)
    اذا السؤال المتعين هنا - هل يستطيع أحد أن ينفي ويثبت ما تعنيه هذه الكلمة وهو يجهل معناها؟!
    - الجواب لا
    -اشترط الله اول الشروط لصحتها العلم فقال-
    فاعلم انه لا اله الا الله فلا بد من العلم بمعناها نفيا واثباتا -
    العلم بما تثبته من التوحيد-
    -والعلم بما تنفيه من الشرك والتنديد
    فمعنى الإله هو المعبود.
    فكل معبود سوى الله باطل،
    وكل عبادة صرفت لغير الله شرك و ضلال بالله الواحد الأحد.
    فلا يستحق العبادة إلا الله الواحد القهار، الذي له الخلق والملك والأمر.
    فمن عبد الله وحده فقد وحّده في ألوهيته، وأدَّى حقه عليه،
    ومن عبد غير الله فقد اتخذه إلهاً مع الله وجعل لله شريكاً،
    و (الألوهية) هي العبادة،
    وهي حق الله الخالص على عباده أجمعين، ودينه الذي ارتضاه للناس كافة،
    ولا تصح العبادة إلا بالتوحيد،
    فمن جعل العبادة شركة بين الله وخلقه فما عبد الله ولا آمن بألوهيته.
    يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
    فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته ؛
    فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد ؛
    كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة؛
    فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت،
    كالحدث إذا دخل في الطهارة، كما قال تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة:17) انتهى
    فعمارة المسجد الحرام عبادة، ولكن لما دخل عليها الشرك حبطت وفسدت وأصبحت لا قيمة لها
    فالتوحيد هو أصل العبادة،
    وشرط لكل العبادات،
    لا تُقْبَلُ أية عبادة إلا بعد تحقيق التوحيد
    فمثلاً: الصلاة عبادة، فمن كان موحدا لله عز وجل لا يشرك به شيئا قُبِلَتْ صلاته، وتكون صلاته عبادة وقربة لله، ومن أشرك بالله لم تقبل صلاته، ولا تسمى هذه الصلاة عبادة لله، لأن شِرْكَه بالله أفسد عليه عباداته كلها، فصلاته باطلة مثل صلاة من صلى بغير وضوء، ولا يكون بهذه الصلاة عابداً لله .
    قال تعال: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)
    و (توحيد الألوهية) هو توحيد العبادة، أي إخلاص العبادة لله وحده لاشريك له، والبراءة من كل معبود غير الله.
    فلا إله إلا الله تثبت الألوهية لله وحده وتنفيها عن كل ما سواه كائنا من كان نبيا أو مَلَكاً أو شيخاً عالما أو ولياً صالحاً أو جِنّاً أو شيطانا أو شجرا أو حجرا أو قبراً أو صنما أو غير ذلك.
    فأهل لا إله إلا الله يؤمنون إيمانا صادقا قولا وعملا بأنه ليس في الكون كله من يستحق أن يصرف له شيء من العبادة والخضوع والاستسلام،
    وأن ذلك كله لله وحده المتفرد بالخلق والملك والأمر،
    ويعرفون أن ذلك لا يتحقق بالقول فقط،
    ولا بالقول والاعتقاد دون العمل
    ، بل بالاعتقاد الجازم والقول الصادق والعمل الخالص.
    ولا يتحقق توحيد الله إلا بنفي ما نفته كلمة التوحيد واثبات ما أثبتته،
    فالنفي وحده ليس توحيداً،
    وكذلك الإثبات وحده لايكون توحيداً ،
    والتوحيد هو النفي والإثبات جميعاً.
    وأيضا لا يتحقق توحيد الله بمجرد الإيمان بأنه لا خالق ولا رازق ولا مالك ولا مدبر ولا محيي ولا مميت ولا نافع ولا ضار إلا الله،
    فإن هذا وحده لا يكفي في الدخول للإسلام ،
    فمن الكفار من يقر بهذا ولا يكون به مسلما بل كافر حلال الدم والمال،
    بل لابد أن يضيف إليه الإيمانَ بأنه لا معبود إلا الله وأن كل معبود غيره باطل،
    وأن يكون ذلك بقلبه ولسانه وجوارحه صدق وإخلاصا ومحبة وقبولا وانقيادا ظاهرا وباطنا .
    وتأمل في الرد الذي رده كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)، فأجابوا بقولهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)، وقد كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة أخرى،
    فعرفوا أن هذه الكلمة التي دعاهم إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني أن الآلهة التي يعبدونها مع الله كلها باطلة لا تستحق أن تعبد،
    وأنهم كانوا على ضلال في عبادتهم إياها مع الله،
    وأن الله وحده هو الذي يستحق العبادة،
    فكل الآلهة التي يعبدونها تُتْرَك ويُكفر بها إلاوحده لا شريك له ،
    فامتنع أكثرهم من قول هذه الكلمة
    واستكبروا عن توحيد الله ،
    قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات35 :36) .
    مع أنهم كانوا:
    - لا يشكُّون أن الله وحده هو الذي يخلق ويرزق ويحي ويميت وهو الذي يملكهم ويملك آلهتهم
    - وما كانوا يعبدون هذه الآلهة إلا لظنهم أنها تقربهم وتشفع لهم عند الله .
    - وكانوا أيضا يظنون أن عبادة هذه الآلهة حق، وأنها من الدين الذي يرضاه الله.
    - وأنهم لازالوا على دين إبراهيم لم يغيروا .
    - وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بدين جديد ، كما قال تعالى: (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ) .
    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:
    فلو تكلموا بها لَلَزِمهم أن يتركوا عبادة ما كانوا يعبدونه من الأصنام والأوثان،
    فتركوا التلفظ بما يلزمهم به من ترك دينهم،
    فلم ينفوا الإلهية عما كانوا يعبدونه من دون الله،
    فلذلك تركوا التلفظ بها.
    وأما مشركو آخر هذه الأمة،
    فجهلوا معناها فتلفظوا بها،
    مع عدم نفيهم لما نفته من الشرك بعبادة الأوثان والأصنام، الذي عمت به البلوى في هذه الأعصار والأمصار؛ ولا ينكر وقوعه إلا من أعمى الله قلبه، وأطفى نور بصيرته بالكلية.انتهى
    فإذا عرفت أن كفار قريش عرفوا معنى كلمة التوحيد
    ، فاحذر أن تكون أجهل من كفار قريش،
    واحرص على تعلم هذه الكلمة الفارقة بين المسلمين والمشركين
    قال الامام محمد بن عبد الوهاب
    فلا خير فى رجل جهال الكفار اعلم منه بلا اله الا الله .
    واعلم أن معنى لا إلـه إلا اللـه هو: نفي الإلهية عن كل شيء إلا الله تبارك وتعالى، وإثباتها كلها لله وحده، لا شريك له، و الإلهية هي العبادة، فهي خالصة لله وحده، وعبادة غير الله كلها باطلة .
    فإذا قلت: لا خالق إلا الله، هذا معناه لا يخلق الخلق إلا الله، لا يشاركه في ذلك أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا غيره .
    وإذا قلت: لا رازق إلا الله، يعني أن الرزق كله من عند الله وحده .
    فإذا قلت: لا إله إلا الله، فهذا يعني أن الإلهية لله وحده،
    أي العبادة لله وحده، لا يشاركه فيها أحد من خلقه.
    وهي ليست مجرد كلمة تقولها بلسانك وإنما هي شهادة وإقرار منك
    بألا تعبد إلا الله
    وأن تكفر بكل معبود سواه ،
    وهي عهد وثيق مع الله بأن تكون مسلما له وحده بقلبك ولسانك وجوارحك ،
    وهي دين تدين به لله عز وجل توالي وتعادي عليه
    ، وهي منهج تسير عليه في حياتك كلها،
    وعَلَمٌ يمميزك عن الكفار والمشركين وحد فاصل بينك وبينهم.
    وكثير من الناس يعلم أن معنى لا إله إلا الله أنه لا معبود بحق إلا الله ،
    ولكنه لا يلتزم بذلك في حياته
    فلا يكفر بكل المعبودات المؤلهة مع الله
    لظنه أنها تعني نفي عبادة الأصنام فقط كالتي كانت تعبدها قريش في الجاهلية،
    أما عبادة القبور فلا يراها مضادة لتوحيد الله لأنه يظن أنها قربة لله لما يعتقد لأصحابها من المكانة عند الله، فيعتقد أنه يتقرب إلى الله بمحبتهم ودعائهم والذبح لهم والتبرك بهم،
    ويعتقد أنهم واسطة بين الله وخلقه،
    ونسي هذا الجاهل أن فعله واعتقاده هذا هو نفس فعل قوم نوح وكفار قريش بأصنامهم
    التي منها ما هو على أسماء الصالحين كَوَدَّ وسواع ويغوث ويعوق ونسرا واللات، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)(الزمر: من الآية3)
    وقال عز وجل: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (يونس:18)
    فلم يعرف هذا الجاهل معنى لا إله إلا الله وإن قال أن معناها لا معبود بحق إلا الله،
    فلِجَهْلِه أشرك بالله واتخذ من دونه آلهة،
    فكل معبود هو إله لعابده،
    وجَهْلُ هذا وأمثاله بمعنى لا إله إلا الله لا يعفيه من الحكم عليه بالشرك في هذه الدنيا،
    ولا يكون مسلما بمجرد قولها وهو يفعل الشرك ويعتقده ويدين بما يدين به المشركين،
    فالإسلام ليس معناه أن تقول لا إله إلا الله دون أن تعرف معناها وتعتقده وتعمل به،
    ليس هذا هو الإسلام الذي يريده الله.
    فليست لا إله إلا الله تلفظ وحروف من غير معرفة معناها ولا اعتقاد ولا إقرار ولا عمل؟!!
    بل لا تنفع قائلها الا حيث يستكملها بالعلم والاعتقاد والقول والعمل واجتماع الشروط

    أما القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم فلا يعتبر بإيمان أحد حتى يكفر بالطاغوت ويعبد الله وحده،
    قال الله جل وعلا: (َفمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)
    وقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)
    وأما السنة فكذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله))
    رواه مسلم.
    فلا يمكن أن يكون الرجل مؤمنا بالله حتى يكفر بالطاغوت، هكذا يقول الله.
    ومن قال لا إله إلا الله ولم يكفر بما يعبد من دون الله لا يكون من المسلمين،
    هكذا يقول رسول الله.
    قال هذا الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في الدرر السنية.:
    وأجمع العلماء سلفا وخلفا، من الصحابة والتابعين، والأئمة، وجميع أهل السنة
    أن المرء لا يكون مسلما إلا بالتجرد من الشرك الأكبر،
    والبراءة منه وممن فعله، وبغضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة، والقدرة،
    وإخلاص الأعمال كلها لله.
    ويقول في فتح المجيد:
    قوله: " من شهد أن لا إله إلا الله "
    أي من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا،
    فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها;
    كما قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}،
    وقوله: {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين
    ولا عمل بما تقتضيه: من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالإجماع. انتهى
    وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب تعليقا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)) ،
    قال:
    وهذا من أعظم ما يبين معنى: لا إله إلا الله،
    فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للمال والدم،
    بل ولا معرفة معناها مع لفظها،
    بل ولا الإقرار بذلك،
    بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده،
    حتى يضيف إلى ذلك: الكفر بما يعبد من دون الله؛
    فإن شك أو تردد،
    لم يحرم ماله ودمه،
    فيالها من مسألة ما أجلها! وياله من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!. انتهى
    قال الحفيد الشيخ سليمان بن عبد الله فى التيسير:
    وقد أجمع العلماء على معنى ذلك
    فلا بدّ في العصمة من الإتيان بالتوحيد،
    والتزام أحكامه، وترك الشرك. انتهى
    وقال حفيده الشيخ عبد الرحمن بعد أن ذكر هذا الكلام:
    وهذا الذي ذكره شيخنا هو معنى لا إله إلا الله مطابقة،
    وهو معنى قوله تعالى:
    {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ،
    وهذا لا يشك فيه مسلم - بحمد الله -،
    ومن شك فيه فلم يكفر بالطاغوت؛
    وكفى بهذا حجة على المعترض
    ، وبيانا لجهله بالتوحيد، الذي هو أصل دين الإسلام وأساسه.انتهى

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •